صديقي هذا أمره غريب ..
معجب جداً بوالدي "إحسان عبدالقدوس" رحمه الله لكنه في نفس الوقت ينتقده بشدة ، وقال لي: ربنا يسامح والدك ..
لقد فتح الباب لكل من هب ودب لكي يكتب في الصحافة أي كلام !!
وبالطبع رأيت كلامه يدخل في دنيا العجائب ..
وسألته في دهشة إزاي تكون معجب به من ناحية ، وتنتقده من جهة أخرى ؟
رد بإبتسامة حلوة قائلاً: أوعى تزعل مني ..
أنا بحبك وبحب والدك وسأشرح لك ما أعنيه ..
وفي بداية كلامه قال: "إحسان عبدالقدوس" عبقري مفيش زيه في مجال الصحافة والأدب ..
هذه حقيقة بعيداً عن المجاملات أو المبالغة ..
وأضاف قائلاً: والدك عنده ثلاث مواهب وليست واحدة فقط كما نراها في بقية العظماء ..
أولها أنه كاتب قصة متميز ، عرف كيف يعبر بدقة عن مشاعر المرأة ، وهذا ما يميزه عن غيره في الأدب.
والأمر الثاني: أنه صحفي ورئيس تحرير عشرة على عشرة ..
وكل مطبوعة صحفية يتولى إدارتها يرفعها إلى القمة كما حدث مع محلة "روزاليوسف" التي أنشأتها والدته ..
وجريدة "أخبار اليوم" التي تولى إدارتها منذ نهاية الستينات من القرن العشرين واستمر رئيساً للتحرير مدة ثمانية سنوات تقريباً ..
وكانت بداية عصرها الذهبي معه حيث تجاوز توزيعها أكثر من مليون نسخة في سابقة هي الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط بأكملها ..
وعلى فكرة .. الجمع بين الموهبتين الصحافة والأدب أمر إستثنائي لا تجده إلا عند "إحسان عبدالقدوس" فقط ..
ولا يوجد من جمع بين الإثنين بين كل عمالقة الصحافة والأدب غيره.
والموهبة الثالثة التي يتمتع بها والدك العظيم تتمثل في إبتكاره لأسلوب جديد في الكتابة السياسية.
وهذا تحديداً سر زعلي منه.
وشرح ما يعنيه قائلاً: قبل "إحسان عبدالقدوس" كانت الكتابة السياسية متخصصة ..
لا يقدم عليها إلا كبار الصحفيين ولابد أن يقدم معلومة جديدة ، وكان الأستاذ "هيكل" رحمه الله الرائد في هذا المجال ، وكذلك مركز الدراسات التي وضعت لبناته في عهده عندما كان يرأس "الأهرام" ..
ودوماً الكتابة السياسية كنت تجدها رفيعة المستوى حتى جاء "إحسان عبدالقدوس " رحمه الله فأحدث ثورة في هذا المجال عندما أبتكر بعبقريته باب أسماه
"على مقهى في الشارع السياسي"
عبارة عن حوار بين عجوز وشاب ، كل منهما يمثل جيله ويتحدثون في السياسة بدون أي معلومات حقيقية ..
فهي مجرد دردشة في السياسة !!
وأدى هذا الإبتكار الجديد في السياسة أن كل من هب ودب رأيناه يكتب في هذا المجال ..
وأغتاظ جداً عندما أرى واحد خريج جامعة حديث يكتب في أخطر قضايا الوطن دون أي معلومات !
ولا تستطيع أن تعتبره مقال سياسي ..
ولا حتى تعليق الذي لابد أن يكون مستنداً إلى وقائع وليس أي كلام !!
إنما مجرد دردشة يعبر فيها عن أفكاره وليست على طريقة "إحسان عبدالقدوس" التي كانت حوار بين الأجيال .. العجوز والشاب.
ملحوظة: أهل النفاق وكدابين الزفة خارج هذه التصنيفة ولا يقصدهم صاحبي ، وإنما هو يقصد فقط الناس المحترمين الذين يكتبون في السياسة دون أن يكونوا مؤهلين لها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق