فاجأنى قارئ يتابعنى قائلاً: أنا عايز أعرف إنت مين بالضبط؟ وبدلاً من أن أقول: إنت قصدك إيه من هذا السؤال؟ قلت بسخرية: أنا اسمى محمد عبدالقدوس. أجابنى: وهذا يزيد من حيرتى، لماذا لا تقول أنا اسمى محمد إحسان عبدالقدوس، ليه الطناش على اسم والدك؟ هل تخجل منه باعتباره كان -رحمه الله- يعبر فى قصصه عن الصبايا أفضل تعبير، وعنده موهبة عجيبة فى التعبير عن مشاعر البنات وحكايات الحب، وأنت باعتبارك من الإخوان لا توافق على ذلك! ولذلك لا تذكر اسمه عندما تقدم نفسك، وكل ما تكتبه توقعه باسم محمد عبدالقدوس ومفيش إحسان؟!
اغتظت من هذا الكلام بالطبع، ومع ذلك نجحت فى ضبط أعصابى وقلت له: كلامك بعيد جداً عن الواقع.. أنا اسمى يا أستاذ «مركب» على اسم جدى محمد عبدالقدوس، أما والدى -رحمه الله- فهو على عينى وراسى من فوق، وأتذكر قصته «لن أعيش فى جلباب أبى» وأقول لك: أفتخر بأننى ابنه وأعيش فى جلبابه، ولكن بطريقتى الخاصة. قال محدثى: أنت ابن بار بوالدك، وكلامك صحيح فأنت تعيش بالفعل فى جلبابه؛ بدليل أنك الكاتب الإسلامى الوحيد الذى تكتب بانتظام عن المرأة، ولك عمود أسبوعى -أتابعه- تتحدث فيه عن الفن! وأحياناً أرى فيما تكتبه تحرراً وليبرالية على طريقة والدك وفى أحيان أخرى تبدو شديد التزمت، «كاتب إخوانى أصيل»! ولذلك سألتك إنت مين؟ وأعتقد أنك خلطة من إحسان عبدالقدوس وأستاذك الشيخ الغزالى والإخوان المسلمين! يعنى إسلامى ليبرالى. كانت إجابتى: لا يهمنى كثيراً وصفك، وللإجابة عن سؤالك سالف الذكر أقول إننى كاتب أحاول التعبير عن إسلامنا الجميل من خلال نشأتى فى منزل إحسان عبدالقدوس، وتأثرى بالشيخ الغزالى وأساتذتى فى جماعة الإخوان، ولم يقل أحد إن التيار الليبرالى هو وحده الذى يحتكر الحديث عن المرأة والفن وممنوع على الإسلاميين التحدث فى تلك الموضوعات.
رد صاحبى: حيلك يا عمنا.. كلامك هذا فيه مغالطة خطيرة، ولكنها مبررة من ابن يحب والده.
تساءلت: وما هذا الخطأ يا فيلسوف عصرك؟
أجاب: أنا على قدى.. ولا فيلسوف ولا حاجة، ولكننى قارئ جيد جداً وخطؤك يا حبيبى.. أنك دون أن تشعر، ومن عقلك الباطن، حاولت التقريب بين والدك كاتب الحب، والشيخ الغزالى والإخوان ووضعتهم جميعاً فى سلة واحدة أطلقت عليها اسم «إسلامنا الجميل» وهذا غير صحيح بالمرة ولا أحد يوافقك على ذلك، فهناك فارق كبير جداً بين الكاتب الذى برع فى التعبير عن قلوب الصبايا وكان يدعو البنات إلى التمرد!! والشيخ الغزالى والإخوان.. خطان لا يلتقيان أبداً إلا عندك فقط باعتبارك ابن الكاتب الكبير وتلميذ الشيخ الجليل وعضو الجماعة التى كانت، حتى أمس، محظورة وهى اليوم حاكمة!! قلت له: وما رأيك يا أستاذ أن هناك آراءً متشابهة بين العملاقين؛ إحسان عبدالقدوس والشيخ الغزالى فى مواضيع عدة مثل المرأة والديمقراطية والفن. صاح فى دهشة: يا ناس.. يا هوه.. هل هذا معقول؟ عايز ولو نموذج واحد لهذا التشابه المزعوم.
قلت له: حاضر.. سأفعل ذلك، ولكن خلّى أعصابك هادئة ولا تقاطعنى إلا بعدما انتهى من كلامى.
قال: اشرح وجهة نظرك، وسأستمع لك دون مقاطعة.
وإلى اللقاء فى الأسبوع المقبل إن شاء الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق