من يعرف تاريخ مؤسس جريدة الوفد سيصيبه الدهشة من عنوان مقالي ويتساءل عن
مغزي هذه الذكري، فلا هي تاريخ وفاته ولا مولده.. وأرد قائلاً: في خلال شهر
مارس انطلقت ثورة 1919 والبرلمان كان في هذا الشهر أيضاً، وهو أول مجلس
نيابي عصري جاء معبراً
عن الثورة العظيمة وقد تم افتتاحه سنة 1924 وبعد هذا الحدث الكبير بستين سنة بالضبط وفي يوم 22 مارس، كانت جريدة الوفد برئاسة مصطفي شردي للتحرير وفؤاد سراج الدين باشا رئيساً لمجلس الإدارة، وربنا يرحم الجميع، وفي ليلة صدور الجريدة ذهبت إلي منزل رئيس الحزب بجاردن سيتي، وكان معي أستاذي «شردي» رحمه الله والمرحوم جمال بدوي وعباس الطرابيلي، أطال الله في عمره، وسعيد عبدالخالق عليه ألف رحمة، وصديقي العزيز عبدالنبي عبدالباري سكرتير التحرير، وهؤلاء هم الطاقم الأساسي المؤسس للجريدة، وكانت معنا نسخ عدة من العدد الأول، وأعطيت نسخة من الصحيفة إلي الباشا، وطلبت منه أن يكتب لي كلمة للذكري والتاريخ، فكتب قائلاً: «ابني العزيز محمد عبدالقدوس.. أهنئك والإخوة الأعزاء بصدور العدد الأول من الجريدة، وبالمجهود الجبار الذي قمتم به ومع خالص تقديري أتمني لكم دوام التوفيق.. الإمضاء: فؤاد سراج الدين».
وكان ذلك مساء الأربعاء 21 مارس ومازلت أحتفظ بهذا العدد حتي الآن، وفي اليوم التالي صدرت «الوفد» الخميس 22 مارس، في حدث صحفي وسياسي ضخم كان له تأثيره علي مصر كلها، ونفد العدد الأول فور صدوره في سابقة صحفية لم تحدث من قبل ولا حتي بعد!.. وقبل ظهر ذلك اليوم لم يكن هناك ولو نسخة واحدة في السوق.
أستاذي وسيدي مصطفي شردي أدين له بالكثير جداً وفي عهده ترقيت، وأصبحت لأول مرة بعد عشر سنوات من العمل في مجال الصحافة كاتباً وصاحب عمود مستقل تحت عنوان «أولاد البلد» الذي تراه بين يديك حتي الآن، وبدأت في كتابته منذ العدد الأول بالوفد قبل 27 عاماً إلا أربعة أيام!.. وأتعجب من هؤلاء الصحفيين الذين يريد الواحد منهم أن يصبح صاحب عمود مع أنه خريج حديث، ولم يثبت كفاءته بعد في تلك المهنة الشاقة، وهناك آخرون توقف نشاطهم واكتفي الواحد منهم بأن يكون صاحب رأي، أما الحصول علي الأخبار ومتابعة الأحداث فلم تعد شغلته، وحضرته كبر عليها.. وحبيبي وتاج راسي مصطفي شردي كان يرفض هذا المنطق بكل قوة، فهو لآخر لحظة من حياته ملك الأخبار وصحفي من الطراز الأول لا يشق له غبار، وإلي جانب ذلك تجده صاحب رأي وقلم شجاع وقوي، وفي ذات الوقت مهذباً ولا يجرح أحداً بقلمه.. إنني أفتقد أستاذي، خاصة في عصرنا النكد هذا الذي شهد طفرة في التكنولوجيا والتقدم العلمي، وفي ذات الوقت تراجعاً فظيعاً في الأخلاق، وساد الساحة الصحفية أصحاب المصالح الضيقة والأغراض الخاصة والبيزنس، ومنطق «شيلني وأشيلك».. أما الكتابة لوجه الله أولاً والوطن ثانياً فانس إلا قليلاً!
ومن حسن حظي أنني كنت قريباً من أستاذي وأستاذه صاحب مدرسة أخبار اليوم التي تربي فيها «شردي» وعاصرت جيلاً جميلاً من أصحاب الأقلام، وكل منهم قامة عظيمة، ولذلك كانوا يشجعون كل صحفي موهوب وعلي أيديهم يلمع بتوفيق من الله!.. وهؤلاء العمالقة يعيشون حالياً في دنيا أفضل من الحياة الفانية التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة!!
عن الثورة العظيمة وقد تم افتتاحه سنة 1924 وبعد هذا الحدث الكبير بستين سنة بالضبط وفي يوم 22 مارس، كانت جريدة الوفد برئاسة مصطفي شردي للتحرير وفؤاد سراج الدين باشا رئيساً لمجلس الإدارة، وربنا يرحم الجميع، وفي ليلة صدور الجريدة ذهبت إلي منزل رئيس الحزب بجاردن سيتي، وكان معي أستاذي «شردي» رحمه الله والمرحوم جمال بدوي وعباس الطرابيلي، أطال الله في عمره، وسعيد عبدالخالق عليه ألف رحمة، وصديقي العزيز عبدالنبي عبدالباري سكرتير التحرير، وهؤلاء هم الطاقم الأساسي المؤسس للجريدة، وكانت معنا نسخ عدة من العدد الأول، وأعطيت نسخة من الصحيفة إلي الباشا، وطلبت منه أن يكتب لي كلمة للذكري والتاريخ، فكتب قائلاً: «ابني العزيز محمد عبدالقدوس.. أهنئك والإخوة الأعزاء بصدور العدد الأول من الجريدة، وبالمجهود الجبار الذي قمتم به ومع خالص تقديري أتمني لكم دوام التوفيق.. الإمضاء: فؤاد سراج الدين».
وكان ذلك مساء الأربعاء 21 مارس ومازلت أحتفظ بهذا العدد حتي الآن، وفي اليوم التالي صدرت «الوفد» الخميس 22 مارس، في حدث صحفي وسياسي ضخم كان له تأثيره علي مصر كلها، ونفد العدد الأول فور صدوره في سابقة صحفية لم تحدث من قبل ولا حتي بعد!.. وقبل ظهر ذلك اليوم لم يكن هناك ولو نسخة واحدة في السوق.
أستاذي وسيدي مصطفي شردي أدين له بالكثير جداً وفي عهده ترقيت، وأصبحت لأول مرة بعد عشر سنوات من العمل في مجال الصحافة كاتباً وصاحب عمود مستقل تحت عنوان «أولاد البلد» الذي تراه بين يديك حتي الآن، وبدأت في كتابته منذ العدد الأول بالوفد قبل 27 عاماً إلا أربعة أيام!.. وأتعجب من هؤلاء الصحفيين الذين يريد الواحد منهم أن يصبح صاحب عمود مع أنه خريج حديث، ولم يثبت كفاءته بعد في تلك المهنة الشاقة، وهناك آخرون توقف نشاطهم واكتفي الواحد منهم بأن يكون صاحب رأي، أما الحصول علي الأخبار ومتابعة الأحداث فلم تعد شغلته، وحضرته كبر عليها.. وحبيبي وتاج راسي مصطفي شردي كان يرفض هذا المنطق بكل قوة، فهو لآخر لحظة من حياته ملك الأخبار وصحفي من الطراز الأول لا يشق له غبار، وإلي جانب ذلك تجده صاحب رأي وقلم شجاع وقوي، وفي ذات الوقت مهذباً ولا يجرح أحداً بقلمه.. إنني أفتقد أستاذي، خاصة في عصرنا النكد هذا الذي شهد طفرة في التكنولوجيا والتقدم العلمي، وفي ذات الوقت تراجعاً فظيعاً في الأخلاق، وساد الساحة الصحفية أصحاب المصالح الضيقة والأغراض الخاصة والبيزنس، ومنطق «شيلني وأشيلك».. أما الكتابة لوجه الله أولاً والوطن ثانياً فانس إلا قليلاً!
ومن حسن حظي أنني كنت قريباً من أستاذي وأستاذه صاحب مدرسة أخبار اليوم التي تربي فيها «شردي» وعاصرت جيلاً جميلاً من أصحاب الأقلام، وكل منهم قامة عظيمة، ولذلك كانوا يشجعون كل صحفي موهوب وعلي أيديهم يلمع بتوفيق من الله!.. وهؤلاء العمالقة يعيشون حالياً في دنيا أفضل من الحياة الفانية التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق