ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الأحد، 4 مارس 2018

عجائب عبدالقدوس - سلوك نادر من أبي إحسان عبدالقدوس

أخبرت حضرتك أنني شاركت مع أخي الجميل احمد في تظاهرات عام 1968 احتجاجا على كارثة الهزيمة والتي أعتبرها البعض بكل وقاحة مجرد نكسة!! وهذا بالطبع يدخل في دنيا العجائب! وتلك الإحتجاجات كانت الأولى من نوعها في عهد عبدالناصر منذ عام 1954 عندما أحكم قبضته على السلطة ، ولذلك كانت محل أهتمام من العالم كله ، وقد غضب أنور السادات من أبي غضبا شديدا بسبب اشتراك أولاده في المظاهرات وكان وقتها رئيسا لمجلس الأمة _ كما كان يسمى وقتها _ واتصل به قائلا في حدة:"بدلا من تكتب قصص يا إحسان روح ربي أولادك"!! ولم نأبه بغضبه وانتهى الأمر بالمشاركة في اعتصام مجموعة من الطلبة بكلية هندسة القاهرة! وكان أمرا غير مألوف بالمرة، المكان محاصر تماما بقوات ضخمة من الشرطة بعدما قطعوا عنا المياه والكهرباء ومنعوا الطعام!! وكنا نتوقع اقتحام الكلية في أي وقت! وهذا الاعتصام تردد صداه في العالم كله ، واحتل مكانا بارزا في وكالات الأنباء العالمية.

وفي اليوم الثالث من الاعتصام وقع ما لم يكن في الحسبان ففي الخامسة من بعد الظهر تقريبا رأينا منظرا فريدا من نوعه عشرات من سيارات التاكسي تتدفق على المكان ، وجاء من يخبرنا : "اتفضلوا على مجلس الأمة ، كبار المسئولين بالدولة في انتظاركم"!!ووجدناه حل مشرف لإنهاء الاعتصام وتنفسنا الصعداء ورفضنا رأي قلة منا طالبت بأن يأت المسئولين إلينا، وبعد فترة مفاوضات قصيرة وافق الجميع على الذهاب إلى البرلمان وركبنا سيارات الأجرة ولا أدري حتى هذه اللحظة لماذا لم تأت اوتوبيسات تجمعنا بدلا من عشرات التاكسيات التي جمعتها الشرطة من كل أنحاء القاهرة!! وبالفعل ذهبنا إلى مجلس الأمة وكنا نخشى من حركة غدر تذهب بنا إلى السجن!! وجاء السادات ومعه عدد من الوزراء في قاعة كبيرة اجتمعنا فيها وأتذكر من المسئولين المرحوم شعراوي جمعك وزير الداخلية والمرحوم لبيب شقير وزير التعليم وغيرهم!! واستمعوا إلى مطالب الطلبة وكان في مقدمتها الإفراج عن جميع من تم القبض عليهم في التظاهرات بالإضافة إلى مطالبنا الأساسية في إطلاق الحريات ومحاسبة المسئولين عن الهزيمة، ورأيت السادات يركز نظره على محمد واحمد عبدالقدوس!! وأخيرا تحدث السادات إلى الجميع قائلا : ثورة يوليو لا يمكن أن تصطدم مع أبناءها من الشباب رسالتكم وصلت إلى عبدالناصر ، وستكون هناك تغيرات شاملة ومحاسبة كل مسئول وراء كارثة 1967 ولن يفلت أحد من العقاب!!
وانصرفنا بعد ذلك في هدوء، وبالفعل صدر بيان 30 مارس عام 1968 الذي حاول فيه "ناصر" احتواء غضب الشعب، لكنه ظل مجرد حبر على ورق!! وأعيدت محاكمة قادة الطيران من جديد وتم الإفراج عن الطلبة الذين ألقى القبض عليهم.
وفي أوائل أبريل من ذات العام وقع ما لم يكن في الحسبان أبرزت الأهرام الجريدة الرسمية للدولة خبرا بصفحتها الأولى عنوانه: "عزل جميع المسئولين الذين أشترك أولادهم في المظاهرات في بولندا". وكانت دولة شيوعية في ذلك الوقت ، وقرأ أبي الخبر وابدى دهشته وتساءل: ما أهمية هذا الخبر حتى يتم إبرازه بالأهرام في الصفحة الأولى.. "وواضح أن الكلام لك يا جارة" على رأي المثل العامي الشهير، فهي رسالة إلى الداخل ولم تمض أيام قليلة حتى تم عزل إحسان عبدالقدوس من المنصب الذي كان يشغله حيث كان رئيسا لتحرير أخبار اليوم!!
والأمر البديهي والشيئ الطبيعي أن يصب جم غضبه علينا، فنحن السبب في إقالته! خربتم بيتي يا أولاد!! ولكن شيء من هذا كله لم يحدث، وتقبل الأمر بكل هدوء ، ولم يغضب منا، وظلت علاقته بنا سمن على عسل!! فهو كاتب مرموق أكبر من أي منصب صحفي!!
وهذا بالطبع سلوك نادر انفرد به حبيبي أبي ، وربنا يرحمك مليون رحمة أنت وست الحبايب أمي. وسلوك والدي معنا بعد كل ما جرى أراه استثناء جدا ، وأسألك : هل تشاركني هذا الرأي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق