ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

السبت، 24 مارس 2018

ست الكل :أم المصريين : من بيت الحريم إلى زعيمة ثورة!


صدق من قال عن مصر إنها بلد العجائب ، وآخر دليل على ذلك الطناش الكامل لأجهزة الإعلام في ذكرى ثورة 1919 وكأنها عورة أو شيء غير مرغوب مع أنها هي التي وضعت أساس مصر الحديثة.
هذه الثورة أنطلقت في شهر مارس قبل 99 عاما، ومع ذلك لا حس ولا خبر عن هذه الذكرى الخالدة إلا بعد ذلك أمر غريبا ويدخل في دنيا العجائب ؟؟
ومن القيادات النسائية التي برزت بقوة هذه الأيام 'صفية زغلول' زوجة زعيم الأمة وقائد ثورتها سعد زغلول ، التي عرفت كذلك باسم أم المصريين ، وربنا يرحم الجميع مليون رحمة. والدها مصطفى فهمي باشا كان رئيسا للوزراء أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وظل في منصبه اثنتي عشر عاما، ولم تتزوج من أبناء طبقتها الارستقراطية، بل وافقت الأسرة على زواجها من سعد زغلول وكان قاضيا في ذلك الوقت وينتمي إلى طبقة الفلاحين. والمفاجأة التي اقدمها لحضرتك أن وجهها لم يعرف بعد زواجها أدوات الزينة حيث قال لها شريك العمر: أحب وجهك كما خلقه الله، وعندما بنى سعد بيته أو بيت الأمة كما عرف بعد ذلك عقب قيام الثورة كان هناك مخصص للحريم أو جناح الحرملك، فليس لها أي اختلاط 'بالرجالة'.
ومل ذلك تغير تماما بعد قيام الثورة ، فقد أراد زعماء الوفد الإجتماع عقب أعتقال زعيمهم ونفيه إلى مالطة فأصرت صفية زغلول أن يكون الاجتماع في بيتها رغم أن رجل البيت غير موجود ، وكانت البداية ، وانطلقت تقود التظاهرات النسائية ، وتداوي الجرحى ، وتذهب إلى عائلات الشهداء في بيوتهم لمواساتهم، ووجه لها الانجليز انذارا رسميا بالكف عن تأليب الجماهير ضدهم، لكنها لم تأبه وكانت تخطب في الثائرين عندما يتجمعون أمام بيتها بيت الأمة.
وصدق أو لا تصدق صفية زغلول قاطعت أختها الكبيرة 'زكية هانم' لأنها وقفت ضد الثورة فقد كان زوجها محمود صدقي باشا محافظ العاصمة وكان من رأيه أن المصريين أخطأوا بثورتهم ضد الإنجليز الذين تعلموا منهم الكثير!! وساندت شقيقة صفية هذا الرأي فكانت المقاطعة التي استمرت لسنوات، وصفية زغلول جديرة بالطبع بلقب أم المصريين ولقب ست الكل كذلك.
ومن عجائبها أيضاً أن زوجها تولى رئاسة الوزراء بعدما اكتسح أنصاره أول انتخابات نيابية في تاريخ مصر عقب صدور دستور 1923 وكان من أفضل دساتير في العالم كله ، وبدلا من أن تفرح زوجته بما تحقق فاجئت زوجها قائلة : أنا حزينة لتوليك منصب رئاسة الوزراء ، وبالطبع طرأت الدهشة على وجهه وسألها عن السبب فقالت بتلقائية : زعيم الأمة أهم من منصب رئيس الوزراء. وبعد وفاة سعد زغلول عام 1927 ظل بيتها مفتوحا لخليفته النحاس باشا عشر سنوات حتى أختلف مع زملاءه من قيادات الوفد فرفضت أن يجتمع أحد في بيت الأمة بعد ذلك ، واستمرت ترتدي السواد لم تخلعه أبدا لمدة تسعة عشر عاما حتى لحقت بزوجا إلى الرفيق الأعلى عام 1946. وربنا يرحمها ويرحمه. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق