غيابه عن الساحة اللبنانية بعدما نجح العدو الإسرائيلي في إغتياله مع غيره من قادة حزب الله له آثاره البعيدة المدى ليس على لبنان وحدها بل وعلى منطقة الشرق الأوسط بأكملها ..
وهذا ما يؤكده الجميع سواء المتعاطفين معه أو الكارهين له !!
وعشرات ومئات المقالات تحدثت عن الشيخ "حسن نصرالله" بعد إغتياله مع رفاقه رحمهم الله جميعاً ، وأردت البحث عن جديد لأقدمه لحضرتك فلم أجد غير الرجوع إلى أقواله القديمة خاصة وهو يتحدث عن نشأته.
وقد وجدت بالفعل أكثر من مفاجأة.
وأولى هذه المفاجآت كما قال ذات مرة: نشأت في أسرة متدينة ولكن ليس في بيتنا شيخ !!
ولم يكن عندي أي أقارب سلكوا هذا المسلك حتى أتأثر بهم .
وعن موقف والده من إتجاهه الديني قال بصراحة لم يكن موافقاً !!
وحجته كما قال: "الشيخ مابيوكلش عيش" .. يعني هذه المهنة لن يتكسب منها والأفضل أن يبحث له عن عمل آخر .. وتمنى والدي أن أصبح دكتور .. ولا أنسى أبدا عندما كان عمري لا يتجاوز عشر سنوات ووالدي يحملني على ظهره ويطوف بي على الأطباء لأنني كنت مريضاً ولا أحد يعلم السبب .
والحمد لله ربنا شفاني بعد تشخيص الداء بطريقة صحيحة ورعاية أهلي.
وعندما سألوه عن أسرته أجاب: نحن أصلا من جنوب لبنان بالقرب من مدينة "صور" ، وأهل والدي ينتمون إلى قرية هناك تدعى "البازورية" وهي مثل غيرها من القرى يسودها الإهمال فاضطرت أسرة أبي إلى النزوح للعاصمة "بيروت" وسكنوا بمنطقة "الكارنتينا" .. وامتلك والدي واسمه "عبدالكريم" محلا للبقالة يعمل فيه منذ الصباح الباكر وحتى ساعة متأخرة من الليل ليعول أسرته الصغيرة .. الكبيرة في العدد فنحن عشرة أخوة وأنا أكبرهم.
وكانت أمي تساعده أحيانا خاصة في المواسم والأعياد ، وأمي رحمها الله أسمها "نهدية" -تنطق بالنون- وهي من الأسماء النادرة في لبنان.
(ملحوظة من عندي) توفيت خلال العام الحالي قبل استشهاد أبنها بوقت قصير.
ويلفت رحمه الله النظر إلى المنطقة التي أقام فيها أيام طفولته وشبابه وهي "الكارنتينا" جنوب بيروت كانت تضم كل الطوائف اللبنانية من مسلمين ومسيحيين وأكراد وأرمن وحتى البدو الذين يسمونهم عرب المسلخ .. لكن جاءت الحرب الأهلية اللبنانية وفرقت هذا الجمع ، وانغلقت كل طائفة على نفسها وهذا أمر يؤسف له جداً.
وسأله أحد الصحفيين مرة سؤالاً غريباً: وكيف استطاع والدك السيطرة على هذا الجيش من أبناءه العشر .. هل كان يضربهم ؟؟
أجاب: كان طويل البال علينا جداً !!
وصبور .. وتوجيهاته في تربيتنا صارمة ، فإذا لم تفلح لجأ إلى الضرب في آخر المطاف ، وعندما يضربك لا يمكنك أن تنسى العلقة التي تناولتها منه !! فهي بمثابة تجميع لكل أخطاءك السابقة في علقة واحدة !!
وكان في بيتنا تقاليد ..
أذكر أبي وأعمامي يقفون أمام جدي عندما كان يؤنبهم ، ولا يتجرأ أحد أن يرد عليه ، وكان أبي يحرص على تقبيل يد جدي كلما إلتقى به ولو قابله عدة مرات في اليوم فلابد أن يتناول يده ويقبلها .
وعندما سألوه عن أسباب تسمية أبناءه الذكور بإسم "محمد"
أجاب: هذا رد عملي على من يحاول دق إسفين بين أهل السنة والشيعة نقول لهم كل أبناء الشيخ "حسن نصرالله" أسماءهم "محمد".
وفي الحلقة القادمة بإذن الله علماء الشيعة الذين تأثر بهم ، وكذلك رحلته المثيرة إلى العراق ، وكان هدفها الدراسة لكنها انتهت بهروبه من هناك !!
محمد عبدالقدوس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق