ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الخميس، 30 أغسطس 2018

صورة من قريب:مصري مسيحي غير تقليدي اسمه جورج إسحاق




* مؤسس حركة كفاية يشرح كيف نشأت الحركة ومن أين جاء أسمها.
* أول منشور قام بتوزيعه أثناء العدوان الثلاثي على مدينته بور سعيد.
* ذهب إلى المدرسة كمدرس فوجد الطلبة أكبر منه في السن.
* ترك حزب التجمع احتجاجا على أساليب الشيوعيين.
* صديق عمره أقنعه بالانضمام إلى حزب العمل برغم أختلاف التوجهات.


قبل أيام أحتفل صديقي العزيز جورج إسحاق بعيد ميلاده الثمانين.. إنه مصري مسيحي غير تقليدي مختلف عن غيره! فهو مؤسس حركة كفاية مع رفاقه وأول رئيس لها، وكان دورها كبيرا في اضفاء الحيوية على الحياة السياسية كلها ، وأول مسمار في نعش نظام مبارك قبل أن تطيح به ثورة يناير.
ولأن الجو السياسي في بلدنا مخنوق، وهناك مليون قيد على الحريات العامة فقد تم الاحتفال بتلك المناسبة في هدوء وصمت، وغاب رفاقه القدامى.
سألته : ألا ترى معي أن مصر تحتاج إلى "كفاية" جديدة لمواجهة الاستبداد الجاثم على أنفاسنا.
أجاب على الفور: طبعا، نحن في أشد الاحتياج إليها أكثر من أي وقت مضى ، لكن ما باليد حيلة، فالقمع الموجود حاليا أشد مليون مرة من أيام مبارك وهو لا يسمح بأي تحرك، واعتقالات النشطاء لا تتوقف وكان آخرهم السفير معصوم مرزوق والدكتور يحي القزاز وغيرهم.


يوم لا ينسى.
سألته عن ذكرياته مع كفاية.. كيف نشأت الحركة ومن أين جاء أسمها الفريد من نوعه ؟
أبتسم أبتسامة واسعة تذكر بها تلك الأيام الحلوة وقال صديقي جورج إسحاق : كان ذلك أواخر عام 2003 حيث أجتمع بعض الأصدقاء على مائدة إفطار في رمضان عند صديقنا المهندس ابوالعلا ماضي. وبعد تناول ما لذ وطاب من الطعام والشراب بدأنا الدردشة في أحوال بلدنا وتطرق حوارنا بالطبع إلى الرئيس السابق حسني مبارك وكانت مدته الرئاسة الرابعة ستنتهي عام 2005م وقلنا مش معقول ننتظر حتى أنتهاء مدة رئاسته ثم نبدأ في الاعتراض على ترشيح نفسه من جديد ، بل علينا أن نبدأ من الآن وفورا وكان هناك إجماع على ذلك من الحاضرين. وهكذا نشأت حركة كفاية بالصدفة ودون تخطيط مسبق وفي تلقائية وبساطة.


كيف نشأ الإسم.
قلت له : كفاية تعبير عبقري وعفوي وكان تأثيره كبيرا فكيف تم اختيار هذا الإسم ؟
رد قائلا : جاء ذلك بعد عام تقريباً من بداية التأسيس ، فقد انشغلنا طيلة عام 2004 في رسم خطة العمل، وإعداد أفكارنا التي سنخاطب بها الجماهير ، وضم أعداد جدد، فقد أردنا أن نبدأ بداية قوية ونجحنا بالفعل في ضم 300 عضو يمثلون خيرة أبناء مصر من شتى الاتجاهات وكنا حائرين في اختيار الاسم واردناه جذابا وبراقا وبسيطا في ذات الوقت وتعددت المقترحات في جلسة جمعتنا إلى أن قال الدكتور "محمد سعيد إدريس" وهو باحث سياسي ومن المؤسسين الأوائل :"كفاية قرف" ..فقلت على الفور كفاية تكفى.


أول اجتماع في الشارع.
وبالطبع هذا يوم لا ينسى عند جورج إسحاق ولا كل من شاركوا في هذا اليوم والعبد لله كان من بينهم ويقول عن هذا اليوم : حرصنا على أن تكون أول فاعليته لنا في الشارع مع اليوم العالمي لحقوق في العاشر من ديسمبر ، لكن اكتشفنا أنه يوم الجمعة ، فقررنا أن تكون التظاهرة الأولى يوم الأحد 12 ديسمبر عام 2004 أمام دار القضاء العالي رمز العدالة وحرص الأعضاء كلهم على الحضور رافعين لافتات كفاية باللون الأصفر وكان يوما مجيدا لمصر كلها لا أنساه في حياتي.


من أنت ؟
فاجئت صديقي جورج إسحاق بسؤال لم يخطر على باله أبدا حيث سألته : من أنت ؟ طرأت الدهشة على وجهه وهو يقول : يعني إيه مش فاهم!! يا عمنا أنت تعرفني منذ سنوات.. فما الذي تقصده من سؤالك العجيب! قلت له : أريد الاقتراب منك أكثر بالتعرف على حياتك الشخصية.
أجاب بعد فاصل من المداعبة اللطيفة: اسمي يا سيدي جورج إسحاق جرجس. والدي كان من كبار تجار الذهب ببورسعيد حيث ولدت هناك، ونحن سبعة أبناء وأنا الخامس بينهم. دخلت مدرسة "الأمريكان سكول" ، وتخرجت من مدرسة بورسعيد الثانوية. توفي والدي مبكرا وعمري ثمانية سنوات فقط في يوم أسود لا أنساه. وتولت أمي تربيتنا واسمها "بهجة"، رأيتها دوما اسم على مسمى تدخل البهجة على قلوبنا. وكانت قارئة جيدة برغم تعليمها المتوسط ، وتميزت بالعزيمة والإصرار والقوة، وتأثيرها على جميع أبناءها قويا كبيرا.


الطلبة أكبر مني.
ويضيف جورج إسحاق قائلا : تخرجت من كلية الآداب قسم تاريخ عام 1961م وقدمت أوراقي إلى القوى العاملة كما كان متبعا في ذلك الوقت. وفوجئت بتعييني بالمدرسة الثانوية الزراعية بالإسماعيلية. وكانت مفاجأة غير سعيدة بالطبع! ووجدت الطلبة هناك أكبر مني في السن وأغلبهم متزوج. وطلبت نقلي وسعيت من أجل ذلك ، وبالفعل انتقلت إلى القاهرة بالمدرسة المارونية كمدرس تاريخ، وتدرجت في مختلف المناصب حتى أصبحت مديرا للمدرسة، ثم رئيسا للرابطة التي تضم المدراس الخاصة ، وطيلة عملي في التدريس كنت مهتما بالنواحي السياسية ، ومتابعا لها ومشاركا فيها.


عرفت السياسة من حرب بورسعيد.
وعن تكوينه السياسي يقول المناضل الكبير : بدأت التعرف عليها منذ زمن بعيد ، وتحديدا سنة 1948 حيث كنت أرى اللاجئين الفلسطينيين قادمون إلينا بعد حرب فلسطين الأولى بعدما طردوا من أرضهم. وأولئك الذين جاؤوا إلى مصر نزلوا في بورسعيد بمدرسة اسمها "الوصيفة" بجوار بيتنا وتعرفت عليهم كطفل صغير. ويضيف قائلا : عرفت السياسة على حقيقتها بعدها بثمانية سنوات في حرب بورسعيد والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956م حيث شهدت المعارك التي دارت بالمدينة ، ورأيت تدمير منازلنا وكانت معظمها من الخشب، ووقعنا في أسر قوات الاحتلال الإنجليزي مع أفراد أسرتي لكنهم أطلقوا سراحنا بعد ذلك.
ويتذكر جورج إسحاق بكل خير المحامي "إبراهيم جودة" وكان من قادة المقاومة وقمت تحت إشرافه بتوزيع أول منشور في حياتي يهاجم سوق تجاري أقامه بعض أبناء المدينة الذين يبحثون عن الفلوس ولو عن طريق التعاون مع الاحتلال والبيع للجنود الذين يحتلون مديتنا. وكان لهذا المنشور فعل السحر إذ استجاب الأهالي وقاطعوا هذا السوق تماما فأفلس واختفى من شارع السلطان حسين حيث كان ينشر بضائعه.


أساليب الشيوعيين لم تتغير.
ويقول صديقي العزيز : بعد عودة الأحزاب السياسية إلى مصر من جديد في عهد الرئيس الراحل أنور السادات دخلت حزب التجمع ، لكنني لم امكث فيه طويلا، فقد شعرت بأنه ما زال يدار بذات الطريقة السرية التي يتميز الشيوعيين بها!! وكانت العديد من القرارات لا نعلم عنها شيء ونفاجئ بها، وبعد ذلك دعاني صديق العمر المرحوم عادل حسين عليه ألف رحمه إلى الانضمام لحزب العمل ، ورفضت في البداية نظرا لاختلاف توجهاته عما أؤمن به من أفكار ، وظلت المفاوضات دائرة بيننا لخمس سنوات حتى أقنعني في النهاية ودخلت الحزب وأصبحت عضوا في لجنته العليا. وللأسف قام الاستبداد السياسي بإغلاقه مع بداية القرن الميلادي الجديد ، وكان ذلك خسارة كبيرة للحركة الوطنية كلها. وجاءت "كفاية" بعد ذلك بأربع سنوات لتعويض تلك الخسارة.


ختامه مسك.
وختمت حواري مع صديقي العزيز عن حياته الشخصية! وفوجئت عندما رأيت جورج إسحاق متحفظ جدا في الحديث عن شريكة العمر وكأنه صعيدي أصيل!! وعرفت أنه تزوجها سنة 1967 قلت له مداعبا: وهذه سنة زواجي أيضا! فضحك قائلا : زوجتي ست عظيمة، كل ما خرجت به من الدنيا هذه السيدة الجميلة واولادي الثلاث الذين انجبتهم منها! "فادي" أكبر أولادي حصل على ماجستير في الطاقة البديلة وهو باش مهندس قد الدنيا ، ويقوم حاليا بتحضير رسالة الدكتوراه. و"شادي" خريج معهد السينما وقد مكث فترة في "العقبة" بالأردن يدرس الماجستير في تخصصه! طرأت الدهشة على وجهي وسألته : اشمعنى! فأجاب : هناك بالعقبة معهد سينما على أعلى مستوى أقامه مخرج أمريكي شهير. وأخر العنقود أبني "شهير" وطالع لأبوه ومهتم جدا بالسياسة وهو خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ينطبق عليه المثل العامي الشهير "إبن الوز عوام" .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق