ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الخميس، 3 سبتمبر 2020

يوم لاأنساه : جاءتني ملائكة من السماء!



في كثير من الأحيان يكون الإنسان في ظروف صعبة وضيق شديد، وفجأة يأتيه الفرج من السماء من حيث لا يدري!

وأقدم لحضرتك نموذج لما أعنيه .. يتمثل لما جرى للإقتصادي الكبير "حازم حسن" من أشهر رجال المحاسبة في مصر بل والعالم العربي كله، وله شركة تحمل اسمه مع شركاه! وأراها مختلفة عن غيرها من الشركات لأن كل مجتهد ومتميز في شركته من حقه أن يكون شريكا له، ولذلك سميت شركة حازم حسن وشركاه! ولندعه يروي قصته بنفسه حيث يقول: 

هناك قول شهير سمعته منذ أن كنت صغيرا بأن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، وعندما دخلت معترك الحياة العملية، وجدت أن هذا المثال يحتاج إلى تعديل، فالسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة على الكسالى والفاشلين، أما الذين يكافحون في الدنيا فلهم وضع آخر .. وعندي أكثر من قصة في حياتي تدل على صحة ما أقول. 

وأتذكر جيدا سنوات الإشتراكية والتأميمات الواسعة النطاق التي صاحبتها في الستينات من القرن العشرين الميلادي، أصابت مكتب أبي ضربة قاصمة! وكان متخصصاً في المحاسبة، وفقد ٩٠٪ من عملاءه الذين ذهبوا ضحايا التأميم. ولم أتصور أن تكون هذه نهاية عادلة لأبي الحبيب المكافح العظيم "زكي حسن"، كما أنني اجتهدت كثيرا في دراستي حتى أرضي والدي وأخفف العبء عنه، لكنني أجد كل الأبواب مغلقة في وجهي .. فماذا أفعل يا ربي؟  

ووسط الظلام الدامس انشقت الأرض عن مفاجأة لم تخطر ببالنا .. دخل علينا في يوم لا أنساه أثنين من الأوروبيين قادمين من "آخر الدنيا" .. بلاد السويد .. كل واحد منهما يمتاز بطول فارع .. واخبرونا أنهما مندوبي شركة سويدية تمتلك شركة في الإسكندرية متخصصة في صناعة الكبريت، وكان والدي المستشار الضريبي لهذه الشركة التي تم تأميمها، وأنهما جاءوا ليسددوا لأبي أتعابه، وحرروا لنا شيك بمبلغ سبعة آلاف جنيه وهو مبلغ ضخم وقتها، يساوي سبعين ألف جنيه على الأقل حاليا .. ولم يستغرق الأمر كله سوى دقائق قليلة انصرفوا بعدها إلى غير رجعة، وهكذا بعد أن كنا مفلسين أصبحنا في لمح البصر من الأثرياء بعدما أمطرت علينا السماء ذهباً وفضة!! وجاءنا الفرج من حيث لا نتوقع أبدا على أيدي هؤلاء الملائكة الذين هبطوا علينا من السماء ثم اختفوا!! 


وهناك قصة أخرى مشابهة للرواية الأولى وحدثت بعدها بسنوات قليلة في الستينات أيضاً أيام الإشتراكية، حيث الأزمات تتوالى علينا الواحدة تلو الأخرى!! وهذه المرة تدخل لنجدتنا ملاك ولكن من أفريقيا! بشرة سوداء ويمتاز بطول فارع أيضا مثل ملائكة السويد! سأل الرجل الأفريقي والدي عن مكتبه بعدما أخبره أنه يمثل لبنك التنمية الأفريقي ويبحث عن مكتب للمحاسبة لمراجعة البنك الذي يمثله .. ولم أكن قد سمعت عنه من قبل .. ولا أبي!! 

واعطيناه المطلوب من البيانات، لكن والدي أخبره بحقيقة الأوضاع الصعبة التي يمر بها مكتبنا. 

وبعد انصرافه قلت لأبي أننا لم نحتفل بالرجل، كما اعطيناه صورة كئيبة عن أوضاعنا، فكان رده أننا اخبرناه بالحقيقة، وكنا صادقين معه. 

ومرت شهور على هذه الواقعة، وفجأة جاء إخطار لمكتبنا بأنه تم اختيارنا لمراجعة حسابات البنك الذي تبين أنه صرح إقتصادي كبير بغرب أفريقيا، ومقره في أبيدجان بساحل العاج. 

وكان هذا الإختيار نعمة لنا من السماء، وفضلاً من الله وكرما لأننا كنا في أزمة صعبة، وفي حاجة إلى أي مبلغ يبقي مكتبنا فقط على قيد الحياة. 


وهذا الملاك الأفريقي رأيته بعد ذلك . عكس ملائكة أوروبا الذين لم اشاهدهم قط بعد زيارتهم لنا!! 

وسألته: مكاتب المحاسبة تملأ الدول الأفريقية، فلماذا وقع الإختيار على مكتبنا بالذات؟ 

أجاب: مكتبكم حسن السمعة، كما أنكم شرحتم أوضاعكم بدقة وبدون مبالغة، وتعاملتم معي بطريقة عادية ليس فيها إحتفال غير عادي .. قلت في نفسي .. يا إلهي .. كم كان أبي بعيد النظر. 

هناك تعليق واحد:

  1. ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب

    ردحذف