عرفته - كغيري من الناشطين السياسيين و المدافعين عن الحريات و حقوق الإنسان - صوتا يرتفع مع كل موقف و يطالب بالحق و يدافع عنه ، يحاول انتزاع الحرية له ، و لوطنه ،بغير تراجع و لا تهاون ، كنت أراه في البداية علي سلالم النقابة ممسكا بعلمه ومايكروفونه ، فأبتسم تلقائيا ، وكأنه يبث بوقفته هذه أشعة أمل تخترق الأنفس ، فتحيي فيها ما تبقى من حياة .جسر واصل بين التيارات السياسية بغير تفريقه ولا محاباة ،فهو جمع بين طيات نفسه العديد من ميزات الجميع فترى كل تيار يراه أقرب منه ، يعرف كيف يكسب الجميع دونما تنازل عن مبدأ و لا تراجع عن طريق ، يقدس الحرية حتى الفت صوته من كثرة ما سمعته و أنصت لهتافاته ، و هو مع ذلك الأب الروحي لكل حركة احتجاجية تظهر في الشارع المصري مهما اختلفت توجهاتها عما يحمله من أفكار .رغم أنه إخوانيا إلا أنه يختلف كثيرا عن الصورة التقليدية للإخوان ، و التي أتسمت - غالبا - ، فأتى عبد القدوس ليقدم صورة جديدة ، تجمع الجميع من حوله ، إما رغبة في التعرف علي الوجه المعتدل " للإسلام" أو إعجابا بهذه الشخصية الفريدة في عالم النضال ، أو حتى أملا في التقاط شيء مما يهبه للجميع من الحب و السماحة .لا مانع لديه أن يقف في الصفوف الأولي بين الشباب في أية تظاهرة أو وقفة ، يعاند و يصر على الثبات ، ولا يتراجع ، فيحفزنا للثبات مثله ، و يحب دائما أن يكون بين الشباب ، و بعيدا عن" العواجيز" ومكاتبهم ، فيهتف مع الهاتفين ، و يرفع العلم ، و يلتحم ، حتى أنك قد تراه من بين المعتقلين أو المحتجزين أو المعتدى عليهم من قبل الأمن .هدوءه الدائم- حتى في وقت الأزمة - يجعل منه نموذجا ل"اللا-عنف" الذي ينادي به دائما ، فلا تراه يسب أو يشتم أو يعتدي، إنه فقط يريد الحرية و يأمل في التغيير،بمايكروفون وعلم ، وصوت و قلم، يتخذ من قلمه سلاحا منذ بدأ عمله الصحفي ضد الطغيان والفساد والتطرف والاستبداد، ودرعا لحماية المبادئ والقيم والمعتقدات ، والأرض والعرض.جعل من نقابة الصحفيين قبلة للأحرار و الداعيين للتغيير ، فلا يخلو السلم من وقفة أو مظاهرة أو اعتصام أو احتجاج منذ بدأ ذلك "عبد القدوس" بعد توليه منصب مقرر لجنة الحريات بالنقابة، ولم يكتف بدوره الصحفي و النقابي فحسب بل أسس "لجنة الدفاع عن سجناء الرأي والحريات " و أتخذها منبرا أخر للدفاع عن سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين ، وعن حقوق الإنسان وحريته.تراه يكتب في كل شيء في السياسة والثورة للحب والعشق ، ومشكلات البيوت و شكاوى الزوجين و حتى مشكلات المراهقين وأزماتهم ، يصفق لمن يحسن ، و يعاتب من يخطئ ،و يهاجم - بغير خوف- من يظلم - رئيسا كان أو وزيرا - فتنظر إليه وكأنك أمام موسوعة تضم بينها كل شيء عن أي شيء ، يكتب فيها بروح التغير، والحكمة، و الالتزام.ينقلنا معه من التعجب و الاستغراب في "دنيا العجائب " إلي الدردشة والفضفضة والنقاش"علي مقهى في الشارع السياسي" إلي دبابيسه الخفيفة و مواضيعه الساخنة الساخرة في "سكرتيرك الصحفي" ثم يهفو بقلوبنا و يحلق بأرواحنا معه ونحن نستمع ل " كلام في الحب " ... و هكذا ينتقل ويبدع ، و نحن ننتقل معه ونتلقى .أطلق مؤخرا مع مجموعة من الشباب موقع "يللا تغيير" - و الذي أشرف بكوني من فريق عمله - فجعله عنوانا لمن يريد من نضاله ، و هو يريد تحقيق التغير في كل شيء ، تغير نظام الحكم ، تغير العلاقة مع الله ، تغير علاقتنا مع بعضنا ، و حتى مع أنفسنا ، و يريد تغيير طرق التفكير التي ألقت بنا في الهاوية ، وتغيير الأساليب الحياتية التي جعلتنا نخسر الكثير ، و يريد التغير في النفس والبيت والشارع والدولة والعالم و الكون بأسره .و هو بحق رمزا معتدلا للإسلام بعيدا عن التشدد و التطرف ، نموذجا مبدعا للصحفي بلغته البسيطة و مواقفه القوية و تنوعه و شموليته ، و تمثالا شامخا - منذ زمن- لمناضل ثابت بمايكروفون و علم .أتمنى له دوام السعادة ، والصحة ، والثورة ....والحرية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق