ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الأربعاء، 5 أبريل 2023

صورة من قريب - فوازير رمضان بدأت في محطة بنزين منذ ٦٨ سنة !!



فوازير رمضان كانت حتى وقت قريب جدا من المعالم الأساسية لشهر رمضان بأجهزة الإعلام من راديو وتلفزيون ، وهي وجبة مفروضة عليك، قد ترفض تناولها وتهرب منها أو تقبل عليها بشهية، وهذا يتوقف على ذوقك ومزاجك !!


والفوازير نشأت في مصر ، وسرعان ما أنتقلت إلى البلاد العربية الأخرى ، وقد ألتقيت بالمذيعة المشهورة "آمال فهمي" قبل وفاتها وهي أول من قدمت الفوازير في الإذاعة ، وصاحبة فكرة هذا النوع من الترفيه في شهر رمضان قبل أن تنتقل تلك الفكرة إلى التليفزيون..


تقول المذيعة المعروفة: نشأت فكرة الفوازير منذ سنوات بعيدة تحديداً سنة ١٩٥٥، وكانت البداية في محطة بنزين!!


وتشرح "آمال فهمي" حكايتها مع الفوازير قائلة: كنت برفقة زوجي المرحوم "محمد علوان" بسيارتنا، وذهبنا إلى محطة البنزين التي تقع عند ميدان كوبري الجلاء بالجيزة لضبط زوايا العجل.

وأثناء قيام العامل بعمله سمعت صوتاً عبارة عن جرس متقطع ، وأثار ذلك أنتباهي، فسألت من يقوم بنفخ العجل عن مصدر هذا الصوت ، فأخبرني أنه جهاز جديد نقوم بضبطه على رقم ٢٨ لملئ إطارات السيارات.

وسألت نفسي: ترى لو سألت المستمعين في الإذاعة عن مصدر هذا الصوت .. هل يعرفونه؟ 

وسرح خيالي وراء أصوات القطار، والطائرات، وأمواج البحر، وصوت الكروان، وكذلك الطيور والحيوانات .. 

وهكذا بدأت فكرة الفوازير.


وتضيف "آمال فهمي" قائلة : لم أنم ليلتها، وأيقظت زوجي في الثالثة صباحا لإبلاغه بالفكرة، وكان نائما بعمق فصاح ولم يستمع إلى ما قلته، فقمت بتدوين الفكرة حتى لا أنساها.

وعندما عرضتها عليه في اليوم التالي ونحن في طريقنا إلى الإذاعة تحمس لها، وكان ذلك قبل رمضان بعدة شهور ، وقررت تنفيذها ، وأخذت موافقة رؤسائي على الفكرة من حيث المبدأ ، ولا أنسى مساندتهم ووقوفهم إلى جانبي وأخص بالذكر "محمد أمين أحمد" رئيس هيئة الإذاعة ، و"سعد لبيب" المراقب العام للمنوعات.



( علي أمين .. طباخ!! وشادية صحفي).


تقول المذيعة المعروفة: كان عمري وقتها في الإذاعة أربع سنوات فقط حيث بدأت أعمل هناك سنة ١٩٥١، وكنت مقتنعة أن نجاحي في تقديم الفوازير ستعطيني دفعة قوية في طريق النجاح.

وكانت المشكلة الأولى التي واجهتني هي الموعد المناسب لإذاعتها، وهي لا تستغرق أكثر من دقائق ، وألهمني الله أن أحسن توقيت لها هو بعد آذان المغرب مباشرة ، والناس كلها مجتمعة حول الإفطار وتستمع إلى الراديو..

وعندما بدأت في الإعداد والعمل أكتشفت سذاجة فكرتي فليس لها أي قيمة فنية ، فقمت بتطويرها على أساس إستضافة ثلاثين نجما من نجوم الفن والأدب والصحافة ، يتكلم كل واحد منهم في غير تخصصه !!

وبالفعل نجحت في الإتفاق مع العديد من النجوم ، وفي اليوم الأول قرأت المطربة الراحلة "أم كلثوم" بعض صفحات كتاب "الأيام" ل"طه حسين" فلم يعرفها من المستمعين إلا قلة ضئيلة ، لأنها كانت أول مرة يسمع الناس صوتها في الإذاعة دون غناء، وكانت معظم الإجابات تقول أنها "سهير القلماوي" !

وتوالى النجوم في الإذاعة سنة ١٩٥٥، كل منهم يتحدث في غير تخصصه .. فمثلاً "علي أمين" ظهر في دور طباخ ووصف أكلة المكرونة!! و"شادية" وجهت نصائح للأزواج ، فظنها المستمعون صحفية ، و"فاتن حمامة" تحدثت عن الأطفال ، أما "عماد حمدي" فقط طالب باستخدام السمن النباتي بدلاً من السمن البلدي لأنه خطر على الصحة ، أما والدك "إحسان عبدالقدوس" فقط ظنه المستمعون "رياض السنباطي" بعدما تحدث عن الأغنية الشعبية ، وكذلك قدم "كامل الشناوي" مشكلة فتاة، فجاءت أغلب الخطابات تؤكد أنه "مصطفى محمود" !!




الجائزة الكبرى خمسة جنيهات!


وتقول"آمال فهمي " : نجحت الفوازير نجاحاً هائلاً ، وأبسط دليل على ذلك أننا تلقينا كم هائل من الخطابات وصل إلى ربع مليون جواب، وهو أمر لم يحدث من قبل لدرجة أن هيئة البريد تقدمت بشكوى رسمية إلى الإذاعة عن الخلل الذي طرأ في عملها بسبب الفوازير.

وكانت الجائزة الأولى بقيمة خمسة جنيهات ، والثانية ثلاث جنيهات ، ثم عشرين جائزة قيمة كل منها جنيه واحد فقط.



  الفزورة التي رفضت إذاعتها!


وتوالى نجاح الفوازير من سنة إلى أخرى ، وظل "بيرم التونسي" يكتبها بإنتظام، وكان يتقاضى عن كل حلقة خمسة جنيهات.

وفي سنة ١٩٦٠ وقعت في مطب كبير فقد توفي كاتب الفوازير المبدع قبل رمضان بشهرين ، واستعنت ب"صلاح جاهين" إلا أنه رفض في البداية قائلاً: لا ألبس جاكتة أحد قبلي ولو كان "أبويا" فأضطرتت إلى كتابتها بنفسي وهي عبارة عن مكالمة من طرف واحد ، وعلى المستمعين معرفة الطرف الآخر.

وكانت تجربة صعبة جداً لم أكررها بعد ذلك.


وفي سنة ١٩٦١ وافق "صلاح جاهين" على التعاون معي، وكان متعدد المواهب مبدعاً في الفوازير التي يقدمها يرسمها بالكلمات وهو يتحدث عن الحيوانات والمعادن والمدن والدول العربية والشخصيات المشهورة، وكان التعاون بيننا على أحسن ما يكون .

أما الفزورة التي رفضت إذاعتها كانت تقول مطلعها..

عصفورة صوتها زي الكمان..

تغني دورها وتقول: نقول كمان .. نقول كمان.

ورفضت إذاعتها لأنه كان يقصدني فأنا الفزورة!!



وتقول "آمال فهمي" رحمها الله أبعدوني عن الإذاعة والميكروفون سنة الهزيمة ١٩٦٧، وعدت من جديد بعد ثمانية سنوات سنة ١٩٧٥، وبدأت في تقديم الفوازير مرة أخرى سنة ١٩٧٨، وكان كاتبها "صلاح جاهين" أيضاً ومن بعده الكاتب "بخيت بيومي" .


سألتها عن تأثير الفوازير في التليفزيون على ما تقدمه ؟

ردت قائلة: عرفت الشاشة الصغيرة الفوازير لأول مرة سنة ١٩٦٣ على يد ثلاثي أضواء المسرح "رحمهم الله" جميعاً "جورج سيدهم ، وسمير غانم ، والضيف أحمد" ، لكنها الآن تحولت إلى استعراضات ، وفقدت معناها، فلم تعد فوازير حقيقية ، بل أصبحت الفكرة تدور حول الرقص الذي يتم تقديمه!!


وتختم كلامها قائلة في ثقة: فوازيري تكسب .. كانت تشد الناس دوماً وهم جالسون على مائدة الإفطار، وهو أحسن وقت لإذاعتها ، كما أنها لا تستغرق سوى دقائق قليلة .. فوازير حقيقية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق