ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الخميس، 2 ديسمبر 2021

شخصيات في حياتي - حوار مع زوجة "جنتلمان" الصحافة المصرية



الكاتب الكبير "سعيد سنبل" رحل عن دنيانا في ٣ ديسمبر قبل سنوات عن عمر يناهز الخامسة والسبعين.

وبهذه المناسبة إلتقيت بشريكة العمر السيدة "فادية مكرم عبيد" التي عاشت معه أكثر من ثلاثين سنة.

والكاتب الراحل كان معروفاً بين زملاءه بأنه "جنتلمان" الصحافة المصرية .. آخر ذوق وأدب وأخلاق وتواضع ، وعندما كان رئيساً لمجلس إدارة أخبار اليوم كان بابه مفتوحاً دوماً لكل من يريد أن يقابله .. إنسان بمعنى الكلمة وليس فيما أقوله أي مجاملة ، بل هي الحقيقة بعينها .. رأيته دوماً شخص جميل بحق .

والجدير بالذكر أنه كان أستاذي المباشر عندما بدأت عملي في أخبار اليوم حيث كان مديراً لتحريرها.

وكان من الطبيعي أن أسأل زوجته عن طبيعة هذا "اللورد" ، ومن أين أكتسب هذه الأخلاق الرفيعة ؟ 

كانت إجابتها على طريقة "ما قل ودل" أو المختصر المفيد .. كلمة واحدة لا ثاني لها إسمها "الحب".

وبدأت شريكة العمر في شرح الكلمة ذات الحروف الأربعة فقالت : 

كان يحب الحياة ، ويحب الإستمتاع بالدنيا .. يحب الأناقة والأكل الجيد والسفر والتصوير ، والموسيقى ، وصيد الأسماك ، ومعه طفت العالم ، وعشت معه أجمل لحظات عمري ..شخص إجتماعي جداً ، و "رجل بيتي" من الطراز الأول ، وعاشق لعمله ، ومن الصعب أن تجتمع أنواع هذا الحب في واحد .. فالنجاح في العمل يكون غالباً على حساب البيت أو الحياة الإجتماعية ، لكن "سعيد سنبل" رحمه الله نجح في الجمع بينهم ، فهو شخصية فريدة من نوعها بالفعل ! 

الحب مفتاح شخصيته ، ولذلك نجح جداً في الصحافة التي تعتمد على العلاقات العامة بالدرجة الأولى ، وكان أول صحفي إقتصادي متخصص ، ولم يكن هذا الطراز من الصحفيين معروفاً من قبل ، والبركة في أستاذه الراحل الدكتور "عبدالمنعم القسيوني" رحمه الله الذي كان مسئولا عن إقتصاد بلادنا لسنوات طويلة ، وأحب "سعيد سنبل" ورأى فيه نموذج للصحفي القدوة .. أخلاق وشطارة وذكاء.

   (حب بالقلب والعقل!) 

قلت لشريكة العمر : لفت نظري أن صديقي العزيز الحبيب "سعيد سنبل" رحمه الله تزوج بعد أن تجاوز الأربعين من عمره  .. "طب إزاي وليه" وهو الإنسان المحب ؟؟

وقبل أن تجيب إستطردت قائلاً : "أكيد قلبه طب" عندما رآك ! وكان يبحث عن الزوجة الجديرة به ، وطال بحثه حتى إلتقى بك !! 

كانت إجابتها مفاجأة : أساساً لم نفكر في الزواج !! 

كان مستريحا جداً وهو يعيش مع أمه السيدة "عايدة رفعت" التي يعبدها وقد توفيت سنة ١٩٧٥م ، وكانت تلح عليه دوماً لكي يجد نصفه الآخر .. وتم ترشيحي له ، وإلتقينا في حدائق الميريلاند ، ولمعلوماتك إحنا أقارب من بعيد ، وذهبت إلى اللقاء بضغط من الأهل ، فقد كنت مثله رافضة لزواج الصالونات !! 

لكنه أعجبني منذ اللقاء الأول .. والسبب أن عنده قدرة على أن "يأكل الجو" بالتعبير العامي ، أو بمعنى آخر يسيطر على الجلسة ، عقله كبير ، وعنده معلومات كثيرة في شتى الموضوعات ، وبصراحة كنت خائفة من هذا الزواج ، وأسأل نفسي : كيف سأجاري هذا العملاق في تفكيره ؟؟ 

لكن حبي له سكن قلبي ، وأقتنع به عقلي ، يعني زواج بالعقل والقلب ، وهذا أنجح أنواع الزواج ، وكانت القسمة والنصيب والحمد لله.

  (أربع بنات وضابط!) 

وأسفر زواج الصالونات المقترن بالحب الكبير عن أربع بنات وولد وهم بالترتيب : 

* حنان : خريجة إعلام جامعة أمريكية وهي متزوجة من المهندس "سمير نجيب".

* نهى : خريجة الجامعة الأمريكية قسم إقتصاد ومتزوجة من رجل الأعمال "سامر سمير".

* ريم : خريجة سياسة وإقتصاد من الجامعة الأمريكية ومتزوجة من محاسب ناجح إسمه ""مسعد عبيد".

* عايدة : خريجة تجارة فرنسية من جامعة عين شمس ، ومتزوجة من رجل الأعمال 

"إيهاب مهاود".

* صبحي : آخر العنقود تخرج "باش مهندس" من جامعة بيركلي بأمريكا .. وعندما سمعت عن اسم تلك الجامعة أصابتني "خضة" مقترنة بإعجاب !! 

فهي من أعرق الجامعات بالولايات المتحدة الأمريكية التي يتخرج منها الرؤساء وتنافس جامعة هارفارد.

قلت لشريكة العمر : أراهن أن "صبحي" كان له معزة خاصة عند الأب والأم بإعتباره الولد الوحيد وسط بنات .. 

أجابت بسرعة قائلة : لا يا أستاذ .. خسرت الرهان ! 

زوجي لم يكن يفكر بهذه الطريقة .. بناته كانوا قريبين منه جدا ، ويثقون في رأيه فهو رزين ، عميق التفكير ، لا يتعجل في إطلاق الأحكام ، تعلمت منه كل هذه الأمور .. ولأن قلبه من ذهب فلم يفرق أبدا بين أبناءه .. وكان صديقا لهم وطيب ! 

  (الوداع بفرح!) 

وعن أيامه الأخيرة تقول : سافرنا إلى لندن وكان مريضاً جداً وتحسن بعدها بطريقة ملحوظة ، وعادت إليه رغبته في الحياة ، وأخذ ينظر إلى المستقبل ، وكان كل شيء تمام ! 

وتحدد بالفعل موعد زفاف ابنته "ريم" ولكن حدثت نكسة في صحته ، ورفض بطريقة قاطعة مجرد مناقشة إقتراح تأجيل فرح تلك الإبنة العزيزة على قلبه ، وأصر على ذلك ، وحققنا رغبته ، 

وإلتقى بكل أصدقاءه وأقاربه ومحبيه وكأنه كان يقول لهم وداعاً في يوم فرح .. وبالفعل ذهب إلى لقاء ربه بعدها بأسبوعين بالضبط .. 

وأقول في النهاية أنه نموذج رائع للإنسان المصري، وصورة حلوة قوي للصحفيين .. ربنا يرحمه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق