ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

السبت، 30 مارس 2024

حكايات إحسان عبد القدوس - رحمة ربنا ومفاجأة نار جهنم!!


والدي "إحسان عبدالقدوس" أو "سانو" رحمه الله سأل إمام عصره الشيخ "محمد الغزالي" ربنا يرحمه ووالد زوجتي سؤالاً أعتقد أنه يهمك خاصة وأن إجابته غير تقليدية !

قال: من صفات الله العظيمة الرحمة ، وفي مستهل كل صلاة نردد جملة "الرحمن الرحيم" .. يعني واسع الرحمة ، وفي القرآن الكريم: "كتب ربكم على نفسه الرحمة" ..
وسؤالي مادامت رحمته واسعة إلى هذا الحد فلماذا خلق جهنم ووعد المشركين بأن يكونوا خالدين فيها ؟؟

كانت إجابة الشيخ "الغزالي": في الدنيا لابد أن يكون مكافأة للمحسنين وعقوبة للمقصرين ولا يعقل أبدا أن يستوي الفريقين .. وهذا أيضاً موجود في الآخرة والله كما وصف نفسه بالرحمة وصف نفسه بالعدالة أيضاً .. ولا يعقل أن يترك الظالم والمسيئ عند الله دون عقاب على ما أقترفوه من آثام عندما كانوا في الدنيا ، وصدق الله العظيم: "أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ"!!
كلام رباني صحيح تماماً لأن معاملة الجميع على قدم المساواة عند الحساب أمر غير منطقي ، بل وفيه ظلم ويتنافى مع العدالة الإلهية.

كان تعليق والدي : هذا كلام جيد ولكن تصوري لرحمة ربنا الواسعة تجعلني أستبعد الخلود في جهنم إلى الأبد على أعمال خاطئة تمت في زمن محدود وهي حياتنا في الدنيا !!
كانت إجابة شيخنا الجليل مفاجأة تامة لوالدي : الخلود في جهنم قد يعني الزمن الطويل مثل الأشغال الشاقة المؤبدة في الدنيا !!
يعني مدة معينة ، حتى ولو كانت طويلة يطلق سراحه بعدها بل وقد يخرج قبل إنقضاء المدة .. فالعدالة الإلهية وحدها هي التي تقرر مدة عقوبة المجرم في جهنم ، بل وأن هناك من العلماء من قالوا إن جهنم هذه ستفنى يوماً بمن فيها !

ومن هؤلاء شيوخ كبار مثل "إبن القيم" والشيخ "رشيد رضا" ، ويمكن الإطلاع على الموضوع كله في تفسير "المنار" ، وهو من التفاسير المشهورة للقرآن الكريم.

تساءل الكاتب الكبير والدي تعليقاً على هذا الكلام قائلاً في دهشة: أيوجد رأي إسلامي بأن نار جهنم ستخمد بأمر إلهي ؟؟
أجاب الشيخ "الغزالي" مؤكداً: نعم وأقرأ ما كتبه شيخ الأزهر السابق العالم الجليل "محمود شلتوت" في كتابه العقيدة والشريعة.

قال والدي في ختام اللقاء: أنا أول مرة أسمع هذا الرأي ..
الثقافة الإسلامية واسعة جداً ورحبة وتشبع العقول ، لكن المشكلة أن كثيراً من الآراء المطروحة فيها على يد علماء ثقات لا يعرفها الجمهور !!

الجمعة، 29 مارس 2024

حكايات إحسان عبد القدوس - حكاية زواج وسؤال مؤجل يهمك!



عندما تزوجت من شريكة عمري قبل ما يقرب من نصف قرن قامت ضجة كبرى وأصبحت حديث المجتمع وتوقع الكثيرون فشل هذا الزواج سريعاً !!
والسبب أن من أختارها قلبي ابنة عالم جليل هو الشيخ "محمد الغزالي" رحمه الله بينما أنا وأفتخر دوماً نجل "إحسان عبدالقدوس" ربنا يرحمه أو "سانو" كما كان يعرف في أسرته والمقربين منه ..
وتساءل الجميع كيف يستقيم هذا الزواج ؟
إزاي يجتمع دنيا "إحسان عبدالقدوس" مع عالم الشيخ "الغزالي" ؟؟
إنه مثل إجتماع الشمس مع القمر !!
أو الشرق مع الغرب !!
وزاد الطين بلة أن هناك كتابات قديمة لشيخنا الجليل يهاجم فيها حبيبي ويتهمه بأنه يحرض البنات على الفساد بالقصص التي ينشرها !!
وزادت الأمور غرابة أنني تزوجت في منزل والدي وأقيم معه ولن أتركه أبدا بطلب منه ، وطلب مني وإلحاح من ست الحبايب أمي الغالية ..
يعني إذن لن أنفصل بعد زواجي عن عالم "إحسان عبدالقدوس" وأعيش مستقلا بل أنا جزء من عالمه داخل بيتنا ..
وساعد على نجاح هذا الزواج والحمد لله أن الكبير كبير طول عمره !! حبيبي "سانو" شجعني عليه بعدما علم برغبتي في الزواج من أبنة عالمنا الجليل ولم يمانع أبدا ، ومن جهة أخرى وافق شيخنا الجليل على زواجنا ، فأنا تلميذه من زمان ويعرفني جيدا .. ولم يلتفت إلى الأقوال التي تحذره من ذلك خاصة وأن أبنته -زوجتي- ستعيش معي في منزل "إحسان عبدالقدوس" ويمكن أن يكون لهذا الأمر تأثير بالغ في تغيير شخصيتها !!
والحمد لله أنتصر زواجنا على كل هذه المخاوف والأهم من ذلك أن هناك تقارب كبير كان موجوداً وشهد عليه الجميع بين الرجلين العظيمين ..
فالشيخ الجليل عنده قدرة فائقة على استيعاب غيره .. وأبي حبيبي "سانو" نشأته الأولى كانت في بيئة جده المتدينة بالعباسية ..
فالإيمان عنده قوي لكن عنده أسئلة كثيرة جداً جداً حول التعاليم الدينية وتفسير القرآن والسنة النبوية ، وما يحدث للإنسان بعد الموت وحياته الجديدة عند ربنا والجنة والنار الخ ....
وكان شيخنا يستقبلها بمنتهى الهدوء ويجيب عليها مع أن أي عالم آخر يمكن أن يغضب منها ويشكك في مدى إيمان صاحبها !!
لكن الجلسات التي جمعت "سانو والغزالي" مختلفة ، وهي بين صديقين ، ولا غرابة أن يقول كل منهما ما في قلبه دون حرج ..
وكان حبيبي أبي يسعد حقا بلقاء الشيخ "الغزالي" ، وهي لقاءات متعددة ..
وهذا المقال الذي بين يديك رأيته مقدمة ضرورية لعرض سؤال من الأسئلة التي طرحها الكاتب الكبير وأجاب عليها الشيخ الجليل ، وهو يتعلق برحمة ربنا وليه جهنم وعقاب ربنا للعصاة في الآخرة ..
وللأسف طالت تلك المقدمة مني فانتظرني غداً بإذن الله للإجابة على هذا السؤال والحوار الجميل الذي دار حوله وتسجد فيه مفاجأة.

x

الأربعاء، 27 مارس 2024

عجائب عبد القدوس -مفاجأة عاشق أم قيس !!



أولى هذه المفاجآت أن هذا العاشق من صحابة نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام ..

يعني بالتأكيد إنسان مختلف عني وعنك !!

وهو مثل كل صحابة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هاجر من مكة إلى المدينة لإقامة دولة الإسلام هناك !!

لكن سبب هجرته كان مختلفاً عن غيره ويشكل مفاجأة ضخمة ، وهو وراء الحديث النبوي الشهير: "إنما الأعمال بالنيات ولكل أمرؤ ما نوى".


وقد حاولت البحث عن أسمه دون جدوى ، فلم يعرف عنه سوى أنه عاشق أم قيس !! ويبدو أن المؤرخين أرادوا ستره فلا يتم فضحه واكتفوا بذكر من دق قلبه لها واسمها أم قيس ! 

وهي أرملة تقيم بالمدينة المنورة واسم ولدها "قيس" !! 


ونبي الإسلام عنده فطنة عجيبة في معرفة أحوال أتباعه ، فهو المتميز في قيادته ، ليس بينه وبين جنوده حواجز ، بل العلاقة بينه وبينهم وثيقة جداً مثل علاقة الأب بأبناءه ، وليس علاقة القائد بجنوده !!

وهو أقرب إليهم حتى من عشيرتهم وأهلهم !!

ولذلك عندما رأى عاشق أم قيس مهاجراً إرتاب في سبب هجرته فاستدعاه وسأله عن سبب ذهابه إلى المدينة ..

والرجل الصحابي العاشق يحب سيدنا محمد جداً جداً ، فلم يستطع أن يكذب عليه ، فقال له ما خلاصته أنه يريد أن يكون بجانبه وهو يؤسس دولته بالمدينة ، لكن في ذات الوقت فهو ذاهب إلى هناك ويأمل أن يتزوج من تلك المرأة التي خطفت قلبه !!

وبعدها مباشرة جاء الحديث النبوي الشريف العظيم: "إنما الأعمال بالنيات ولكل أمرؤ ما نوى .. 

فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله .. 

ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه".


وهذا الحديث تجده دوماً في مقدمة كتب الأحاديث النبوية نظراً لخطورته ، فهو أساس التعامل في الدنيا .. أنت نيتك إيه ؟!


وبالأمس ذكرت لحضرتك ثلاثة من عظماء الأمة كانوا أول من تعرضوا للعقاب الإلهي بعد موتهم لأن نيتهم ومكانها القلب ولا يعلمها إلا الله مختلفة عما كانوا يبدو منهم أمام الناس ..

واحد شهيد ، والآخر عالم ، والثالث رجل خير ..

والثلاثة "ناس كدابين" مع أن مظهرهم أمام الناس التي إنخدعت بهم غير مخبرهم وحقيقتهم ..


والصحابي العاشق كان مهاجراً هو الآخر كما بدا أمام الصحابة ، لكن نيته الحقيقية وسبب هجرته كانت أمرا آخر مختلف ، وتتمثل في الزواج من حبيبة قلبه تلك الأرملة المقيمة بالمدينة ..

لكن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بفطنته كشف أمره .. والرجل لأنه يحبه جداً لم يستطع أن يكذب عليه بل أخبره بمكنونات قلبه ورغبته في الزواج ..


والارتباط الشرعي أمر لا غبار عليه ، لكنه في هذه الحالة أختلط بأمر آخر وهو الهجرة ونصرة الدين فكان العتاب بحديث حلو جداً .. 


أنت نيتك إيه ؟؟

الثلاثاء، 26 مارس 2024

عجائب عبد القدوس - عقاب إلهي لثلاثة من نجوم المجتمع


من الأحاديث النبوية التي لفتت نظري ذلك الحديث الذي يخبرنا فيه نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام بأن هناك ثلاثة من نجوم المجتمع في الدنيا هم أول من سيتعرضون للعقاب الإلهي !!

"واحد شهيد" وآخر إنسان يقدم الخير للناس والثالث عالم جليل !!
ولا شك أن هذا الكلام أثار دهشتك ورأيته يدخل في دنيا العجائب وتساءلت طيب ليه !!!
وستعرف حالا لماذا هؤلاء سيتعرضون للعقاب الإلهي عندما يرحلون إلى ربنا قادمين من الدنيا الفانية.
وأشرح لحضرتك بإختصار وبطريقة صحفية مبسطة ما جاء في هذا الحديث الذي يبدأ "بالشهيد" ويسأله ربه عما فعله فيقول قاتلت "فيك"(ويقصد في سبيل الله)حتى أستشهدت .. فتقول له المحكمة الإلهية كذبت ! بل قاتلت حتى يقال عنك أنك مقدام(شجاع وبطل وقد قيل)
وبالفعل أعتبره مجتمعه كذلك .. ورفعوه إلى مصاف الأبطال وقاموا بتخليد ذكراه !!
والنجم الثاني عالم جليل في الدنيا .. فتسأله المحكمة الإلهية عما كان يفعله فكانت إجابته .. تعلمت العلم وعلمته .. فيكون الرد .. كذبت !!
لقد فعلت ذلك حتى يقال عنك أنك عالم وقد قيل !!
وأصبح له مكانة كبيرة في المجتمع واحترام وتقدير بفضل علمه ! لكنه لم يكن مخلصاً لله فاستحق العقاب !!
والثالث رجل غني مقتدر أشتهر في الدنيا بالإنفاق في أوجه الخير ، وتسأله المحكمة الإلهية عما فعله فيقول بالحرف الواحد ما تركت سبيل تحب أن ينفق إلا وأنفقت "لك" ! فيكون الرد الإلهي .. كذبت .. لقد فعلت ذلك من أجل أن يقال عنك أنك رجل "جواد" .. يعني ينفق أمواله في الخير .. وقد قيل !!
وأستخلص من هذا الحديث النبوي أن سبب عقابهم أنهم لم يكونوا صادقين مع الله .. يعني باللغة العامية "ناس كدابين" !!
ظاهرهم غير باطنهم !!
فالعالم الجليل مثلاً يمكن أن ينطبق عليه المثل الشعبي الشهير "باب النجار مخلع" وقد حاز على شهرة واسعة لأنه يفتي بما يرضي الناس ، وليس بفتاوى الدين الصحيحة .. وبالتأكيد لم يقل كلمة حق في وجه سلطان جائر !!
والرجل المليونير هذا إكتشفت المحكمة الإلهية أنه يفعل الخير ليغطي على فساده .. حتى يقول الناس عنه أنه رجل خير .. مع أنه في الحقيقة الأمر فاسد مفسد .
والشهيد الذي قتل رأت المحكمة الإلهية أنه لا يستحق شرف نيل الشهادة وحياته كانت أبعد ما تكون عن ذلك !! مع أن المجتمع أعتبره من الأبطال لأنه قتل في المعركة.
ولذلك اهم درس يستخلص من هذا كله "نية الإنسان" .. وأكرر على تلك الكلمة مليون مرة.
وجاء في الحديث النبوي المشهور: "إنما الأعمال بالنيات ، ولكل امرئ ما نوى ..." ورآه الفقهاء أنه من أهم الأحاديث النبوية.. والمناسبة التي قيل فيها عجيبة جداً ، وإن شاء الله سأقدمها لك في المقال القادم .. فأنتظرني .

السبت، 23 مارس 2024

عجائب عبد القدوس - الضابط الملاك الذي قادني إلى سيناء!!



بمناسبة حديثي عن حرب العاشر من رمضان  هناك واقعة استثنائية ولا أنساها أبدا حدثت بعد انتهاء الحرب مباشرة.. لأنني كنت من أوائل المدنيين الذين التقوا بأبطالنا في أرض سيناء التي نجحوا في تحريرها..

ألتقيت بهم داخل حصونهم وذلك بفضل ضابط لا أعرفه ولا حتى أعرف رتبته ، لكنني رأيته مثل "الملاك" قادماً من السماء ليأخذني بيدي إلى سيناء.


وأبدأ الحكاية من أولها كنت وقتها طالبا في السنوات النهائية بالجامعة. وفور قيام الحرب سارعت إلى التطوع فيما يسمى بالدفاع الشعبي وقيدت أسمي هناك في مبنى يتبع للأتحاد الإشتراكي مكان "حزب التجمع" الحالي بالقرب من ميدان طلعت حرب.

وبعد أيام جاءت التعليمات بسفر هذه الدفعة من المتطوعين إلى الإسماعيلية.

وبالفعل سافرنا إلى هناك بعد قرار وقف إطلاق النار مباشرة.. وكان معي عدد من عمال مطبعة "روزاليوسف" الذين كانوا نعم الرفاق في الرحلة.. وعملوا على راحتي طيلة مدة الإقامة في الإسماعيلية التي زادت عن شهر.

وكان قائدنا في الدفاع الشعبي النقيب "علي زايد" وهو ما زال حي يرزق حتى اليوم وقد تواصلت معه قبل أيام.

وعند وصولنا تم توزيعنا وكنا بالمئات من المتطوعين المحبين لمصر على بيوت الإسماعيلية ومعظمها مدمر بفعل الحرب وسكانها هاجروا المدينة إلى أماكن أخرى.

وكانت مهمتنا تحديداً تبدأ عند قدوم الليل.. حيث يقوم الدفاع الشعبي الذي أنتمي إليه ويتبع القوات المسلحة مباشرة بإغلاق شوارع الإسماعيلية تماماً ، فلا يسمح بالمرور لأي شخص إلا بعد أن يقول "كلمة السر"..

وهي تتغير على الدوام وكنا نعرفها قبل تواجدنا في الخدمة ليلاً.. وكان هناك إلحاح من القيادة بضرورة التأكد من كل إنسان نستوقفه لا فارق بين مدني وعسكري إلا بعد أن يقول كلمة السر حيث كان هناك خشية من أن يرتدي أعداءنا من الصهاينة لباس الجنود المصريين ويتسللوا إلى المدينة للقيام بأعمال تخريبية.


وبعد إنتهاء الوردية نعود إلى أماكننا للنوم حتى الظهر وبعدها فترة راحة حيث كنا ننطلق إلى مقاهي المدينة.. ومعظم روادها من الجنود والضباط الأبطال القادمين من سيناء في أجازة قصيرة.. وكنا نأخذهم بالأحضان ونستمع إلى قصصهم المشوقة حول الحرب والعبور وحكايات عن بطولات جيشنا الذي قهر الجيش الذي لا يقهر!!


وفي يوم كنت جالساً مع مجموعة من أبطالنا.. في جلسة تعارف وكل واحد من المتطوعين يقدم نفسه.. وبعدما قدمت نفسي..

 سألني أحدهم: أنت إبن "إحسان عبدالقدوس" .. أنا معجب قوي قوي بوالدك.. أنا راجع سيناء دلوقتي.. تحب تيجي معايا!!

ولم أتردد بالطبع وطرت من الفرحة!!

وغادرنا المقهى وأنا أحلم ولا أصدق نفسي ولم يخبرني عن شخصيته ولكنني كنت متأكد أنني في أيد أمينة.. وكانت هناك بالطبع العشرات من نقاط التفتيش ، وكنا نقابل في كل منها بترحيب ونمر بكل سهولة فقلت في نفسي: المؤكد أن مرافقي هذا ضابط من القادة، وكان يحدثني خلال رحلتنا عن مدى إعجابه بقصص حبيبي أبي وأن أسرته كلها تحبه.. وعبرنا في "لنش" إلى الضفة الأخرى وصعدنا إلى الدشم العسكرية الي كانت قائمة وألتقيت بأبطالنا وكل من أقابله لابد من إحتضانه شكراً له على ما قدمه.. ومصر كلها فرحانة بكم..

ولاحظت أن مرافقي محل إحترام من الجميع فتأكدت أنه شخصية بارزة بين الضباط.. وقمت بجولة سريعة في الأراضي المحررة القريبة مني.. ولاحظت بأم عيني دبابة إسرائيلية محترقة بل وجثة جندي إسرائيلي.. وبقايا اشياء كثيرة مبعثرة تتبع العدو، وأخذت كثير منها تذكار لهذه الرحلة التاريخية ظلت معي لسنوات وسنوات ، وعدت من جديد إلى الإسماعيلية برفقة هذا "الضابط الملاك" وأحزنني أنني لم أتعرف عليه ولم نتواصل بعد ذلك.. 

وبعد عودتي كانت هناك مفاجأة أخرى في إنتظاري.. جاءني إبن خالتي وكان ضابطاً في الدفاع الجوي وأخبرني أن قائده يدعوني إلى العشاء معه.. وذهبت إلى هناك وألتقيت بهذا القائد الشجاع وضباطه الأبطال من الدفاع الجوي وكان عملهم شاق جداً وهم يواجهون طائرات العدو.


إنها أيام لا أنساها أبدا برغم مرور نصف قرن عليها.

الأربعاء، 20 مارس 2024

يوم لا أنساه - أخطر اللحظات في تاريخ مصر وتليفون العاشرة مساء!


النهاردة العاشر من رمضان ذكرى يوم مجيد في تاريخ مصر حيث كان تحرير سيناء في السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣.


وفي رحلتي الصحفية مع الصحف الورقية التي أستمرت ما يقرب من نصف قرن (تحديداً ٤٧ عاماً) ألتقيت مع نجوم المجتمع أشكال وألوان في مختلف المجالات.


ومن بين هؤلاء المهندس "سيد مرعي" رحمه الله رئيس مجلس الشعب ومساعد رئيس الجمهورية ، وكان من أقرب المقربين إلى الرئيس "السادات" قائد حرب أكتوبر رحمه الله ..


سألته عن يوم لا ينساه في حياته فأجابني دون تردد الساعات الأولى لبداية تلك الحرب ، وكنت مع قائدها في قصر الطاهرة حيث كان يقيم هناك خلال أيام المعركة ..

ويشرح ما دار بينهم بالتفصيل ويقول: كانت الساعة تقترب من السابعة والنصف مساء عندما دخلت على "الريس" في الحجرة السفلى الملحقة بالصالون الكبير بقصر الطاهرة.

ورأيته غاية في الهدوء يدخن غليونه الشهير !

سألته يا سيادة الرئيس ما هي الأخبار ؟

أجاب في ثقة: "الحمد لله .. الحمد لله .. الأخبار عظيمة جداً" 

ويقول"سيد مرعي" : كنت أخشى من تكرار مأساة ١٩٦٧ عندما سمع الشعب أخبار عظيمة عن سير المعركة ثم فوجئ بهزيمة مدوية !!

لكنني هنا في حضرة القائد وإجابته مختصرة ولم أطمئن منها .. يعني إيه أخبار عظيمة ؟؟

عندي مليون سؤال وسؤال .. فإن كابوس يونيو مازال في عقلي الباطن ..

سألته من جديد: وهل عبرت قواتنا قناة السويس ؟؟

قال بنفس إجابته المختصرة: نعم !!

وبدا وكأنه أشفق على مخاوفي فأضاف قائلاً: أطمئن يا "سيد" ..كل شيء يسير حسب الخطة الموضوعة .. الحمد لله.

سألته من جديد: وهل القوات التي عبرت أفراد ام دبابات ؟؟

وسحب الرئيس نفساً من غليونه وهو يقول عبرنا بالأفراد !

وسكت خوفاً من مضايقة "السادات" بالأسئلة المتلاحقة .. وقلبي فرحا ، لكن به مخاوف أيضاً !!

ومرت ساعة أو أكثر والرئيس هادئ لا يتكلم وطيلة هذا الوقت تدخل الى الرئيس أوراق ثم تخرج بعدما يطلع عليها .. وبعد مرور هذا الوقت الطويل: عدت أسأله عن الأخبار فأجاب: تمام .. أولادنا الذين عبروا دمروا أعداد ضخمة من الدبابات الإسرائيلية بمدافع ال "آر بي جي" !! قلت وقلبي يرقص من الفرحة: يعني أولادنا عبروا بالفعل !!

رد القائد الذي يحفظ تماماً شجاعة جنوده وكفاءتهم : نعم لقد عبر أبطالنا بالآلاف وأقاموا الكباري المتحركة على قناة السويس وأستولوا على الجزء الأكبر من خط "بارليف" ..

رأيت دموع الفرح تنزل من عيني دون أن أدري بينما "السادات" هادئ تماماً ووجهه كله ثقة واطمئنان ومازال يدخن غليونه !!

وعندما رأى دموع فرحتي أبتسم دون تعليق من جانبه .. لكنني كففت دموعي بسرعة فقد طرأ علي ذهني سؤال خطير جداً سألته للرئيس على الفور: وطيران العدو يا ريس !

وقبل أن أكمل كلامي قال السادات ": أطمئن يا"سيد" أطمئن.. كل شيء معمول حسابه تماماً.

سألته من جديد: وهل بدأ عبور الدبابات هي الأخرى ؟؟

ويبدو أنه ضاق من أسئلتي فلم يرد على سؤالي بل قال: أسمع يا "سيد" .. في العاشرة مساء سيرن جرس التليفون وسيكون المتحدث المشير "أحمد إسماعيل" ليعطيني التمام !!

ويقول المرحوم "سيد مرعي" في حواره معي: ظللت أنتظر تليفون العاشرة مساء على أحر من الجمر .. الدقائق تمر بطيئة متثاقلة وكأنها الدهر ، إنه أطول إنتظار في حياتي كلها.

وأخيراً رن جرس التليفون على المنضدة الصغيرة بجوار الرئيس .. 

إنني أتذكر تلك اللحظات وكأنها بالأمس القريب مع أنه مر عليها سنوات وسنوات .. نظرت إلى سماعة التليفون ثم إلى ساعتي إنها العاشرة مساء بالضبط ثم نظرت إلى وجه الرئيس الذي يبدو أنه أشفق على حالتي فقال لي: رد على التليفون يا "سيد" .. ورفعت سماعة التليفون .. نعم إنه الفريق "أحمد إسماعيل" ، ولم أجد الشجاعة أن أسأله في وجود القائد الذي خطط للمعركة كلها.

ومن لحظتها أصبحت المكالمة بالنسبة لي من طرف واحد مما يلي:

الرئيس تمام يا "أحمد".

وبعد قليل يقول عال جداً.

وبعدها بدقائق: دي خسائر بسيطة.

وبعدها بلحظتين .. مضبوط يا "أحمد".

ثم سأل: الأبطال .. روحهم المعنوية عاملة إزاي ؟؟

وأخيراً قال : عظيم يا "أحمد" .. عظيم جداً مبروك يا "أحمد" 


وكانت كلمة مبروك في تلك اللحظات أجمل كلمة سمعتها في حياتي كلها .. أنها مختلفة عن أي "مبروك" تقال في المناسبات المختلفة وما أكثرها .. كلمة مبروك التي قالها القائد تعني التهنئة والثقة والفخر بجيشنا العظيم على هذا الإنجاز  الذي تحقق .. كلمة مبروك تعني الكرامة والثأر من العدو الصهيوني .. كلمة مبروك تعني القضاء على التمزق والمرارة الاي رافقتنا سنوات عدة وتعني أن مصر كلها دخلت مرحلة جديدة من حياتها ..  مبروك  .. 


ومن فضلك أنتظرني لتتعرف على الحوار الذي دار بين "السادات" وزوجته السيدة "جيهان" قبيل الحرب مباشرة .. وربنا يرحمهم جميعا.

الاثنين، 18 مارس 2024

حكايات حقيقية أغرب من الخيال - شهدت معجزة من عند ربنا!!

 


فضيلة الشيخ "محمد الغزالي" رحمه الله من أبرز علماء الإسلام في القرن العشرين الميلادي ..

وأتذكر جيداً وأنا أسأله عن يوم لا ينساه في حياته: فلم يتردد في القول بأنها المعجزة الإلهية التي شهدتها بنفسي ، وكنت مازلت في مقتبل حياتي أدرس بالأزهر الشريف ..

جائتني "برقية" من قريتي تطلب حضوري فوراً، فأدركت أن خطراً داهم الأسرة، وسافرت وأنا مشتت الذهن، وأسودت أفكاري عندما رأيت دكان أبي عن بعد وهو مغلق.

تحركت قدماي بلا وعي إلى البيت، ورأيت أبي يصرخ من "مغص كلوي" أصيب به، والأولاد من حوله حيارى، وقد أعطاه الطبيب بعض الأقراص المخدرة، ولكن الآلام كانت إربى وأقسى، وقالوا: لابد من جراحة تستخرج ما في الكلى من حصيات.

وفتحت الدكان، ووقفت مكان أبي أعمل، وأنا خبير بذلك .. لأني في أثناء الإجازة الصيفية أساعده، ومضت عدة أيام ونحن نتروى ونتدارس ما نصنع ... 

أجور الأطباء فوق الطاقة، ولو أمكن إعدادها فإن الجراحة يومئذ غير مأمونة العقبى، وقد مات "عم" لي في جراحة مشابهة ... ماذا نصنع ؟

وحاصرني غم ثقيل، وأخذت شخوص الأشياء تتقلص أمام عيني، وثبتت بصيرتي على شيئ واحد: الله وحسب! 

وكأنما كنت أكلم الناس وأنا حالم ... 

وجاء رجل يشتري بعض الأغذية، ولما قدمتها له قال لي بصوت ضارع: ليس معي ثمن الآن.

وأقسم بالله أنه صادق، وأنه غداً يجيئ بالثمن!

ووقر في نفسي أن الرجل محرج، فقلت له: خذ البضاعة وهي مني إليك.

وانصرف الرجل غير مصدق ما سمع!

أما أنا فذهبت إلى ركن في الدكان، وقلت: يا رب، نبيك قال لنا: "داووا مرضاكم بالصدفة" ، فأسألك أن تشفي أبي بهذه الصدقة!

وجلست على الأرض أبكي، وبعد ساعة سمعت من يناديني من البيت وكان قريباً فذهبت على عجل وقد طاش صوابي، وفوجئت بأبي يلقاني وراء الباب يقول: نزلت هذه الحصاة مني وكانت حصاة أكبر من حبة الفول لا أدري ما حدث، لقد شفيت ...!

وفي صباح اليوم التالي كنت في الكلية، أحضر الدروس مع الزملاء.

إن الذي يجيب المضطر إذا دعاه رحمني ورحم الأسرة كلها، فله الحمد!

وأسألك في النهاية : أليس ما جرى لشيخنا الجليل معجزة تدخل في دنيا العجائب ؟؟

الجمعة، 15 مارس 2024

عجائب عبد القدوس - رسالة إلى الأحباب في الآخرة!

 


كل منا له أحباب وأصدقاء مقربين رحلوا عن الدنيا وبدأوا حياة جديدة عند ربنا أظنها ستكون أفضل وأجمل بإذن الله من هذه الدنيا المتعبة !!

ولا توجد فرصة أفضل من هذه الأيام ونحن صائمون لتوجيه رسالة حب إليهم !

بالأصالة عن نفسي وعنك أيضاً ..

أقول لكل من كان جزء في حياتي أو حياتك وذهب إلى ربنا: تركت فراغاً رهيباً برحيلك .. الحياة من غيرك شكل تاني .. وأتمنى كسر كل قواعد الكتابة بحيث لا يكون في المقال كله سوى كلمة بحبك !

لكن هذا بالطبع مستحيل ولذلك أحتفظ بها داخل قلبي .. أنها كلمة من قلبي وقلبك لكل من كنت تحبهم قوي وتركوك إلى دنيا أخرى خالدة لا يوجد فيها موت.


ومن فضلك خليك معايا قوي لأنني سأنتقل معك الى نقطة ثانية خلاصتها الرد على من زعم نسيان الحبايب الذين رحلوا نعمة !! وإلا أصيب الإنسان بحالة أكتئاب وتعطلت حياته في الدنيا من شدة تعلقه بالراحلين إلى الآخرة !!

وهذا غير صحيح أبدا وهذا القول فيه خسة وعدم وفاء .. والحمد لله أفتقد هذه النعمة وأرفضها وأراها نقمة (خللي بالك قوي من شدة التشابه بين الكلمتين) ، والحمد لله مازلت متعلقاً بأحبابي الموتى ولا أنساهم أبدا ، وكل إنسان أصيل يقرأ مقالي "زيي بالضبط"! 

والحمد لله حياتنا في الدنيا لم تتوقف ، فلا يوجد تناقض بين الأمرين كما ذهب هذا الرأي السخيف بأن النسيان نعمة !!


وأنتقل معك الى نقطة ثالثة ، خاصة بكيفية موت أغلى ما في حياتنا ..

وهي تنقسم إلى قسمين ..

موت مفاجئ غير متوقع وهي مصيبة كبرى للأحياء الذين فاجئهم حبيبهم بالرحيل المبكر !

لكن الموت بهذه الطريقة شيئ رائع للميت .. مات في غمضة عين دون مرض ولا ألم ولا مستشفيات !!

والنوع الثاني هو من عانى طويلاً حتى مات .. تألم كثيراً وكذلك حبايبه وأقرب المقربين له .. وبإذن الله سيكون هذا في ميزان حسناته يوم القيامة ترجح كفته على سيئاته فلا يعقل أن يتعذب في الدنيا وكمان في الآخرة !! مادام مؤمناً بالله .. والآلام الفظيعة التي كان يشكو منها والمرض الطويل والعلاج المكلف والأدوية التي لا تنتهي كلها سيقابلها حاجة حلوة بإذن الله عندما يلقى ربنا.


ومن فضلك تعالى معي لحبايبنا في الآخرة .. شكر موصول مرتين .. مرة لأنهم كانوا أصحاب فضل علينا في الدنيا ، والأخرى لأن تعلقنا بهم وهم عند ربنا تجعلنا نفكر في هذه الحياة التي تنتظرنا ونستعد نحن أيضاً للقاء الله ، فلا تشغلنا الدنيا عن ذلك لأننا أيضاً ذاهبون إلى هناك ، وأدعو أن يكون بعد عمر طويل وحياة معقولة بحلوها ومرها ، فلا يغلب عليها النكد !! وأوجاع الدنيا من مرض وحسد ومشاكل وخلافه !!


وأسألك في النهاية: هل أستطعت بهذه الرسالة نقل حبك لأقرب المقربين الذين رحلوا عنك .. أرجو ذلك!

وإن كان حبهم يبقى دوماً أقوى من كل الكلمات.

الثلاثاء، 12 مارس 2024

عجائب عبد القدوس - الناس في رمضان أنواع سبعة!


ياريت تكون حضرتك تنتمي إلى أول ثلاثة فقط !!

وأتساءل ترى إلى أي نوع تنتمي في سلوكك خلال شهر الصوم ؟؟

هناك من يرى رمضان أنه شهر العبادة وبس !!

ويتفرغ كلياً لهذا ويحرص على قراءة القرآن الكريم كله ، وأداء كافة العبادات ، ويبتعد عن الدنيا بكافة إغراءاتها خاصة وإن الإعلام يتزين في هذا الشهر بالذات والسهرات الحلوة .. 

لكن صاحبنا يقول: رمضان للعبادة !!

ونوع ثاني قريب منه ويستحق هو الآخر تعظيم سلام ، يحرص أيضاً على العبادات وختم القرآن ويجعله في المرتبة الأولى ، لكنه يقول: وما المانع بعد أداء واجباتي الدينية من السهرات الحلوة المحترمة ومشاهدة ما تقدمه أجهزة الإعلام مع الحرص على الإبتعاد عن رؤية الإسفاف وكل ما يتعارض مع الأخلاق !!

أما في سهراته والإفطارات الحلوة فلا يرى أنها تتعارض مع شهر الصوم ، بل فرصة للقاء الأقارب والأحباب .. وفيه توكيد لأواصر الصداقة والمحبة وصلة الرحم ، وكل هذا ما يدعو إليه الدين .. ويلاحظ أن النوع الأول يفطر في بيته وبعيداً عن الناس والدنيا كلها في شهر رمضان !

والنوع الثالث مختلف حيث أنه لا يستطيع الصوم لظروف صحية حقيقية وليس على سبيل الدلع وتراه حريص جدا على تأدية العبادات في رمضان.

ويبدأ "العك" من النوع الرابع !!

رمضان عنده شهر الأكل الشهي و السهرات الحلوة والإفطارات اللذيذة مع الحبايب والأصدقاء .. أما التدين والعبادات فهي عنده في مرتبة ثانية أو عشرة !!

ونوع خامس مضرب عن الطعام والشراب فقط خلال نهار رمضان ، فهو صائم ، لكنه في الحرص على العبادات والصلاة تجده أي كلام !!

بل تجده عصبي وسريع الغضب بحجة أنه صائم !! مع أن شهر الصوم جاء كذلك دعوة للأخلاق الحلوة.

ونوع سادس أسوأ منه .. رمضان عنده مثل أي شهر عادي فلا تتغير أحواله .. تجده مفطراً وغالباً ما يبرر السبب أنه "عيان" مع أن هذا غير حقيقي!!

بدليل أنه لا يفكر في الإقبال على الله في شهر رمضان.. ويارب تهديه وتصلح حاله ليكون مكسب للدين بدلاً من أن يكون عبء عليه !!

ولا أنسى النوع السابع وهي فئة موجودة في مجتمعنا تنتمي إلى طبقة الأثرياء في معظمها .. أو من هم على المعاش !! فاليوم عنده في رمضان مقلوب !! ينام بعد الفجر ، ولا يستيقظ إلا قبل المغرب .. فلا يصوم إلا ساعات قليلة فقط ..

ومعظم هؤلاء لا يعطون لبقية العبادات الأهمية المطلوبة ، بل تجده زينة الحياة الدنيا لها الأولوية !!


وهذه الفئات السبع موجودة بين المسلمين ولكن ماذا عن الأقباط شركاء الوطن .. إنهم ينقسمون إلى قسمين .. وكل من أعرفهم تقريباً منهم ينتمون إلى القسم الأول .. يعني ناس زي الفل .. يحرصون على تهنئة المسلمين في رمضان .. ويشاركون في لقاءات الإفطار ، بل بعضهم هو الذي يدعو إليها .. 

ونوع آخر يغلب عليه التعصب ، وكأن رمضان "مجاش" في بلدنا !! فلا يفكر في الاقتراب أكثر من المسلمين في الشهر الكريم ..

وأظن بل وأراهن أن هذه الفئة أقلية بين أقباط مصر .. وأعتقد أن هذا هو رأيك كمان.

السبت، 9 مارس 2024

عجائب عبد القدوس - ولماذا لا يعود أمواتك ؟؟)



قرأت قول مأثور لفت نظري ، وأعترض عليه ، وياريت تقولي رأيك ..

وللأسف لم أعثر على صاحب هذا القول الذي يقول فيه: "من يرحلون عني أعتبرهم مثل الأموات الذين يرحلون عن الدنيا !!

أمواتي لا يعودون أبدا حتى لو أهلكني فراقهم ..

كرامتي فوق كل أعتبار".


وهذا الكلام أراه زيادة في الخصومة"حبتين" !!

أنني لا أطلب منه أن يستجدي حبيبه الذي فارقه .. ولكن أفترض يا صديقي أن الحبيب شعر بالندم .. إنه أخطأ ، وأراد تصحيح خطأه !! فلماذا الإصرار على أنه مثل المرحوم الذي فارق الدنيا فلا يعود أبدا ؟؟

ربنا نفسه غفور رحيم ويفتح باب التوبة لعباده ، فهل يستكبر الإنسان على من أخطئ في حقه ، وجاء إليه نادماً ، بينما صاحبنا يصر على الخصومة والقطيعة ؟؟

مع العلم أنه في عصرنا هذا لا تجد إلا نادراً هذا الإنسان صاحب القلب الكبير الذي يشعر أنه أخطئ في حق غيره ويعترف أنه غلطان !!


إنه عملة نادرة ، أرجوك أن تحافظ عليها ..

رمضان كريم ..

إنه شهر المغفرة والأخلاق الحلوة !


الجمعة، 8 مارس 2024

حكايات إحسان عبد القدوس - لماذا دخل الجنة !!



بعد أيام يطل علينا شهر رمضان ، وبهذه المناسبة أقدم لحضرتك إحدى القصص الدينية التي كتبها حبيبي أبي ، و"سانو" له أكثر من قصة وحكاية ذات طابع ديني وكلها تثير الدهشة.


مات .. روحه تصعد إلى السماء ، وهو في كامل وعيه .. جاء اليوم الذي غفل عنه لأنه كان مشغولاً بالدنيا .. أنه خائف ومرتجف .. يخشى أن يلقى به في جهنم !!

ولكن النار لا يدخلها إلا الأشرار والكفار .. وهو لم يكن يوماً شريرا ودوماً كان مؤمناً بالله .. واستقبلته الملائكة .. وجمالها يفوق ما تصوره في الدنيا .. إنها بداية مبشرة ، ورأى بعدها نور يشع في كل مكان .. لابد أنه في الحضرة الإلهية فسجدت روحه على الفور !

ثم هدأت الأنوار .. وسمع صوت ضخم فيه رنة حلوة يطلب إليه أن ينتبه لا يدري من أين جاء ، يبدو أنه القاضي الذي سيحاسبه ، لكن لماذا لا يراه كما رأى الملائكة ؟؟


وقال صاحب الصوت الضخم ذو الرنة الحلوة  لقد بحثنا في سجل حسناتك وسيئاتك !! 

رد على الفور: أنا في حمى الرحمن !!

سمع ذات الصوت يقول: لك سجل حافل من الحسنات ، فعلت خير كثير للناس .. وعشت دوماً مؤمناً بالله..

رد وروحه تبتسم: الحمد لله ..

وفجأة دوى صوت آخر فيه خشونة لكن لك سجل واسع من السيئات !!

وسكت ولم يرد !

وبدأ هذا الصوت يعدد عليه سيئاته و ذنوبه الواحدة بعد الاخرى وفي كل مرة لا يحاول الدفاع عن نفسه بل يقول: كنت دوماً مؤمن بالله .. أفعل الخير للناس ولم اسبب الالم  لأحد!!

ثم أضاف إليها في النهاية ربنا غفور رحيم وهو أرحم الراحمين.


وسكتت كل الأصوات وأطفئت كل الأنوار ، وبعد فترة مرت وكأنها دهر عليه .. أضيئت الأنوار وسمع من يقول بكل حنان ورقة: الجنة !!

وطارت روحه من الفرح .. ثم سجدت شاكرة 

_____


هذه خلاصة القصة التي كتبها والدي وقد نشرت قبل أكثر من ستين عاما ، واستقبلها المجتمع بهدوء ، كانت الدنيا غير الدنيا الآن .. والمجتمع أكثر إنفتاحاً .. بل وأشاد البعض بالكاتب لأنه يدعو إلى الإيمان بالله .. وفعل الخير للناس !!


وبالطبع أفضل من النموذج الذي قدمه .. 

إنسان مؤمن بالله .. يفعل الخير ولا يؤذ أحد ، لكنه في ذات الوقت حريص على العبادات ، بعيدا عن كل ما يخالف تعاليم السماء.

الخميس، 7 مارس 2024

وجه من مصر - مبتكر مصري أفاد العالم كله!!



الدكتور "محمود حافظ" طبيب عظام أراه مختلفاً عن كل أطباء العظام في مصر وعددهم سبعة آلاف دكتور ، فله إختراعات عدة في مجال تخصصه ، وهو خشونة الركبة والمفاصل الصناعية بلغ عددها ٢١ براءة إختراع دولية ..
و قد ساهم في تطوير عمليات المفصل الصناعي مما جعلها أكثر سهولة ويسرا ، ونتائج أفضل ، ويمكن إجراؤها للركبتين في وقت واحد ..
و الجراحة التقليدية صعبة وتحتاج إلى اكثر من ٣٠٠ قطعة من الآلات الجراحية اللازمة لإجراء الجراحة ، لكن بهذه التقنية لا تحتاج إلا إلى قطعتين فقط ..
وأبتكاره هذا هو ما يعرف بتقنية "القوالب الإلكترونية" للمفصل الصناعي للركبة ..
وقام به في بريطانيا ثم ذهب إلى أمريكا و نشره هناك وانتشر بسرعة ، وتم الأخذ بإختراعه بدول عدة مثل سويسرا وألمانيا واليابان وأستراليا وغيرها و اجريت عدة ملايين من العمليات بهذه الابتكار، وقد حرص على نشره في المجلات العلمية المتخصصة ذات الشهرة العالمية قبل بداية تطبيقه.
سألت الطبيب النابغة: متى يجب على الإنسان إجراء هذه الجراحة. ؟
أجابني بأبتسامة النجاح قائلاً: الغضاريف هي أساس المفاصل ، وهي صناعة ربانية جيدة جداً للمفاصل التي تقوم عليها الحركة ، فإذا تآكلت بالكامل لا قدر الله فلابد من إجراء عملية لإصلاحها و منها عملية المفصل الصناعي.
قلت له: أعرف أصدقاء "تعبوا" جداً جداً بعد هذه العملية ، ويشكون من آلام صعبة وعدم قدرتهم على المشي.
أجابني وهو لم يفقد أبتسامته: العملية طبعاً مش سهلة وتحتاج إلى وقت حتى يعود المريض إلى حالته الطبيعية ، والعلم يتقدم باستمرار وكذلك الأجهزة المستخدمة ، وهناك دوماً تحسن مستمر في هذا المجال والان المريض يخرج من المستشفي بعد عدة ساعات من اجراء العملية.. لكن الأهم أن يأخذ المريض حذره بإختيار الجراح الذي سيجري له العملية فيفضل أن يكون متخصص في جراحة المفاصل الصناعية، بالإضافة إلى المستشفى وطاقم التمريض والعلاج الطبيعي يكون فاهم شغله.
والطبيب المتميز د."محمود حافظ" من الصعيد ، وجده كان شيخ بلد "منفلوط" لمدة تجاوزت النصف قرن ، وعاش أكثر من قرن من الزمان ، و هو أول طبيب في الأسرة مارس مهنة الطب، حصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة القاهرة ، وزمالة الكلية الملكية للجراحين ب"أدنبرة" في إنجلترا ، ودكتوراه في جراحة العظام من جامعة "ليدز" الإنجليزية ، وقامت أمريكا بتكريمه ، فحصل على الدكتوراة الفخرية من إحدى جامعاتها هناك ، وكذلك جوائز من دول عدة مثل سويسرا واليابان والصين و غيرها ..
وهو أستاذ زائر بجامعة "كارديف" الشهيرة في "ويلز" بالمملكة المتحدة ، وغيرها من البلاد الأوروبية ، فله مكانته كطبيب عالمي بأعتباره أول من أستخدم "القوالب الإلكترونية" في تركيب المفصل الصناعي للركبة وقد تبنت احدي اختراعاته شركة أمريكية كبرى متخصصة في هذا المجال ، وقد أجرى أكثر من ألف عملية جراحية بهذه الطريقة في مصر،
ويدخل في دنيا العجائب أن الحكومة المصرية ووزارة الصحة لم تحاول الإستفادة منه ومن خبرته العالمية كالعادة للأسف الشديد !!
ولأنه مصري بيحب بلده فقد رفض جميع الإغراءات المقدمة إليه من الخارج وكان في وسعه أن يكسب الملايين .. لكنه أصر أن يظل في بلاده بتشجيع من شريكة عمره ، وهي تنتمي إلى الأسرة الصحفية وتعمل في جريدة "ويكلي" الإنجليزية الصادرة عن "الأهرام" ..
وبالطبع موقفه هذا يستحق تعظيم سلام له ولزوجته لأن الإحصاءات الرسمية تقول أن نصف أطباء مصر هاجروا للخارج .. عجائب !!

الأربعاء، 6 مارس 2024

حكايات حقيقية أغرب من الخيال - خطف الفتى الفاسد كشف قتل الرجل الشريف!


إختطاف ثري ..


بدأت أجهزة الأمن تحرياتها تحت إشراف اللواء "محمود وجدي" ، وكان وقتها يرأس الإدارة العامة لمباحث القاهرة ، ولم تكن مهمته سهلة ، فالمجني عليه سمعته سيئة وله أعداء كثيرون ، وسارت خطة البحث في عدة أتجاهات دون جدوى ، وأخيراً وصلته معلومات بأنه تم العثور على جثة في "ترعة الإسماعيلية" ، وقام الأهالي لدفنها في "بطن الترعة" !!


أسرع إلى المكان وقد عاوده بصيص الأمل ، وتم أستخراج الجثة وكانت سليمة ، لكن وقعت مفاجأة ، فالجثة لم تكن للشخص الذي تم إختطافه ..

وثار سؤال: من هذا القتيل الذي لا يعرفه أحد ؟

إنه لغز جديد !!

وبدأ البحث عن صاحب الجثة التي وجدها رجال الشرطة بالصدفة أثناء بحثهم عن الثري الذي أختفى.


ودلت تحريات اللواء "محمود وجدي" أن المجني عليه عامل بوفيه من شبرا الخيمة يكثر من التنقل والإنتقال من مكان إلى آخر ، لذلك لم يشك أحد إطلاقاً في إختفاءه ، وأنه مات بيد زوجته التي قتلته لتتزوج من عشيقها !!

وتم العثور بالصدفة على جثته وكادت القاتلة أن تتزوج من عشيقها لولا ظهور الجثة قبل الزواج !!


سألت اللواء "محمود وجدي": لكن ما أخبار المجني عليه "القديم" أو الأصلي الذي تبحثون عنه ؟

أجابني: "لا حس ولا خبر" ولم يتم العثور عليه حتى الآن ، وهكذا شاءت إرادة السماء أن نعثر صدفة على جثة عامل شريف لن يهتم أحد بإختفاءه ، بينما الفتى السيئ السمعة محل الإهتمام لا أثر له !! عجائب !!

الأحد، 3 مارس 2024

عجائب عبدالقدوس - حدث فني نادر يستحق تعظيم سلام!!



من فضلك خللي بالك قوي من كلمة "نادر" التي ذكرتها ، ويعني أمر إستثنائي جداً ، بل ولم يقع من قبل !!


وهذا ما جرى بالفعل في مهرجان "برلين" السينمائي الدولي الذي أنتهى قبل أيام.


ولو سمحت دعني أقول لك قبل شرح ما جرى أنه يدخل في دنيا العجائب أنني عثرت على خبر هذا الحدث النادر بالصدفة المحضة في أحد المواقع الإخبارية ، وهو "روسيا اليوم" ، وهو موقع إخباري محترم قوي ، أما بقية المواقع الإخبارية فرفعت شعار "طناش" تجاه هذا الحدث الذي لم يسبق له مثيل!! 

طب ليه ؟

أنا أعرف السبب وأتركه لذكاء حضرتك ، فإنك ستعرف سبب هذا التجاهل فور قراءتك له .. لكن الغريب جداً أنني لم أجد له أثر في صحف بلادنا ولا مواقعها ، أو الأشقاء العرب مع أنه يصب لصالحهم تماماً !!


وخلاصة الخبر أن الفيلم الفائز بأفضل عمل وثائقي إنتاج إسرائيلي فلسطيني ، يروي عمليات إخلاء وهدم منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية بفلسطين المحتلة !

وأخرج الفيلم المخرج الإسرائيلي "يوفال إبراهام" والمخرج الفلسطيني "باسل عدرا".


وفي يقيني أنه في تاريخ السينما لم يسبق أن شهدت مثل هذا العمل في تاريخها كله من أوله إلى آخره ..

فهو حدث فني نادر يستحق تعظيم سلام كما قلت في عنوان مقالي ..

وأن يفوز بجائزة دولية من مهرجان سينمائي دولي شهير ، فهذا حدث آخر جديد وعجيب ، لأن اليهود لهم نفوذ قوي جداً في أوروبا وأمريكا ..

وألمانيا معروفة بإنحيازها الصريح إلى جانب العدو الإسرائيلي ..

فكيف يفوز فيلم وثائقي ينتقدهم بجائزة مهرجان "برلين" ؟؟


ومن فضلك تأمل معي جيداً ما قاله المخرج الإسرائيلي وهو يتسلم الجائزة حيث ينطبق عليه المثل الشهير : وشهد شاهد من أهلها .. 

يقول: يفصل بين مسكني ومسكن صديقي المخرج الفلسطيني "باسل" مسافة قصيرة لا تتجاوز بضع كيلومترات ، ولكن للأسف طريقة حياتنا مختلفة تماماً ..

أنا أعيش في ظل قانوني مدني بينما "باسل" تحت القانون العسكري المفروض على الفلسطينيين ..

أنا لدي حقوق المواطنة الكاملة و"باسل" محروم منها !

أنا حر في التنقل والحركة بينما "باسل" مثل ملايين الفلسطينيين المحتجزين في الضفة الغربية ..

نحن بحاجة إلى الدعوة إلى حل سياسي يحقق المساواة التامة بين اليهود والفلسطينيين.


وقال المخرج الفلسطيني "باسل عدرا" وهو يتسلم الجائزة: لا أستطيع الإحتفال وهناك الآلاف من الفلسطينيين يذبحون على يد إسرائيل في "غزة" 


وثارت زوبعة بالطبع على هذا الكلام وتم إتهامهم بمعاداة السامية ، من اليهود المتشددين والسفارة الإسرائيلية في ألمانيا وعمدة "برلين" نفسه الذي أكد من جديد تأييده لإسرائيل.


ورد المخرج الإسرائيلي على هذا الكلام في منشور له بمواقع التواصل الإجتماعى: أنهم لا يعرفون لغة الحوار .. لقد هددوني بالقتل وأسرتي في خطر .. 

ولفت النظر إلى سوء الإستخدام المروع لكلمة معاداة السامية التي تستخدم ليس فقط ضد أنصار الفلسطينيين بل وأيضاً ضد اليهود الذين يرفضون السياسة الإسرائيلية وما يجري في "غزة".

الجمعة، 1 مارس 2024

حكايات إحسان عبدالقدوس : صديقتي اليهودية !!!



والدي رحمه الله أول من لفت النظر إلى خطورة الصهيونية وقدرتها على جذب اليهود إلى إسرائيل ، كما فعلوا مع صديقته اليهودية واسمها "جلاديس" ..


بدأ حديثه عنها قائلا: أنا مدين لها بالكثير ، لقد أوحت لي بأكثر من قصة عن اليهود ، مثل كل من كانوا في حياتي وأستوحيت منهم قصصي ..

وأشعر دوماً أن هؤلاء أقرب إلى الجنود المجهولين في البناء الأدبي لكل أديب ، فالعمل الأدبي يبقى ويحمل اسم صاحبه الذي يستأثر بكل نتائجه ، وهؤلاء يبقون بعيداً مجهولين !!


ويقول "سانو" : علاقتي ب"جلاديس" نشأت أساساً بسبب هوايتي في قراءة القصص أيام شبابي المبكر ..

كنت أقرأها بالعربية والإنجليزية ، ولكنني عجزت عن قراءة روائع الأدب الفرنسي ، وهي كانت تجيد الفرنسية ، وكانت تترجم لي الكثير من القصص التي تقرأها بهذه اللغة ، وعن طريقها تعرفت على الكاتب الفرنسي"جي دي موبسان" الذي كان له تأثير كبير على أسلوبي في كتابة القصة القصيرة ..

وهذا الإهتمام الأدبي المتبادل أطال في عمر صداقتنا .. 

"جلاديس" وأنا ..

كانت هناك صداقة بين الأسرتين ، لكن طوال عمر هذه الصداقة لم أشعر أبدا أنها يهودية ..

ورغم وجود فوارق إجتماعية تفصل أسرة "جلاديس " عن بقية عائلات حي "العباسية " إلا أنني لم أضع هذه الفوارق في أي ميزان ديني ..

كانت أم "جلاديس " تزور سيدات الأسر ولكن سيدات الأسر لا يزرنها أبدا ..

وأرجعت ذلك إلى إختلاف التقاليد والفوارق الإجتماعية وليس لأنها يهودية ..

وأنعكس ذلك على العلاقة بيني وبين "جلاديس" ، وعندما كنت أذهب إليهم في بيتهم يستقبلوني كغريب .. أجلس في حجرة الإستقبال وكل أبواب الحجرات الأخرى مغلقة ، وكأن وراء كل باب سر ليس من حقي إكتشافه ..

ولذلك أنقطعت تماماً عن زيارتهم وكنت ألتقي مع "جلاديس" خارج المنزل ..

وأكتشفت بعد ذلك سر التباعد بين أسرتها وأسر بقية حي "العباسية" ليس لأنهم يهود .. بل لأن التقاليد الإجتماعية مختلفة تماماً ..

فمثلاً أم "جلاديس" خياطة ، وخالتها تعمل في أحد الملاهي وشقيقها يعمل في مجال الصياغة والذهب رغم أنه مازال طالب !!

وهذا بالطبع غريب جداً على تقاليد وأخلاق "العباسية" ..

فالشاب لا يترك منزل أسرته إلا بعدما يتخرج من الجامعة !

وعمل نساء عليه محظورات عدة في ذلك الوقت خاصة إذا عملت في مهنة لا تليق بها !!

وهكذا توصلت إلى سر التباعد ، فهي تقاليد إجتماعية وليست لأنها يهودية.


ويضيف قائلاً: وبدأت نظرتي الى صديقتي اليهودية تتغير ، ذهبت في أول رحلة لي خارج مصر إلى فلسطين المحتلة عام ١٩٤٥م كنت قد بلغت ربع قرن من عمري ، وتزوجت وانتقلت من الحي كله لكن علاقتي بها ظلت مستمرة ، ويجمعنا هواية قراءة الأدب العالمي ..

وعقب عودتي كنت حزيناً جداً على البلد الذي زرته وكتبت مقالا أحدث دويا عنوانه "فلسطين ضاعت"!!

رأيت قوة اليهود ووحدتهم وتقدمهم في مقابل تخلف العرب والخلافات فيما بينهم.


ولم أعد أتحدث مع صديقتي "جلاديس" عن الأدب العالمي بل عن فلسطين !!

رغم أنها حاولت أن تجرني بعيداً عنها بأحاديثها الحلوة .. وكان موقفها من تلك القضية غامض وغير مفهوم ..

إنها يهودية وليست "جلاديس" التي أعرفها ..

وبدأت علاقتنا بالفتور ، وتباعدت اللقاءات بيننا ثم أختفت !!

أختفت من حياتي ومن مصر كلها !!

علمت أنها هاجرت إلى إسرائيل مع أسرتها .. وتأكدت أن الصهيونية أكبر خطر على الشعوب بل وعلى اليهود أنفسهم !!

تجعلهم يكرهون غيرهم بسبب هذه السموم التي تبشرهم بأرض الميعاد .. وكلها خرافات وأوهام نجحوا في تحويلها إلى حقائق على الأرض على حساب الفلسطينيين أصحاب البلد الأصلية ..


أنني حزين على فلسطين وحزين على صديقتي اليهودية بعدما أصابها مرض سرطان الصهيونية ..!!