صاحبي الذي أجريت معه هذا الحوار في أواخر الأربعينات من عمره ، واستطاع بشطارته الوصول إلى منصب مهم جداً في أكبر شركة كمبيوتر في العالم وهي شركة "مايكروسوفت" ، ويشغل حالياً المسئول عن القسم الهندسي بفرع الشركة في مصر ، وهو القسم المسئول عن الذكاء الإصطناعي.
وشركة "مايكروسوفت" تضم حالياً مائتي ألف شخص ، وصديقي الشاطر واسمه "أحمد محمد طلبة" يعمل فيها منذ تخرجه من الجامعة الأمريكية قسم كمبيوتر عام ١٩٩٩ ، وكان يعمل في مقر الشركة في "سياتل" بأمريكا ، وأثبت وجوده وكفاءته هناك ، وعاد بعد سنوات من الغربة في بلاد العم سام إلى أرض الوطن ليعمل بفرع الشركة بالقاهرة كأحد المديرين بالقسم الهندسي ، وأرتقى بسرعة الصاروخ ليصبح المسئول الأول منذ عام ٢٠٢٣ ويقود فريق من الخبراء يضم ٣٧٠ إنسان من خيرة من أنجبتهم بلادنا في مجال الكمبيوتر والذكاء الإصطناعي.
ورأيت في الصديق "أحمد محمد طلبة" وجه حلو لمصر وقدوة للشباب فقررت تقديمه إلى الناس ، وتركز حواري معه حول نقطتين .. الذكاء الإصطناعي .. والعوامل التي أدت إلى تفوقه ليكون نموذج لكل من أراد النجاح.
وأبدأ بالنقطة الأولى ..
وأقول إن الدنيا تغيرت خلال الأربعين عاماً الماضية تغييرا تاما منذ دخول الكمبيوتر والمحمول في حياة الملايين ..
وهناك ثورة أخرى في الطريق إسمها الذكاء الإصطناعي ..
وهذا أمر أراه يدخل في دنيا العجائب ..
فالعصر الزراعي أستغرق آلاف السنوات قبل أن ينتقل العالم إلى الثورة الصناعية ، ومفيش في التاريخ كله ثورتين وراء بعض نجحت وقلبت العالم رأسا على عقب ، وهذا ما يحدث الآن ..
وكل ما نشاهده حالياً في التليفون المحمول ومختلف المواقع الإلكترونية والتقدم العظيم الذي حدث سيتضائل أمام الوحش القادم واسمه الذكاء الإصطناعي ، وهو موجود منذ فترة ، لكن حدثت فيه قفزات هائلة خلال السنوات الخمس الماضية ، وقريباً سيدخل كل مجالات الدنيا ، وحضرتك أول من ستشعر به في حياتك.
سألت محدثي: هل يمكن ترويض هذا الوحش أم أنه سيخضعنا له وتكون له الكلمة الأولى ؟؟
أجاب: أنا شخصياً متفائل به وأراه خير على الدنيا كلها وسيؤدي إلى مزيد من تقدمها.
قلت له: وماذا ستفعل أمام سلبياته وما أكثرها وأهمها بالطبع قدرته الفائقة على تزييف الحقائق ..
حيث يمكنه أن يقدم لك موضوع متكامل أو أشخاص بقدرة فائقة ، وتكاد تصدقه ثم تكتشف أنه مزيف من أوله إلى آخره.
والأمر الثاني أنه سيجعل ملايين الناس في مختلف المهن "مالهومش لازمة" لأن الذكاء الإصطناعي سيحل محلهم ، ويقوم بعملهم ، وبشكل أفضل ، وفي وقت أقصر !!
أجاب بابتسامة النجاح والثقة والاطمئنان للمستقبل ..
أما عن المشكلة الأولى فهناك حلول تقنية عديدة لمواجهة التزييف والموضوعات والصور المفبركة ، بالإضافة إلى ضرورة وجود تشريعات قانونية تقوم بتجريم ذلك.
وعن المشكلة الثانية فالأمر يبدو أصعب ، حيث سيحدث تغيير جذري للوظائف فهي مستمرة ولكن شكلها سيحدث فيه تغيير بالتأكيد مثل مهمة الصحافة ، وحتى وقت قريب كانت الصحافة الورقية هي السائدة ، وحالياً تزحف الصحف الإلكترونية بقوة ، وعشرات المهن مثلها ، والإقتصاد الرقمي سيكون الأساس خلال سنوات ..
والذكاء الإصطناعي له الدور الأساسي في كل ذلك ويساعد على تطوير كل المهن مثل الطب والمحاماة وغير ذلك وحتى الإبداع الأدبي ..
والمطلوب أن يقوم من يريد النجاح بتطوير نفسه وإمكانياته وإبداعاته بما يتوافق وثورة الذكاء الإصطناعي ، والوقت أمامه متسع حتى الآن قبل أن يجد نفسه خارج المنظومة وبعيدا عن العصر الجديد.
وعن أسباب تفوقه يقول: هناك عدة عوامل ..
أولها البيئة التي نشأت فيها وأنا ينطبق عليه المثل الذي يقول "إبن الوز عوام" ووالدي حفظه الله الدكتور "محمد طلبة" من كبار العاملين في هذا المجال ، ومن أبرز عقولها فهو مؤسس كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة عين شمس عام ١٩٩٦ ، وكانت البداية وفي ذات العام أنشئت ثلاث كليات في ذات التخصص بمختلف الجامعات.
والأمر الثاني الدراسة المستفيضة لهذا التخصص ويرتبط به أمر ثالث وهو التعليم المستمر ، فإذا توقفت تراجعت إلى الخلف في مجالنا.
والأمر الرابع يتمثل في حب المهنة والشغف بها ، فهذا سيدفعك إلى أن تعطيها كل وقتك وجهدك.
وأخيراً هناك بيئة العمل ذاتها ، وشركة "مايكروسوفت" تعتبر بيئة مثالية لذلك ، فلا يوجد هناك تسلسل قيادي مثل عندنا أو علاقة بين رئيس ومرؤوس ، ويمكنك الترقي في عملك دون أن تشغل منصب إداري ، وإذا أصبحت مسئولا عن فريق فالمدير في "مايكروسوفت" مطلوب منه أمرين ..
وهما الإنجاز وكذلك الإستثمار في الآخرين الذين ترأسهم وتشجيعهم والهدف أن يقدموا للشركة أفضل ما عندهم من إبداع وجهد ، وهذا بالطبع سيعود بالنفع على الجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق