ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الخميس، 29 سبتمبر 2022

حكايات حقيقية أغرب من الخيال - خطف الثري الفاسد كشف قتله الرجل الشريف !!



إختطاف ثري .. 

بدأت أجهزة الأمن تحرياتها تحت إشراف اللواء "محمود وجدي" وكان وقتها يرأس الإدارة العامة لمباحث القاهرة ، ولم تكن مهمته سهلة ، فالمجني عليه سمعته سيئة وله أعداء كثيرون ، وسارت خطة البحث في عدة إتجاهات دون جدوى ، وأخيراً وصلته معلومات بأنه تم العثور على جثته في "ترعة الإسماعيلية" ، وقام الأهالي بدفنها في "بطن الترعة" !! 

أسرع إلى المكان وقد عاوده بصيص الأمل ، وتم إستخراج الجثة وكانت وقعت مفاجأة ، فالجثة لم تكن للشخص الذي تم إختطافه !! 

وثار سؤال : من هذا القتيل الذي لا يعرفه أحد ؟ 

إنه لغز جديد ، وبدأ البحث عن صاحب الجثة التي وجدها رجال الشرطة بالصدفة أثناء بحثهم عن الثري الذي أختفى .

ودلت تحريات اللواء "محمود وجدى" أن المجني عليه "الجديد" عامل باليومية من "شبرا الخيمة" يكثر من التنقل والإنتقال من مكان إلى آخر ، لذلك لم يشك أحد إطلاقاً في إختفاءه ، وإنه مات بيد زوجته التي قتلته ، لتتزوج عشيقها ، وتم العثور بالصدفة على جثته ، وكادت القاتلة أن تتزوج من عشيقها لولا ظهور الجثة قبل الزواج .

سألت اللواء "محمود وجدى" : لكن ما أخبار المجني عليه "القديم" أو الأصلي الذي تبحثون عنه ؟ 

أجابني : "لا حس ولا خبر" ولم يتم العثور عليه حتى الآن ، وهكذا شاءت إرادة السماء أن نعثر صدفة على جثة عامل شريف لم يهتم أحد بإختفاءه ، بينما الغني سيئ السمعة محل الإهتمام لا أثر له !! 

الاثنين، 26 سبتمبر 2022

حكايات إحسان عبد القدوس - خادم الحرمين في منزلنا !!




رغم أن قصص حبيبي أبي كانت ممنوعة في السعودية إلا أنه كانت له صلات طيبة بعدد من أفراد الاسرة المالكة المنفتحين على العالم الخارجي ولهم صداقات مع الصحفيين والمثقفين العرب.

وأتذكر من هؤلاء ثلاثة :

- الشاعر الامير عبد الله الفيصل -  وله قصة مع "سانو" وهو الاسم الذي أشتهر به والدي بين أصدقاءه وداخل بيته 

وخلاصة حكايته أنه كتب قصيدة شعرية عنوانها سمراء يا حلم الطفولة وأراد من موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب أن يلحنها ويغنيها ولكن سانو أقنعه بمطرب جديد صاعد بسرعة الصاروخ وله شعبية كبيرة أسمه عبد الحليم حافظ وكان وطيد الصلة بأبي .. 

وهذا ما حدث بالفعل وكان أول لقاء بين عبد الحليم والعالم العربي وذلك في منتصف الخمسينات من القرن العشرين الميلادي وقبل أنفتاحه بعد ذلك على المسئولين والفنانين في لبنان ثم المغرب العربي .. 

وأتذكر أن الامير الشاعر كانت له فيللا جميلة في مصر الجديدة وذهبنا ونحن صغار إلى هناك في ضيافته والتقينا بالاميرة الجوهرة من أفراد الاسرته .

- الامير طلال بن عبد العزيز -  وكان متمردا على الاوضاع بالسعودية والطريقة التي تحكم بها وأنا شخصيا التقيت به أكثر من مرة وأجريت معه حوارا صحفيا وأخبرني أنني جمعت في شخصي بين قمتين .. "إحسان عبد القدوس والدك رمز الليبرالية والشيخ محمد الغزالي الذي تزوجت ابنته رمز التدين المستنير" .. 

وربنا يرحم الجميع والجدير بالذكر أنه والد الامير الملياردير الوليد بن طلال.

- والمفاجأة التي أقدمها لحضرتك خلاصتها أنني كنت منذ سنوات بالاراضي المقدسة أقوم بتأدية العمرة .. 

جاءني تلفون في حجرتي .. من الديوان الملكي ..

وطبعا أصابتني خضة .. 

ما الذي يدفعهم إلى الاتصال بي ..

فوجدت أن المتحدث الامير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض .. 

بعد السؤال عني والاطمئنان على أحوالي وأنا في دهشة شديدة عرفت سر المكالمة عندما قال لي ..

أنا كنت بحب والدك إحسان عبد القدوس رحمه الله وزرته بمنزلكم في سهرة لطيفة جمعتنا !!

وشكرته بالطبع على هذه اللفتة الكريمة غير المتوقعة والجدير بالذكر أنه كان له أصدقاء من المثقفين العرب سواء في مصر أو لبنان وكذلك في لندن حيث يوجد جريدة الشرق الاوسط التي تعبر عن العائلة المالكة !

والامير سلمان بن عبد العزيز هو حاليا ملك البلاد وولي عهده نجله محمد بن سلمان هو الحاكم الفعلي للمملكة 

وقال لي أحد أصدقائي : لو كان والدك "سانو" عايش كان سيكون سعيدا بالتغيرات الكبرى التي تشهدها السعودية في الحياة الاجتماعية مع أنه سيكون بالقطع رافض للقبضة الحديدية التي تحكم بها المملكة وتصفية الخصوم مثلما حدث للكاتب الصحفي جمال خاشقجي.

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2022

عجائب عبد القدوس - ٤ أسباب لتدهور أحوال الصحف الورقية


أخبرت حضرتك أن الصحافة الورقية التي نعرفها في طريقها إلى الإندثار بعدما أستمرت لأكثر من قرن من الزمان حيث عرفناها مع بدايات القرن العشرين الميلادي وحتى الآن !

وإندثارها مسألة وقت لا غير لتحل محلها صحافة الإنترنت أو المواقع الصحفية التي أكدت وجودها بالفعل ، وكانت قد بدأت قبل عشر سنوات تقريباً ، ويشتد عودها يوم بعد يوم !

وهناك أسباب عدة من وراء التراجع الضخم للصحف الورقية خاصة في التوزيع والإعلانات ألخصها في نقاط محددة : 

١_ أسباب إقتصادية وترجع بالدرجة الأولى إلى الإرتفاع الهائل في سعر الورق الذي تطبع عليه الصحف ، فأضطرت كل الصحف دون إستثناء إلى تخفيض عدد صفحاتها .. وهذا الإرتفاع بدأ عام ٢٠١٦ بعد تخفيض قيمة الجنيه أو ما يعرف بتحرير سعر الصرف مما أدى إلى موجة غلاء ضخمة شملت كل السلع بما فيها ورق الصحف .

٢_  الفيس بوك وفيها تعرف الأخبار على إختلاف أنواعها وأشكالها لحظة وقوعها سواء في بلدك أو في العالم كله ، وهذا يؤدي بالضرورة إلى أن تصبح الأخبار التي تنشر في اليوم التالي بالصحف قديمة "وبايتة".. وحتى كتابك المفضلين تستطيع بسهولة متابعتهم على الإنترنت دون الحاجة إلى شراء الصحف التي يكتبون فيها .

وفي هذا الصدد يلاحظ أن الحكومة نفسها لم تعد متحمسة للصحف الورقية ، ففي الصحف القومية التي تسيطر عليها حدث إدماج بين أكثر من صحيفة داخل المؤسسة الواحدة ، والصحف المسائية كلها أصبحت في خبر كان ، وكذلك بعض المجلات التي لها تاريخ عريق مثل مجلة "الكواكب" الصادرة عن دار الهلال . 

والبديل لكل هذا مواقع إلكترونية تعبر عنها ، وفي الصحف الخاصة نجد أن ما يعرف بالأجهزة السيادية قد وضعت يديها على معظمها ، وحرصت على أن تكون المواقع الإلكترونية بكل صحيفة أساس إنطلاقها ، بينما الصحف الصادرة عنها أمر ثانوي وتوزيع محدود ، وفي إنتظار إغلاقها إن عاجلاً أو آجلاً !! 

٣_ إنخفاض سقف الحريات الصحفية ، فكلها كما يلاحظ في المانشتات طبعة واحدة ، ولا تستطيع مناقشة ما يجري في بلدنا ومشاكل مجتمعنا بحرية ، وبالتالي لم تستطع تطوير نفسها لتقدم مادة جديدة لا يستطيع مواقع الإنترنت تقديمها كما حدث في العديد من صحف بلاد برة خاصة في الدول الأوروبية والولايات المتحدة .

٤_ أوضاع الصحافة والصحفيين البالغة السوء ، ولها مظاهر لا تخطئها عين مثل ضعف المرتبات عند الغالبية العظمى مما إضطرهم إلى العمل في أكثر من مكان ، وسيادة نظرية الولاء قبل الكفاءة في مختلف المناصب ، ونظام الشللية ، وعدم وجود دماء شابة جديدة لأن باب التعيينات بالصحف المختلفة حكومية أو خاصة تم إغلاقها بالضبة والمفتاح ، بسبب أن أوضاعها المالية وخسائرها لا تحتمل عناصر جديدة ، وتعيينات تحملها أعباء إضافية !! 

وزمان كان إسمها "صاحبة الجلالة " أو السلطة الرابعة ، وتجاوز توزيع بعضها في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين المليون نسخة مثل "أخبار اليوم" الصادرة يوم السبت و "الأهرام" يوم الجمعة .. أما الآن فالأوضاع الصحفية في حالة يرثى لها .. عجائب !!

الاثنين، 19 سبتمبر 2022

عجائب عبد القدوس - صحافة مصر الورقية في مهب الريح لأن مفيش بابا وماما!!


المؤكد أن عنوان "مفيش بابا وماما" لفت نظرك !! وتتساءل يعني إيه !! 

وما العلاقة بين عدم وجودهم والمصيبة الصحفية التي وقعت !! 

وأوعى تظن حضرتك أن هذا العنوان مبالغ فيه أو فرقعة صحفية بل هو كلام سمعته بأذني ويؤكد من جديد أن صحافة مصر الورقية في مهب الريح !! 

والمسألة مسألة وقت حيث يتوقع العديد من الناس وأنا منهم إختفاء كثير من الصحف التي تصدر حالياً .

وأبدأ الموضوع من أوله حيث شهدت الأسابيع الماضية أكثر من واقعة تؤكد أن الصحافة المصرية تعاني أزمة شديدة .. 

الواقعة الأولى عبارة عن "بلوى" والثانية أمر إيجابي لكنه يؤكد أن أكبر جورنال في مصر مش قادر يصرف على نفسه ويعاني من أزمة مالية ، ولابد من البحث عن مشروعات إستثمارية تدعمه !! 

وأبدأ بالواقعة الأولى وتتعلق "بالمصري اليوم" كبرى الصحف الخاصة في بلادي .. كانت تعاني في الأسابيع الماضية من مشكلة كبرى بسبب إرتفاع ثمن الوق وعدم وجود إعلانات كافية لتغطية الخسائر  .. ووصلت الأزمة ذروتها لدرجة إختفاءها لأيام من أماكن عدة .. وسألت بائعي الصحف عن الجورنال ، وكانت الإجابة واحدة : "منزلتش النهاردة وماتوزعتش " !! 

 وبالطبع أصابني الفزع وتواصلت مع قيادات الصحيفة وأبرز محرريها ، وقال لي أحدهم بالحرف الواحد : للأسف "المصري اليوم" ماعندهاش بابا وماما .. يعني لابد من أن نعتمد على أنفسنا ، ولا ننتظر أن تساعدنا الدولة !! 

وبالفعل أخذوا القرار الصعب في مواجهة الخسائر الرهيبة وهو رفع ثمن الجريدة إلى خمسة جنيهات ، وخفض عدد ما يطلع منها ، وهذا بالطبع سيؤدي تلقائياً إلى إنخفاض التوزيع ، لكن هذا الحل أحسن من بلاش وأفضل من غيره !! 

ويدخل في دنيا العجائب أن الأزمة التي شهدتها أكبر صحيفة خاصة مرت في هدوء كامل ، ولم تلفت نظر الكثيرين !! وهذا في رأيي سببه أن المصائب التي تتوالى على الصحف المصرية الورقية أصبحت شيئ عادي خاصة في السنوات الأخيرة !! ولم تعد تثير الدهشة أو الإستغراب .

وأنتقل إلى الجانب الإيجابي الذي يكشف عن مدى الأزمة التي تعانيها صحافتنا .. وصدق أو لا تصدق .. مؤسسة "الأهرام" بجلالة قدرها تبحث عن مشروعات لاصلة لها بالصحافة لتغطية خسائر الصحف التي تصدر عن المؤسسة وكذلك مرتبات العاملين بها ، وهي ٦٥ مليون جنيه شهرياً كما أخبرني رئيس مجلس الإدارة الصديق "عبدالمحسن سلامة" ، حيث تضم أكبر عدد من الصحفيين والعاملين والموظفين في مؤسسة صحفية واحدة !! 

المهم أن "الصحافة ما بقتش توكل عيش" ولابد من البحث عن بزنس خارجي وكان آخرها قبل أسابيع توقيع عقد مع شركة كبرى لإنشاء نادي رياضي وإجتماعي في القاهرة الجديدة ، مع العلم أن مؤسسة الأهرام تعتمد على المؤسسة التعليمية التي تتبعها وهي "جامعة الأهرام الكندية " في ضخ الملايين بهدف التغلب على الأزمة الإقتصادية التي تعاني منها ، وتم مؤخراً كذلك إنشاء مجمع للبنوك التجارية ملحق بمباني الأهرام ، وإقامة مشروع تجاري بالقرية الذكية وآخر بالغردقة. 

وأتساءل : وإذا كان هذا حال "الأهرام" .. فما بالك بالمؤسسات الصحفية الأخرى سواء أكانت عامة أو خاصة ولا تملك إمكانيات الأهرام لإقامة مشروعات تجارية تساعدها على البقاء .. وربنا يستر عليها .. ومن فضلك إنتظرني لأخبرك عن أسباب الأزمة التي تعاني منها الصحافة الورقية .. ومعظمها خارج عن السيطرة ، مما يؤكد أننا في طريقنا إلى عصر جديد من الصحافة يختلف تماماً عن الصحافة الورقية التي رأيناها على مدى قرن من الزمان !! 

الأحد، 18 سبتمبر 2022

عجائب عبد القدوس - مصير الحب في الحياة الزوجية !



الزواج سهل والطلاق سهل ، وإستمرار السعادة الزوجية بين الزوجين هي المشكلة !!

صديقي العزيز الدكتور "أحمد عكاشة" من أشهر أطباء النفس في مصر والعالم العربي كله ، وله شهرة عالمية .. 

ظل سنوات رئيساً للتجمع الذي يجمع أطباء العالم في تخصصه ، وأعرف صاحبي العزيز منذ أكثر من ثلاثين عاما حيث أنه كان جاري في حي "الزمالك" قبل أن ينتقل قبل سنوات إلى "القاهرة الجديدة" .. 

وقبل أيام أهداني كتاب عن سيرته الذاتية ، وفيها معلومات لم أكن أعرفها بالرغم من قربي منه عن أسرته وشقيقه الأكبر الدكتور "ثروت عكاشة" وزير الثقافة السابق ، ومن الواضح أنه كان شديد التأثر به ، وأسرة "أبو الفتح" حيث أن الكاتب الكبير "أحمد أبو الفتح" رحمه الله كان متزوجاً من أخته .. 

وجاء في إهداءه لي : إلى زميل العمر ورفيق الحياة "محمد عبدالقدوس"  .. 

وبهذه المناسبة كنت قد أجريت معه العديد من اللقاءات الصحفية من أهمها موضوع غير تقليدي بالمرة عن مصير الحب في الحياة الزوجية .

هل صحيح أن الحياة الزوجية الممتدة تفقد الحب حلاوته وتجعله بلا لون ولا طعم ولا رائحة ؟!! 

وتصبح الأيام الجميلة مجرد ذكرى !!  

بينما تسيطر الواقعية والروتين ومشاكل الحياة اليومية على حياة الزوجين .. ويضيع الحب ! 

البعض يرى عكس ذلك .. 

الحب بطول العشرة يسمو وقد يأخذ أشكالاً أخرى ، غير الغرام الملتهب .. 

يقول الدكتور "أحمد عكاشة" إن نهاية الأفلام العربية تكون بانتصار المحبين على العقبات التي تحول دون زواجهما ، لكنني أرى أن هذه "النهاية" هي مجرد "بداية" للأختبار الحقيقي للزوجين الذي جمع العشق بينهما .. هل سيصمد هذا الحب أمام الحياة الزوجية أم ينهار ؟! 

ويشرح وجهة نظره قائلا: الحياة الزوجية إما أن تكون في مجملها حلوة أو نكبة !! 

فالزواج سهل والطلاق أسهل والإستمرار في السعادة بين الزوجين هي المشكلة ! حتى لو تخلل ذلك خناقات وإختلاف بين وجهات النظر بين الحين والآخر .

تساءلت : لكن ماذا عن الحب ؟ هل يستمر هو الآخر مع إستمرار الزواج أم يتضاءل حتى يختفي !! 

أجابني : هذا يتوقف على الأساس الذي تقوم عليه الحياة الزوجية ، فإذا كان قوياً متينا إستطاع الحب أن يقيم قواعده هناك على ركائز صلبة .. والأساس الراسخ المطلوب هو التوافق بين الزوجين وتمازج شخصيتهما فلا يكون هناك نفور بين الطباع ، بل كل منهما يكمل الآخر ويتفهمه ، ويكون الزوجين ثنائيا جميلاً تنطبق عليه الآية القرآنية الكريمة : "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" .

والحب كما يقول الدكتور "أحمد عكاشة " له سماته المميزة من أهمها اللهفة والتشوق الدائم لرؤية وصحبة الطرف الآخر ، كما أن الحب الأعمى له فائدة أحياناً عندما يكون للمحب القدرة على التغاضي عن أخطاء الطرف الآخر !! 

وإذا كانت العلاقة الزوجية سليمة وسوية لا يشوبها تنافر أو رغبات متعارضة فإن الحب المشبع باللهفة والتغاضي عن الأخطاء يتحول بمرور الوقت وطول مدة الزواج إلى علاقة عاطفية دافئة مشبعة أقوى وأكثر ثباتاً وإتزانا من الحب الذي ساد قبل الزواج .. صحيح أن اللهفة تختفي ، وقد يوجد بعض النقد والخلافات بين الزوجين لكن العلاقة تصبح أكثر عمقاً إذا كانت قائمة على أسس سليمة .

ومن أخطر الآفات التي تقتل الحب بعد الزواج بل وتنسف الحياة الزوجية كلها الأنانية وإصرار كل طرف على فرض إرادته على الآخر ، فالحب الحقيقي ونضوج الشخصية تحول دون نمو هذه الآفة .

حيث يتنازل كل طرف عن بعض رغباته ليرضي الطرف الآخر .

وأخيراً يؤكد الدكتور "أحمد عكاشة" على أمر آخر يتمثل في "أم العيال" فلها مكانة خاصة عند العديد من المتزوجين يحرصون عليها ، وهذه المكانة تمكنها من الصمود والإنتصار على نزوات الرجل والعواصف التي تتعرض لها الحياة الزوجية ، فالرجل قد تكون له أكثر من علاقة نسائية ، ولكن في النهاية تكون أم أولاده هي المرفأ أو الميناء الذي يستريح فيه ، وترسو عليه مراكبه . 

الأربعاء، 14 سبتمبر 2022

بالي مشغول - مرتبات العاملين بالأهرام تصل إلى ٦٥ مليون جنيه شهرياً!



الصديق العزيز "عبدالمحسن سلامة" نقيب الصحفيين السابق ورئيس مجلس إدارة الأهرام ، أعرفه منذ أكثر من عشرين سنة ، ويشغل منصبه منذ عام ٢٠١٧ ويواجه أعباء ضخمة فمسئوليته صعبة جدا جدا كما يقول ، سألته عما يشغل باله بعدما قلت له كان الله في عونك  

كانت إجابته : ما يشغلني التصدي للأزمة المالية التي تواجهها الجريدة العريقة منذ سنوات ، وإعادة التوازن المالي بين الإيرادات والمصروفات .

ويكفي لكي تعلم صعوبة المهمة أنه مطلوب كل شهر تدبير مبلغ ٦٥ مليون جنيه ، وهذا الرقم يمثل مرتبات العاملين بالأهرام وعددهم يصل إلى عشرة آلاف شخص هم من يعملون بهذا المكان مابين صحفي وموظف وعامل .

وقبل أن تعرف ما يفعله في مواجهة الأزمة الإقتصادية التي تواجهها الجريدة العريقة بعد تراجع التوزيع والإعلانات منذ سنوات ، أقول أنه كان في مجلس الإدارة عضواً منتخبا منذ عام ٢٠٠٦ وتكرر إنتخابه أكثر من مرة بأصوات ضخمة .. وكان قبل ذلك مديراً لتحرير جريدة الأهرام والمشرف على أقسام التحقيقات والاقتصاد .

وفاجئني بالقول : أبذل جهدي حالياً في إقامة مشروعات غير صحفية لتمويل صناعة الصحافة حتى تستطيع القيام بدورها !! 

وعن سبب إتجاهه إلى هذا التفكير !!

يقول : الصحافة أعتبرها خدمة وليست سلعة تحقق أرباح خاصة في ظل الظروف الحالية .. 

والأهرام جزء من أزمة الصحافة الورقية كلها في بلادنا ، ولذلك لجأنا إلى مشروعات إستثمارية لتحقيق التوازن المطلوب بين الإيرادات والمصروفات بجريدتنا العريقة .

ومن أبرز هذه المشروعات الإهتمام بجامعة "الأهرام الكندية" التي تتبع المؤسسة ، ونجحنا بفضل الله في إنشاء ثلاث كليات جديدة بها .

وهناك مشروع ضخم في "الغردقة" يضم مبنى إداري وتجاري وفندقي، وآخر بالقرية الذكية "بالقاهرة" ، ومجمع للبنوك ملحق بمباني الأهرام ، وأخيرا توقيع عقد لإنشاء نادي رياضي واجتماعي في القاهرة الجديدة..

وبالفعل هذه المشروعات الضخمة بدأت تؤتي ثمارها الإقتصادية .. 

ومن فضلك أعفيني من ذكر الأرقام وأدعو لنا .

الاثنين، 12 سبتمبر 2022

حكايات إحسان عبد القدوس - ماما تبتسم على فراش الموت!



عندما دخل أبي حبيبي حجرة والدته المتوفاة كانت هناك مفاجأة أخرى في انتظاره ..

 يقول : كانت ترقد فوق فراشها كما تعودت أن أراها ، بشرتها في لون اللبن المخلوط بعصير الورد ، وهي تبتسم .. أنني لا أتخيل ولا أبالغ .. أنها تبتسم ! 

إبتسامتها الصغيرة التي أعرفها جيداً .. لقد كذبوا علي .. قولي لهم يا أمي إنهم يكذبون ..

 ماما .. ماما .. 

ردي علي يا حبيبتي .. 

إنك تكرهين الكذب ، قولي لهم ألا يكذبوا على ابنك .. 

ورأيت أمي تبتسم ، ولا تتكلم ! 

ماما .. ماما .. أرجوك تكلمي .. قولي شيئاً .. لا يكفي أن تبتسمين .

ودخل ناس حاولوا أن يحملوني بعيداً عن أمي .. 

تصديت لهم ، قمت واقفاً مهدداً ، ملوحا بيدي ومحذرا كل من يحاول الإقتراب مني ، وخرجوا .. 

وأغلقت الباب وراءهم ، وعدت إليها .. 

إلى أغلى ما في الوجود .. 

ردي يا ماما .. 

لعلك غاضبة ، هذه طريقتك عندما تغضبين مني ، لا تتحدثين معي .. ماذا فعلت ؟ 

لماذا أنت قاسية إلى هذا الحد ؟ 

  (الأطباء يموتون أيضاً!) 

وتنبهت إلى أنني أبكي ، أنها لم تكن تحب أن تراني باكياً ، لقد رأتني أبكي منذ سنوات ، فضربتني وقالت لي : كن رجلاً ! ومسحت دموعي ! هل رضيت الآن يا ماما ؟ 

لكنها لا ترد .. فقط تبتسم .

وسقطت على ركبتي بجانب فراشها .. 

إن هناك رجلاً آخر في نفسي بدأ يصدق أنها ماتت ، والرجل الذي لا يصدق لا يزال موجوداً ، وكلاهما يتكلم كلاما عجيباً .. كلاما لا افهمه ، لكني أسمعه .

ودخلوا ثانية ليحملوني عنوة بعيداً عنها ، ونظرت إليهم متوسلا .. 

لحظة واحدة أرجوكم ، وأمسكت باليد الكريمة الموجودة بجانب الجسد الطاهر ، وقبلتها ثم رفعتها إلى جبيني ، كما عودتها كلما ألتقينا وكلما أفترقنا .

وخرجت إلى البهو متماسكاً ، أدعي الهدوء ، لكن الرجل الذي لا يصدق لا يزال قائماً في نفسي ، وإن كان قد بدأ يبتعد ، وهو في إبتعاده يطالب بطبيب آخر ، لعل الطبيب الأول أخطأ ، لعل الدكتور الجديد يستطيع أن يفعل شيئاً .

وجاءوا بطبيب آخر مرضاة لي ، لكنه لم يصعد إليها ، سمع بالخبر قبل أن يصعد فانصرف ! .وهززت كتفي كأني أسخر .. إن الأطباء أيضاً يموتون ! 

كلنا نموت ! 

أقنعت نفسي أن أمي ماتت ! 

وعدت أطوف بحجرات بيتها ، وفي الحجرة التي تعودت أن تقرأ فيها وجدت نظارتها ، وأخذتها لعلي أرى بها ما كانت تراه .

الأحد، 11 سبتمبر 2022

حكايات إحسان عبد القدوس - أرفض تعبير "البقية في حياتك" !!


بدأت في سرد ما كتبه حبيبي أبي عن مشاعره عند وفاة أمه "روزاليوسف" رحمها الله ، 

وختمت الجزء الأول بالقول أن هناك مفاجأة كانت في إنتظاره عندما وصل إلى بيتها .. 

إن البيت هادئ هدوءا غريباً .. هدوء له رائحة ..  أول مرة أعرف للهدوء رائحة ، والذين يستقبلونني لا يبتسمون لي ، وخطوت نحو غرفتها ثم تراجعت قبل أن أصل .. لا أدري لماذا ؟ 

لكنني لم أستطع الدخول .. كأنه يجب أن أغسل إبتسامتي من فوق شفتي قبل أن أدخل .

ووقفت في البهو .. لا أحد يكلمني ، وفي البيت طبيب صديق جاء عفواً ، ونظرت إليه لعله يتكلم ، لكنه لم يقل شيئاً ! 

وسألته : هل رأيتها ؟ 

أجاب : نعم .. الحالة خطيرة .. هذا كل ما أستطيع قوله .

وقلت وأنا لا أفهم شيئاً : والنبض ؟؟ 

لا أستطيع أن أتحسسه ! 

تساءلت : والقلب ؟

رد قائلا: ليست معي سماعة ! لا أستطيع أن أسمعه !

"سماعة" .. هل أنت في حاجة إليها لتسمع هذا القلب ؟ .. أنا أستطيع أن أسمعه من أي مكان ، كنت أسمع دقات قلبها من "باندونج" في إندونيسيا ، ومن "بريوني" بيوغوسلافيا حينما رافقت "عبدالناصر" في زياراته إلى هناك .

وأمسكت بذراع الطبيب قائلاً في لهفة : والتنفس .. التنفس يا دكتور ؟ 

قال وهو يخطف ذراعه من يدي : نعم .. نعم إنها مازالت تتنفس .

وسكت .. لماذا لا أستطيع أن أصدقه ؟ 

وأخذت أروح وأغدو في البهو ، وأحد أفراد العائلة يدير قرص التليفون ليتعجل الطبيب الأخصائي.

وأخيراً جاء .. ودخل إليها ، وأحسست براحة مرت على قلبي كأنها نسمة عابرة ، لكن الطبيب مالبث أن خرج ، لم يمكث سوى دقيقتين  .. ونظرت في وجهه متسائلاً ، وجزعي يغلب تساؤلي .

ولم يتكلم الدكتور .

وسمعت صوتاً لا أعرفه ، ولم أسمعه من قبل ، لعله ملك الموت وهو يقول : "البقية في حياتك" ! 

وصرخت .. هل أنا الذي صرخت .. لا أدري ، لكنني أحسست كأن شفتي قد إنفرجتا وأنطلقت منها صرخة .

البقية في حياتك .. مثل تلك الكلمة لا تقال لي ! 

لأنني لا أرضى ببقية حياة ، إما الحياة كاملة ، وإلا فلا أريد حياة ، وليس لي حياة كاملة إلا مع أمي ، وهرعت إليها .. جريت إليها .. إلى حياتي ! 

________

وغداً بإذن الله بقية هذه الحكاية المؤلمة . 

الخميس، 8 سبتمبر 2022

حكايات إحسان عبد القدوس - أنا كاتب صعلوك إلى جانب الكاتب الأعظم



حبيبي أبي "إحسان عبدالقدوس" أو "سانو" كما كان يعرف بين أصدقاءه وداخل بيته ، له أسلوب فريد من نوعه في الكتابة يميزه عن غيره ، وتجد ذلك حتى في المواقف الصعبة جدا على نفسه .. 

أنظر حضرتك مثلاً إلى ما كتبه عند وفاة أغلى ما في حياته .. أمه .. واسمها بالكامل "فاطمة محمد محي الدين اليوسف" وشهرتها "روزاليوسف" وقد توفيت عام ١٩٥٨ .

رأيت في كلماته أبلغ من أي تعبير .. 

يقول : كنت جالساً في مساء ذلك اليوم أكتب قصة ، قصة "شيء في صدري" وكانت تنشر مسلسلة في ذلك الوقت بمجلة "روزاليوسف" ، وعندما أمارس هوايتي في الكتابة الأدبية أشعر بقوة عجيبة أحس أنني كالقدر ! 

أحرك أبطالي كما أشاء !

أحي منهم من أشاء ، وأميت من أشاء ، لا أحد أقوى مني .. ليست هناك إرادة فوق إرادتي .. أنا القدر ! 

وتبين لي بعد صدمتي المروعة أن هناك كاتب آخر .. أعظم وأكبر وأقوى .. يكتب أعظم قصة في الوجود .. قصة الحياة .. وهذا الكاتب لا رآد لإرادته ، وأنا بالنسبة له مجرد صعلوك ! لا أساوي شيئاً في عالم القصص فأنا نفسي لست سوى قصة من قصصه ! 

وبدأت القصة الكبرى عندما دق جرس التليفون في مكتبي وأنا لازلت أكتب قصتي ، يملأني الغرور بأني أستطيع أن أخلق الحياة على الورق وأحرك أشخاصها كما أريد ! 

وقال الصوت في التليفون : "والدتك تعبانة شوية .. هات الدكتور وتعالى" 

وأمرت عامل التليفون بأن يبحث عن طبيب ، وعدت أكتب ساردا في غروري ، ثم فجأة تنبهت ، والقيت بالقلم من بين أصابعي كأنه يلسعني .. تنبهت إلى أن الذي خاطبني قال لي : "تعالى" .. أنهم عادة لا يستدعوني عندما تمرض أمي .. يعرفون أنها لا تحب أن أراها مريضة .. لكنه قال لي : "تعالى" .

ويضيف قائلاً : أرتديت سترتي وهرولت على السلم ، وركبت سيارتي ، والوساوس السوداء تملأ رأسي ، ولا أدري كيف كنت أقود السيارة ، فقد كنت مشغولا بطرد هذه الوساوس .. لا يمكن أن يحدث شيء .. كانت دائماً أقوى من كل شيء .. لا شيء يستطيع أن يهزمها أو يوقف نشاطها .. لا شيء يستطيع أن يوقف هذا القلب .. حتى الموت ! 

إنه لايزال بعيداً عنها  .. بعيداً جداً .

وأقنعت نفسي .. لابد أنها أكلت شيئاً دسما فعاودتها نوبة المرارة .. يا سلام يا ماما .. لماذا لا تحترسين ، لماذا لا تخضعين لأوامر الطبيب .. أنك عنيدة دائماً . 

ودخلت البيت وقد وضعت بين شفتي إبتسامة كبيرة ، وفي رأسي بضع كلمات كأنها النكات لعلها تضحك لها .. وكانت هناك مفاجأة في إنتظاري .. 

وإلى اللقاء في أقرب وقت بإذن الله لأحدثك عن رد فعله عندما علم بوفاتها رحمها الله . 

الاثنين، 5 سبتمبر 2022

عجائب عبد القدوس - العريس ضابط شرطة



جاءتني تشكو : بابا صديقك رفض العريس الذي أريد الارتباط به ، ويعمل على "تطفيشه" ، والعريس مازال عنده بقايا أمل في أن يعدل والدي عن رأيه ، فليس هناك سبب منطقي يدعوه إلى التشدد في هذا الموضوع .

والحقيقة أن شكوتها تلك أزعجتني ورأيتها تدخل في دنيا العجائب ، فما أعلمه أن صاحبي هذا مرتبط جداً بأسرته ، فما الذي دفعه إلى ذلك ؟ 

والحقيقة أنني فوجئت بما لم أتوقعه أبدا .. 

قال لي : أنا لا أحب ضباط الشرطة ، والدي تعرض للبهدلة زمان على يد الداخلية ، واعتقل دون محاكمة ، ومات رحمه الله وذهب يشكو لربه من ظلم الدنيا .. 

ثم أنظر إلى كيفية معاملة الشرطة للمصريين بالسجون والأقسام فستجدها مليئة بالعجرفة والتكبر وسوء الأدب !! 

والحقيقة أنني لم أوافق صاحبي على منطقه .. 

قلت له : في كل مكان تجد الصالح والطالح ، ورجل الشرطة الذي يعرف ربه لا يعقل أن تنظر إليه وكأنه مجرم مثل الضابط الذي يبطش بالناس ، وعريس ابنتك كما فهمت من هذا النوع الأول .. 

متدين وإجتماعي وإنسان لطيف ، وإسمه على مسمى "صالح" ، يعني عريس لقطة ،  خسارة أن ترفضه فهو يجمع مميزات كثيرة كما فهمت من أسرة طيبة وعلى خلق وعائلته ميسورة ماديا ، فلماذا تعامله وكأنه "طالح" ؟؟ 

أجابني قائلا : كل ضباط الشرطة سواء ، والفارق بينهم نسبي فقط وأنا أعذرهم بالفعل ، فهم يتعاملون مع اللصوص والمجرمين وقطاع الطرق وأسوأ الطبقات في المجتمع ، فمن البديهي أن يتأثروا بأخلاقهم ، ولو كان هؤلاء الضباط من الملائكة!! 

ولذلك عندما علمت أن عريس إبنتي واحد منهم أصابتني "خضة" وأعلنت عدم موافقتي عملا بالمثل الشائع : "الباب الذي تأت منه الريح سده واستريح" !! 

قلت له : إنك بهذه العقلية تدفع عريس إبنتك بالفعل إلى أن يصبح مثل هؤلاء الضباط الذين تشكو منهم ما دام الجميع عندك على قدم المساواة ، أرجوك أن تراجع موقفك ، وأضفت قائلا : في بداية حياتي العملية بالصحافة الورقية عملت في قسم الحوادث ، وأختلطت بضباط الشرطة على إختلاف أطيافهم وأشكالهم وألوانهم .. ورأيت بالفعل العينة التي تشكو منها لكن إلى جانبهم شاهدت ضباط الواحد من هؤلاء يؤدي عمله في موقعه الحساس بذمة وضمير في خدمة الشعب ، فهو درع للأمن وليس سهماً من سهام أبليس ! 

وصدقني يا صديقي .. الضابط الإنسان موجود بكثرة في صفوف الشرطة ، وهؤلاء الوحوش الذين يرتدون زي ضباط البوليس أراهم قلة ، لكن المشكلة أن أفعالهم السيئة تحدث دوي تسيء إلى الداخلية كلها ، خاصة إذا كانت صادرة من القيادات أو أوامر سيئة تسيء إلى حقوق الإنسان .

وإذا سألتني حضرتك عن مصير ضابط الشرطة العريس أقول لك أن الأمر مازال محلك سر ، لكن الأب بدأ موقفه في التراجع نتيجة إصرار أبنته من ناحية ، وتدخل أولاد الحلال من ناحية أخرى ، وفي إنتظار سماع خبر حلو من أبنته قريباً . 


الأحد، 4 سبتمبر 2022

في ذكرى ميلاده وزواجه - أنسي ساويرس (2): هذه حكايتي مع "أوراسكوم"


شركة أوراسكوم التي تملكها أسرة ساويرس من كبرى الشركات في مصر وبدايتها ترجع إلى عام ١٩٥٠ عندما بدأ رب الأسرة أنسي ساويرس عمله في مجال المقاولات بالاشتراك مع "لمعي يعقوب" الذي يراه بمثابة أستاذه وتعلم منه الكثير. 

والشركة أنشئت تحت اسم "لمعي وأنسي" وعنوانها التلغرافي أوراسكوم. 

ويقول ساويرس: وعقب عودتي من ليبيا وبدايتي من جديد في مصر عام ١٩٧٧ أطلقت على شركتي الوليدة أسم أوراسكوم. 

ويبدأ أنسي ساويرس في سرد الحكاية من أولها بطريقة غير متوقعة تصحبها ضحكة لطيفة: 

أتذكر أنني كنت ولدا شقيا خاصة في مدرسة سوهاج الإبتدائية، وكان عندنا نصف يوم أيام الإثنين والخميس، فكنا نخرج لنلعب في الشارع، وأتذكر في يوم كنا نتقاذف بالطين أنا وأصحابي فرجعت بظهري إلى الخلف وكانت هناك حفرة عميقة في إنتظاري لم أشاهدها ووقعت فيها، وأصبت بعدة جروح.. وكانت هذه الحفرة أمام عمارة في طور الإنشاء يبنيها أبي في سوهاج بشارع النيل، وهرب جميع زملائي عندما شاهدوا ما حدث لي! وظللت ساعات طوال داخل الحفرة حتى خيم الظلام ، وأخذت أمي تبحث عني دون جدوى، ولم يخطر ببالها بالطبع المكان الذي أنا فيه! وأخيراً أخبر أحد زملائي أمه بما حدث بعدما رأته مرتبكاً، فأخذت في إستجوابه حتى عرفت منه ما جرى لي، وتم إنتشالي ، وتبين أنني أصبت بارتجاج في المخ. 

وعندما تخرجت من كلية الزراعة أكتشفت أنني لا أصلح في الزراعة واستنكف الفلاحون أن يعيش إبن مالك الأرض بينهم وأن يرتدي الجلباب ويكون واحد منهم، وهو خريج الجامعة ومكانه الطبيعي وظيفة محترمة، ولم يكن من الممكن الإندماج بينهم وهم بهذه العقلية، وينظرون إلي باعتباري السيد! ولم أتصور نفسي أعيش في الأرض أفلحها طيلة عمري، كنت أريد الإنطلاق، وجاءت الفرصة الذهبية حيث كان أبي في ذلك الوقت يقوم بتعلية عمارته في سوهاج المكونة من ثلاثة أدوار ويبني أدواراً جديدة بها، تتكون من طابقين وهي ذات العمارة التي وقعت في حفرة أمامها وأنا طفل. 

(أستاذي لمعي يعقوب.. شكراً) 

ويقول أنسي ساويرس: كان المقاول الذي يقوم بهذه التعلية أسمه "لمعي يعقوب".. أنجذبت إليه، وتعلمت منه الكثير جداً .. كان غاية في الذكاء "وشاطر", ويفهم عمله جيدا وموهوب في الحسابات رغم أنه لم يكن خريج جامعة، لكنه حصل على الدكتوراه من الحياة والدنيا التي عاش فيها. 

وطبعاً رحب لمعي يعقوب بأن أعمل معه لأنه كان يحتاج إلى رأسمال، وهو يعلم بثراء أبي، فقمنا بتكوين شركة سنة ١٩٥٠ تحت إسم "لمعي وأنسي" للمقاولات، ولم يصدق أبي أنني سأنجح ، فقد كنت صغيرالسن ، في العشرين من عمري، كما أن هذا العمل أبعد ما يكون عن دراستي لكنني نجحت مع شريكي، وكان أول عقد لشركتنا الجديدة حفر آبار المياه وتركيب طلمبات ومواسير في ثمانية عشر موقعاً بسوهاج ثم حصلنا على عقد أكبر وهو إنشاء محطة مجاري أسيوط وبعدها توالت العقود، وكان معظمها مع وزارة الري، وتوسع نشاطنا وأصبحت لنا مكاتب في أسيوط والمنيا والقاهرة والمنصورة، ونجحنا والحمد لله، لكن جاءت صاعقة أطاحت بكل مكاسبنا. 

تم تأميم شركتنا سنة ١٩٦١ سافرت بعدها إلى ليبيا عام ١٩٦٦ بعدما ظللت بلا عمل خمس سنوات.وعدت إلى بلادي نهائيا في أغسطس سنة ١٩٧٧.. لاحظ أنني ولدت في هذا الشهر، وتزوجت فيه، وعرفت طعم الإستقرار بعد غربة طويلة .. يعني الإستقرار العاطفي عرفته في ٢٣ أغسطس سنة ١٩٥٣، والإستقرار المهني في أغسطس سنة ١٩٧٧ .. ولا تنسى أن برجي هو الأسد! 

وبدأت العمل في مصر بثلاثة موظفين، ابنة أختي واسمها "نبيلة المنقباوي" ومهندس أسمه "شريف فانوس" ، وكنا في حجرتين وصالة، وبلغ عدد موظفي الشركة والعاملين فيها مع بداية القرن الميلادي الجديد ١٢ ألف شخص، وستة آلاف آخرين يعملون بطريقة عارضة وغير منتظمة. 

ورغم أنني ركزت على عملي الأصلي بالمقاولات، إلا أنني قررت الإستفادة من تجاربي وعلاقاتي وخبراتي فاتجهت أيضاً إلى التوكيلات، وكان أول توكيل حصلت عليه من شركة "فولفو" السويدية، وبعدها توالت التوكيلات والأعمال رغم أنني ظننت في البداية أنني بدأت متأخراً بعد الإنفتاح الذي أنطلق سنة ١٩٧٤، لكن إتضح أنني جئت في وقتي تماماً. 

والفضل في النجاح الكبير الذي حققته شركة أوراسكوم يجب أن ينسب لأصحابه .. كل موظف في الشركة أنا مدين له وأشكره من صميم قلبي. 

وفي يقيني أن هذا النجاح كان ثمار ما انتظرته طويلا من تعليم أولادي، عنيت بتربيتهم وتعليمهم في أرقى المدارس والجامعات .. المدرسة الألماني بالقاهرة، ثم أنطلق كل منهم إلى جامعة أجنبية بالخارج. 

* نجيب .. الأكبر تعلم في أرقى كلية في سويسرا وهي المعهد العالي للتكنولوجيا بزيورخ. 

* سميح .. درس الهندسة في برلين وتخرج منها. 

* ناصف .. آخر العنقود دخل جامعة شيكاغو وتخصص في الإقتصاد. 

وقد أنفقت أموالي التي كسبتها من ليبيا على تعليم أولادي، ورأيت في هذا الإستثمار الصحيح للغد وقد صدق رأيي.

الخميس، 1 سبتمبر 2022

في ذكرى ميلاده وزواجه - أنسي ساويرس(1): أجمل صفقة في حياتي اسمها يسرية





عائلة "ساويرس" اسم يعرفها كل الناس، وهي من كبرى العائلات في مجال البيزنس، وتأتي رقم واحد من حيث الثراء على مستوى مصر كلها. 

وعندما كنت أعمل في الصحافة الورقية اقتربت كثيرا من رب الأسرة "أنسي ساويرس" رحمه الله الذي توفي العام الماضي

وكنت أول من أجريت معه حوارا حول حياته الخاصة ونشأة أسرته وكيف وصلت إلى النجاح العظيم الذي وصلت إليه.. 

وفي بداية لقائي معه طلبت منه أن يحدثني عن نشأته الأولى، فابتسم ابتسامة واسعة تحية منه لأيام زمان الجميلة وقال: "أنا آخر العنقود" من مواليد ٣٠ أغسطس سنة ١٩٣٠، وهذا الشهر شهد أيضا زواجي، ولذلك أحبه، أخي الأكبر اسمه "مراد" ويليه "مختار" وقد أختار مهنة المحاماة، ثم تأتي "سميحة" وأخيراً "أنسي" أصغر الأبناء الذي هو أنا. 

وعن والديه يقول "أنسي ساويرس" : نحن من سوهاج.. أبي وأمي كل منهما اسمه على مسمى.. والدي اسمه "نجيب" وقد أسميت ابني الأكبر به.. كان "نجيبا" بالفعل ونبغ في المحاماة، وكان من أنجح المحامين في الصعيد كله، وكون ثروة لا بأس بها من عمله، ولم يعمل قط بالتجارة بل ظل مخلصاً لمهنته حتى سن الخامسة والسبعين، وبعدها تقاعد، وتوفي وعمره ٨٥ سنة.. وقد ورثت عنه الدقة في التعامل ولأنه كان محامياً، فقد كان حريصاً على كل ورقة يقوم بتوقيعها، وهذه الصفة من أبرز الصفات التي أخذتها منه في مجال عملي. 

وعن والدته يقول عنها: اسمها "بديعة عطاالله" .. كانت بالفعل سيدة بديعة، وتمتاز بالقوة والصلابة وقادرة على "حكم بلد" ، شديدة جدا علينا وترى ذلك لمصلحتنا، وأذكر مثلاً أنني لم أكن أكل "السبانخ" ، وعندما كنت أتبرم من أكلها وأتمرد تجبرني على تناولها طيلة الأسبوع عقاباً لي. 

ورغم أنها لم تكن سيدة متعلمة إلا أنها كانت حكيمة لها الرأي والقرار، ولم تكن هامشية أبدا في حياتنا، بل العكس هو الصحيح، فنحن الذين ننزل على رأيها إحتراماً لها، فلم يعرف بيتنا يوماً "سياسة سي السيد" ! 

والعجيب أنها كانت تفهم في السياسة وتحدثنا عن الوفد ومصطفى النحاس، كما كانت عطوفة جدا.. فالإيراد الذي يصلها من الأرض تخرج منه ١٠٪ أو ما يسمى "بالعشور" ، وهي تقابل الزكاة عند المسلمين، وهكذا كانت تفعل مع أي مبلغ يأتي إليها. 

 (قصة حبي وزواجي) 

والحديث مع "أنسي ساويرس" عن أولاده جرنا بالطبع إلى الكلام عن ربة البيت وسيدته "يسرية لوزة". 

سألته: هل تزوجتها بعد قصة حب بينكما؟

 ضحك طويلاً ثم قال: للأسف لم يحدث هذا، وإنما كان لي صديق حميم اسمه "فتحي جورج" تزوج قبلي بسنة، ثم أخذ يحثني على الإرتباط بنصفي الأخر، ورشح لي عروستي "يسرية" ، فقد كان إبن عمها.. وتم الزواج، وكانت هذه "أجمل" صفقة في حياتي كلها. 

وعن زوجته يقول: تعلمت في كلية الأمريكان كلية رمسيس حالياً والدراسة فيها بالإنجليزية، والدها "ناصف لوزة" محامي من منفلوط، وصاحب أراض، والعائلة من بلدة مير بأسيوط. 

وقد عشت مع زوجتي بعد زواجنا في سنة ١٩٥٣ في سوهاج أولا ثم سنتين بأسيوط، وإنتقلنا إلى القاهرة سنة ١٩٥٦. 

وأهم ما تتميز به قدرتها على التحمل والتجانس مع المشاكل، وقد شهدت معي أياما صعبة جدا خاصة بعد التأميمات. 

وإليها يرجع الفضل الأكبر في تربية الأولاد بعدما سافرت إلى ليبيا سنة ١٩٦٦، وقامت هي بمهمتها خير قيام والدليل على ذلك ثلاثة أولاد ناجحين.. فشكراً لها.