ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الخميس، 22 فبراير 2018

صورة من قريب: المهندس يحي حسين عبدالهادي: أعيش أعظم قصة حب.


صديقي المهندس يحي حسين عبدالهادي من رموز المعارضة الوطنية في بلادي وهو في الأصل ضابط سابق بالقوات المسلحة خدم فيها ما يقرب من خمسة عشر عاما ، لكنه يختلف عن كل ضباط الجيش الآخرين حيث أنه في قلب الحياة السياسية وهو يشغل حاليا المتحدث الرسمي للحركة المدنية الديمقراطية التي تضم ثمانية أحزاب و 150 شخصية عامة ، وكان دوره كبيرا في حركة"كفاية" والجمعية الوطنية للتغيير ، ولا لبيع مصر حيث كان منسقها العام. 
        يا سلام على الوطنية.     
قلت له : أنت ضابط سابق في الجيش، فما الذي دفعك إلى الحياة السياسية وجعلك من أبرز رموز المعارضة الحقيقية في بلادي ؟ 
أبتسم صاحبي أبتسامة واسعة وهو يتذكر الماضي الجميل قائلا كنت دوما من المتفوقين في الدراسة وحصلت في الثانوية العامة على مجموع يزيد عن 90 % وهذا التقدير جعلني من الأوائل في ذلك الوقت من عام 1972، وكان بإمكاني دخول كلية الطب، لكنني قررت دخول الفنية العسكرية رغم أنني عندي إعفاء من التجنيد. 
قلت في دهشة وبتلقائية : يا سلام على الوطنية.. عندك إعفاء من الجندية ومع ذلك تصر على الالتحاق بالجيش. 
كان رده: بلادي كانت محتلة ، وسيناء الغالية في قبضة العدو الصهيوني ، واخذتني الحماسة للدخول في الجيش دفاعا عن وطني، لكن كانت عندي مشكلة كبيرة تتمثل في قصر النظر، ولذلك تم قبولي في الكلية الفنية العسكرية بصفة استثنائية ، حيث أصدر مدير الكلية قرار بقبول أوائل الثانوية العامة. 
ويضيف صديقي المهندس "يحي حسين" قائلا : هذه الفترة كانت مهمة جداً في حياتي وشكلت تكويني الأساسي ، ومكثت منذ تخرجي عام 1977 وحتى 1992 ضابط متخصص في الهندسة العسكرية وأسلحة الدمار الشامل، وصدر قرار بإعفاء الضباط الغير لائقين طبيا من السفر في بعثات أو الحصول على دراسات كلية أركان حرب!! وكان هذا القرار ينطبق على العبد لله بسبب قصر نظري وقلت أنه لا معنى للاستمرار في الخدمة، وقدمت استقالتي وتم قبولها. 
      ماذا تقول لربك غدا.     
ويقول صاحبي: عملت بعدها في مركز إعداد القادة بالعجوزة.. وكان في بداياته ويتبع رئاسة مجلس الوزراء ورحب بي رئيسه الكيميائي محمد أحمد حسين ، وترقيت بسرعة وأصبحت رئيس المركز عام 2004، وبعد ذلك انتقلت تبعية المركز إلى وزارة الإستثمار عندما رأسها الدكتور محمود محي الدين فانتقلت إلى هناك وأصبحت وكيل أول الوزارة ورئيسا لشركة "بنزايون" التي تتبع الشركة الوطنية للتجارة. 
وبدايات عام 2006 شهدت أعظم لحظة في حياة المهندس يحي حسين حيث لاحظ بحكم موقعه وجود فساد في تقييم شركة عمر أفندي بفارق حوالي 799 مليون ج8لصالح المشتري.. يعني الشركة تباع بأقل من ثمنها الحقيقي بكثير ، وهذا فساد عيني عينك في المال العام فتقدم ببلاغ للرقابة الإدارية لكنها لم تحرك ساكنا. رغم أنها أخبرته أن بلاغه صحيح!! 
ويقول المهندس يحي حسين :"العبارة العمرية" تحكم حياتي وكل سلوكي: "ماذا تقول لربك غدا"، وهو قول مأثور عن عمر بن الخطاب كان يجلد بها نفسه وقررت تقديم بلاغ إلى النائب العام المستشار ماهر عبدالواحد حول هذا الفساد، وطردت الشيطان الذي وسوس في نفسي قائلا : لقد أديت واجبك بإبلاغ الرقابة الإدارية ، وكفاية عليك كدة، وبلاش مشاكل ووجع دماغ، وتمكنت بالعبارة العمرية: ماذا تقول لربك غدا. 
    زوجتي العزيزة :شكرا لك مليون شكر.  
ويضيف صاحبي الباش مهندس قائلا : كان يجب أن تكون جبهتي الداخلية مستعدة للمعركة المنتظرة ، ولذلك جمعت زوجتي وأولادي الثلاث وطرحت عليهم المخاطرة التي يمكن أن تواجه العائلة كلها من البلاغ الذي سأقدمه للنائب العام حول فساد تقييم بيع شركة عمر أفندي ، ولقيت منهم كل تشجيع، ولا أنسى موقف زوجتي العزيزة ، وأنا مدين لها بالكثير وبيننا قصة حب عظيمة منذ أن تزوجتها عام 1983م وهي أبنة عمتي، وفي المحن تظهر معادن الناس على حقيفتها، وقد أثبتت أنها من معدن أصيل وصلب، فقد حسمت الأمر منذ الدقيقة الأولى بعدما تأكدت أنه ليس هناك بديل لما سأفعله ، وقالت دون تردد "توكل على الله وربنا يحميك ويحمينا" . واعطتني بذلك دفعة معنوية هائلة.. ويقول صاحبي عن زوجته هي معي دوما في السراء والضراء وهي ربة منزل ممتازة أحسنت تربية أولادي : وأقول لها شكرا مليون شكر. 
  قدمت أوراق اعتمادي للرأي العام.  
يوم 5 مارس 2006 لا ينسى في تاريخ المهندس يحي حسين عبدالهادي ولا مصر كلها فقد تقدم ببلاغه الشهير فقامت الدنيا ولم تقعد!! وهاجمه رئيس الوزراء شخصيا ، وقال أن ما فعله يضر بالاقتصاد ، وتم عزله من جميع مناصبه، وعاد من جديد إلى مركز إعداد القادة محاضر بدون محاضرات!! واستشاري بدون استشارات!!. 
ويقول صديقي العزيز : ما فعلته كان بمثابة تقديم أوراق اعتمادي للرأي العام الذي لا يعرفني ووقف بجانبي، وكانت أجهزة الإعلام المعارضة خير عون لي، وهكذا دخلت قلب الحياة السياسية ، فقد طلبني الدكتور عبدالوهاب المسيري منسق حركة كفاية وقال وهو يداعبني: أنت ضابط سابق أعتدت على تلقي الأوامر وأنت معانا في كفاية بالأمر كدة!! ورحبت بهذا الأمر خاصة أنني كنت معجبا جدا بهذا الرجل بعدما قرأت موسوعته عن اليهود، واليوم يدعوني لأعمل معه فلم أتردد! 
   لم أصبح وزيرا والحمد لله.   
ويضيف المهندس يحي حسين قائلا : استمرت هذه المحنة التي كانت بمثابة نعمة خمس سنوات كاملة حتى قيام ثورتنا المجيدة عام 2011، وكان من المحتمل أن أصبح بعدها وزيرا حيث كنت مرشحا لأكثر من منصب ، لكن ربنا نجاني، واصدقاءنا الذين تولوا مناصب وزارية بعد الثورة خسروا الكثير ، ولا داع لذكر الأسماء منعا للاحراج، والحمد لله سلكت طريق آخر حيث عدت من جديد إلى مركز إعداد القادة بالعجوزة رئيسا له، وشهدت هذه الفترة العصر الذهبي لهذا المركز ، فقد فتحنا أبوابه لكل الندوات والمؤتمرات للقوى الوطنية على أختلاف مشاربها حتى من نختلف معهم، واقمنا صالون ثقافي استضاف العديد من الشخصيات المرموقة وكان ناجحا جدا ، وبلغ مركز إعداد القادة ذروة نجاحه في عمله الذي ينقسم إلى أقسام ثلاث: التدريب والاستشارات والبحوث! وعندما بلغت سن الستين من عمري رفضت الإستمرار وفضلت ان يأت غيري مكاني فأنا في حركة كفاية ومن شعاراتها: لا للتمديد، وطبقت هذا الكلام على نفسي أولا. 
   قيمة العدل والصدق.   
وفي ختام حواره معي تحدث عن والده وست الحبايب أمه أصحاب الفضل عليه ، فوالده المستشار حسين عبدالهادي كان قاضيا خريج كلية الشريعة من الأزهر الشريف ، وتعلم منه رحمه الله قيمة الحكم على الناس بالعدل حتى من تختلف معه بطريقة جذرية! أما والدته فقد ورث عنها قيمة الصدق. وهناك مدرس للغة العربية يتذكره جيدا في المرحلة الإعدادية وهو محمد عبدالستار الشربيني الذي تعلم منه جماليات لغتنا الجميلة. 
وأجمل أوقات صديقي العزيز يحي حسين هي تلك التي يقضيها مع شريكة العمر ، وأولاده الثلاث محمد وندا ومريم وأحفاده يحي وزياد.. وحب الأحفاد شكل تاني. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق