ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الخميس، 5 أبريل 2018

صورة من قريب:صورة من قريب : السفير إبراهيم يسري : الدبلوماسي الثائر.




* نجح في الحصول على حكم تاريخي بوقف تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل.
* ما هي البلاوي السبعة التي تحيط بمصر في المرحلة المقبلة.
* كلمة قالها له والده بعد ثورة يوليو ولم ينساها أبدا.


إبراهيم يسري دبلوماسي غير تقليدي بالمرة جدير بأن يطلق عليه لقب السفير الثائر ، وهو بالتأكيد مختلف عن أقرانه ، والمعروف أن كل من يعمل بالخارجية يبدو متحفظا ونادرا ما يدلي بآراءه في أحوال بلده حتى بعد احالته إلى المعاش فهو يرفع شعار الصمت من ذهب! لكن سفيرنا الثائر مختلف ، وبيته كان قبله للوطنيين والمعارضين أيام مبارك ، وأنا شخصياً ذهبت إلى هناك أكثر من مرة لحضور اجتماع لقوى المعارضة ، وصديقي العزيز السفير إبراهيم يسري دخل إلى قلب الحياة الوطنية من أوسع الأبواب عندما قام برفع دعوى قضائية أمام مجلس الدولة ضد وزارة البترول ورئيس مجلس الوزراء ووزارة المالية لإلغاء صفقة تصدير الغاز المصري لإسرائيل التي ابرمت في 30 يونيو عام 2005 ، وكان منسق حملة لا لبيع الغاز للكيان الصهيوني وحصل على حكم لصالحه. وهو حاليا من أشد المعارضين للاستبداد السياسي ، وشارك في إنشاء عدة كيانات ثورية بغرض التصدي لما هو قائم ، لكن الحكم البوليسي عصف بها جميعا وهو مهدد بالاعتقال في أي لحظة وتلقى أكثر من رسالة تهديد تطالبه بوقف نشاطه، لكنه مستمر في نضاله دون توقف.. تعالوا معي نتعرف عليه عن قرب.

   
(إبن الوز عوام)

وصاحبي شرقاوي من الشرقية تجاوز الثمانين من عمره ، فهو من مواليد الثامن من يونيو عام 1935م والده من علماء الأزهر وتلاميذ الشيخ محمد عبده ، شارك بفاعلية في ثورة 1919م.. يقول إبراهيم يسري : تأثرت كثيرا بوالدي يسري سيد حسين عبدالرحمن السهيلي، وأنا أكبر أبناءه الخمسة وفي طبيعتي بعض صفات الوالد..  التدين، الثائر ، الرافض للظلم ، وحب الوطن بطريقة إيجابية ، فأنا أحمل هموم بلدي، ولا أرفع شعار وأنا مالي واكتفي بحياتي الخاصة.

   
(مدرسة الزمن الجميل)
ولا ينسى السفير إبراهيم يسري مدرسة الزقازيق الثانوية ، ومدرسته في الزمن الجميل مختلفة جذريا عن مدارس هذه الأيام ، كانت هناك ملاعب واسعة والعديد من وسائل الراحة، ومدرسون بحق وحقيقي ، ولم تكن هناك دروس خصوصية ، وكان المدرس مسئول عن كل الطلاب وكثيرا ما يكون بمثابة الأب الروحي لهم، ولا يكتفي بإلقاء درسه، بل يناقشهم في أحوالهم ويتحدث معهم عن مشاكل مصر ويعطيهم دروسا في الوطنية ، وقد تأثر خاصة باستاذ التاريخ واللغة العربية.

   
(أساتذة لا ينساهم)

وعن ذكرياته في الجامعة يقول السفير إبراهيم يسري ، دخلت حقوق عين شمس عام 1952، وكانت في عز شبابها"باساتذة طازة" قادمين توا من الخارج ، وأتذكر منهم بكل خير أستاذ الاقتصاد الدكتور حلمي مراد، والقانون الدولي الأستاذ محمد حافظ غانم، والقانون المدني الدكتور عبدالحي حجازي ، وربنا يرحمهم جميعاً ، وفضلهم لا ينسى وكانت لكل منهم ميزات عدة، ويجمعهم العلم الغزير والهيبة والاحترام والشخصية القوية والوطنية الصادقة.
 
 
(العسكر في الخارجية)

وسفيرنا التحق بوزارة الخارجية عام 1957 بعد امتحان اجتازه بنجاح ، والمؤسف أنه في ذلك الوقت بدأ التحاق ضباط الثورة من المرضي عنهم بالخارجية مكافأة لهم على إخلاصهم ، فتراجعت الكفاءة وتقدم الولاء، وضاعت القدوة والمثل العليا، ومع ذلك فإن السفير إبراهيم يسري الذي بدأ من أول السلم أستطاع أن يشق طريقه بنجاح كبير، ووصل إلى أعلى المناصب بالخارجية سفيرا بالدرجة الممتازة. وقد احيل إلى المعاش عام 1995 بعد بلوغه السن القانونية ، وخلال هذه الفترة التي اقتربت من الأربعين عام خدم في العديد من الدول مثل الجزائر ومدغشقر ورومانيا وبريطانيا والهند ، ورأس المحكمة الإدارية لمنظمة الوحدة الأفريقية من عام 1983 إلى عام 1985، ودوره كبير كذلك في مفاوضات طابا حيث رأس اللجنة الفنية ، وكان مديرا عاما للإدارة القانونية والمعاهدات واوكلت إليه عقد العديد من الاتفاقيات الدولية ، وقام بتدريس القانون الدولي بالمعهد الدبلوماسي وشارك في وضع امتحانات تلك المادة بالخارجية المصرية ، وكان خلال سنوات عمله يلقي الكثير من المحاضرات ويشارك في الندوات التي تتناول قضايا سياسية أو قانونية.
   
(نشاط واسع بعد المعاش)

ولم يعتزل صديقي السفير إبراهيم يسري الحياة بعد احالته إلى التقاعد ، بل بدأ نشاطا واسعا، فقد عمل بالمحاماة واشتهر بأنه محامي محترم ، وقام بإلقاء العديد من المحاضرات ، وكتابة المقالات وله أكثر من ألف مقال منشور في مختلف الصحف والمجلات ، وأصدر عدة كتب أولها عن أزمة الجامعة العربية وكيفية تطويرها وكتاب آخر عن الغزو الانجلو سكسوني للعراق، وهناك كتاب عن الأصول الجديدة لإدارة علاقات مصر الخارجية. والذي لا يعلمه الكثيرون أن صديقي العزيز عنده موهبة في الكتابة الأدبية قام بتنميتها وتأصيلها، فدرس السيناريو في معهد متخصص بذلك في القاهرة واستكمل تلك الدراسة في كاليفورنيا ، وأصدرت له دار الهلال عمل درامي عنوانه رجل وأربع نساء يتحدث فيها عن فترة عبدالناصر وله أعمال أخرى مثل "الأذن تعشق" ،و " قلب من حجر " ،و"المراهفة بعد الستين" ، و"نور الحياة" ،و "عالم مزيف" ،وغير ذلك.
     
(مصر وبلاوي سبع!!)

سألته عن المستقبل فأجاب : بلادنا تحيط بها بلاوي عدة، أولها الاستبداد السياسي الجاثم على أنفاسنا ، وآخر مظاهره هذا الإستفتاء الهزلي لرئاسة الجمهورية فلا يمكن أن يسمى بانتخابات ، والاوضاع الاقتصادية المتدهورة وارتفاع الأسعار في كافة الخدمات والسلع الأساسية ، وتصدير الغاز للعدو الصهيوني والاتفاقيات السرية مع بني إسرائيل التي لا نعلم عنها شيئا ، والقضية الفلسطينية خاصة بعد ضياع القدس، والآثار المترتبة على بناء سد النهضة وضياع تيران وصنافير، والاتجاه إلى التنازل عن أراضي جديدة في سيناء بحجة إقامة مشروع سياحي ضخم بتمويل سعودي والشعب آخر من يعلم بتفاصيله.

   
(شكرا شريكة العمر)

سألته عن حياته الخاصة ، فبدا عليه التأثر وهو يقول : توفيت منذ عدة سنوات ، وهي أبنة خالتي، وفضلها كبير على اسرتنا وكانت تحيطنا دوما بالحب فشكرا لها، وقد أنجبت لي أجمل ما في حياتي وكلهم للأسف يعيشون بالخارج ، أبني دكتور رمد في واشنطن ، وابنتي محامية في كاليفورنيا ، وابنتي الثانية تعيش في دبي وحاصلة على الدكتوراه في علم النفس ، وأخرى متزوجة من سفير، وكلهم من الناجحين والحمد لله وهذا من فضل ربي.
واختتم السفير إبراهيم يسري حواره معي بمفاجأة.. تتمثل في كلمة قالها له والده بعد ثورة يوليو عام 1952 يا بني.. إذا وصل العسكر إلى السلطة فلن يتركوها أبدا.. وبعد أشهر قليلة مات والدي، وواضح أن كلمته كانت صحيحة وصادقة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق