ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الثلاثاء، 29 أكتوبر 2024

عجائب عبد القدوس - أنا الحبيب المجهول!



وقبل أن ينفض شهر أكتوبر أتذكر دوماً أجمل يوم في حياتي ..

حدث في هذا الشهر ، وقد كتبت عنه قبل ذلك ، ومستعد أن أكتب عن هذا اليوم مليون مرة كمان !!

إنها حكاية شخصية ، ولكنها غريبة جداً ، ومازلت في إنتظار أن أسمع صوت بطل قصتها "الملاك المجهول" !


وأبدأ الموضوع من أوله ..

عند بدء معركة التحرير في السادس من أكتوبر سنة ١٩٧٣ قدمت نفسي للجهات المسئولة كمتطوع ، وكنت وقتها طالباً بالسنة النهائية بكلية الحقوق جامعة القاهرة ، وكان مركز التجمع حزب "التجمع" ! 

الذي يقع بالقرب من ميدان "طلعت حرب" وهو مبنى يتبع "المرحوم" الإتحاد الإشتراكي قبل أن يموت وتوزع تركته على الأحزاب السياسية ! 

وفي أواخر شهر أكتوبر سافرت مع غيري من المتطوعين إلى مدينة "الإسماعيلية" ، وأتذكر بكل خير عدد من رفاقي كانوا يعملون كعمال في مطابع مجلة "روزاليوسف " التي قامت جدتي بتأسيسها ! 

وكانت مهمتنا هناك ليلية .. نقوم بحراسة المنشآت والمدينة كلها بعد غروب الشمس وحتى الفجر ، وبعد إنتهاء الوردية نذهب إلى البيوت المهجورة هناك وننام في إحداها ، وفي الصباح كل واحد حر ، فكنا ننزل إلى الشوارع ونتعرف على الضباط والجنود العائدين من الجبهة ، ونعانقهم ونكاد نقوم بتقبيل أيديهم تقديراً وعرفاناً ، وكانت مصر قد خرجت تواً من المعركة والبلد مليئة بالحماس والوطنية.


وفي يوم لا أنساه تعرفت على واحد من أبطالنا ، وسألني: أنت إبن "إحسان عبدالقدوس" ، وعندما قلت له نعم ..

قال لي: عايز تروح "سيناء" دلوقتي ؟؟

قلت من قلبي ياريت !

وظننت أنه يمازح معي ، لكنه كان جاداً عندما قال لي تعالى معايا !

وأنطلقنا !


وتعجبت جداً ، فقد كانت هناك العديد من نقاط التفتيش العسكرية إجتازها وأنا معه بمنتهى السهولة مع أن رتبته كضابط لم تكن كبيرة ، لكن كان من الواضح أن الجميع يعرفونه ويسمحون له بالمرور حتى دون أن يسألوه عن شخصية مرافقه الذي هو أنا والمؤكد انه ينتمي إلى جهة سيادية !


وكدت أن أبكي تأثراً وأن أعبر قناة السويس بقارب ! فقبل أسابيع قليلة كان أبطالنا يعبرون !

ووصلت إلى الضفة الأخرى المحررة ووطأت قدمي أرض "سيناء" ، وذهبت إلى الحصون اليهودية التي كانت قد سقطت تواً في أيدي أبطالنا ، وأحلى كلمات الدنيا لا تستطيع أن تصف شعوري الغامر بالفرحة والفخر بكل جندي وضابط ، وأخذت منهم رسائل عديدة وأرقام تليفونات لأتصل بأسرهم قائلاً: أبنكم البطل بخير !


ومكثت في أرضنا المحررة "سيناء" نصف يوم شاهدت خلالها دبابات إسرائيلية محترقة ، بل وجثة مقاتل صهيوني بصقت على وجهه !

ومن سوء حظي أنني لم أسعى للتعرف على هذا "الملاك" الذي قادني إلى سيناء ، وعندما ذكر أسمه الأول لم أهتم حتى بحفظه !


ويا حبيبي المجهول أين أنت ؟

هل أنت عايش ولا ميت ؟

نفسي أسمع صوتك في مكالمة تليفونية وأنت تقول: أنا الحبيب المجهول الذي تبحث عنه !


ويدخل في دنيا العجائب أنني في شوق إليه ولم أنساه أبدا برغم مرور أكثر من نصف قرن على هذا اليوم الذي لم يسبق له مثيل في حياتي كلها !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق