والدي رحمه الله تفوق في كتابة القصص بمختلف أنواعها ..
قالت له: تزوجني.
قال: وما الزواج ؟ قصاصة لا تعني شيئاً وشيخ معمم وضجة زائفة.
قالت: إنني أريد بيت يجمعنا.
قال: أي بيت .. ما هو البيت ؟؟ أنحن كهؤلاء الناس نقيم حولنا الجدران .. بيتي هو السماء والأرض .. وكل مكان يجمعنا بمثابة بيتنا.
قالت وقد بدا صبرها ينفذ: أحلم بثوب أبيض كعرش الطهر وطرحة بيضاء تكلل رأسي بتاج العفاف وتؤكد أن علاقتنا شريفة.
رد في برود: ما هذا الكلام يا ساذجة .. الطهر والعفاف والشرف .. ألفاظ لها صليل القيود ورنين السلاسل ورهبة القضبان .. سجون يحشرون الناس فيها ثم يضحكون من عذابهم !!
قالت وهي تكاد تبكي: الزواج هو الناس .. هو المجتمع.
أجاب بنفس بروده: أتتزوجين الناس .. كل الناس ؟
ردت عليه في عصبية: لا تهزأ .. إننا لن نكون بشرا إلا إذا تزوجنا .. هذا هو الوضع الطبيعي.
قال: وإذا لم نتزوج ؟؟
أجابت: نبقى حيوانات .. الحيوانات لا تتزوج !!
رد ساخراً وهو يضع يديه في جيب سرواله وسيجارته مدلاة بين شفتيه: ما ألطف أن نكون زوجين من القطط والحمام !!
لم تعد تحتمل وأنفجرت فيه قائلة: يا حبيبي أنت جبان !!
تريد أن تعيش خفية ولا تستطيع أن تواجه الناس بعيشتك .. وتحب خفية ولا تريد أن تواجه الناس بحبنا .. أنت مثل من يسوق سيارة بلا رخصة ويهرب من رجال البوليس حتى لا يتم ضبطه.
أثارته هذه الكلمات وأنتفض قائلاً: أنا جبان .. أنا عايز أهرب .. مستعد أن أواجه طوب الأرض .. هاتي كل الناس وأنا أواجههم.
قالت: لو كنت شجاعاً بحق تعالى معي .. وسحبته إلى المأذون !!
وتساءل بدهشة: من هذا ؟
قالت: إنه يمثل الناس الذي تريد الهروب منهم !!
ووقع عقد الزواج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق