حدثتك من قبل عن جدتي العظيمة "روزاليوسف" في ذكرى وفاتها يوم ١٠ أبريل عام ١٩٥٨ ..
يعني من ٦٧ عاماً ..
لكن كيف تلقى أبي الحبيب خبر وفاتها ؟
ووالدي رحمه الله له أسلوب حلو قوي في الكتابة والتعبير عن نفسه ، وكتب ما جرى في مجلة "روزاليوسف" التي كان يرأس تحريرها وقال: كنت جالساً أكتب قصة ..
أنني أحس بقوة عجيبة وأنا أفعل ذلك !!
أحي من أشاء من أبطال قصصي وأميت من أشاء ، ليست هناك إرادة فوق إرادتي ..
أنا القدر !!
وتناسيت أن هناك كاتباً آخر يملي قصصه علي ..
أنه الله ..
وأنا شخصياً جزء بسيط جداً من قصة كبيرة ضخمة ..
قصة الحياة ..
وكاتب هذه القصة لا رآد لإرادته ، وإني بالنسبة له مجرد صعلوك لا أساوي شيئاً في عالم القصص !!
فأنا شخصياً لست سوى قصة من قصصه.
وبدأت القصة الكبرى أو وفاة أمي عندما دق جرس التليفون في مكتبي وأنا مازلت أكتب قصتي يملؤني الغرور بأني أستطيع خلق الحياة على الورق وأحرك أشخاصها كما أريد ..
فأنا القدر ..
وسمعت صوت أفاقني من غروري وقال لي على الهاتف ..
والدتك تعبانة شوية ..
هات الدكتور وتعال ..
وأمرت عامل التليفون بأن يبحث عن طبيب ، وعدت أكتب ساردا في غروري ..
ثم فجأة تنبهت وألقيت القلم من بين أصابعي وكأنه لسعني ..
وتنبهت إلى أن الذي خاطبني قال: "تعال" !!
إنهم عادة لا يستدعوني عند مرض أمي !
إنهم يعرفون أنها لا تحب لي أن أراها وهي مريضة ، لكنه قال : "تعال" !!
وأرتديت سترتي وهرولت على السلم ، وركبت سيارتي والوساوس السوداء تملأ رأسي ..
ولا أعرف كيف كنت أقود السيارة ..
فقد كنت مشغولاً بطرد الأفكار السوداء ..
أمي دوماً أقوى من أي شيء ..
لا شيء يستطيع أن يهزمها ..
لا شيء يستطيع أن يوقف نشاطها ..
لا شيء يستطيع أن يوقف نشاطها ..
حتى الموت ..
نعم حتى الموت ..
نعم إنه مازال بعيداً جداً ..
بعيداً جداً ..
وأقنعت نفسي لابد من أنها أكلت شيئاً دسما فعاودتها نوبة المرارة التي كانت تشكو منها ..
يا سلام يا ماما لماذا لا تحترسين وتخضعين لأوامر الطبيب ؟؟
أنك عنيدة دائماً.
ودخلت منزلها وبين شفتي إبتسامة كبيرة وفي رأسي بضع كلمات كأنها نكت لعلها تضحك لها.
وهنا وقعت مفاجأة.
ومن فضلك أنتظرني لأخبرك عما جرى.
محمد عبدالقدوس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق