ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الثلاثاء، 28 فبراير 2023

❓ - لماذا إختفى رئيس نادي الزمالك ؟؟


لفت نظري جداً وكمان جداً أن الصحف الحكومية المسماة بالقومية لم تنشر خبر سجن رئيس نادي الزمالك المستشار "مرتضى منصور" لمدة شهر في قضية السب والقذف المرفوعة ضده من رئيس النادي الأهلي الكابتن "محمود الخطيب".


وسر دهشتي أن هذا الخبر نشرته جميع المواقع الإلكترونية ووكالات الأنباء بل وبعض الصحف المصرية الخاصة مثل "المصري اليوم والشروق" ..


وعندما بحثت عن السر وراء عدم نشر الخبر وإتصلت بأصدقائي المسئولين في هذه الصحف أخبروني بما لم أكن أتوقعه أبدا .. 


جاءتنا تعليمات من الرقابة بحذف هذا الخبر  !! 

"ممنوع النشر" .. 


أصابتني الدهشة الشديدة ، ووضعت مليون علامة إستفهام حول سر إختفاء رئيس نادي الزمالك ، ومنع نشر خبر حبسه في الصحف القومية ..


وتساءلت ما هذا الغباء "والعك" الذي أراه في بلادي ؟؟

والذي لا يقتصر على الصحافة وحدها ، بل ترى ما يشبه هذا "العك" في مجالات أخرى عديدة .. 

وربنا يحفظك يا مصر !!

الاثنين، 27 فبراير 2023

حكايات إحسان عبد القدوس- 4 الكلام لك يا جارة وبعدها وقعت بلوى !!


عام ١٩٦٨ مختلف بالتأكيد عن كل الأعوام السابقة .. 

جديراً بأن نطلق عليه عام الطلاب ليس في مصر وحدها ، بل في العالم كله شرقاً وغرباً  .. 

ففي "الولايات المتحدة الأمريكية" ثارت الجامعات هناك ضد حرب "فيتنام" ، وفي "فرنسا" إنفجرت ثورة طلابية ضد قائد تاريخي يحكمها هو الجنرال "ديجول" ، وإنتصاره على النازية وإنجازاته الضخمة لم تشفع له عند الشباب الذين ثاروا إحتجاجا على كثير من الأوضاع الخاطئة فالقائد العظيم ليس معصوماً من النقد والإحتجاج ضده إذا أخطأ ، وفي "بولندا" ثار الطلبة هناك ضد الحكم الشيوعي الجاثم على أنفاس البلاد والعباد .. 

ولفت نظر حبيبي أبي خبر نشرته "الأهرام" في برواز بصفحتها الأولى  : "عزل جميع المسئولين الذين استرك أولادهم في المظاهرات ببولندا" !! وتساءل في عجب : وما أهمية هذا الخبر عند "الأهرام" حتى تنشره في مكان بارز بصفحتها الأولى ؟! 

وكان من الواضح أن هذا تمهيدا لما بعده على طريقة "الكلام لك يا جارة" ، خاصة وأن الجريدة العريقة كان يقودها في ذلك الوقت أحد أساطين الصحافة المصرية "محمد حسنين هيكل" رحمه الله المقرب جداً من "عبدالناصر" والمعبر عنه ، وقال والدي لنا : "باين أنه سيتم فصلي قريباً جداً " !! 

وكان حبيبي يشغل منصب رئيس تحرير جريدة "أخبار اليوم" وصدق توقعه ، ولم تمض أيام حتى تم عزله مع غيره من المسئولين في مختلف المواقع على الطريقة البولندية !! 

ولأول وهلة قد تظن حضرتك أن والدنا إنفجر فينا بعد عزله ، واتهمني أنا وأخي بأننا السبب في تلك البلوى التي حلت بالأسرة كلها ، رغم أن "السادات" منذ البداية حذره بشدة من سلوكنا في اليوم الأول من الإحتجاجات في مكالمة تليفونية عاصفة قائلاً له " بلاش تكتب قصص وروح ربي أولادك !! 


وصدق أو لا تصدق حبيبي أبي لم تتغير معاملته لنا أبدا واستمر "سانو" وهو الإسم الذي أشتهر به بين أهل بيته وأصدقائه المقربين رمزا للحب والمودة والثقة في أولاده .. وواجه تلك المصيبة بكل شجاعة وثبات وفي هدوء لأسباب عديدة ألخصها في نقاط محددة ..


١_ لم تكن هذه أول مرة يتعرض فيها للإضطهاد .. حدث له ذلك مرات عدة سواء قبل ثورة ١٩٥٢ أو بعدها  !!


٢_ أن قوته تستند بالدرجة الأولى إلى قلمه وإبداعه ، وليس إلى المناصب التي يشغلها ، فهو أكبر منها و"إحسان عبدالقدوس" معروف "حاف كدة" بين الناس دون الحاجة إلى إضافة أي منصب إليه لتعريفه.


٣_ أنه يؤمن تماماً بحرية أولاده فهو ينادي بالحرية لمصر كلها ، ولأنه صادق فإن ما يكتبه يطبقه في بيته أولا ، يكتفي بالتوجيه والنصائح دون أن يسعى إلى أن تتحول هذه النصائح إلى أوامر !!.


٤_ مصر كلها كانت متعاطفة مع تظاهرات ١٩٦٨ ، وحبيبي أبي كان معنا ولم يندم أبدا على ذلك بعد فصله .


٥_ والحكومة نفسها شعرت أن إحتجاجات طلاب مصر تعبيراً صادقاً عن شعبها ، ولذلك تجاوب "ناصر" معها ، وسعى نظامه إلى محاورة الطلاب المعتصمين بالهندسة بدلاً من إقتحام الكلية والقبض عليهم ، وبعد ذلك أطلق سراح جميع الطلاب الذين تم القبض عليهم في الإحتجاجات ، وأصدر زعيم مصر رحمه الله بيان ٣٠ مارس وفيه وعود بإصلاحات عديدة وإن ظلت للأسف حبرا على ورق !!


وانتهت محنة حبيبي أبي "سانو" عام ١٩٦٩ يعني بعد سنة من فصله .. وتم ذلك بعدما كلف "ناصر" "أنور السادات" بالإشراف على مؤسسة "أخبار اليوم" ، الذي رأى أنه من الضروري عودة "إحسان عبدالقدوس " إلى منصبه من أجل النهوض بهذه المؤسسة فهو صحفي شاطر جداً وليس فقط كاتب قصة مبدع بالإضافة إلى أنه صديق قديم يقدره رغم أي خلاف ، واتصل بهذا الغرض بالرئيس"ناصر" طالبا منه عودة"إحسان" إلى "أخبار اليوم" ، ولم يتردد الرئيس في الموافقة على ذلك.


وبهذه المناسبة قالت لي "هدى عبدالناصر" فيما بعد وصلتي بها قوية "والدي بيحب أبوك" ولا ينسى دوره في التمهيد لثورة يوليو عندما كان في "روزاليوسف" ، ويراه دوماً من الكتاب الوطنيين ، وأخبرتني كذلك أن كل قصصه عندنا في البيت ! 

وفي أجازة الصيف الطويلة عندما كنت في ثانوي والجامعة ، كانت هوايتي الأساسية قراءة قصص والدك في إستراحة المعمورة بالإسكندرية حيث كنا نقضي الصيف هناك ، فهو كاتبي المفضل.


وهكذا عاد "إحسان عبدالقدوس" إلى بيته بأخبار اليوم ، وكان ظن "السادات" في محله تماماً أنه صحفي شاطر جداً جداً ، ولأول مرة يرتفع توزيع الصحيفة في عهده ليكسر حاجز المليون نسخة في وقت كان عدد سكان مصر لا يتجاوز أربعين مليون والعديد منهم من الأميين .. ورقم التوزيع هذا كان الأول من نوعه ليس في العالم العربي وحده ، بل في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا كلها .. وصحف العالم كله التي يزيد توزيعها عن مليون نسخة تعد على أصابع اليدين .. يعني نادرة !.

وربنا يرحم حبيبي أبي وكل من عاصره الذين ذهبوا إلى ربهم في حياة جديدة.

الأحد، 26 فبراير 2023

حكايات إحسان عبد القدوس - أحرجت والدي جدا.. ولم يغضب!!


أخبرتك بالأمس أن "أنور السادات" كان زعلان قوي من مشاركتي وشقيقي "أحمد" في تظاهرات الطلاب  .. 

واتصل بوالدي قائلاً في غضب : يا "إحسان" بلاش تكتب قصص وروح ربي أولادك !!


لكن في اليوم التالي قررنا الذهاب إلى الجامعة، ولم يمنعني أبي فهو أعتاد على إعطاء الحرية لأولاده في التصرف مع أن أي أب آخر بعد هذه المكالمة العاصفة سيكون بالتأكيد له موقف مختلف ، لكن "إحسان عبدالقدوس" نسيج وحده صادق مع نفسه، الأفكار التي يدعو إليها يطبقها في بيته أولا ! وكل ما قاله لي وأنا في طريقي إلى الجامعة .. بلاش تحرجوني قدام"السادات" !! 


لكننا في هذا اليوم أحرجناه جداً ولم يغضب منا.


كانت جامعة القاهرة في اليوم التالي لبدء الاحتجاجات في الأسبوع الأخير من شهر فبراير عام ١٩٦٨ مضربة بالكامل ، والدراسة متوقفة في جميع الكليات ، يعني "مقلوبة" بالتعبير العامي ، وعدد الطلاب الذين شاركوا في الاحتجاجات أضعاف ما كانوا عليه بالأمس .. تشكيلات من الأمن المركزي تحاصر الجامعة من كل مكان ، وكانت في بداية إنشاءها فلم تكن معروفة قبل هزيمة ١٩٦٧ .. وبدأت إشتباكات عنيفة بين الطلاب والشرطة بهدف كسر الحصار المفروض عليهم ، ونجحوا بالفعل ، وانطلقوا إلى شوارع القاهرة ، ولم تتوقف المعارك لحظة بين الجانبين خاصة عند كلية الطب والقصر العيني ، وانضم العديد من الناس إلينا ، ولأول مرة تتردد هتافات بسقوط رأس النظام "جمال عبدالناصر " ، ولم يكن هذا موجوداً بالأمس ، وصدق أو لا تصدق أستمرت الاحتجاجات ما يقرب من ثمانية ساعات بسبب ضخامة الحشود الغاضبة ، واستطاعت الشرطة بصعوبة السيطرة على الموقف قبيل المغرب .. وأتذكر جيداً في هذا اليوم أنني مشيت في هذا اليوم متظاهراً من جامعة القاهرة حتى جامعة عين شمس التي كانت قد أضربت هي الأخرى ، وخرج طلابها محتجين مشاركين في الاحتجاجات .. وعدت إلى بيتي مساءا غاية في التعب والإرهاق ، وملابسي ممزقة وبي عدة إصابات سطحية !!

ونسى حبيبي أبي غضب "السادات" ولومه ، فقط أراد أن يطمئن على سلامة أولاده بعد هذا اليوم العاصف !! 


وكان والدي رحمه الله مثله مثل معظم المصريين في ذلك الوقت متعاطفين مع احتجاجات الطلاب ، فلم يوجه أي لوم لهم ، وأقصى ما قاله "ياريت تلك المظاهرات تؤدي إلى نتيجة" !!


وصدر قرار بإغلاق جميع الجامعات المصرية خاصة وأنها لم تعد تقتصر على جامعة القاهرة ، بل أمتدت إلى جامعات أخرى ، لكن العديد من الطلاب قابلوا ذلك الأمر بالاعتصام في كلية الهندسة بجامعة القاهرة ، وكما أخبرتك من قبل هذه الاحتجاجات والاعتصامات كانت الأولى من نوعها ببلادنا منذ سنة ١٩٥٤ ، وهو العام الذي أحكم فيه "ناصر" سيطرته على السلطة ، وتصدرت مظاهرات الطلاب أخبار وكالات الأنباء ، وكانت محل إهتمام بالغ في العالم العربي وأوروبا وأمريكا ، ونجح "عبدالناصر" في إنهاء إعتصام الهندسة سلمياً بطريقة لا تخطر على بالك  ..


وفي المقال القادم أخبرك بما جرى ، وكيف حدث ذلك ، ومن فضلك انتظرني.


محمد عبدالقدوس


ملحوظة مهمة :

حدث خطأ مطبعي في المقال الماضي قبل أن يتم تصحيحه ويتمثل في أن الصورة التي ألتقطت لنا مع "السادات" رحمه الله كانت على بلاج "سيدي بشر" وليس "سيدي جابر" كما نشر ، وإذا سألتني  عن تاريخها أنها كانت في صيف عام ١٩٥٣ ، وكان والدي رحمه الله من أقرب المقربين من الصحفيين حتى ذلك الوقت إلى "ناصر" وزملائه من أعضاء مجلس قيادة الثورة وربنا يرحم الجميع .

حكايات إحسان عبد القدوس - 3 فوجئ الطلاب المعتصمون بما لم يخطر ببالهم أبدا !!




أصيب والدي الحبيب رحمه الله "بخضة" عندما أخبرته أنني ذاهب إلى الجامعة !! وكان قد صدر قرار بإغلاق جميع الجامعات المصرية بعد الاحتجاجات العنيفة التي قام بها الطلاب.

وتساءل حبيبي أبي في عصبية : أنت عايز يتقبض عليك ولا إيه ؟؟ كفاية كدة قمت بدورك وعبرت عن رأيك .. أهدا بقى !!


 وبعد مناقشات إتفقنا على الذهاب إلى الجامعة ، ونتابع الموقف "من بعيد لبعيد" ونعود إلى البيت في أسرع وقت ! 

وانطلقت مع شقيقي الحبيب إلى هناك .. وكانت جحافل الأمن المركزي التي كانت في بداية تكوينها ونشأتها تحكم حصارها حول الجامعة لكن الشوارع كانت عادية .. وعلمنا من بعض زملاءنا الطلاب الذين يراقبون الموقف من بعيد لبعيد أيضاً أن هناك إعتصام في كلية الهندسة ، وأنه يمكن الوصول إليها عن طريق "حديقة الحيوان" المجاورة لها .. وهذا ما فعلناه .. قمنا بالتسلل فرادى إلى هناك ، وقفزنا السور الذي يفصل حديقة الحيوان عن الكلية ، ونجحنا في الإنضمام إلى زملاءنا المعتصمين !!


وبعد فترة قصيرة جداً .. أقل من ساعة أكتشفت الشرطة تلك الثغرة ، فصدر قرار بإغلاق حديقة الحيوان على الفور ومنع الدخول نهائيا.

وكنا حوالي ٣٠٠ طالب من مختلف كليات الجامعة وأغلبهم من الهندسة ولنا مطالب واضحة تتمثل في الإفراج عن جميع الطلاب الذين تم القبض عليهم بالأمس خلال الاحتجاجات ، وإعادة محاكمة قادة الطيران ، وإعطاء وعود ببدء إصلاحات جادة في نظام الحكم .. ولا أدري كيف وصلت مطالبنا إلى وكالات الأنباء وقد تصدرت أخبارها واهتمت بها الصحف العالمية ، وقلنا أننا لن تتراجع عن مطالبنا ، ولن نفض الاعتصام إلا بعد تحقيقها.

ومكثنا معتصمين ثلاث أيام بلياليها ، والمنطقة محاصرة تماماً ، والنور مقطوع وممنوع إدخال أي شيء لنا !! لكن ربنا ستر وعرفنا كيف نأكل ونشرب ، لكننا كنا نخشى جداً جداً من اقتحام الشرطة للهندسة لفض الاعتصام بالقوة والقبض علينا !! 

وقبيل مغرب اليوم الثالث فوجئنا جميعاً بما لم نتوقعه أبدا .. العديد من سيارات الأجرة تتدفق على المكان وتتوقف أمام مقر كلية الهندسة .. تعجبنا جداً فالشرطة تحاصرنا من كل جانب ، فكيف سمحوا لهم بالدخول ؟ وماذا أعدوا لنا .. ولم يطل إنتظارنا كثيراً .. جاءت مجموعة من لواءات الشرطة الموجودة في الحصار قائلين : إتفضلوا .. الحكومة تدعوكم للحوار معها في مجلس الأمة .. ولم نصدق في البداية .. ظنناها خدعة .. وبدلاً من أن نذهب إلى البرلمان سيذهبون بنا إلى سجن أبو زعبل !! . وبذلك يتم فض الاعتصام بطريقة سلمية تماماً .. وبعد أخذ ورد تأكد لنا أن هناك مسئولين بالدولة في إنتظارنا للحوار معهم .. ووافقنا بعد تردد ، وكان البعض منا يريدون أن نتحاور مع السلطة في مبنى الهندسة حيث الاعتصام وليس في مقر البرلمان ، لكن رأي الأغلبية تغلب في النهاية التي رأت أنها طريقة طيبة تحفظ كرامتنا .. وكويس قوي أن الحكومة تريد التفاوض معنا بدلاً من القبض علينا .. وانطلقنا إلى هناك فيما يشبه الزفة حيث كانت سيارات النجدة ترافقنا ، وتساءلت بيني وبين نفسي : لماذا لم يستخدم في نقلنا أتوبيسات بدلاً من هذا العدد الكبير من سيارات التاكسي ، ولم أجد إجابة بالطبع.


ودخلنا إلى القاعة التي يجتمع فيها النواب عادة وسط ترحيب الموظفين وبعدها بدقائق دخل علينا رئيس المجلس "أنور السادات" و"لبيب شقير" وزير التعليم و""شعراوي جمعة" وزير الداخلية .. وبالطبع لمحنا "السادات" من جديد وهو يدير عينيه بين الطلاب ، وكان هناك مصور يلتقط صور جميع الجالسين ، واتضح فيما بعد أنه يتبع وزارة الداخلية ، يعني ملف أمني لكل منا ، وأوكلنا للحديث نيابة عن الطلاب عدد من زملاءنا الذين شرحوا مطالبنا بوضوح محتجين على الصدام الدامي الذي جرى في الاحتجاجات مع الشرطة ومطالبين بالإفراج عن الطلاب المعتقلين.

وبعدها تحدث "السادات" بإستفاضة وأكتفى الوزراء الذين كانوا معه بالصمت ، وبدأ حواره بنقل تحيات الرئيس "جمال عبدالناصر" إلينا مؤكداً أن ثورة يوليو لا تتصور أبدا أن يقع صدام بينها وبين أبناءها الطلاب خاصة في هذه الظروف الدقيقة والقاسية التي تمر بها مصر.

وقال أن ما جرى صفحة مؤلمة وانتهت ، وأنه سيتم الإفراج عن جميع من تم القبض عليهم في هذه الاحتجاجات ، وأكد أن هناك إصلاحات قادمة لتقوية الجبهة الداخلية .. وعلينا الآن أن ننصرف إلى بيوتنا ونحن في أمان كامل .


وعدت إلى منزلي ، وتوقعت أن يكون حبيبي أبي زعلان مني ، لكنه على العكس أخذني أنا وأخي بالأحضان .


وفي نهاية شهر مارس أصدر "ناصر" بيان ٣٠ مارس تضمن وعود بإصلاحات عديدة لم ينفذ شيء منها ، وبقيت حبر على الورق ، وعادت الجامعات إلى فتح أبوابها من جديد بعد أكثر من شهر من توقف الدراسة ، لكن كان هناك تشديد ورقابة صارمة في الدخول إلى الكليات ، وظننت مع غيري أن هناك صفحة جديدة قد بدأت ، لكن للأسف لم يحدث تغيرا في الأوضاع الداخلية إلا قليلاً ، ثم وقعت مفاجأة صاعقة لم نتوقعها أبدا أصابت والدي بالذهول ، لكنه كان قوياً شامخاً رائعا كما أعتدت رؤيته في كل المواقف الصعبة.


وإلى اللقاء في المقال القادم لأخبرك بالمصيبة التي وقعت !!

الخميس، 23 فبراير 2023

حكايات إحسان عبد القدوس - قال السادات في غضب : يا إحسان بلاش كتابة قصص وروح ربي أولادك



الصورة المرفقة بهذا الموضوع تدل على أن علاقة أسرتنا "بالسادات" رحمه الله قديمة جداً ، فهي على بلاج "سيدي بشر" بالإسكندرية عندما كنا أطفال ، والرئيس الراحل بالمايوه معنا على الشاطئ .. فما الذي دفعه إلى الغضب منا لدرجة أنه أتصل بوالدي رحمه الله قائلاً : بلاش تكتب قصص وروح ربي أولادك !!
والحكاية عندما كبرنا وكنا في بدايات المرحلة الجامعية عام ١٩٦٨ ، وهي سنة لم تر الجامعات المصرية مثيل لها من قبل ، ولأول مرة يتظاهر طلاب مصر ضد نظام "عبدالناصر" منذ عام ١٩٥٤ ، وكانت تلك التظاهرات حديث العالم كله في ذلك الوقت ، فقد أعتبروا ما وقع حدث فريد من نوعه بسبب زعامة "ناصر" رحمه الله للعالم العربي ..
وبدأت الاحتجاجات في السبت الأخير من شهر فبراير إحتجاجا على كارثة الهزيمة ، والأحكام الصادرة ضد قادة الطيران ، ورأى شعب مصر أنها لا تتناسب مع حجم المصيبة التي وقعت.
وفي ظهر ذلك اليوم تجمع أمام كلية الحقوق بجامعة القاهرة عدد من الطلاب وكنت أنا وشقيقي "أحمد" من بينهم .
وبدأت الهتافات ودخلنا مدرجات الكلية وأوقفنا الدراسة بين حماس الطلاب وتصفيقهم ، وخرج حشدنا من هناك إلى كلية الآداب المواجهة للحقوق ، وانضم الطلاب إلينا على الفور ، واتجهنا جميعاً بعد ذلك إلى هندسة القاهرة ، وكان تجاوب أبناءها وأساتذتهم رائعا.
وانطلقت بعدها تظاهرة من الكليات الثلاث ومن إنضم إليهم من الطلاب في شوارع القاهرة وكنا نقابل من الأهالي بالحماس والتصفيق والزغاريد لأن مصر كلها كانت زعلانة جداً مما جرى وعايزة تغيير حقيقي ، وسرعان ما إنقلبت الهتافات إلى المطالبة بالحريات العامة وإصلاح الأوضاع ولم تعد تقتصر على إعادة محاكمة قادة الطيران ..
ووصلت الجموع إلى "مجلس الأمة" كما كان يسمى في هذا الوقت ..
وأخذنا نهتف وبعد فترة أطل من شرفة رئيس المجلس "أنور السادات" ، واشتد حماسنا ، وارتفعت هتافاتنا إلى عنان السماء ، و"السادات" يهز رأسه ويبتسم.
وكان واضحاً أنها إبتسامة غيظ منا ، وليس ترحيباً بنا !!
وبعد فترة انسحب من الشرفة ورأى بعض أساتذة الجامعات الذين كانوا برفقتنا أن التظاهرة حققت هدفها ، واكدت أن الشارع المصري كله بجانبنا ، ثم أننا أوصلنا رسالتنا إلى الحكومة ولاشك أن "السادات" سيتصل "بناصر" ليخبره بما جرى .. وعلينا الآن أن نفض التظاهرة السلمية التي انطلقت من الجامعة ولم يتعرض لنا أحد .
وغداً لنا موعد آخر.
وهذا ما جرى بالفعل ..
وعدت مع شقيقي الحبيب "أحمد" إلى منزلنا ، وكان حبيبي أبي وأمي ست الحبايب فخورين بنا ، وسعداء بما فعلناه ، وأخذت أروي لهم ما جرى بالتفصيل.
وفي المساء فوجئ والدي بمكالمة هاتفية من "السادات" ، وكان غاضبا جداً كما أخبرني أبي ، وقال له : يا "إحسان" بدلاً من كتابة القصص روح ربي أولادك .. النهاردة أنا شفتهم في مظاهرات الطلاب .. عيب !!
وكان والدي في دهشة وحزن فهذه أول مرة يكلمه "السادات" بهذه الطريقة والعلاقة به ممتدة إلى ما قبل ثورة يوليو ..
ترى كيف تصرف معنا بعد هذه المكالمة العاصفة ؟؟ ..
من فضلك انتظرني غداً لتتأكد حضرتك أنه نوعية مختلفة من الناس.

الأربعاء، 22 فبراير 2023

عجائب عبد القدوس - فشل ذريع للعرب ونجاح باهر للأوروبيين



يوم ٢٢ فبراير من الأيام الخالدة في تاريخنا !

أراهن أن الغالبية العظمى من الناس لا تعرف الحدث العظيم الذي جرى يومها ، وللأسف كل شيء في مصر ينسى ولو بعد حين !

المناسبة هي الوحدة بين "مصر وسوريا" يوم ٢٢ فبراير من عام ١٩٥٨ !!

وأظن أن البعض سيقول ساخراً : "ياه أنت لسة فاكر" !! 

ويدخل في دنيا العجائب أنه في هذا التوقيت تقريباً كانت بداية الوحدة الأوروبية التي بدأت بالسوق الأوروبية المشتركة ثم الإتحاد الأوروبي ، وقد نجح نجاحاً كبيراً ويضم حالياً عشرات من الدول الأوروبية وأصبح قوة عظمى يحسب لها ألف حساب !

بينما فشل العرب فشلاً ذريعاً في تحقيق وحدتهم ، وكله كلام في كلام وأمجاد يا عرب أمجاد !!


بل ان هناك قطاع واسع من المصريين يرفض أن يكون لهم أي إنتماء بالعرب قائلين : كفانا ما جرى لنا بسببهم .. مش عايزين وحدة ولا يحزنون !!

"الفراعنة" لا صلة لهم بأهل العروبة !!

وهذا ما أراه يدخل في دنيا العجائب لأن الدول الأوروبية الداخلة في الإتحاد الأوروبي صلتهم ضعيفة ببعضهم ، بل وتحاربوا طويلاً وكانت هناك معارك دامية بينهم ومع ذلك سعوا للوحدة لأنهم يعلمون أنه لا مكان في عالم الكبار إلا للقوى العظمى فقط !!

وكل دولة وحدها لا تساوي شيئاً !!

وإذا سألتني وما أسباب الخيبة العربية والنجاح الأوروبي ، 

قلت لك : أسباب النجاح ترجع إلى دولة المؤسسات ، بينما الفشل مرجعه إلى حكم الفرد وبالروح والدم نفديك يا ريس ، والزعيم الملهم الذي تراه أقوى من كل مؤسسات الدولة بل هي تابعة له !!

وهو البلاء الذي مازالت معظم البلدان العربية تعاني منه حتى هذه اللحظة من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر بتعبير "صوت العرب" أيام زمان !!

في أوروبا كانت بداية وحدتهم على نار هادئة وبدأت بست دول فقط ، ووضعت شروط صارمة للإنضمام إليهم من أهمها أنه على الدولة المترشحة للعضوية أن تتمتع بمؤسسات مستقلة تضمن الديمقراطية ، وتحترم حقوق الإنسان ، ووجود نظام إقتصادي فعال يعتمد على إقتصاد السوق ، ثم تطورت رويداً رويداً ، وكل خطوة نحو الوحدة مدروسة جيداً ودون عجالة  !!

وقارن هذا الأسلوب الأوروبي الراقي في التعامل مع ما جرى في الوحدة العربية ، وكانت دوماً من فوق وتعتمد على حكم الزعيم الملهم ، وكل شيء نحو الوحدة المنشودة يتم بسرعة أو "بلهوجة" بالتعبير المصري وبطريقة مركزية !!

ولذلك كان لها أن تفشل على طول الخط !!

والإستثناء الوحيد رأيناه في عام ١٩٧١م عندما إجتمعت "دويلات" الخليج وكل منها لا يزيد على حي من أحياء القاهرة !! وقررت الوحدة فيما بينها بطريقة متحضرة ، ونشأ عن ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة التي أصبحت قوة في عالمنا العربي يحسب لها حسابها !! 

ولم تتكرر هذه التجربة الناجحة من جديد .. عجائب !!

الاثنين، 20 فبراير 2023

عجائب عبد القدوس - أوضاع الصحفيين اليوم أسوأ مليون مرة من أمس !



بمناسبة إنتخابات مجلس نقابة الصحفيين وإنتخاب نقيب جديد أقول كان الله في عونه وعون جميع الفائزين ، فالمهمة صعبة قوي وأوضاع الصحفيين اليوم خاصة الجيل الجديد أسوأ مليون مرة من أمس .. أقصد قبل ثورة عام ٢٠١١ .. وجاء وباء الكورونا عام ٢٠٢٠ ليصيب الصحافة الورقية بالذات في مقتل.


وقبل شرح ما أعنيه بالتفصيل أذكر لك معلومة قد تثير دهشتك .. 

صدق أو لا تصدق قبل نصف قرن من الزمان يعني أوائل السبعينات من القرن العشرين كانت هناك صحف قومية يتجاوز توزيعها أكثر من مليون نسخة في وقت كان عدد سكان مصر أربعين مليون .. منهم عدد كبير لا يعرف القراءة والكتابة .. يعني الغالبية العظمى من المتعلمين في مصر كانت تقبل على شراء الجرائد ، و"أخبار اليوم" الصادرة يوم السبت ، و"أهرام" الجمعة نجح كل منهم في كسر حاجز المليون نسخة بالتوزيع لأول مرة في تاريخ مصر والعالم العربي ، وبل وأفريقيا بأكملها.


واليوم حدث ولا حرج عن مأساة الصحف الورقية ، وأعتقد أن مجموع توزيعها من أولها إلى آخرها لا يتجاوز مائة ألف نسخة ، وقد يكون أقل من ذلك !!

مع أن "الوفد" في بداية صدوره عام ١٩٨٤ برئاسة المرحوم "مصطفى شردي" تجاوز توزيعها نصف مليون نسخة ، وكذلك حققت "الأهالي" برئاسة "حسين عبدالرازق وصلاح عيسى" نجاحاً ساحقا ، وكانت تصدر من حزب "التجمع" ، و"الشعب" برئاسة "عادل حسين" الصادرة من حزب "العمل" لقت رواجاً واسعاً جداً ، وكلها صدرت من أربعين سنة وربنا يرحم هؤلاء العمالقة ، وأيا من هذه الصحف وحدها يزيد توزيعها عن كل الصحف الموجودة حالياً .. فما الذي جرى ؟؟


في يقيني أن هناك أسباب لا تخطئها عين لمأساة الصحافة المصرية ألخصها في نقاط محددة وبإختصار مع أن كل منها يصلح مقال وحده !!


١- في السنوات الأخيرة إكتسح الإنترنت والفيس بوك الساحة الإعلامية وهي في تطور مستمر !! وكان واضحاً أن هناك عصر جديد من الصحافة الورقية إلى الصحافة الرقمية حيث الأخبار تعرفها لحظة بلحظة ، وللأسف لم تكن الصحافة المصرية مستعدة لهذا التحول فوقعت المأساة.


٢- وفي ظروف إقتصادية صعبة وتحرير الجنيه الذي بدأ عام ٢٠١٦ إرتفع سعر الورق إرتفاعا فاحشا مما ألحق بالصحف الورقية خسائر فادحة إضطرت معه إلى تقليل عدد صفحاتها ، ورفع سعر بيع الجريدة فتراجع التوزيع أكثر وأكثر ، واستمر إرتفاع سعر الورق ، ولم يتوقف لحظة ، وجاءت حرب "روسيا وأوكرانيا" لتزيد الطين بلة ، حيث أن ورق الصحف مستورد من الخارج.


٣- وترتب على الخسائر الفادحة للصحف الورقية وقف جميع تعيينات الصحفيين الجدد ، خاصة في الصحف الحكومية ، ورأينا أجيال جديدة من الصحفيين المجتهدين يعملون بمكافآت هزلية ومستقبلهم على كف عفريت.


٤- وزملائي الصحفيين ليسوا أفضل حالاً أبدا من الصحفيين الجدد ، فالغلاء إارتفاع الأسعار جعل حياتهم صعبة جداً جداً ، وغالبيتهم يعملون في أكثر من مكان بحثاً عن لقمة العيش ، واشتدت الأزمة منذ السنة الماضية ، والصحف الحكومية  وزمان كان إسمها "صحف قومية" خاوية على عروشها الآن ، والعديد من الصحفيين يذهبون ساعات قليلة أو حتى دقائق لإثبات وجودهم ، وانتهى عصر ولاء الصحفي للصحيفة التي يعمل بها لأنه يعمل في أكثر من مكان بحثاً عن رزق شريف له ولأسرته التي يعولها.


٥- ومن أهم أسباب مأساة الصحافة المصرية إنخفاض سقف الحريات بطريقة لم تشهدها مصر من قبل ! 

فلم تستطع تطوير نفسها ولا ملاحقة عصر الصحافة الجديد ، وإختيار قيادات هذه الصحف قائم بالدرجة الأولى على الولاء قبل الكفاءة ، فهي إختيارات أمنية بالدرجة الأولى مع إحترامي الكامل لهم ، وانصرف الناس عن قراءة الصحف بعدما أصبحت طبعة واحدة ولم تعد تعبر عن الشعب وأوجاعه ومشاكله ، وممنوع نشر أي إنتقادات للأوضاع القائمة ، وعلى مواقع التواصل الإجتماعي تستطيع أن تتعرف على ما يجري أولا بأول ، وكذلك متابعة كتابك المفضلين .. فما الحاجة إلى قراءة الصحف.


٦ - وبإختصار زمان كان أفضل مليون مرة .. الصحفي العادي كان يعيش إذن في راحة ، والصحافة كان إسمها "السلطة الرابعة" ، محل إحترام من الجميع برغم المضايقات الشديدة ، وكانت وحدها في الساحة بلا منافس من فضائيات أو فيس بوك ولم تكن الصحافة الحرة ، بل كانت هناك حرية نسبية سعى جيلي إلى توسيعها بإستمرار ، وكان هناك عمالقة في مجال الصحافة تعلمنا منهم الكثير ..

ولكن ذلك لم يعد موجوداً الآن ، وألف مليون خسارة .

ولكنني لم أصاب باليأس .. مصر قادرة على التغلب على جميع مشاكلها وبلاويها بإذن الله .. 

وعندما تتغير الأوضاع في بلادي نحو الأفضل والأحسن سينعكس ذلك على الصحافة بكل تأكيد .. أليس كذلك ؟؟

الأربعاء، 15 فبراير 2023

عجائب عبد القدوس - مفاجأة مؤلمة في الأوبرا ونادرة الحدوث


يوم الأحد الماضي وقعت مفاجأة مذهلة لم يتوقعها أحد أبدا في دار الأوبرا المصرية.

وما جرى يدخل في دنيا العجائب ، فلم تحدث أبدا من قبل هناك .


والحكاية من أولها أنه كان هناك تأبين في المركز القومي للترجمة الذي يقع في دار الأوبرا للعلامة الدكتور "محمد عناني" رحمه الله وهو من أساطين الترجمة في بلادي ، وكان من كبار الأساتذة في آداب القاهرة .

وحضر للحديث عنه وعن إنجازاته العديد من زملاءه ورفاقه وأصدقائه وأساتذة الجامعات من بينهم الدكتور "عبدالرحيم الكردي" عميد كلية الآداب السابق بالإسماعيلية وهو حالياً أستاذ للنقد والأدب العربي.

وكان واضحاً عليه التفاؤل والنشاط يتحدث مع زملاءه عن أفكاره للمستقبل .

وجاء دوره في الكلام عن زميله الدكتور الراحل .. وبدأ حديثه بكلمتين ثم توقف وفجأة سقط مغشياً عليه ، وحدث هرج ومرج في القاعة، وحاول الحاضرون إفاقته وإسعافه دون جدوى ، فتم نقله إلى مستشفى المعلمين القريبة ، لكن روحه فاضت بإذن ربها.

وأصاب الجميع الذهول مما حدث ، وأنا شخصياً كنت في دهشة شديدة وتساءلت : إزاي إنسان سليم تماماً ، وغاية في النشاط والحيوية ، ويموت فجأة ودون أي مقدمات .. إنها إرادة الله ولا راد لقضاءه .


وفي يقيني أنها موتة جميلة جداً .. ينتقل إلى الحياة الأخرى دون مرض لكن هذا الرحيل المفاجئ مصيبة لأهله ، وفي النهاية أدعو لحضرتك بطول العمر ، ولكن ياريت أنا وأنت نكون مستعدين للقاء الله في أي وقت .

وما جرى للأستاذ الفاضل يؤكد ذلك ..

الثلاثاء، 14 فبراير 2023

عجائب عبد القدوس - خطأ أساسي في حب الفالنتين وحبيبي أبي يكسبه !!



"الفالنتين" قد يكون غريباً على من لا يعرفه .. 

أنه رمز الحب في بلاد الخواجات ، وأصبح عيد للحب على المستوى العالمي ، ويحتفل به يوم ١٤ فبراير من كل عام يعني زي النهاردة ، لكنني بصراحة أراني غير متحمس له ، وقد تسألني عن أسباب ذلك .. 

هل لأنه قادم من بلاد برة ؟ 

أم أن هناك موقف من الحب ؟؟ 


وأسارع إلى نفي كل هذه الإتهامات ، فأنا والحمد لله منفتح على الدنيا كلها ، ومتحمس جداً وكمان جداً لهذه العاطفة النبيلة بشرط ألا يساء إستخدامها ..


وقبل أن أشرح لك وجهة نظري أقول بإختصار أن أنجح الأعياد الدنيوية ببلادنا التي يحتفل بها كل المصريين "شم النسيم" وهو عيد قديم جداً من أيام الفراعنة ، و"عيد الأم" وهو جديد لم تعرفه مصر إلا في عام ١٩٥٥م وأصحاب فكرته عمالقة الصحافة المصرية "مصطفى أمين" وتوأمه "علي أمين" وقد نجح نجاحاً ساحقا لم يتخيله أبداً من دعوا إليه .. 

ويدخل في دنيا العجائب أن صاحب فكرة "عيد الأم" المرحوم "مصطفى أمين" دعا إلى عيد جديد أطلق عليه "عيد الحب" ، لكنه فشل ولم يتجاوب معه أحد وموعده شهر نوفمبر من كل عام.


وفي السنوات الأخيرة زحف إلى بلادنا ما يسمى بعيد الحب أو "الفالنتين" قادماً من أوروبا وأمريكا ، وهو عيد قديم عندهم ، لكن بلادي لم تعرفه إلا من سنوات قليلة فقط ، ولم يكن موجوداً من قبل !


وهذا العيد أيضاً نجاحه محدود جداً عندنا ويقتصر على طائفة من الأثرياء فقط عكس "عيد الأم" الذي يحتفل به الفقير قبل الغني ، والناس العاديين ولا يقتصر على "أبناء الذوات" ، 


وملاحظتي الأساسية على "الفالنتين" الغريب عنا أن الحب بالدرجة الأولى عندهم قوامه آدم وحواء فقط ! 

بينما تلك العاطفة النبيلة أوسع من ذلك بكثير جداً وتشمل حب الله وحب كل ما في الدنيا والناس بل وحتى الحيوانات !!

وإقتصار الحب على الغرام والهيام فقط يسئ إليه جداً لأنه شامل ولا يقتصر على جانب دون آخر.


وربنا يرحم حبيبي أبي "إحسان عبدالقدوس" مليون رحمة الذي راح ضحية الحب الحقيقي حيث كان يختم برنامجه الإذاعي بكلمة "تصبحوا على حب" بدلا من "تصبحوا على خير" !! 

وثار عليه المستمعون لأنهم ظنوا أنه يدعو إلى الغرام والهيام !!

مع أن مفهومه لتلك العاطفة النبيلة أنه حب شامل ومتكامل وليس على طريقة "الفالنتين" .. حبيبي أبي يكسبه ودفع الثمن وتم وقف برنامجه عقاباً له على إصراره على كلمة "تصبحوا على حب" !! رحمه الله.

الاثنين، 13 فبراير 2023

حكايات إحسان عبدالقدوس - حكاية رومانسية جداً


والدي رحمه الله كاتب قصة متنوع من الطراز الأول أشتهر بجرائته في تشخيص أمراض المجتمع ، لكنه أيضاً كان يكتب حكايات رومانسية جداً مثل تلك الحكاية التي أهديها لحضرتك بمناسبة الاحتفال العالمي بما يسمى بعيد الحب ..

تزوجا..
وكانا أسعد زوجين ..
وفاض حبهما ، حتى شمل كل الناس .. أحبا كل الناس ، وأحبهما كل الناس .
وكان يجلس بجانبها ويقول بصوت حالم :
عندما يرزقني الله بولد سأسميه "عمرا" على اسم أبي .. وإذا رزقني بنتا سأسميها "فاطمة" على اسم والدتك ..
وكانت تتنهد في فرحة وتقول :
إذا كان ولدا أرجو أن يكون شبهك ، وإذا كانت بنتا أرجو أن تشبه أختي ..
ومرت الأيام ..
أيام كثيرة ..
وفي كل يوم يجلس بجانبها ويقول :
لو كان ولدا سأدخله مدرستي مدرسة الإبراهيمية .. وإذا كانت بنتا سأدخلها الألمانية ، أنها خير مدرسة لتنشئة البنات .
وترد قائلة :
إذا كان ولدا سأشتري له دراجة عندما يبلغ السادسة ، وإذا كانت بنتا سأعلمها الطبخ والتدبير حتى تكون زوجة صالحة ..
ومرت الأيام ..
مرت عشر سنوات ..
وذهب إليه أصدقائه وقالوا له :
لقد مرت عشر سنوات ولم تنجب من زوجتك ، إن من حقك أن تتزوج غيرها .. لماذا لا تتزوج غيرها ، وتنعم بالأولاد ..
ورد عليهم بهدوء :
ما ذنبها ، ثم إني أحبها ..
وعادا يجلسان ساعة العصر في الشرفة ، أحدهما ملتصق بالآخر ويقول وهو يسرح بعينيه في السماء :
عندما يكبر أبني أريده أن يكون ضابطاً في الجيش ..
وتقول وعلى شفتيها إبتسامة حلوة :
عندما تكبر ابنتي سأزوجها رجلاً تحبه ..
ومرت الأيام ..
ويئس أصدقائه من إقناعه بالزواج من غيرها ..
مرت أيام كثيرة ..
وأصبح في الستين من عمره ، وأصبحت في الخمسين ، وكانا يجلسان ساعة العصر في الشرفة ، أحدهما ملتصق بالآخر ،
وكان يقول:
عندما يكبر أبني سأطلب منه أن يعيش هو وزوجته معنا .
وكانت تقول :
عندما تكبر ابنتي لن أتدخل بينها
وبين زوجها .
ومرت السنون ..
ودخل عليهما الأصدقاء يوما فإذا هما بجانب بعضهما .. أحدهما ملتصق بالآخر .. وعيونهم مغمضة إلى الأبد .. وشفاههما منفرجة إنفراجة الأمل ، وكأنه لا يزال يقول :
_ عندما يكبر أبني ...
وكأنها تقول :
_ عندما تكبر ابنتي ...

الأحد، 12 فبراير 2023

عجائب عبد القدوس - الحب على الإنترنت وهم كبير !!


بمناسبة الاحتفال العالمي بما يسمى بعيد الحب أتذكر جيداً دراسة قرأتها مؤخراً تحذر بشدة من حب البنات على الإنترنت ، وأكد ذلك البحث الصادر من إحدى الجمعيات النسائية أن ٩٥ ٪ على الأقل من قصص الحب بين الجنسين على الإنترنت لم تشهد أي تطور إيجابي ، بل كان معظمها على سبيل التسلية ، فضلاً عن أن العديد منها كانت عبارة عن مقالب كبيرة ، وأورد التقرير أمثلة لذلك .. 

فهذه هي فتاة تقول :

كان يحبني وأنا وصديقتي في وقت واحد !!

ويقول شاب : 

ارتبطت ١٤ مرة بناء على طلب البنات !! 

يعني ذلك كلام فارغ ولعب عيال يدخل في دنيا العجائب ، 

وخلاصة الدراسة تحذير لبنات حواء .. أحترسي جداً عندما تتواصلين مع شاب على المواقع الإجتماعية .. 

خليك صاحية وحذرة وبلاش أوهام !


الجمعة، 10 فبراير 2023

حكايات حقيقية أغرب من الخيال - قلب الأم


كان فتوة منطقة "الموسكي" يفرض الإتاوات على التجار وأصحاب المحلات ، قامت النيابة بحبسه أكثر من مرة ولكنه لم يرتدع بل وصل في إجرامه إلى حد التعدي على أمه بالضرب .

وفي يوم أبلغت الأم الشرطة ضده ، لم تعد تحتمل سوء خلق أبنها ، كان قد إعتدى عليها ليأخذ نقودها وقبلها مباشرة كان قد تشاجر في مقهى بعد أن طالبه صاحبها بثمن المشروبات فكانت النتيجة أن حطم المقهى واعتدى على أحد العمال ومزق ثلاثة أصابع من يده بمطواة كانت معه .

وأمام "محمد الشناوي" وكيل نيابة "الموسكي" في ذلك الوقت وقف الشاب الفتوة يعترف بجرائمه في إستهتار ولم ينكر واقعة ضرب أمه بل تعجب من أنها قدمت بلاغاً ضده وهددها بالانتقام ، وقرر وكيل النيابة حبسه حبسا مطلقاً فهو خطر على الأمن والمجتمع بل وعلى أقرب الناس إليه أمه .

وتمر سنوات على هذه الواقعة يتنقل فيها "محمد الشناوي" إلى أكثر من مكان للعمل بالنيابة ثم يعود من جديد إلى "الموسكي" مديراً للنيابة فيها .

وفي أحد الأيام دخلت عليه سيدة واضح عليها التعب والشقاء من كثرة ما تحمله من هموم ومعها شاب كفيف صحته متدهورة وكانت المفاجأة أنها الأم وهذا أبنها وتبين لرئيس النيابة أن الإبن بعد خروجه من السجن ظل مستمراً في إجرامه وسار في طريق المخدرات حتى تحطمت صحته وأصيب بمرض في عينيه أفقده بصره ، وقالت الأم لمدير النيابة أنها سامحت أبنها رغم كل ما رأته منه ولم تكتف بذلك بل إنها تخدمه عن طيب خاطر وتنفق أموالها برضائها عليه بعد أن كان يأخذها منها بالإكراه أيام سطوته .

الخميس، 9 فبراير 2023

ناس مظلومة - هل يرضيك قطع علاقة المسجون بأسرته ؟؟


عندي خبرة واسعة بكل ما يتعلق بحقوق الإنسان في بلادي ، وخبرتي تمتد لسنوات طوال وتبدأ تحديدا من عام ١٩٨٧ م ، عندما أصبحت مسئولا عن لجنة الحريات بنقابة الصحفيين.

وعملي هناك أمتد لما يزيد عن ربع قرن ، وهي أطول مدة على الإطلاق يقضيها عضو داخل مجلس نقابة الصحفيين منذ نشأتها عام ١٩٤١ م 

وقبل إنتهاء عضويتي بمجلس النقابة تم تعيني في المجلس القومي لحقوق الإنسان التي تم تأسيسها في عهد الرئيس الراحل "حسني مبارك" ، وهو مجلس يرفع تقاريره وملاحظاته عن حقوق الإنسان إلى الحكومة ويضم نشطاء في هذا المجال بالإضافة إلى عدد بارز من المحامين وأساتذة القانون وكليات الحقوق.

وتشرفت بالعمل معهم ثمانية سنوات.

وكان المجلس يرفع بانتظام سنوياً تقريراً كاملاً عن حقوق الإنسان وملاحظاته عليها ويقدمها إلى رئيس الجمهورية.

وبالطبع كان لنا العديد والعديد من الملاحظات حول حقوق الإنسان في بلادي ، وهي تشمل بالإضافة إلى الحقوق السياسية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية .. يعني كل ما يتعلق بالإنسان المصري وحقوقه في هذا المجال.

ولفت نظري بالذات قطع علاقة المسجون السياسي بأسرته ، وإذا سألتني : يعني إيه ؟؟ 

كانت الإجابة : أنه ممنوع عنه الزيارة تماماً أو حتى إرسال خطابات لهم ، وهذا وضع ممتد لسنوات ، وصدق أو لا تصدق يشمل آلاف من سجناء الرأي .. ولا يقتصر على بضع أفراد .

ولا تفهم له سبب ، بل يدخل في دنيا العجائب ويثير الدهشة .. فالزيارة عندما تتم للسجناء الذين تعتبرهم الدولة خطر عليها سواء أكانوا سياسيين أو جنائيين ، تجرى في غرفة مأمور السجن وبحضور عدد من الضباط في لقاء هذا السجون بأسرته ، أما السجناء العاديين فهي تتم في حوش السجن ويفصل سلك بين السجين وأسرته !!

أما في كتابة الخطابات فلا يمكن إرسالها إلى أهل السجين قبل فحص خطابه وتبين ما كتبه من قبل إدارة السجن !

وهذه القواعد في الزيارات وكتابة الخطابات جعلت الأمور تسير بطريقة طبيعية عند السجين الجنائي ، فلا يوجد واحد منهم ممنوع من التواصل مع أسرته !!

أما زميله السياسي ، فالوضع يختلف .. 

هناك قائمة طويلة جداً من السجناء الممنوعين من التواصل مع أقرب الناس إليهم ، وصدق أو لا تصدق بعضهم لم ير أسرته منذ سنوات ولا يعرف عنها أي شيء !

والغريب أن من بين هؤلاء عدد من الصحفيين أعضاء النقابة لا صلة لهم بالعنف نهائيا ، ومجلس النقابة مؤخراً قرر صرف إعانة مالية لبعضهم .. ولا يفهم سبب المنع .. 

وأسألك في النهاية : هل يرضيك قطع علاقة المسجون السياسي بأسرته .. 

أترك الإجابة لك مع أنني أعرفها مقدماً.

الأربعاء، 8 فبراير 2023

عجائب عبد القدوس - خبر غريب جداً



هاجمها السرطان ولم تبلغ من العمر بعد سوى ثلاثين عاما ،
وكانت أمنيتها أن تموت وهي في غاية الجمال ، وبالفعل عملت على تحقيق حلمها وأوصت أهلها أن تدفن في تابوت جميل بقبرها ، وأرتدت فستان أبيض يشبه فساتين الفرح ، وماتت وعلى رأسها أكليل من الزهور.
هذا الخبر قادم من "الفلبين" وقد أثار دهشتي ودهشتك كذلك ،
وقلت هذه الدنيا الفانية مليئة بالعجائب ..
وأسألك : هل صادفك من قبل مثل هذا الخبر الفريد من نوعه ؟؟

الثلاثاء، 7 فبراير 2023

بالي مشغول - عقبة خطيرة في طريق تقدم بلادي !



العقبات التي تقف في طريق تقدمنا عديدة ومتنوعة في مجالات شتى، والتقدم الذي أقصده يتمثل في أمور واضحة زي الشمس ..


ألخصها في أن يشعر الناس بأن حياتهم تسير نحو الأفضل والأحسن في إستقرار الأسعار والحد من الغلاء، وتحسن واضح في التعليم والصحة وخدمة الغلابة في المستشفيات وغير ذلك من الخدمات الأساسية التي تحمس الجمهور، بالإضافة طبعاً إلى حرية الرأي والصحافة وإستقلال القضاء، وكل المواصفات الأخرى التي تجعل بلادي أعلى عليين في صفوف الدول المتقدمة والمحترمة.


والتقدم العلمي والمادي له أساليبه ولا يتم عشوائياً، وهنا أقدم لحضرتك مفاجأة تتمثل في عقبة خطيرة تقف في طريق التقدم، ولم يلتفت إليها أحد أو تنال الإهتمام اللازم إسمها مشاكل الحاسب الآلي .. وأهميته أنه داخل في كل مجالات حياتنا الأساسية والدولة التي لا تعتمد عليه تبقى بلد متخلف بلا جدال، تراه في التخصصات المهنية المختلفة مثل الطب والهندسة وكذلك في الذكاء الإصطناعي ومع البيانات المتنوعة في شتى المجالات والبرمجيات، وبإختصار إذا أردت مصر "دولة رقمية" يعني كل شيء فيها يجري بالأرقام ومفيش ورق عليك الإعتماد على الحاسب الآلي وتكنولوجيا المعلومات.


وهذا القطاع الهام جداً لبلادنا يواجه مشاكل عدة، ولذلك أتصلت بالدكتور "محمد فهمي طلبة" وهو من أبرز العاملين في هذا المجال ويكفي أن تعلم أنه أول من قام بتأسيس كلية للحاسبات في بلادي بجامعة "عين شمس" عام ١٩٩٥، وأجابني أن المشاكل تنقسم إلى شقين، الشق الأول للمشكلة يتمثل في توعية وثقافة وتأهيل الكوادر العاملة، بحيث تكون على أعلى مستوى وإطلاع على التكنولوجيا العالمية، وكذلك إتاحة فرص العمل الملائمة للخريجين، وكذلك المرتبات التي يتقاضونها.


والشق الثاني يتمثل في نقص أجهزة تكنولوجيا المعلومات المناسبة في العمل والتعليم والتدريب نتيجة للظروف الإقتصادية الحالية مما ضاعف من أسعار مكوناتها وآثار ذلك على مستقبل كل الكيانات العاملة في هذا المجال. 


وهناك حل ضروري ومطلوب والذي يتمثل في التجميع والتصنيع لأجهزة تكنولوجيا المعلومات المتنوعة في مصر. ونحن قادرون على ذلك لو صحت العزيمة.


ويتساءل الدكتور "محمد فهمي طلبة": وفي ظل الظروف الحالية هل تستطيع تكنولوجيا المعلومات رفع إمكانات وقدرات المهن المختلفة كي تواكب وتنافس الدول المتقدمة، وإلى أي مدى تستطيع تكنولوجيا المعلومات تحقيق هدف الدولة وهو "رقمنة بيانات مختلف الأنشطة".. 


واضح أن أمامنا شوط طويل علينا أن نسير فيه لكنه طريق لابد منه، والمطلوب أولا أن نعطي لهذا القطاع الإهتمام اللازم الذي يليق بدولة تسعى للتقدم.

الأحد، 5 فبراير 2023

عجائب عبد القدوس - خدعوك فقالوا الدين علاقة شخصية بين الإنسان وربنا



أظن أن عنوان مقالي قد يكون مفاجأة لحضرتك ويثير حفيظة الكثيرين !!


فهناك مقولات مستقرة في الوجدان المصري ، وأراها خاطئة من وجهة نظري ، ودعني أشرح ما أقصده لعلك توافق على رأيي .


فمثلاً هناك تعبير شائع : "اللي يعوزه البيت يحرم على الجامع" !!

وكأن هناك تناقض بينهما وهذا غير صحيح ، فتعاليم الإسلام ذاتها تعطي الأولوية للبيت وأهله أولا قبل الجامع ! وليس هناك حرمة ولا يحزنون !!

فتلك المقولة أراها تدخل في دنيا العجائب.


والمقولة الثانية التي أغتاظ منها : "الدين علاقة شخصية بين الإنسان وربه" ! 

وهذا الكلام مقبول تماماً إذا كان الغرض منه أنه لا يوجد أحد أو سلطة تملك تفتيش قلبي والحكم على علاقتي مع خالق السموات والأرض ، وبناء عليه أدخل الجنة أو النار !!

ربنا وحده هو الذي يحاسبني ! وهذا الكلام صحيح تماماً ، ومن جهة أخرى فلابد أن تنعكس العلاقة مع ربنا على سلوك في الأرض ، فهي ليست في هذه الحالة علاقة شخصية بل يجب أن تكون آثارها واضحة في التعامل مع البشر وعلاقة حلوة بالناس كلهم ، لتكون دليلاً على صدق حب ربنا.


والقرآن الكريم يؤكد على هذا المعنى بالذات ، ولاحظت أن الإيمان بالله لم يرد أبدا وحده ودوماً مرتبط في مئات الآيات بالعمل الصالح .. "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات" ، فهذا دليل على صدق الإيمان ! 

وفي عصور الخيبة والضعف والتراجع فهم أهل الإسلام العمل الصالح على أنه كل ما يتعلق بالدين فقط مثل الإكثار من العبادات والصلاة والزكاة والصوم ، ولاصلة له بشئون الدنيا وهذا ما ألقى بنا إلى التهلكة ، وجعلنا في مؤخرة الأمم .. فالعمل الصالح يشمل حياتك كلها ولو بكلمة طيبة لغيرك !!


وهناك من أهل التشدد من يفتخر بعلاقته بربنا ، إنها علاقة شخصية قوية جداً ، ولكنه يستحق صفر على الشمال من وجهة نظر التدين الجميل ، لأن علاقته مع غيره من غير المتدينين قائمة على القسوة والتربص بهم ! ويا ويل أهل بيته منه ، فهو يعاملهم وكأنهم في معسكر !! هو الجنرال بينما أفراد أسرته زوجته وأولاده مجرد أنفار وجنود عليهم السمع والطاعة !


وإذا سألتني حضرتك سؤال مفاجئ وما رأيك في واحد ملوش دين خالص أو ملحد ؟؟ 

إجابتي تتمثل في أنه لا يجوز تكفيره .. ربنا وحده الذي يملك محاسبته ! 

وهو حر في الدنيا بنص القرآن الذي يقول : "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" ! 

لكن في نفس الوقت لا يجوز له نشر أفكاره في المجتمع لأن نشر الإلحاد أمر يهدم المجتمع كله وهو مرفوض من جميع طوائف المجتمع والناس العاديين .. وصاحبنا هذا الملحد تحكم عليه كما تفعل مع كل الناس ، أقصد سلوكه وتعاملاته وأخلاقه مع الغير ، ولا يجوز لنا أن نتدخل في حياته الشخصية أو إيمانه من عدمه .. أليس كذلك ؟؟

الأربعاء، 1 فبراير 2023

وجه من مصر - الأب بطرس دانيال .. رجل دين مهتم بالسينما !



الأب "بطرس دانيال" وجه مصري بارز !

والسبب أنه رجل دين غير تقليدي ، فله إهتمام خاص بالفن وهو مدير المركز الكاثوليكي المصري للسينما والكورال ، حاصل على ماجستير في الإعلام بدرجة امتياز من جامعة إيطالية سنة ١٩٩٨ ، وكانت رسالته عن الموسيقى القبطية.

وهو حالياً المشرف على مهرجان السينما الذي يعقد سنوياً بالكنيسة لاختيار أفضل الأفلام "النظيفة".

وكان من الطبيعي أن يكون بداية حواري معه علاقة كنيسته بالسينما .. 

قلت له : علماء الإسلام ورجل الدين عامة تجد موقفهم متحفظ تجاه الفن عامة والسينما خاصة !

لكن وضعكم مختلف .. فما السبب في ذلك ؟

أجاب قائلا : البابا "بيوس الحادي عشر" بابا روما أكتشف مبكراً جداً أهمية الإكتشاف الجديد واسمه "السينما" وجعلها في خدمة تعاليم السماء وتدعيم أخلاقيات المجتمع ، فأصدر رسالة خاصة عام ١٩٣٦ تشجع المراكز الكاثوليكية في أنحاء العالم تربط كنيستنا بمختلف أنواع الفنون .. ونشأ المركز الكاثوليكي للسينما في مصر عام ١٩٤٩ ، وبدأ في تنظيم مهرجانه الأول لاختيار أفضل الأفلام المصرية عام ١٩٥٢ ، حيث فازت الفنانة "فاتن حمامة" بأول جائزة قدمها المهرجان عن فيلم "ليلة زفاف" ، وهذه الفنانة بالذات تكرر فوزها أكثر من مرة في المسابقة السنوية التي يشرف عليها المركز الكاثوليكي.


راهب وفنان

سألته عن علاقته بالفن .. 

فأجاب : من زمان .. ظللت عشر سنوات أعمل نائباً لأبونا "يوسف مظلوم" منذ بداية القرن الحادي والعشرين وحتى ٢٠١٠ ، وكان يرأس مهرجان السينما ، ثم توليت الرئاسة من بعده .. 

وأنا طول عمري أهوى الفن منذ أن دخلت الدير عام ١٩٧٨ وكان سني أحد عشر عاماً حتى الرهبنة الكاملة عام ١٩٩٥ ، وأنا عازف ماهر في "البيانو" منذ صغري ، ولم يمنعني كوني رجل دين التعلق بهوايتي الموسيقية ، وحالياً فأنا مشرف كذلك على كورال الكنيسة ويضم أصوات جميلة جداً.


ممنوع العنف و"البوس"

وعن المعايير التي يتم من خلالها إختيار الأفلام الفائزة سنوياً قال الأب "بطرس دانيال" يشاركنا في هذا الإختيار كبار النقاد وأهل السينما في مصر ، حيث نشاهد الأفلام التي عرضت خلال العام ونقوم "بتصفيتها" واختيار أفضل الأعمال من وجهة نظرنا ، وهي تلك التي تدخل التصفية النهائية ،

والأفلام الفائزة يجب أن يكون قوامها المعايير الأخلاقية والإنسانية بالإضافة إلى كون الفيلم متميزاً من النواحي الفنية ، ولذلك تخرج من التصفية أفلام العنف والجنس و"البوس" ، وتلك التي تسخر من رجال الدين ، أو تتطاول على السياسيين ورموز المجتمع ، أو تلك التي تمجد الأشرار والنماذج السيئة في مجتمعنا .. 

وهناك جوائز أخرى لأفضل ممثل وممثلة ومخرج وأفضل تصوير وسيناريو وكل ما يتعلق بفنون السينما الأخرى .. 

أنه مهرجان سينمائي حقيقي مصري لا مكان فيه لغير أبناء بلدنا تحتضنه الكنيسة الكاثوليكية المصرية .. 

فشكراً لها.