ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الأربعاء، 29 سبتمبر 2021

عجائب عبد القدوس - في ذكرى وفاته: رأيي في ناصر لا يرضى عنه خصومه ولا أنصاره!!



أراهن أن عنوان مقالي لفت نظرك وحضرتك تتساءل: إزاي رأيي في الزعيم الراحل لا يرضى عنه أحد .. فهو غير مقبول من أعداءه ولا أنصاره .. يعني كل المتناقضات ضده، وهذا بالطبع يدخل في دنيا العجائب!! 

وأسارع إلى شرح وجهة نظري قبل أن يتحول كلامي إلى فزورة!! 

وأقول أن "ناصر" رحمه الله له إيجابيات عديدة، وهذا الكلام بالطبع يرفضه كل من يكرهه وتضرر منه!! 

ولكن والحق يقال أن قائد ثورة ٢٣ يوليو إنحاز إلى الفقراء وفعل الكثير من أجلهم، وهل ينسى أحد إنجازاته وعلى رأسها السد العالي، وتحويل مصر إلى دولة صناعية، والحياد الإيجابي وقيادة الأمة العربية، وكانت بلادي في عهده لها مكانة مرموقة بين دول العالم. 


وناصر له أخطاءه الفادحة، وهذا الكلام بالطبع يؤدي إلى زعل أنصاره!! وفي يقيني أنه المسئول الأول عن كارثة عام ١٩٦٧، ومازلنا نعاني من مرارتها وآثارها حتى اليوم! 

فهو قد "حسب الحرب غلط" بما قام به من مناورات سياسية، ودخلت بلادنا المعركة وجزء من قواتنا في اليمن!! وهو يتحمل مسئولية كبرى في الهزيمة العسكرية بإعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكشف ما جرى بلاوي النظام السياسي الذي يحكمنا، فهو قائم على الإستبداد السياسي، وفي عهده نمت مراكز القوى، ولا أحد يستطيع معارضتها، فالصحافة الحرة لا وجود لها بعدما تم تأميمها، والإعلام الحر في خبر كان! ولا وجود للمعارضة، فكل من يعارض  وراء الشمس، وهناك إنتهاكات صارخة في السجون، والولاء قبل الكفاءة في المناصب الأساسية، أو أهل الثقة أولا. 

وبعد البلوى الكبرى التي وقعت حاول "ناصر" إصلاح أخطاءه الجسيمة، وأصدر بيان ٣٠ مارس عام ١٩٦٨ بعد الإحتجاجات الشعبية التي قامت، ولكن كل ما تضمنه هذا الإعلان ظل مجرد حبر على ورق، وعمل على إعادة بناء جيش مصر العظيم الذي كان ضحية للأوضاع القائمة والسياسات الخاطئة، وخاض حرب الإستنزاف، لكن القدر لم يمهله فرحل إلى ربه وهو في أوائل الخمسينات من عمره، وجاء خليفته الرئيس الراحل "أنور السادات" ليطيح بنظام "ناصر" كله، وقاد مصر إلى نصر أكتوبر، وعادت الرأسمالية من جديد في عهد الإنفتاح، وكانت قد تضررت بشدة أيام الإشتراكية، ووقع ظلم صارخ على العديد من الأغنياء الشرفاء، لكن للأسف كان هذا الإنفتاح "سداح مداح" دون ضابط أو رابط! وتغيرت بلادي من جديد بدرجة ١٨٠ درجة، عجائب. 

الثلاثاء، 28 سبتمبر 2021

حكايات حقيقية أغرب من الخيال - مفاجأت قتل الشحاذ!



العثور على أطراف آدمية في قطار مهجور .. الجثة بلا رأس!! 

واضح أن المجرم قاتل محترف! هذه الجريمة وقعت في سوهاج .. إنتقل للتحقيق "إيهاب الخولي" الذي كان يشغل منصب وكيل النيابة في ذلك الوقت

ظل الحادث لغزاً غامضا لعدم العثور على الجثة كاملة .. وأخيراً تم إكتشاف بقايا الجسد الفاني في مكان آخر يقع على أطراف إحدى قرى المحافظة!! 

وبعدها ركزت الشرطة جهدها في معرفة هوية القتيل، فهذا هو مفتاح القضية! 


ويقول المحقق "إيهاب الخولي" أولى المفاجآت المذهلة في تلك الجريمة أن شخصية المجني عليه لم تخطر على بال أحد! تبين أنه أفقر شخص بالمنطقة! وهو عاطل بلا عمل! وظيفته "شحاذ"!! .. فما هي دوافع قتل واحد مثله؟؟ 

وبدا من جديد أن القضية وصلت إلى طريق مسدود! ولكن والحق يقال إهتم الأمن بالبحث عن القاتل وكأنه القتيل شخصية مرموقة! وهذا هو منتهى العدل، وأدت التحريات إلى مفاجأة ثانية أشد وطأة من الأولى .. تبين أن القتلة أولاد صغار لم يبلغوا سن الرشد! وكان هذا إكتشافا مذهلاً للشرطة والنيابة معا! 

والسبب أن الجريمة تمت بمنتهى الوحشية والإجرام! وقام الجناة بتمزيقه إربا وألقوا أجزاء جسده في أكثر من مكان بعدما فصلوا رأسه!! 

فكيف يقدر مراهقين على القيام بكل ذلك؟؟ وهذا أمر لا يقدم عليه إلا مجرم محترف!! .. وتبين أن الشحاذ القتيل إستعان بصبية لمساعدته في عمله! لكنه كان نذلا معهم، فلم يعطيهم إلا الفتات مع أنه كان يكسب مئات الجنيهات شهرياً .. وهذه مفاجأة ثالثة! وأتفق صبي الشحاذ وزميله على قتله! وشهد لهم الجميع بالبراعة في ذلك!! 

وتم إحالتهم إلى محكمة الأحداث!! 


ويقول المحقق "إيهاب الخولي" : من المؤكد أن هذه النوعية من المتهمين لم تشهدها تلك المحاكم من قبل!! 

الاثنين، 27 سبتمبر 2021

مواصفات التدين الجميل - تدين فالصو !!



واحدة بتصلي وتؤدي مختلف الفرائض، ولكن لسانها .. "زي المبرد" في إيذاء الناس وتناول الأعراض!! 

وأي شائعة عندها حقيقة! 

وهي تتسلى بالكلام عن سيرة فلانة وعلانة!! 

وسلوكها هذا يتعارض مع محاولة تقربها إلى الله!! 

ولاحظ أنني أغفلت تماماً إستخدام كلمة متدينة في وصفها لأن تدينها "فالصو" ويتعارض مع مواصفات التدين الجميل .. أليس كذلك؟؟ 

الأحد، 26 سبتمبر 2021

يوم لا أنساه - في ذكرى مولده الشيخ محمد الغزالي : شاهدت معجزة من عند ربنا!



الإمام محمد الغزالي من أبرز علماء الإسلام في القرن العشرين ، وتأثيره كبير على ملايين المسلمين ، وأنا شخصيا كنت تلميذا مقربا منه وعرفت الحياة الزوجية السعيدة عندما تزوجت أبنته .

سألته قبل وفاته عن يوم لا ينساه في حياته ؟ توقعت بالطبع أن يحدثني عن يوم وهو يمارس عمله في الدعوة الإسلامية داعيا إلى الإيمان بالله بالحكمة والموعظة الحسنة، وقد أستمر في هذا المجال نصف قرن من الزمان أو أكثر ! وفوجئت بما لم أكن أتوقعه! حدثني عن واقعة حدثت له وهو طالب في كلية أصول الدين ومحورها والده رحمه الله وقال: في هذا اليوم شاهدت معجزة من عند ربنا.

ويشرح ما جرى قائلا : عندما كنت طالبا في الأزهر الشريف لا أنسى اليوم الذي تلقيت فيه استدعاء عاجلا من أسرتي التي تقطن في قرية "نكلاالعنب" ! وسافرت على الفور وأنا اتوجس خوفا! وعندما وصلت رأيت المحل التجاري الذي تملكه أسرتي مغلقا وهو مخصص لبيع احتياجات أهالي البلدة، فازدادت مخاوفي،  وأسرعت إلى منزلنا ورأيت ابي يصرخ من مغص كلوي أصيب به، وقد أعطاه الطبيب بعض الأقراص المخدرة، لكن الآلام أشتدت وبدا أن الأمر في حاجة إلى عملية جراحية.

وتركت المنزل وعدت إلى المحل الذي هو مصدر رزقنا، ووقفت مكان أبي أعمل وأنا خبير بذلك لأنني كنت أساعده أيام الأجازة الصيفية. ومضت عدة أيام واسرتنا تبحث عما يمكن عمله لشفاء رب الأسرة.. فأجور الأطباء والعملية الجراحية فوق الطاقة كما أن الجراحة غير مأمونة العواقب، فقد مات عم لي من جراحة مشابهة.

وحاصرني غم ثقيل، ولجأت إلى الله أدعوه بألحاح، وكنت في المحل عندما جاء رجل يشتري بعض الأغذية ولما قدمتها له قال في صوت حزين ومنكسر: ليس معي مال الآن! أنا مفلس وأقسم بالله أنه صادق.. فقلت له : خذ بضاعتك أنها هدية مني لك! وأنصرف الرجل غير مصدق ما سمع.

أما أنا فذهبت إلى ركن في المحل وناديت ربي: يا رب إن نبي الإسلام قال لنا: داووا مرضاكم بالصدقة ، فاسألك أن تشفي أبي بهذه الصدقة، وجلست أبكي وبعد ما يقرب من ساعة سمعت من يناديني من البيت وكان قريبا فذهبت على عجل وقد طاش صوابي، وفوجئت بأبي يستقبلني قائلا : نزلت هذه الحصاة مني، وكانت أكبر قليلا من حبة الفول.. لا أدري ما حدث لقد شفيت! وهكذا استجاب ربي لدعائي بأسرع مما توقعت.. وصدق الله العظيم :"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان".

الخميس، 23 سبتمبر 2021

حكايات إحسان عبد القدوس - انا رسام



انا رسام ۰۰ وعندما أرسم وجها من الوجوه التي اختارها ، لا أرسم ما أراه بعینی ، ولكني أرسم صورة صاحب هذا الوجه كما اتخيله 

أرسم رأيي فيه.. أرسم حكمي عليه..

كل ذلك ينبعث من داخلى ، ويكون رأيي في الوجه الذي ارسمه.

وقد تعودت ان انظر الى وجوه الناس الذين ألتقى بهم ، وأرى فيها اکثر مما يراه الرجل العادی ۰۰ انظر اليها بعيني فنان ، وأرى فيها موضوعا ، لا مجرد شكل. 

وغالبا ایضا لا يعجب من أرسمه بالوجه الذي رسمته له ۰۰ انه يری وجهه في اللوحة ، ولكنه يرى بجانب وجهه رأیی فیه ..فيغضب. 

الى أن ألتقيت بسوسن ۰۰

التقيت بها على شاطىء البحر .

رأيتها من بعيد ۰۰ وتعلقت بها عینای كأني أشهق.. لم أر من قبل مثل هذا الجمال ..

جمال برئ.. هادی ۰۰ مريح .. كالدموع ۰۰

کالنغم الحزين .. كالتنهد .. وشعرها في لون البندق ، تشده إلى الوراء، كانها تخشى أن يسرقه منها الهواء، وعيناها ملونتان ، واسعتان ، فيهما دهشة دائمة.. دهشة ساذجة ، كأنها دهشة طفل يفتح عينيه على الحياة لأول مرة .. 

ولم تكن ترتدى مایوها كبقية البنات.. 

كانت ترتدي ثوبا ازرق ، مقفولا حتى رقبتها ، وأكمامه تصل الى منتصف ذراعيها .. وكانت تعبث بأصابعها في الرمال

وقفت أبحلق فيها ، من بعيد ، وخيالي يرسم لها صورة .. واحترت في عنوان الصورة هل أسميها , القديسة ، أو الطاهرة ، أو براءة ، أو ملاك ، .. أو .. أو 

ولم تلتفت إلي سوسن .. انها أشد براءة من أن يمسها غبار آدمی مثلى .. اشد طهرا من أن ترفع عينيها الى مخلوق من طين

وقضيت يومي أحلم بالصورة التي ارسمها لها ۰۰

ثم مضت الأيام ولم أعد أحلم بالصورة ، بل اصبحت أحلم بها

بشخصها کأنی أحببتها

ربما أحببتها فعلا وكان يجب أن أعرفها وأن ارسمها

وأصبحت أتبعها وأنا أبحث عن الطريق اليها .. وعرفت كل أقاربها وكل صديقاتها ، وصديقات صديقاتها

إلى أن وجدت فتاة أعرفها ويمكن أن تقدمني لها ۰۰ و ۰۰

وعرفتها.. 

وفي أول لقاء ، لم أستطع أن أنتظر أكثر مما انتظرت ، فدعوتها لأن تجلس أمامي لأرسمها

وقبلت .. 

قبلت فورا . لاشك أنها تؤمن بالفن

ولذلك قبلت بهذه السهولة ، وبهذه السرعة

وواعدتها على أن تأتي إلى منزلي الذي أقيم فيها مع عائلتي

إن معي إخوتي البنات وليس هناك غبار على هذه الدعوة .

وقبلت.. 

وقضيت الصباح كله أعد نفسي لإستقبالها.. 

اخترت المكان الذي ستجلس فيه بحيث يبدو البحر من ورائها ، ليضفي على اللوحة مسحة من الشاعرية 

واشتريت زهورا بيضاء في لون الطهر ، ووضعتها بجانب المقعد الذي ستجلس عليه .. واخترت الألوان التي سأرسمها بها .. كلها ألوان هادئة بريئة ..

 وأجلستها في المكان الذي اخترته

وانا ارتجف من النشوة كأني مقبل على أهم عمل في حياتي

كأني على وشك أن أدق بفرشاتی باب كنز.. 

کنز الخلود

کنز المجد

وبدأت أرسم وجهها •

ولم تمض دقائق حتى بدأت سوسن تتكلم :

قول يا أستاذ وحيد .. أنت حاتنشر الصورة في أي مجلة ؟ 

وكذبت أذني .. 

لا يمكن أن تكون سوسن حريصة على أن تنشر صورتها في المجلات .. 

إنها أكثر براءة من ذلك .. لعلها تريد أن تطمئن .. 

واجبتها: 

مش هانشرها أبدا .. 

وسمعتها تقول في حيرة : 

يا خسارة .. 

وعدت أكذب أذني ..

 ولكنها إستطردت : 

يعني محدش حايشوفها أبدا .. 

وقلت وأنا أغالب نفسي .. إزاي .. ناس كتير حايشوفوها 

قالت : 

أنا عايزاك ترسمني حلوة قوي .. علشان أغيظ صاحبتي .. مرفت .. 

وكنت في هذه الأثناء أرسم شعرها ..

كنت أرسم بلون بندقي هادئ .. فإذا بي ودون أن أدري، أضيف إليه كثيرا من اللون الأصفر ، فيبدو في الصورة ، كأنه شعر مصبوغ .. رخيص ! 

وبدأت سوسن تتململ في جلستها .. وعادت تتكلم : 

لماذا تتكلم هذه الفتاة ؟! 

لماذا لا تسكت ، حتى تصون لي خيالي الذي ارسمها به .. حتى تصون لي رأيي فيها .. 

وكنت في هذه اللحظة أرسم

عينيها كنت أرسمها بلون يغلب عليه الأزرق الفاتح

كلون البحر الذي يطل من ورائها كأنها في عينيها رحیق الطهر ..  

ودون أن أدري اختلطت الألوان في فرشاتی .. واذا بالألوان الفاتحة تغمق ، واذا بي أرسم عينيها ، وليس فيهما دهشة الطفل ، ولكن فيهما جوع ..

 جوع القطة النهمة !

وازداد تململ سوسن في جلستها

.. انها لا تستطيع أن تستقر لا تستطيع أن تهدا .. ولمحتها ترفع ثوبها عن ساقيها ، كأنها تغرینی بهما .. كأنها تحاول أن تلهيني عن فنی ..

 وكنت في هذه اللحظة ارسم شفتيها .. الشفتان اللتان تخيلتهما هادئتين نظيفتين ، كشفتی الجيو کندا ..

واذا بي أرسمها شفاه غامقه في لون الدم .. مثيرة .. وتعبت ..

وطلبت من سوسن أن تأتي في اليوم التالي بالثوب الذي تريدني أن أرسمها به .. وكنت قد أعددت في خیالی ثوبا مقفولا لونه أخضر فاتح .. 

ولكنها جاءت إلي بثوب أسود مفتوح .. ثوب يكشف عن لحم صدرها ، وعن كل ظهرها .. ووقفت تتمايل أمامي ، وتقول لي :

حلو الفستان يا أستاذ وحيد

مش حلو والنبي .. ده أنا واخده الموديل بتاعه من كريستيان ديور.

ورسمتها. 

ورسمت الفستان في لون أحمر فاقع .. يكشف عن ساقيها .. ، وصدرها ، 

ولم أرسم خلفها مياه البحر الزرقاء ، بل رسمت .. فانوس نور !! 

ولم أر سوسن بعد ذلك .. لا أريد أن أراها .. 

الأربعاء، 22 سبتمبر 2021

عجائب عبد القدوس - عفريت يركبك!!



جاء رجل إلى فضيلة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله، واشتكى له بما لم يخطر بباله قط .. هناك عفريت  ركبه ويرفض ان يغادره ! 

نظر إليه العالم الجليل طويلاً،  وكان هذا الإنسان ضخم الجثة!  وسأله شيخنا بسخرية: كيف إستطاع الجن أن يركبك ؟؟ أنت قادر على ركوب أكبر عفريت! ..  أذهب يابني إلى دكتور نفساني  ليعالجك. 

 ويلاحظ هنا أن عالمنا الجليل رفض إدعاءات محدثه من حيث المبدأ، ولم يسأل عن التفاصيل ..  قد تساءل في أحد كتبه:  لماذا المسلمين وحدهم هم ضحايا العفاريت؟ هل سمعت  عن أمريكاني أوياباني ركبه عفريت!؟ 

.. إنهم أناساً متحضرين ، ولذلك فهم يرفضون ان يركبهم عفاريت!  أما نحن فنعيش في مجتمع متخلف، وننتمي إلى دول العالم الثالث لذلك انتشرت بيننا الخرافات والجهل، والمؤسف أن يكون هذا مصيرنا، مع إننا كنا زمان أصحاب حضارة ومصدر نور وهداية للعالم كله حيث إنطلق الوحي من عندنا، وشهدت  أرضنا أصحاب الرسالات السماوية،  وانطلقوا منها لهداية الدنيا. 

 وبالنسبة لعالم الجن والملائكة والمخلوقات الأخرى التي تعيش في عالم الغيب و لا ندري عنها شئ فإن أمامك ثلاث اختيارات لتختار ما يعجبك ..

 الإختبار الأول: 

 هذا "كلام فارغ فارغ" فأنت لا تصدقه ، وذنبك على جنبك، فأنت حر ولكن  بالتأكيد غلطان! 

والثاني:

 أن تروى عن هذه المخلوقات أساطير لا يصدقها عقل، وحكايات وخرافات ويركب الجن حضرتك أو على الأقل "يعملك عملة" تنكد عليك حياتك! 

والرأي الثالث الذي أدعوك إليه أن تؤمن بالغيب وتقول ربنا أعلم به، ثم تنصرف إلى حياتك وأمسك خيالك، وأرفض أن تخوض في موضوعات لا يعلم عنها شئ .. وأعلم أن الله وحده هو عالم الغيب، وفي يقيني أن هذا الرأي هو ما يدعو إليه التدين الجميل .. أليس كذلك ؟؟! 

الثلاثاء، 21 سبتمبر 2021

عجائب عبد القدوس - حلم في المنام تحقق بحذافيره!



عندما تذهب في "سابع نومة" فإنك غالباً ما تحلم!! والأحلام أنواع، وفيها كلام كثير .. وفي يقيني أن هناك نوع آخر من الأحلام تدل على أنك وثيق الصلة بخالقك، وتصور معي أن سيادتك رأيت في المنام أمرا، وبعد ذلك تحقق بحذافيره على أرض الواقع كما رأيته بالضبط! 


وصديقي العزيز المرحوم "وجيه الدجوي" حدث له هذا الأمر، وكانت صلتي وثيقة معه رحمه الله و مع زوجته العظيمة "نوال الدجوي" .. والإثنان يشكلان ثنائياً جميلا نجحا في تقديم إنجازات كبرى للتعليم في مصر. 

ولقبهما المعروف بين طلابهم وأصدقائهم .. "بابا وجيه وماما نوال" .. بدأ نشاطهما بإنشاء دار للطفل أو "بيبي هوم" سنة ١٩٥٨م، وهي أول مدرسة لغات بجهود مصرية 100٪ . 

وكان مقرها في البداية بشارع "محمود عزمي" بالزمالك. 


والمفاجأة أن "بابا وجيه" أخبرني أنه رأى في المنام مقر جديد للمدرسة بكل تفاصيله. 

ويقول أخبرت زوجتي بما رأيته في اليوم التالي ولم نهتم! ونسيت الموضوع، فلم يكن لهذا الحلم أثر في الواقع .. وكان ذلك سنة ١٩٥٩. 

ويضيف قائلا: مرت سنوات ثلاث على هذا الحلم، وفي يوم كنت ذاهبا إلى "الحلاق" بالزمالك لقص شعري، فوجدته مزدحما فقلت أتمشى قليلاً بالمنطقة، ودخلت شارع "إسماعيل محمد" وتسمرت عند الفيللا رقم ٢٤ بالمنطقة. 

وأصابني الذهول والدهشة! يا إلهي إنها ذات المبنى الذي شاهدته في الحلم قبل بضع سنوات بكل تفاصيله، وحتى الألوان الموجودة على حوائطه كانت تطابق ما شاهدته في منامي! 

"وطرت" إلى شريكة العمر، وأخبرتها بما رأيته، ونجحا بالفعل في تأجير المبنى برغم الصعوبات القائمة، ومنه أنطلق نشاط جديد لنا، وكان خير وبركة علينا وبداية لتوسعات جديدة ونجاح لم نكن نحلم به. 

قلت له بإبتسامة كبيرة .. يا صديقي أنت فيك شيئ لله وأمسك الخشب. 


ربنا يرحمه وإن شاء الله يكون في الجنة .. 

حياة جديدة في الآخرة أفضل مليون مرة من هذه الدنيا الفانية. 

الخميس، 16 سبتمبر 2021

عجائب عبد القدوس -قصة حب نادرة!


بمناسبة بدء الدراسة ودخول الجامعات أقول أنه عندما يأتي الحديث عن الحب الرومانسي تجد من يقول بثقة: ولى زمانه!! وإذا سألته طيب ليه؟ فإن الإجابة تكون: نحن في عصر المادة والفلوس والبزنس ، فلا مكان للرومانسية والعواطف الجميلة في حياتنا بعدما أصبح لكل شيء ثمنه! 

ولست مستعداً للدخول في جدل بيزنطي مع هذا الرأي، ولكنني سأذكر لكم مثالاً عمليا مشهوراً من قلب المجتمع المصري أنا شاهد عليه يدخل في دنيا العجائب و يكون رداً على هؤلاء الذين لا يؤمنون بالحب الراقي بين المرأة والرجل. إنهما ثنائي رائع .. الزوج رحمه الله عمل في الجيش طويلاً ورغم خشونة هذه الحياة، إلا أنني رأيته دوماً غاية في الرقة .. "جنتلمان" بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهو أيضا مهندس بدرجة فنان! يعني تجد أسلوبه في البناء له ذوق، أما هي فحدث ولا حرج .. أفنت حياتها في التعليم وماتزال وأمسك الخشب! بدأت بتعليم أطفال إبتدائي، وحالياً عندها جامعة على أرقى مستوى! 

وأظن أن ذكاء حضرتك أوصلك إلى من أقصده في كلامي .. إنهما "نوال ووجيه الدجوي" رحمه الله أو "ماما نوال وبابا وجيه" .. كان سر نجاحهم الحب القائم بينهما وكله غرام وهيام رغم الجدية التي تسود حياتهم .. إنها قصة جميلة ولا في الأحلام! والذي يجعلها نادرة أن العاشق "بابا وجيه" كان دوماً يحب أن يكون في الظل لتتقدم امرأته بفضل تشجيعه، فهو قلبها النابض وهذا لعمري أمرا استثنائياً جدا في عالم الشرق وعقلية سي السيد والأضواء مسلطة عليه بينما امرأته خلفه ، وبابا وجيه عليه مليون رحمة أخبرني بحكاية غريبة جداً أرويها لحضرتك إن شاء الله في أقرب وقت.

عجائب عبد القدوس -هزيمة الإخوان في المغرب فضح إستبداد النظام المصري



أراهن أن عنوان مقالي أثار دهشتك وربما إستنكارك أيضاً!! وكل علامات الإستفهام تتراقص أمام عينيك على هذا الكلام الذي قد تراه يتنافى مع المنطق السليم، ومن حقك أن تسألني: بأي منطق ترى أن سقوط اصدقائك الإخوان في المغرب فضح النظام الحاكم عندنا؟! 

وأرجوك أن تصبر قليلا، وسترى أن هذا الكلام ليس من عندياتي بل ذكرته عدة صحف عالمية. 

وفي البداية أقول لحضرتك أن المغرب زي مصر والغالبية العظمى من بلاد أمجاد يا عرب أمجاد حيث تجد رأس الدولة له سلطات هائلة! لكن بلاد مراكش أفضل حالاً من عندنا وفيها تنافس بين الأحزاب تمثل مختلف الإتجاهات ومن بينها الإتجاه الإسلامي الذي يصر البعض على وصفه بأنهم إخوان رغم عدم وجود أي صلة تنظيمية بينهم. 

وقد تمكنوا من الفوز في الإنتخابات البرلمانية قبل سنوات، ثم حازوا على ثقة الشعب من جديد، وشكلوا وزارة برئاستهم ضمت مختلف الأحزاب، مع العلم أن المناصب السيادية في أي تشكيل وزاري من إختيار الملك وحده! لكن في الإنتخابات التي أجريت قبل أيام رفض جمهور الناخبين أن يعطيهم ثقته من جديد، بل عاقبهم على سلسلة من الأخطاء أرتكبوها، وسقطوا سقوطا مدويا. 

وبعض الصحف العالمية قارنت بين ما جرى في المغرب وما يحدث ببلادنا، ورغم التشابه في السلطات الهائلة للحاكم، إلا أنه توجد فوارق جوهرية لا تخطئها عين تصب كلها لصالح المغرب الشقيق، وعلى رأسها مصير الإسلاميين هنا وهناك، فهم في مصر وصلوا إلى الحكم .. الرئاسة والبرلمان في إنتخابات حرة، لكن خروجهم منها كان مأساويا بعد إنقلاب عسكري .. وسيطرة الجيش وحكم عسكري أحكم قبضته على البلاد والعباد .. يعني رجعنا مليون سنة إلى الوراء .. وعدنا إلى نقطة الصفر في مجال الحريات وقيام نظام ديمقراطي! والحياة السياسية عندنا مجمدة تماماً، فالرئيس هو الكل في الكل!! بعكس المغرب حيث الحزب الفائز في الإنتخابات يشكل الوزارة، وإن بقيت للملك صلاحيات واسعة!! 


وأخيراً فإن قادة الحزب الإسلامي في البلد الشقيق سارعوا إلى تقديم إستقالتهم بعد الهزيمة المدوية تمهيداً لإختيار قيادات جديدة، وهذا أمر جدير بالإحترام لا تعرفه بلاد أمجاد يا عرب أمجاد إلا إستثناء .. عجائب. 

الأربعاء، 15 سبتمبر 2021

يوم لا أنساه : سامي شرف : عبدالناصر أعطاني سيجارة!



شهر سبتمبر شهد وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر منذ أكثر من نصف قرن والذين هم على قيد الحياة من من عملوا معه عن قرب لا يتعدى حاليا أصابع اليد الواحدة على رأسهم الصديق العزيز محمد فايق الذي كان وزيرا للأعلام وهو حاليا رئيس المجلس القومي لحقوق الانسان و قد التقيت به لأول مرة وراء الشمس في سجن مزرعة طره عام 81 وكذلك الصديق سامي شرف  مدير مكتب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ، والوزير السابق برئاسة الجمهورية ، الذي عمل مع "ناصر" منذ اليوم الثالث لثورة يوليو ، وفي سنة 1955 تم إنشاء مكتب للمعلومات يتبع الرئيس مباشرة وتولاه سامي شرف ومنذ هذه اللحظة لم يفترق عنه حتي وفاته.. 

أتصلت به، ووجدته متعبا منهكا وصوته يخرج بصعوبة ، فهو يعاني من أمراض الشيخوخة ، وقبل أن أنهي المكالمة قلت لنفسي: سأجرب حظي معه وأسأله عن يوم لا ينساه.. وحدثت المفاجأة فإذا بالصوت الضعيف المنهك يتحول بقدرة قادر إلى صوت قوي وواضح ، وكأن المريض قد استرد صحته ولو لدقائق وأنا أسأله : متى توثقت علاقتك بالرئيس الراحل ؟ هل قبل ثورة يوليو أم بعدها؟ فرد بعدما طرد المرض من صوته: كان ذلك سنة 1950 عندما أعطاني سيجارة!!

وشرح في سلاسة ووضوح ما يعنيه قائلا : كنت وقتها بالجيش ملازم اول وذهبت إلى مدرسة الشئون الادارية بالعباسية وأخذت دورة إستعدادا للترقية، وكان من بين اساتذتي الصاغ جمال عبدالناصر ، وكان مدرس لمادة "التحركات" ، وقبل نهاية الدورة كان من المفترض أن يقدم كل طالب مشروع التخرج ، فقدمت مشروعي، وفي اليوم الأخير للدورة دخل جمال عبدالناصر الفصل وسأل عن الطالب سامي شرف الذي هو أنا!! وطلب مني أن أذهب إلى مكتبه بعد انتهاء الدرس! وبالطبع توقعت الشر! وقلت : هناك عقاب في انتظاري ، فالمدرس الضابط لا يطلب طالب في مكتبه إلا لتوبيخه!! ولكنني فوجئت به يطلب مني الجلوس وأعطاني سيجارة وقال مشروعك جيد ، وأنت باين عليك ضابط كويس، وأتوقع لك مزيد من النجاح في المستقبل ، وخرجت من اللقاء وأنا مبسوط جدا ، فأنا الطالب الوحيد الذي تلقى ثناء وكلمتين حلوين من مدرسه.

وبعد قيام ثورة يوليو بثلاث أيام بالضبط وتحديدا يوم 26 يوليو وكنت في موقعي بطريق مصر السويس جائتني إشارة من المخابرات الحربية للقاء زكريا محي الدين الذي أخبرني أنني سأعمل مع عبدالناصر ، وكان واضحا أن قائد الثورة لم ينساني منذ أن أعطاني سيجارة!! وفي سنة 1955 أخبرني الرئيس أنه في طريقه لإنشاء سكرتارية الرئيس للمعلومات وأنني سأكون مسئولا عنها ، وهكذا توثقت صلتي به، وظللت بجانبه حتى وفاته رحمه الله.

الثلاثاء، 14 سبتمبر 2021

عجائب عبد القدوس - مكافأة من السماء بعدما قمت بتنظيف دورة المياه!



لا أنسى أبدا تلك المفارقة العجيبة التي جرت خلال إعتقالي لأول مرة عام ١٩٨١ والتي أراها صدفة خير من مليون ميعاد!! وبطلتها ست الحبايب والدتي ربنا يرحمها مليون رحمة وصورتها بين يديك،. 

مكثت وراء الشمس أربعة أشهر، وتنقلت بين عدة سجون. وأتذكر جيدا أنني في سجن أبوزعبل كنت مقيماً في عنبر يضم عدد من رفقاء الحبسة، والظروف صعبة وغير مسموح بأي شيء، وأبواب الزنازين مغلقة تماما فلا تفتح إلا إستثناء، والهدف قطع صلة السجين بالعالم الخارجي تماماً! وفي العنبر الذي كنت أقيم فيه توجد دورة مياه، نقضي فيه حاجاتنا، وإتفقنا أن يتولى كل واحد منا تنظيفها بالدور يوميا، وجاء دوري لكي أقوم بهذه المهمة "وأمسح التواليت"! ورفض زملائي أن أفعل ذلك، قال أحدهم :"أنت إبن باشا وصحفي معروف وساكن في الزمالك .. خللي هذه المهمة يقوم بها الناس الغلابة اللي زينا"!! 

لكنني رفضت بشدة هذا المنطق! 

وقمت من مكاني مصرا على جعل دورة المياه المتسخة كأنظف ما تكون. 

وبعدها بدقائق وكنا بعد المغرب حدثت مفاجأة، فوجئت بميكروفون السجن ينادي أسمي!! وأعترف لكم أن القلق أصابني جدا وكمان جدا، والسبب أن هناك عدد من السجناء غادروا السجن إلى مكان آخر تشرف عليه أمن الدولة مباشرة ويتم إستجوابهم في هذا المكان وبالطبع يتعرضون للضرب والتلطيش والبهدلة!! 

وخرجت من العنبر بعد وداع حار من زملائي، وفي حوش السجن جاءني أحد الضباط قائلا: ماتخافش إن شاء الله خير!! وركب معي في لوري الشرطة ثلاثة من الشباب السجناء، وانطلقت بنا السيارة في طريق المعادي .. وكان واضحاً أنها ذاهبة إلى هذا السجن المشدد، وبالفعل دخلت السيارة إلى المكان وتوقفت، وكانت الساعة حوالي التاسعة مساءاً، وإنتظرنا وكان أطول إنتظار في تاريخ حياتي!! وبعد برهة جاء من يفتح أبواب اللوري .. وينادي على أسماء الشباب، ويتم كلبشة كل واحد منهم ووضع قماش سميك محكم على عينيه بحيث لا يرى شيئا، ثم يتم إدخاله إلى باب السجن، وتألمت جدا وأنا أشاهد حالهم وسوء معاملتهم، وكنت في أنتظار دوري، لكن أحد لم ينادي على أسمي وبقيت وحدي في سيارة الترحيلات، وجاء من يغلق بابها من جديد، وإنتظرت مرة أخرى مدة هي الأطول في تاريخ حياتي، وأخيراً جاء ضابط وركب بجوار السائق وتحركت السيارة من جديد وإبتعدنا عن المكان، وإنطلقنا إلى سجن آخر أسمه ملحق مزرعة طرة، وكان هذا السجن مخصص لأهل السياسية والصحفيين وأساتذة الجامعات .. وفيها كبار القوم الذين تم القبض عليهم وعلى رأسهم الوزير "محمد فائق" "وفؤاد سراج الدين" باشا رئيس الوفد والكاتب المتألق دوماً "محمد حسنين هيكل"!!  

وكنت أظن أنني ذاهب إلى جحيم المعتقلات، فإذا بي أجد نفسي في أفضل سجن في مصر في هذا الوقت!! وفي اليوم التالي عندما علموا بوصولي أخذوني بالقبلات والأحضان!! وكان هؤلاء السياسيين ينظرون لي قبل الاعتقالات على أنني صحفي شاطر، وبعدها صديقا لهم جميعاً، وهذا أفادني جدا في حياتي الصحفية والمهنية بعد ذلك!! فشكراً لمن حبسني!! والشكر الأكبر لست الحبايب والدتي الجدعة رحمها الله التي بذلت كل جهد ممكن لتحسين ظروف إعتقالي، حتى أنها بعد موت "السادات" رحمه الله، إتصلت بمكتب وزير الداخلية وطالبت بنقل "أبنها" من أبوزعبل إلى  السجن المحبوس فيه أهل السياسة والصحفيين، وهذا ما تم بالفعل وتغيرت حياتي تماماً وراء الشمس فالطعام من الخارج والزيارات والصحف كل هذا مسموح به، وتفتح أبواب الزنازين في الصباح ولا تغلق إلا عند الغروب!! 

وهذا بالطبع إستثناء جدا في أوضاع السجون ببلادنا، ولكنه هو الغالب في سجون الدول المتحضرة، وأتمنى أن تكون بلادي واحدة منها. 


الاثنين، 13 سبتمبر 2021

حكايات إحسان عبد القدوس - السادات خرج من الباب الخلفي!




هذه هي الحلقة الثالثة والأخيرة عن ظروف إعتقالي لأول مرة عام ١٩٨١ .. يعني أربعين سنة بالتمام و الكمال! وكلامي اليوم يتعلق بحبيبي "سانو"، فهو يدخل ضمن حكايات إحسان عبدالقدوس! وقلت من قبل أنه فوجئ بالقبض على إبنه، فهو يعرف السادات من مدة طويلة جداً قبل ثورة ١٩٥٢، ولذلك صدم في صديقه القديم الذي وافق على القبض على إبنه. 

والجدير بالذكر أن السادات إطلع بنفسه على أسماء كل المعتقلين قبل أن يعطي الأمر بالتنفيذ. 

وبعد ذهابي وراء الشمس بأيام جاءت دعوة لوالدي لحضور إجتماع المجلس الأعلى للصحافة مع رئيس الجمهورية، وضم اللقاء كبار الصحفيين في مصر لكن حبيبي أبي تردد في الحضور وأراد الإعتذار، لأنه زعلان جداً من "السادات"! وأعتبر أن الموافقة على إعتقالي خيانة للعيش والملح بالتعبير العامي! 

وأخيراً خضع لرأي شريكة العمر ست الحبايب أمي الجدعة التي قالت له إن عدم ذهابه يمكن أن ينعكس بالسلب وتكون له نتائج مش حلوة على معاملتي داخل السجن! وذهب "سانو" إلى اللقاء مضطراً بحكم الظروف، لكنه رفض بشدة الجلوس في الصفوف الأمامية وأصر على الجلوس في آخر القاعة بجوار الباب الخلفي، فلا يرى السادات ولا يراه. 

ودخل الرئيس "بهيلمانه" إلى المكان، وبدأ في إلقاء خطابه الذي شن فيه حملة نارية على الصحافة وصحف المعارضة خاصة، وإتهمها بالتجاوز وتعريض مصالح البلاد للخطر! وفي أثناء خطابه كانت عينه تدور بين الجالسين حتى لمح والدي في آخر القاعة وإستقرت عينه على حبيبي أبي! ودب الخوف في قلب أبي، فقد خشي أن يوجه السادات كلامه إليه في خطابه ويضعه في موقف محرج! ولكن هذا لم يحدث! وبعد إنتهاء اللقاء فوجئ الجميع بأن الرئيس لم يخرج من الباب الرئيسي الذي دخل منه بل أصر أن يذهب إلى والدي ويخرج بعدها من الباب الخلفي، وقام بالسلام عليه، وجرى بينهم حديث جانبي، وحاول السادات أن يتحدث عن أسباب إعتقالي، لكن أبي رفض تماماً أن يستمع إليه وقال له: أنا شخصياً دخلت السجن أكثر من مرة، وأنت كمان "يقصد السادات"! خللي إبني كمان يخوض هذه التجربة، وفوجئ السادات بهذا الكلام وأصابته الدهشة وخرج من القاعة من الباب الخلفي. 

والغريب أن أخبار اليوم خرجت بعدها بكلام عجيب قالت فيه أن إحسان عبدالقدوس قال للسادات أنه نصح إبنه بالعدول عن سلوكه المتطرف، لكنه لم ينتصح! واتصل أبي برئيس التحرير المرحوم "إبراهيم سعده" قائلاً في غضب: أبني والحمد لله متربي كويس وهو أبعد ما يكون عن التطرف، وأصر على نشر تكذيب لهذا الكلام!! فرد الأخير قائلا : يا أستاذ إحسان أنت أستاذنا كلنا، لكن الرئيس السادات طرف في هذا الموضوع فلابد من إستئذانه أولا قبل نشر رد حضرتك!! وأخيراً تم النشر في أخبار اليوم التي كانت أوسع الصحف إنتشارا في ذلك الوقت، وفيه "كلمتين حلوين عني من حبيبي أبي"!! وجاءني ضباط السجن الذي كنت فيه قائلين: أفرح يا عم مصر كلها بتتكلم عنك! وأطلعوني على عدد أخبار اليوم رغم أن الإطلاع على الصحف كان ممنوعا تماماً على المسجونين. 

والصورة المرافقة لهذا الموضوع تؤكد لحضرتك علاقة السادات القديمة جداً بأسرتنا، وهي في أوائل الخمسينات من القرن العشرين على شاطئ "سيدي بشر" بالإسكندرية، وفيها الرئيس بالمايوه يداعبني أنا وشقيقي "أحمد" عندما كنا أطفال صغار. 

الأحد، 12 سبتمبر 2021

عجائب عبد القدوس - مفاجأة كبرى للقوة التي إقتحمت منزلنا!



قلت لحضرتك من قبل أن عائلتي كلها دخلت السجن لأسباب سياسية ابتداءً من جدتي "فاطمة اليوسف" أو روزاليوسف ومروراً بوالدي "إحسان عبدالقدوس"، وربنا يرحمهم جميعا وإنتهاء "بالعبد لله" الذي هو أنا!! 

وفي هذه الأيام كانت ذكرى محنة إعتقالات "السادات" في سبتمبر ١٩٨١ .. أربعون عاماً بالتمام و الكمال، كنت أيامها في مقتبل العمر، صحفي ناشئ برز أسمي بسرعة في أخبار اليوم حيث كنت أعمل، بالإضافة إلى مقالاتي النارية ضد النظام الحاكم في ذلك الوقت إحتجاجا على معاهدة "كامب ديفيد" والصلح مع العدو الصهيوني، وإستضافة "شاه إيران" المطرود في بلادنا، وسياسة "السداح المداح" التي رافقت الإنفتاح وكنت أنشرها في مجلة الدعوة الإسلامية، ولذلك تم ضمي إلى  قائمة الصحفيين الذين صدر قرار بإعتقالهم من ضمن ١٥٠٠ معارض للرئيس الراحل "أنور السادات" رحمه الله ضمت فئات شتى من المجتمع، ومن مختلف الأحزاب السياسية والأقباط والتيار الإسلامي، والعديد من الطلاب وبعض أساتذة الجامعات. 

وكانت قد تواترت أنباء قبلها أن هناك حملة إعتقالات ستجرى، وقبيل فجر الأيام الأولى من سبتمبر عام ١٩٨١ إقتحمت قوة منزلنا بالزمالك الذي أسكن فيه مع والدي وأمي رغم زواجي وإنجابي، لكن حبيبي أبي رفض أن أسكن بعيداً عنه لأنه يريد أن يستمتع بحفيده الجديد!! 


وبداية الإقتحام جرس متواصل وخبط شديد على الباب، ودخل منزلنا ضباط ثلاث ألجمتهم المفاجأة، حيث كان "إحسان عبدالقدوس" جالساً مع بعض ضيوفه وكلهم أناس مشهورين في المجتمع .. والسهرة معهم ممتدة!! وأصيب رجال الشرطة بالذهول! وبدا عليهم الإرتباك. وقال كبيرهم: إحنا متأسفين قوي قوي يافندم بس عايزين "الأستاذ" محمد!! ونظر إليهم والدي وضيوفه في دهشة وصمت! فهو صديق للسادات من سنوات طويلة جداً ولم يكن يتوقع أن يوافق على إعتقالي! أما أمي الحبيبة الجدعة رحمها الله فلم تسكت بل إنفجرت في رجال الشرطة قائلة بغضب: "المنازل لها حرمة" إزاي تتهجموا على بيتنا بالطريقة دي؟؟ 

ولم يرد أحد منهم وبدا عليهم الضيق وقال احدهم معلش متأسفين يافندم بس إحنا عايزين "الأستاذ" محمد .. وخللي بالك من كلمة "يافندم" و"الأستاذ" التي لا تقال في هذه المواقف وأخيرا جاءهم "الأستاذ" محمد الذي هو أنا! فقال لي ضابط الشرطة: عايز أعمل طلة على "أوضتك" ودخلوا حجرتي، وألقوا عليها نظرة سريعة، ولم يهتموا بتفتيشها، فقد كان الإحراج يلازمهم وأرادوا مغادرة منزلنا في أسرع وقت وقال أحدهم لوالدي قبل أن ينصرف: أنا آسف قوي على الإزعاج ده! 


وفي سيارة البوكس التي ركبتها معهم قال لي أحدهم مداعبا: والدتك باين عليها ست صعبة قوي! ولم أرد! 


وأسألك:  أليس ما جرى حالة فريدة من نوعها لا تتكرر في عمليات القبض التي تقوم بها الشرطة؟؟ 


السبت، 11 سبتمبر 2021

ست الكل : المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة



نشرت قبل أيام مقال عنوانه "المرأة التي لا تعمل ليست درجة ثانية" وكان له تأثيراً إيجابياً بين من يتابعني. 

وعندي كلام آخر في هذا الموضوع .. لاحظت أن زوجات العديد من أبرز نجوم مجتمعنا لا يعملن! وتأثيرهم ضخم جداً في بيوتهم وهن نماذج للنجاح، وربنا يرحم "والدتي" وكانت معروفة باسم "لولا"، ويقول عنها حبيبي "سانو" وهو اسم أبي بين أصدقائه: "لولا .. لولا ما نجح سانو"! وأرجو تأمل تلك العبارة جيداً حيث وردت "لولا" مرتين ..  مرة أداة شرط وأخرى اسم بضم اللام.

وأتذكر بكل خير كذلك زوجات عمالقة الصحافة الذين رحلوا .. مصطفى أمين وهيكل وأحمد بهاء الدين .. وتأثير زوجاتهم عظيم، وكل واحدة منهن ست الكل، وكن ستات بيوت فقط! ولا أنسى بالطبع زوجة نجم الفن عادل إمام التي تعيش في الظل وتأثيرها كبير جداً على كل من حولها. 

وكل واحدة من هؤلاء ملكة داخل بيتها وهذا يخالف بالطبع عقلية الرجل الشرقي الذي لا يعترف بست الكل ويرى الزوجة خادمة لبعلها!! 

والكلمة الأخيرة مشتقة من "بعل"! يعني "راجل مالي هدومه" وعلى المرأة أن تخضع له وتسمع الكلام وتنجب له المزيد من البنين والبنات! وهي دوماً مجرد عسكري ولا يمكن مقارنتها بحضرة الضابط زوجها! 


وتلك العقلية يسميها العلماء بالتقاليد الراكدة التي تتنافى مع الإيمان الصحيح، وفي مقابلها تجد التقاليد الوافدة القادمة من الغرب عكس الراكدة الموجودة عندنا، ولكنها تتفق معها في تطرفها!! ومنطقها: "البنت زي الولد مش كاملة عدد"! وهي مطلع أغنية معروفة للفنانة الراحلة سعاد حسني! وقد يبدو لأول وهلة أن كلامها صحيح، لكن خذ بالك! فالبعض من هؤلاء عايز امرأة "مسترجلة" زيها زي الراجل ولا فارق! وهذا ما يرفضه الفطرة الإنسانية بالطبع، وحواء تظل دوماً أنثى وغير مقبول أن تمسح المساواة الفوارق بين الجنسين! أو ترى حياتها الزوجية والأمومة درجة ثانية، وأسأل أي واحدة في الدنيا حول هذا الموضوع ستقول لك بلا تردد: أبني بالدنيا وهو يساوي عندي كنوز الأرض، وأهم من أي وظيفة ولو كانت رئيسة! وبهذه المناسبة أتذكر قصة لوالدي "إحسان عبدالقدوس" عليه ألف رحمة عنوانها :"إستقالة عالمة ذرة" .. فقد قدمت إستقالتها لتتفرغ لتربية أبنها المريض رغم أنها عبقرية في مجالها! 


كان أبي حبيبي يعبر في حكاياته عن الفطرة الإنسانية السليمة .. أليس كذلك؟ 

ظلم صارخ - خالد بدوي


قلبي مع صديقي العزيز خالد بدوي المحامي الذي يبدأ من يوم السبت ١١ سبتمبر حضور جلسات أصعب قضية في حياته ؛ لم يسبق له أن مرت عليه من قبل حيث أن من بين المتهمين فيها شريكة عمره المحامية البارزة هدى عبد المنعم التي تعرضت مع غيرها لظلم صارخ وأصيبت بأمراض عدة منذ القبض عليها قبل أكثر من سنتين في أتهامات أي كلام تدل على أن القضية كلها فشنك !!

ربنا يكون في عون كل مظلوم ببلدنا وما أكثرهم ويريط على قلوب أسرهم ويعطيهم قدرة الصبر على هذه البلاد ويأخذ كل ظالم أخذ عزيز مقتدر 

الأربعاء، 8 سبتمبر 2021

حكايات إحسان عبد القدوس - واقعة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الصحافة!!


هناك شبه إجماع بين أبناء مهنة الصحافة على رفض حبس أصحاب الأقلام، والدول الديمقراطية لا تجد فيها صحفي أو صاحب رأي يذهب وراء الشمس بسبب ما كتبه، لكن ماذا لو أساء إلى غيره أو قام بالتطاول عليه؟ .. هل يمكن إعفاءه من العقاب لمجرد إنتماءه إلى صاحبة الجلالة الصحافة؟؟ بالطبع لا .. وفي البلاد التي توجد فيها حرية صحافة حقيقية يقوم القضاء بحماية سمعة الناس وأعراضهم، فتقوم الصحيفة بنشر إعتذار علني بالبنط العريض لمن أساءت إليه فضلاً عن الغرامة المالية المفروضة عليها كتعويض للشخص الذي أصابه الضرر من جراء القلم الطائش!! 


ومنذ أن إزدهرت الصحافة في بلادنا ونمت وترعرعت إبتداءً من أوائل القرن العشرين الميلادي، وأهل تلك المهنة المتعبة تستقبلهم السجون من حين لآخر! ودخل السجن العديد من الصحفيين في عصور مختلفة، لكنني أتوقف هنا عند حكاية غريبة جداً لم يحدث مثلها في تاريخ المهنة! وكان وكيل النيابة التي يحقق في الواقعة مذهولاً مما يجري أمامه، فهو منظر فريد من نوعه، لم يره من قبل، وكان ذلك سنة ١٩٤٥ .. كتب حبيبي أبي يومها مقال ضد اللورد "كيلرن" السفير البريطاني في مصر تحت عنوان : "هذا الرجل يجب أن يرحل"! 

وقد أحدث ما كتبه والدي ضجة كبرى، فهو الأول من نوعه، وكانت بريطانيا العظمى قد خرجت لتوها منتصرة في حرب كبرى ضد ألمانيا النازية، فكيف يجرؤ كاتب ناشئ على مهاجمة سفير صاحب الجلالة البريطاني؟؟ وكانت مصر وقتها محكومة بحكومة أقلية موالية للقصر والإنجليز برئاسة "النقراشي" باشا! فقرر رئيس الوزراء مصادرة عدد روزاليوسف المنشور فيها المقال، وإحالة كاتبه "إحسان عبدالقدوس" إلى التحقيق!! 

وأسرعت صاحبة المجلة جدتي "روزاليوسف" إلى النيابة، وأبلغت المحقق أنها المسئولة عن ذلك لأنها هي التي وافقت على نشر مقال إبنها، بل وشجعته على ذلك! ولأول مرة يحتد الإبن على أمه ويثور في وجهها ويؤكد أنه يتحمل مسئولية ما كتبه! ووقع وكيل النيابة في حيرة وهو يشاهد مناقشة عاصفة بين الأم وولدها حول من يتحمل مسئولية الهجوم على سفير الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس!! وأخيراً إنحاز المحقق إلى الإبن ضد أمه وقرر حبسه!! وتم إطلاق سراح جدتي "روزاليوسف" بينما تم إيداع أبي في سجن الأجانب! وكان يقع في ميدان المحطة أو رمسيس حالياً، وكل زبائنه من السياسيين!! ومن المؤكد أن تاريخ الصحافة في مصر بل والعالم كله لم يشهد مثل هذه الواقعة .. خناقة بين الأم وإبنها .. كل منهما يحاول أن يفتدي الآخر ويدخل السجن بدلاً منه!! 

والجدير بالذكر أن عائلتنا كلها ذهبت وراء الشمس لأسباب سياسية ابتداءً من الجدة "فاطمة اليوسف" وحتى "العبد لله" كاتب هذا المقال.

 .. وعجائب!! 

الثلاثاء، 7 سبتمبر 2021

حكايات حقيقية أغرب من الخيال - ماتت مخنوقة .. وظنوا موتها طبيعي!



سألت رجل القضاء السابق "أحمد الشهاوي" عن أغرب قضية قابلها في حياته: أجابني بدون تردد أنها تتعلق بتلك السيدة المسنة التي ماتت مقتولة في شقتها! ولم يشعر أحد بالجريمة التي وقعت! وتم دفنها على أساس أنها ماتت موتة طبيعية "من عند ربنا"!! 


وكان من الطبيعي أن أطرح عليه كل علامات الإستفهام الممكنة التي توافدت على ذهني، وتراقصت أمام عيني!! "إزاي" .. ومتى ولماذا؟؟ وكيف يموت الإنسان مقتولاً ولا يشعر بالجناية أحد؟ ثم تساءلت عن كيفية القبض على المجرم مادام أقارب القتيل رأوا فيما وقع إنها مجرد قضاء وقدر؟!! 

رد رجل القضاء على تساؤلاتي العديدة أنها حكاية أغرب من الخيال، والبداية بإلقاء القبض على لص مساكن كان مطلوباً للعدالة! وبدأ في سرد الجرائم التي إرتكبها، ومن بينها سرقة مسكن بمنطقة "السيدة زينب"، وكانت صاحبة المنزل نائمة! لكنها إستيقظت فجأة، فإنقض عليها وهي على سريرها، وقبل أن تصرخ كان قد كتم أنفاسها! ثم قام بتغطيتها، ونامت من جديد، ولكن إلى الأبد هذه المرة!! ولم يعبث بمحتويات بيتها لأنه مجرد أن فتح أحد الأدراج وجد مبلغ من المال "فلطشه"! ولم ينس أن يغلق الدرج قبل أن يهرب!! 


وعند الرجوع إلى سجلات الشرطة تبين أن الشبهات قد حامت حوله بإعتباره لصا محترفا! وتطابقت أقواله في النيابة مع البلاغات المقدمة عن سرقات الجاني فيها مجهولاً، لكن لم يرد ذكر لسرقة مسكن السيدة المسنة.


ويقول رجل القضاء السابق: تعجبت جدا لذلك، فهذه السرقة بالذات مقترنة بجريمة قتل! وقلت في نفسي لابد أن هناك إلتباسا في الأمر. 

وتم إستدعاء أبنها الذي قال أن أمه تقيم بمفردها، وتشكو من عدة أمراض، لذلك كان يتردد عليها يومياً، ويقضي معها ساعات إلى جانبها! وتوقع أن يستدعيها ملك الموت "عزرائيل" في أي وقت! وهذا ما حدث بالفعل!! 

ويضيف مدير النيابة: وعندما أخبرت ولدها أن أمه ماتت مخنوقة لم يصدق وكاد أن يغمى عليه! وبالرجوع إلى الطب الشرعي ذكر أنه من الصعب إستخراج الجثة من المقبرة والكشف عليها لأن الجريمة وقعت منذ ستة أشهر، والسيدة المتوفاة "طلعت روحها" وتحللت!! ومن الصعب جداً إثبات آثار خنقها بعكس إذا كانت قد قتلت برصاصة! أو مضروبة على رأسها!! 


وعدت من جديد لمناقشة اللص القاتل الذي لم يكن يدري حتى تلك اللحظة أن جريمته مجهولة!! فأدلى بتفاصيل تؤكد أقواله السابقة، وبضمير مستريح لرجل العدالة قمت بتقديمه إلى المحاكمة، وهناك حاول التراجع، لكن دون جدوى، فقد فات الوقت! وتمت إدانته ودخل السجن محكوماً عليه بالأشغال الشاقة!! 

الأحد، 5 سبتمبر 2021

ست الكل : المرأة التي لا تعمل ليست درجة ثانية



بمناسبة إنتهاء موسم الأجازات لاحظت من يرى أن المرأة العاملة هي القدوة!! 

يعني التي تمكث في بيتها درجة ثانية! وهذا خطأ كبير يرفضه العقلاء!! وأوعى تفهم كلامي غلط وتعتقد أنني ضد المرأة العاملة!! أنني بالدرجة الأولى من أنصار النجاح! فهو الذي يجعلها "ست الكل" ، وهناك من لا تشغل وظيفة محددة ولكن لها نشاط إجتماعي واسع، وهذه تستحق كل تقدير وتعظيم سلام كمان!! وليست كل من تعمل تستحق التقدير! فقد تذهب إلى العمل لأنها "فاضية" !!  "والفاضي يعمل قاضي" بالتعبير العامي! وتعمل من أجل "قتل الوقت"! وملء الفراغ مع أن الوقت هو الحياة!! 

وأرفض بشدة تأجيل الزواج رغم وجود العريس المناسب لأن حضرتها مشغولة بعملها!! وفكرة بناء عش الزوجية مؤجلة! فهذا خطأ كبير ويترتب عليه نتائج خطيرة حيث يمكن لهذه العقلية أن يفوتها قطار الزواج الناجح! 

ولذلك أقول لها إياك والتردد إذا وجدت الشخص المناسب الذي يستريح له عقلك وقلبك، فالعمل هنا يأت في المرتبة الثانية إلى جانب الإرتباط بالعريس المنتظر حتى ولو وصلت إلى أعلى المناصب! 

ومفيش أجمل من الأمومة، وأراه أروع شيء في الدنيا عند المرأة! 

وأسأل سيدتي في أي مكان فستقول لك على الفور: "أبني بالدنيا"!! أليس كذلك؟؟ 

الخميس، 2 سبتمبر 2021

عجائب عبد القدوس - حكايتي غريبة جداً مع موسيقار الأجيال عبدالوهاب!!



أرجوك أن تصبر معي قليلاً، وسترى أن حكايتي مع الموسيقار "محمد عبدالوهاب" رحمه الله والتي جرت يوم وفاته بالغة الغرابة!! 

ودعني أقدم لك لمحة سريعة عن علاقة أسرتي بالمطرب العظيم، إنها علاقة قديمة جدا، والصورة المنشورة مع موضوعي تشهد على ذلك، وهي تجمع بين جدي المرحوم "محمد عبدالقدوس" و"عبدالوهاب" في فيلم "الوردة البيضاء"! 

وعلاقته مع جدتي "فاطمة اليوسف" كانت أكثر قوة منذ أن أنشئت مجلتها روزاليوسف عام ١٩٢٥، وعملت على تشجيع المطربين الناشئين في هذا الوقت "محمد عبدالوهاب وأم كلثوم". 

وفي محاولة للتقرب منها قام عبدالوهاب بضم أبنها الصغير "إحسان عبدالقدوس" إلى الفرقة الموسيقية بمدرسة السلحدار الإبتدائية التي كان يشرف عليها، لكنه أكتشف أن صوت حبيبي "سانو" كما كنا نناديه داخل منزلنا مش حلو خالص! وكنت أرى دوماً موسيقار الاجيال بمنزلنا في ضيافة أسرتنا منذ أن كنت طفلا حيث كانت علاقته بأبي وأمي قوية جداً وربنا يرحم زوجته السيدة "نهلة القدسي". 

وأعتقد أنني كنت آخر من أجرى معه حوارا في بداية التسعينات من القرن العشرين قبيل وفاته، وتركز عن بداياته الغنائية وقد نشر في مجلة "كل الناس" التي كان يشرف عليها "عماد أديب" وزوجته السابقة "هالة سرحان"، وكان الموضوع الرئيسي وتم وضعه على غلاف المجلة بعناوين بارزة!! وتمت المقابلة بمنزله بالزمالك وبحضور زوجته. 

وبعد وفاته رحمه الله قررت الذهاب للعزاء، وكان في مدينة نصر، لكن توقعت أن تكون الدنيا زحمة جدا جدا، فذهبت إلى مستشفى "مصر الدولي" بالدقي لعلي ألتقي بأسرته فأقدم لهم العزاء، وبالفعل ذهبت إلى هناك ولم أجد أحد مطلقاً، وتساءلت أين ذهبوا؟؟ يمكن يكونوا عند "الثلاجة" بالمستشفى حيث توجد الجثة، وفوجئت بأني وحدي هناك وأسرته وكأنها فص ملح وداب!! وبعد قليل من الإنتظار فوجئت برجل ضخم الجثة يسألني: هل أنت من أفراد أسرة المرحوم؟؟ وقبل أن أجيب فوجئت بقوله: أنا الحانوتي تعالى علشان نبدأ إجراءات غسل الجثة! وهكذا وجدت نفسي أشارك في تغسيل المرحوم وكنت أنظر إليه بتأثر شديد وهو مغمض العينين وأستعرض في خيالي تاريخ مصر كلها من خلاله قائلاً: ربنا يرحمك مليون رحمة، وبعد غسله بدأت إجراءات الكفن ووضعه في تابوت الموتى. 

وجاءت سيارة الإسعاف وجلست خلف السائق بجانب الجثمان أقرأ القرآن على روحه الطاهرة وأدعو له بالرحمة والمغفرة حتى وصلت السيارة إلى مكان تشييع الجنازة، وكانت هناك أعداد ضخمة الآلاف من الناس في مقدمتهم أسرته سلمت عليهم جميعاً. 


وعندما أتذكر هذا اليوم وما جرى فيه أقول أنه لم يسبق له مثيل في حياتي، وأسألك: أليست حكايتي تلك غريبة .. وغريبة جدا كمان؟؟ 


الأربعاء، 1 سبتمبر 2021

حكايات حقيقية أغرب من الخيال - ما سرقته تملكه السماء!!



 تم ضبطه متلبساً في قضية سرقة، وصدر حكماً بحبسه لمدة ثلاث سنوات. اللص إستأنف الحكم، ومثل أمام المستشار "محمد عبدالعزيز" أكد أنه ليس مجرما بل ظروفه الصعبة هي التي دفعته إلى ذلك! والشيء الذي حاول لطشه ليس ملكاً لإنسان، بل تملكه السماء!! وواثق أنها ستسامحه لأن ربنا يعلم أحواله! 

والمفاجأة في تلك القضية أن المجتمع ممثلاً في القضاء هو الذي تفهم الظروف التي يمر بها وأصدر القاضي قرارا بإطلاق سراحه والإكتفاء بالأشهر الثلاثة التي قضاها في السجن حتى مثل أمامه بديلاً عن السنوات الثلاث التي كانت قد صدرت في حقه. 

والجاني كان يعيش مع والده بالزقازيق، وبعد وفاة الأب إستولى إخوته الكبار وهم من أم اخرى على الشقة التي يقيم بها وطردوه منها!! وخرج إلى الشارع لا يجد من يأويه! وأخيراً ذهب إلى مسجد .. وهناك أخذ يفكر في مستقبله .. وزين له الشيطان طريق الجريمة، لكنه ليس لصا! وسرقة غيره آخر ما يمكن أن يخطر له ببال! وفي أثناء تواجده بالجامع شاهد ساعة ثمينة معلقة في الحائط أعجب بها!! إنها ليست ملكاً لإنسان! بل هذا الشيء الغالي تملكه السماء وحدها، وهو سيستولى عليها ليس بغرض السرقة بل لأنه يريد أن يعيش! وهذه الساعة عند بيعها ستتيح له ثمن الطعام!! وبالفعل دبر أمر جريمته إلا أنه تم ضبطه وشك المصلين في "اللفة" التي يحملها معه عند خروجه من المسجد!  وتبين وجود ساعة الجامع بداخلها! وكانت النتيجة القبض عليه حيث نال "علقة" من أولئك الذين كانوا يصلون معه بعدما إتضح لهم أنه حرامي لطش الساعة في غفلة منهم!! 

وأصدرت محكمة أول درجة حكماً مشددا في حقه لأنه إنتهك حرمة بيوت الله! فقامت بتوقيع أقصى عقوبة يسمح بها القانون في هذه الأحوال، إلا أن المستشار "محمد عبدالعزيز " نظر إلى الجريمة من زاوية أخرى، ورأى أن عدالة السماء والأرض أيضاً تطالبه بمراعاة ظروف المتهم المطرود من بيت والده، والذي لا يجد مكان يأويه سوى السجن!! لذلك إكتف بالعقوبة التي قضاها وراء الشمس، وأفرج عنه. وخرج اللص إلى الدنيا ليكافح في الحياة من جديد بعيداً عن الجريمة بأنواعها ولو كانت سرقة شيئاً تملكه السماء!!