ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الجمعة، 28 يونيو 2024

حكايات إحسان عبد القدوس - ناصر يسأل سانو: فين كلمة جيمي؟!



لا أظن أنه في عهد "ناصر" أو في أي عهد آخر يقدم الحاكم إعتذار لسجين الرأي الذي أعتقله ، لكن هذا الأمر حدث مع والدي مرتين في عام ١٩٥٤ التي كانت فاصلة في تاريخ مصر وبعدها أحكم"ناصر " قبضته على السلطة.


وقبل القبض عليه كان والدي يتبسط مع "ناصر" ويناديه باسم "جيمي"! 

فقد كان في ذلك الوقت من أقرب الصحفيين بل والشخصيات المدنية إليه !

وأبي يعرفه أصدقائه المقربين باسم "سانو" وهو الإسم المتداول داخل عائلته بدلاً من "إحسان"!!

ورغم صداقته الوطيدة "لناصر" إلا أنه تم إعتقاله في أبريل من عام ١٩٥٤ بعدما كتب مقالا شديد اللهجة ينتقد فيه مجلس قيادة الثورة ، قال فيه أنهم مازالوا يفكرون بعقلية الجمعية السرية التي كانت تحكمهم قبل نجاح ثورتهم ، ولم ينجحوا في تطوير أنفسهم ، فالعديد من قراراتهم تصدر فجأة ودون تفسير ودون تمهيد للرأي العام.

وغضب "ناصر" من هذا المقال الذي أثار ضجة كبرى لأنه كان جديداً من نوعه في تفسير الطريقة التي تحكم بها مصر.

وأصدر أمرا بالقبض عليه وذهب إلى السجن الحربي وكان مليئا في ذلك الوقت بالمعتقلين من كافة الإتجاهات.

وفاجئت أمه صاحبة مجلة "روزاليوسف" مجلس قيادة الثورة بقرار صادم لهم إحتجاجا على إعتقال أبنها وقررت عدم نشر أي أخبار في مجلتها عن الثورة ولا خبر ينشر عن "ناصر" ورفاقه.


وظلت المجلة تصدر لأسابيع ومفيش أي خبر عن الثورة وقادتها في طول المجلة وعرضها.

واستمر هذا الوضع ثلاثة أشهر حتى تم الإفراج عن "سانو" في شهر يوليو من عام ١٩٥٤.

وتوقع الجميع بالطبع أن تحدث فجوة بين الكاتب الكبير وقائد ثورة يوليو خاصة بعدما قاطعت "روزاليوسف" نشر أي أخبار عنه.

ولكن حدث العكس وكانت مفاجأة تتمثل في دعوة "ناصر " والدي في بيته أكثر من مرة في لقاءات خاصة مساءا بعد إنتهاء العمل وغرضه تخفيف صدمة الإعتقال عنه ، بل أنه قال له صراحة "أنا بحاول أعالجك نفسياً" ، ولكن الصداقة لم تعد كما كانت من قبل بدليل أختفاء كلمة "جيمي" الذي كان ينادي به والدي "جمال عبدالناصر"! 

وتعجب الأخير عندما ناداه والدي باسم "يافندم" !!

ولم يكن "ناصر" قد أصبح بعد رئيساً للجمهورية حتى يناديه ياريس ..

وسأل والدي: فين كلمة "جيمي" .. فرد بأسى: لا .. ده كان زمان .. الدنيا تغيرت !!


وأسألك هل يوجد رئيس حكم مصر يقوم بدعوة من قام بأعتقاله إلى لقاءات شخصية في بيته ؟؟ ويعمل على تخفيف صدمة إعتقاله !!

المؤكد أن هذا لم يحدث من قبل لا في مصر ولا في أي مكان آخر !!


والجدير بالذكر أن والدي كان يصحب "ناصر" في جميع رحلاته الخارجية واستمر ذلك لسنوات طويلة .. وهذا أيضاً أمر فريد من نوعه ، والمفترض أن رئيس الدولة يفقد ثقته وصداقته مع من يتم إعتقاله بأمر منه ، لكن "سانو" كان له وضع خاص عند "جيمي" سابقاً أو "ناصر".


وغداً حكاية جديدة قدم فيها حاكم مصر إعتذارا رسميا لوالدي بعدما تم القبض عليه مرة أخرى !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق