بمناسبة اقتراب الذكرى الأولى لثورتنا المجيدة أقدم لكم مؤذن الثورة
المناضل كمال أبوعيطة الذى لعب دورا أساسيا فى التمهيد للانتفاضة الشعبية
التى أطاحت بالعهد البائد، وأول مرة قابلت صديقى العزيز عندما اعتقلنا
الرئيس الراحل أنور السادات فى سبتمبر سنة 1981، وبسرعة توثقت صداقتنا فى
طريق النضال، واعتقلنا أكثر من مرة، وبالطبع سبقنى كمال أبوعيطة فى هذا
المضمار، حيث اعتقل عشرين مرة بالتمام والكمال.
والسبب فى كثرة اعتقال صاحبى العزيز أن نضاله كان له أكثر من مسار، فهو مناضل صلب ضد الاستبداد السياسى، وشارك فى كل الاحتجاجات السياسية التى قامت ضد حكم فرعون! كما أنه اعتقل أكثر من مرة بسبب التظاهرات التى كان يقودها ضد العدو الصهيونى رافضا لأى شكل من أشكال التطبيع مع بنى إسرائيل، وهو كذلك المناضل البارز فى الحركة العمالية، وتم انتخابه رئيسا لأول نقابة مستقلة عن الاتحاد العام للعمال منذ 52 عاما عندما تمت إقامة هذا الكيان الحكومى سنة 1957، ونجح كمال فى الانفصال عنه وتكوين نقابة الضرائب العقارية المستقلة التى تضم 55 ألف موظف سنة 2009 وبعدها توالى إنشاء النقابات المستقلة مثل المعلمين، والعلوم الصحية، والمعاشات، وأعلنت النقابات الأربع قيام اتحاد النقابات العمالية المستقلة من قلب ميدان التحرير يوم 30 يناير أثناء الثورة ضد حكم فرعون، وحاليا يضم هذا الاتحاد مليونى عامل وموظف.
والده المثل الأعلى
تعالوا معى نتعرف عن قرب إلى كمال أبوعيطة الثائر، وحكايته مع الضرائب العقارية، فهو من مواليد بولاق الدكرور بالجيزة التى عاش فيها عمره فى 1 مارس سنة 1953، والده محمد رفاعى أبوعيطة، أنجب ثمانية أبناء كلهم من الذكور عدا واحدة هى فرخة بكشك طبعا عنده وترتيبها الخامس، أما كمال فهو رقم 3 وحاليا أصبح الابن الأكبر بعد وفاة أخويه الأكبر منه.
وعن والده يقول إنه مثلى الأعلى، كان عامل بناء استطاع بشطارته واجتهاده أن يتحول إلى مقاول كبير، ومعه عرفت مصر الحقيقية من كثرة اختلاطه بالطبقات الفقيرة التى تعانى فى حياتها، وتعلمت حرفته على يديه، فأنا ماهر فى كل مهن المعمار كالنجارة والكهرباء، بل تستطيع أن تعتبرنى حدادا وسباكا، ونقاشاً «كمان»!!
ويضيف قائلا: كان والدى يتميز بالرجولة والخشونة والعمل فى أحلك الظروف.
طلبت منه أن يحدثنى عن ست الحبايب فابتسم ابتسامة واسعة تحية لها وقد رحلت قبل سنوات ولحقت بوالده إلى الدار الآخرة، وفاجأنى بكلمة أعجبتنى: «إذا كنت أنا طيب يبقى أخذت تلك الصفة من أمى» وورثت عنها كذلك محبة الناس والتعاطف مع الفقير.
رفيقة الكفاح والنضال
وبعد فضل والديه عليه يأتى تأثير شريكة العمر زوجته «آمنة زكى قنديل» رفيقة الكفاح والنضال، تعرف إليها فى جامعة القاهرة التى التحق بها سنة 1972.. وكانت معه فى مختلف الفاعليات، خاصة فى تأسيس نادى الفكر الناصرى، وعندما قرر أن يكمل نصف دينه لم يجد أفضل منها فتزوجها فى يوم لا ينساه من أيام عمره سنة 1979م يعنى من 33 سنة بالتمام والكمال، وأمسك الخشب من فضلك، وأنجب منها ولديه، وعنده حاليا حفيدتان.. والجدير بالذكر أن والدها لواء سابق بالجيش دفعة عبدالناصر، وكان يفتخر دوما بذلك.
رفضت المباحث أن أعمل بالتدريس
قال لى كمال أبوعيطة إنه تخرج فى كلية الآداب قسم فلسفة وعلم النفس بينما زوجته فى تجارة!! والحقيقة أن الدهشة أخذتنى من تلك المعلومة وسألته: عايز أعرف العلاقة بين علم النفس والضرائب العقارية التى عملت بها بعد ذلك؟ ضحك صديقى قائلا: المجموع هو الذى دفعنى إلى الآداب، فقد كنت مشغولا بالعمل مع والدى كما أخبرتك، لكننى استفدت بالفعل من الدراسة التى علمتنى كيفية الغوص فى نفوس الناس، والتفكير العميق، وبعد تخرجى فى الجامعة وانتهاء التجنيد فى الجيش كنت أتمنى أن أعمل فى التدريس، لكن مباحث أمن الدولة كانت لى بالمرصاد، ووجدت نفسى فى ديوان محافظة الجيزة، بمقتضى تعيين من القوى العاملة، وقبل مضى ستة أشهر أبعدت عن عملى بسبب نشاطى الثورى، وذهبت إلى «منفى» بمنطقة نائية فى ذات المحافظة، فرفضت الاستلام وثرت فتم نقلى إلى شؤون العاملين بمرور الجيزة.. وفى ذلك الوقت كانت سفارة العدو الصهيونى تفتتح أول مقر لها بالقاهرة بشارع محيى الدين أبوالعز قبل نقلها إلى مقرها الحالى، وكان مكتب تأمين المقر من الشرطة يتخذ من مرور الجيزة مكانا له وعند مراجعة أسماء العاملين هناك فوجئوا بوجودى فتقرر إبعادى على الفور، وثرت من جديد، وحاول محافظ الجيزة فى ذلك الوقت عبدالفتاح عزام ارضائى فقرر نقلى إلى الضرائب العقارية لأعمل مأمور ضرائب على أساس أن تلك المهنة فيها «قرشين حلوين» زيادة على ما يتقاضاه بقية موظفى الدولة.
سألته: وكيف تعلمت تلك المهنة وأنت خريج علم نفس!!
كانت إجابته: سهلة جدا!! لا تنس أننى كنت أعمل مع والدى رحمة الله، وعملنا فى العديد من الحسابات، ولذلك تعلمت عملى الجديد فى نصف يوم فقط!! أخذنى واحد من زملائى اسمه أحمد على قاسم إلى شارع بالعمرانية لنحصر العقارات ونربطها بالضريبة، وتلك العقارات فردى وزوجى، بعدما علمت الأولى قلت له: كفاية عليك كده وشكرا لك.. سأقوم بحصر العقارات الزوجى وحدى، ونجحت فى ذلك وكان يوما من أيام عمرى لا أنساه.
أول اعتقال
> قلت له أنت اعتقلت عشرين مرة فهل تتذكر أول اعتقال؟
- أجاب: طبعا.. إنه يوم لا ينسى 14 يونيو سنة 1978.. كنت متهما مع غيرى بمحاولة اغتيال المسؤولين الذين سافروا مع الرئيس أنور السادات إلى القدس فى زيارته المشؤومة هناك!! ومن بين زملائى فى تلك القضية أمين إسكندر، وحسين عبدالغنى، ومحمد حماد، بالإضافة إلى معتقلين من أهالى فلسطين المحتلة، صالح أبوسمرة، وجمال الخطيب، وقد تعرضنا جميعا لتعذيب بشع بسجن القلعة قبل إطلاق سراحنا بعدها بمدة، اتضح أن القضية كلها «فشنك».
وأتذكر أيضا من أيام عمرى يوم 4 فبراير سنة 1981، حيث اعتقلت مرة أخرى بسبب تظاهرة كنت أقودها احتجاجا على الجناح الصهيونى بمعرض الكتاب فى سرايا الجزيرة، وقد أصبت يومها بارتجاج فى المخ بعد موقعة حربية خضتها مع الأمن المركزى الذى كان يحرس الصهاينة!! ثم اعتقلت من جديد فى سبتمبر سنة 1981 فى حملة السادات الشهيرة ضد جميع القوى السياسية من مسلمين ومسيحيين، وفى عهد الرئيس المخلوع تم اعتقالى 17 مرة.
ما الذى فرق الشامى عن المغربى؟
المعروف عن كمال أبوعيطة أنه ناصرى حتى النخاع، وزمان كان يقول لأصحابه: «اللى يحب عبدالناصر يعمل كذا أو كذا» تحفيزا لهم، وحبه لناصر يرجع إلى سببين.. أنه حبيب الفقراء، ثم سياسته الخارجية التى قامت على الحياد الإيجابى والقومية العربية والتصدى للعدو الصهيونى.
قلت له: هناك سؤال يلح على الكثيرين عن أسباب تحالفكم مع الإخوان المسلمين ونزولكم على قائمة الحرية والعدالة؟ ما الذى جمع الشامى على المغربى؟ هل هى المصالح أم الخشية من الرسوب فى الانتخابات؟
أجاب بهدوء: السؤال يا صديقى يجب أن تعكسه ليكون ما الذى فرق الشامى بعيدا عن المغربى؟! إجابته تلك كانت مفاجأة.. سألته: يعنى إيه؟ رد قائلا: أنت تعلم جيدا أن حزب الكرامة كان فى جبهة واحدة مع الإخوان فى مواجهة الاستبداد السياسى، وكان التعاون بيننا كبيرا، وأنت يا عمنا كنت معنا وشاهداً على ذلك، ولذلك جاءت لحظة بناء برلمان الثورة، ورأينا أنه من الضرورى أن نتعاون من جديد لمواجهة أخطر مرحلة تمر بها بلادنا، برغم كل ما بيننا من اختلاف فى وجهات النظر، وذلك لمصلحة الوطن وليس بحثا عن أطماع زائلة فى الدنيا الفانية، وأنا شخصيا كنت على ثقة من النجاح إذا خضت المعركة وحدى على المقعد الفردى لأن الجيزة كلها تعرفنى بعدما عشت فيها عمرى، لكننى فضلت خوض الانتخابات ضمن تحالف حزب الكرامة الذى أتشرف بالانتماء إليه مع الإخوان لنكون قدوة للآخرين.
أرشحك لرئاسة لجنة القوى العاملة بالبرلمان.
قلت لصديقى كمال أبوعيطة فى ختام حوارنا ونحن نتحدث عن المستقبل: أنا محمد عبدالقدوس أرشحك لرئاسة لجنة القوى العاملة بالبرلمان الجديد، وإذا لم يحدث ذلك يبقى فيه حاجة غلط!! شكرنى على ذلك وبعدها سألته عن أول قانون سيكون محل اهتمامه فى تلك اللجنة.
رد قائلا: أتمنى صدور قانون الحريات النقابية الجديد الذى يخص العمال، وهو جاهز وأطرافه الثلاثة وافقت عليه.. أقصد القيادات العمالية وأصحاب العمل والمسؤولين بالحكومة، لكن المجلس العسكرى «طناش» ويتجاهله حتى هذه اللحظة! وهذا أمر طيب!! لأنه يشرفنى أن يصدره نواب الشعب بدلا من العسكر.
ويضيف قائلا: أتمنى أيضا تثبيت العمالة المؤقتة، وهى مصدر قلق فى المجتمع، ومطاردة الفساد وكشفه، خاصة فى عمليات الخصخصة التى تمت من قبل وأحلام كثيرة كلها قابلة للتنفيذ وليست فى المشمش!!
قلت له: ربنا يوفقك أنت وأمثالك من الشرفاء مكسب كبير لبرلمان الثورة.
والسبب فى كثرة اعتقال صاحبى العزيز أن نضاله كان له أكثر من مسار، فهو مناضل صلب ضد الاستبداد السياسى، وشارك فى كل الاحتجاجات السياسية التى قامت ضد حكم فرعون! كما أنه اعتقل أكثر من مرة بسبب التظاهرات التى كان يقودها ضد العدو الصهيونى رافضا لأى شكل من أشكال التطبيع مع بنى إسرائيل، وهو كذلك المناضل البارز فى الحركة العمالية، وتم انتخابه رئيسا لأول نقابة مستقلة عن الاتحاد العام للعمال منذ 52 عاما عندما تمت إقامة هذا الكيان الحكومى سنة 1957، ونجح كمال فى الانفصال عنه وتكوين نقابة الضرائب العقارية المستقلة التى تضم 55 ألف موظف سنة 2009 وبعدها توالى إنشاء النقابات المستقلة مثل المعلمين، والعلوم الصحية، والمعاشات، وأعلنت النقابات الأربع قيام اتحاد النقابات العمالية المستقلة من قلب ميدان التحرير يوم 30 يناير أثناء الثورة ضد حكم فرعون، وحاليا يضم هذا الاتحاد مليونى عامل وموظف.
والده المثل الأعلى
تعالوا معى نتعرف عن قرب إلى كمال أبوعيطة الثائر، وحكايته مع الضرائب العقارية، فهو من مواليد بولاق الدكرور بالجيزة التى عاش فيها عمره فى 1 مارس سنة 1953، والده محمد رفاعى أبوعيطة، أنجب ثمانية أبناء كلهم من الذكور عدا واحدة هى فرخة بكشك طبعا عنده وترتيبها الخامس، أما كمال فهو رقم 3 وحاليا أصبح الابن الأكبر بعد وفاة أخويه الأكبر منه.
وعن والده يقول إنه مثلى الأعلى، كان عامل بناء استطاع بشطارته واجتهاده أن يتحول إلى مقاول كبير، ومعه عرفت مصر الحقيقية من كثرة اختلاطه بالطبقات الفقيرة التى تعانى فى حياتها، وتعلمت حرفته على يديه، فأنا ماهر فى كل مهن المعمار كالنجارة والكهرباء، بل تستطيع أن تعتبرنى حدادا وسباكا، ونقاشاً «كمان»!!
ويضيف قائلا: كان والدى يتميز بالرجولة والخشونة والعمل فى أحلك الظروف.
طلبت منه أن يحدثنى عن ست الحبايب فابتسم ابتسامة واسعة تحية لها وقد رحلت قبل سنوات ولحقت بوالده إلى الدار الآخرة، وفاجأنى بكلمة أعجبتنى: «إذا كنت أنا طيب يبقى أخذت تلك الصفة من أمى» وورثت عنها كذلك محبة الناس والتعاطف مع الفقير.
رفيقة الكفاح والنضال
وبعد فضل والديه عليه يأتى تأثير شريكة العمر زوجته «آمنة زكى قنديل» رفيقة الكفاح والنضال، تعرف إليها فى جامعة القاهرة التى التحق بها سنة 1972.. وكانت معه فى مختلف الفاعليات، خاصة فى تأسيس نادى الفكر الناصرى، وعندما قرر أن يكمل نصف دينه لم يجد أفضل منها فتزوجها فى يوم لا ينساه من أيام عمره سنة 1979م يعنى من 33 سنة بالتمام والكمال، وأمسك الخشب من فضلك، وأنجب منها ولديه، وعنده حاليا حفيدتان.. والجدير بالذكر أن والدها لواء سابق بالجيش دفعة عبدالناصر، وكان يفتخر دوما بذلك.
رفضت المباحث أن أعمل بالتدريس
قال لى كمال أبوعيطة إنه تخرج فى كلية الآداب قسم فلسفة وعلم النفس بينما زوجته فى تجارة!! والحقيقة أن الدهشة أخذتنى من تلك المعلومة وسألته: عايز أعرف العلاقة بين علم النفس والضرائب العقارية التى عملت بها بعد ذلك؟ ضحك صديقى قائلا: المجموع هو الذى دفعنى إلى الآداب، فقد كنت مشغولا بالعمل مع والدى كما أخبرتك، لكننى استفدت بالفعل من الدراسة التى علمتنى كيفية الغوص فى نفوس الناس، والتفكير العميق، وبعد تخرجى فى الجامعة وانتهاء التجنيد فى الجيش كنت أتمنى أن أعمل فى التدريس، لكن مباحث أمن الدولة كانت لى بالمرصاد، ووجدت نفسى فى ديوان محافظة الجيزة، بمقتضى تعيين من القوى العاملة، وقبل مضى ستة أشهر أبعدت عن عملى بسبب نشاطى الثورى، وذهبت إلى «منفى» بمنطقة نائية فى ذات المحافظة، فرفضت الاستلام وثرت فتم نقلى إلى شؤون العاملين بمرور الجيزة.. وفى ذلك الوقت كانت سفارة العدو الصهيونى تفتتح أول مقر لها بالقاهرة بشارع محيى الدين أبوالعز قبل نقلها إلى مقرها الحالى، وكان مكتب تأمين المقر من الشرطة يتخذ من مرور الجيزة مكانا له وعند مراجعة أسماء العاملين هناك فوجئوا بوجودى فتقرر إبعادى على الفور، وثرت من جديد، وحاول محافظ الجيزة فى ذلك الوقت عبدالفتاح عزام ارضائى فقرر نقلى إلى الضرائب العقارية لأعمل مأمور ضرائب على أساس أن تلك المهنة فيها «قرشين حلوين» زيادة على ما يتقاضاه بقية موظفى الدولة.
سألته: وكيف تعلمت تلك المهنة وأنت خريج علم نفس!!
كانت إجابته: سهلة جدا!! لا تنس أننى كنت أعمل مع والدى رحمة الله، وعملنا فى العديد من الحسابات، ولذلك تعلمت عملى الجديد فى نصف يوم فقط!! أخذنى واحد من زملائى اسمه أحمد على قاسم إلى شارع بالعمرانية لنحصر العقارات ونربطها بالضريبة، وتلك العقارات فردى وزوجى، بعدما علمت الأولى قلت له: كفاية عليك كده وشكرا لك.. سأقوم بحصر العقارات الزوجى وحدى، ونجحت فى ذلك وكان يوما من أيام عمرى لا أنساه.
أول اعتقال
> قلت له أنت اعتقلت عشرين مرة فهل تتذكر أول اعتقال؟
- أجاب: طبعا.. إنه يوم لا ينسى 14 يونيو سنة 1978.. كنت متهما مع غيرى بمحاولة اغتيال المسؤولين الذين سافروا مع الرئيس أنور السادات إلى القدس فى زيارته المشؤومة هناك!! ومن بين زملائى فى تلك القضية أمين إسكندر، وحسين عبدالغنى، ومحمد حماد، بالإضافة إلى معتقلين من أهالى فلسطين المحتلة، صالح أبوسمرة، وجمال الخطيب، وقد تعرضنا جميعا لتعذيب بشع بسجن القلعة قبل إطلاق سراحنا بعدها بمدة، اتضح أن القضية كلها «فشنك».
وأتذكر أيضا من أيام عمرى يوم 4 فبراير سنة 1981، حيث اعتقلت مرة أخرى بسبب تظاهرة كنت أقودها احتجاجا على الجناح الصهيونى بمعرض الكتاب فى سرايا الجزيرة، وقد أصبت يومها بارتجاج فى المخ بعد موقعة حربية خضتها مع الأمن المركزى الذى كان يحرس الصهاينة!! ثم اعتقلت من جديد فى سبتمبر سنة 1981 فى حملة السادات الشهيرة ضد جميع القوى السياسية من مسلمين ومسيحيين، وفى عهد الرئيس المخلوع تم اعتقالى 17 مرة.
ما الذى فرق الشامى عن المغربى؟
المعروف عن كمال أبوعيطة أنه ناصرى حتى النخاع، وزمان كان يقول لأصحابه: «اللى يحب عبدالناصر يعمل كذا أو كذا» تحفيزا لهم، وحبه لناصر يرجع إلى سببين.. أنه حبيب الفقراء، ثم سياسته الخارجية التى قامت على الحياد الإيجابى والقومية العربية والتصدى للعدو الصهيونى.
قلت له: هناك سؤال يلح على الكثيرين عن أسباب تحالفكم مع الإخوان المسلمين ونزولكم على قائمة الحرية والعدالة؟ ما الذى جمع الشامى على المغربى؟ هل هى المصالح أم الخشية من الرسوب فى الانتخابات؟
أجاب بهدوء: السؤال يا صديقى يجب أن تعكسه ليكون ما الذى فرق الشامى بعيدا عن المغربى؟! إجابته تلك كانت مفاجأة.. سألته: يعنى إيه؟ رد قائلا: أنت تعلم جيدا أن حزب الكرامة كان فى جبهة واحدة مع الإخوان فى مواجهة الاستبداد السياسى، وكان التعاون بيننا كبيرا، وأنت يا عمنا كنت معنا وشاهداً على ذلك، ولذلك جاءت لحظة بناء برلمان الثورة، ورأينا أنه من الضرورى أن نتعاون من جديد لمواجهة أخطر مرحلة تمر بها بلادنا، برغم كل ما بيننا من اختلاف فى وجهات النظر، وذلك لمصلحة الوطن وليس بحثا عن أطماع زائلة فى الدنيا الفانية، وأنا شخصيا كنت على ثقة من النجاح إذا خضت المعركة وحدى على المقعد الفردى لأن الجيزة كلها تعرفنى بعدما عشت فيها عمرى، لكننى فضلت خوض الانتخابات ضمن تحالف حزب الكرامة الذى أتشرف بالانتماء إليه مع الإخوان لنكون قدوة للآخرين.
أرشحك لرئاسة لجنة القوى العاملة بالبرلمان.
قلت لصديقى كمال أبوعيطة فى ختام حوارنا ونحن نتحدث عن المستقبل: أنا محمد عبدالقدوس أرشحك لرئاسة لجنة القوى العاملة بالبرلمان الجديد، وإذا لم يحدث ذلك يبقى فيه حاجة غلط!! شكرنى على ذلك وبعدها سألته عن أول قانون سيكون محل اهتمامه فى تلك اللجنة.
رد قائلا: أتمنى صدور قانون الحريات النقابية الجديد الذى يخص العمال، وهو جاهز وأطرافه الثلاثة وافقت عليه.. أقصد القيادات العمالية وأصحاب العمل والمسؤولين بالحكومة، لكن المجلس العسكرى «طناش» ويتجاهله حتى هذه اللحظة! وهذا أمر طيب!! لأنه يشرفنى أن يصدره نواب الشعب بدلا من العسكر.
ويضيف قائلا: أتمنى أيضا تثبيت العمالة المؤقتة، وهى مصدر قلق فى المجتمع، ومطاردة الفساد وكشفه، خاصة فى عمليات الخصخصة التى تمت من قبل وأحلام كثيرة كلها قابلة للتنفيذ وليست فى المشمش!!
قلت له: ربنا يوفقك أنت وأمثالك من الشرفاء مكسب كبير لبرلمان الثورة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق