ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الاثنين، 23 مارس 2015

الوطن -أعظم موقف في حياتي, "ماما لُولا"

أمى اسمها بالكامل «لواحظ عبدالمجيد المهلمى»، ولم يكن أحد يناديها بهذ الاسم أبداً، بل هى معروفة بين الجميع بلقب لُولا -بضمة على حرف اللام- وربنا يرحمها ألف رحمة، أما أبى الكاتب الشهير زائع الصيت إحسان عبدالقدوس رحمه الله، فهو معروف بين كل المقرّبين منه باسم «سانو»، و«إحسان» هو فقط الاسم الرسمى، ولأبى تعبير لطيف فى هذا الموضوع، حيث يقول «لولا لُولا ما نجح سانو»، فتلك حقيقة كان رحمه الله يكررها دائماً، فكل هذا المجد الذى وصل إليه يرجع فضله فيه إلى صاحبة الفضل أمى أو «لُولا» وأنا شخصياً لم أكن أناديها أبداً بلقبها الشهير، بل بأغلى اسم فى الوجود «ماما».
وهناك حكمة شهيرة تقول: وراء كل عظيم امرأة، ودوماً تساءلت لماذا هى وراءه ولا تكون بجانبه؟ وفى حياة أمى عرفت الإجابة، فهى تعيش فى الظل مكرّسة حياتها لبيتها وزوجها وأولادها، بعيدة عن الأضواء وعالم الشهرة، ودورها بالغ الأهمية فى نجاح كل من تشملهم برعايتها.
وهناك مقولة معروفة لأبى يقول فيها «هناك من يظن أن الزوجة الجالسة فى منزلها عاطلة عن العمل، وهذا كلام غير صحيح، فزوجتى دوماً أراها مشغولة، وليس عندها وقت فراغ أبداً».
والحقيقة أننى نشأت بين أسرة «الست» فيها حاجة كبيرة قوى تتحمل المسئولية الكبرى فى إدارة شئون بيتها، طبقاً للحكمة الشهيرة «المنزل مملكة المرأة»، وهى نظرية صحيحة وتنطبق علينا تماماً، فأمى هى الملكة ونحن رعاياها، وأبى يعطيها مرتبه كله، لأنه واثق أنها ستتصرف فيه بحكمة، ويأخذ منها مصروفه، وكذلك نحن الأولاد أنا وشقيقى أحمد، فالمصروف عند «لُولا» لأن «سانو» كل فلوسه معاها، وكانت أمى مسئولة عن كل شىء فى حياتنا وحياة أبى مثل إعداد ملابسنا التى سنرتديها، والطعام الذى سنأكله، وشئون الدراسة والمذاكرة وكل ما يتعلق بإدارة شئون الأسرة، أما أبى فمهمته الوحيدة فى الدنيا هى الإبداع والكتابة، لا يتدخل فى إدارة شئون المنزل إلا استثناءً وللضرورة، طبقاً لنظرية المنزل مملكة المرأة، وقد تميزت «لُولا هانم»، كما كان البعض يناديها، بأمرين أساسيين:
1 - الإدارة الحازمة للمنزل، وهى ذكية وشاطرة، وتعرف كيف تستقبل ضيوف «سانو» وترضيهم، ودوماً يتشرفون بها، بالإضافة إلى أنها «حلالة للمشاكل» فكل أزمة تجد مخرجَها عند لُولا، فهى بمليون راجل، وأبى أصبح من الأثرياء بفضل أمى التى عرفت كيف تدير فلوسه.
2 - قلب من ذهب اتسع لزوجها وأولادها، فأبى كاتب فنان، وله طبيعة خاصة فى المعاملة، خاصة أنه معبود النساء، فلا بد من قلب كبير لاستيعابه ولا تصلح لهذا الأمر إلا واحدة من طراز أمى لا تجد مثلها فى هذه الدنيا الفانية إلا قليلاً أو قل نادراً، ورغم كثرة معجباته، فإن حبه الكبير بقى راسخاً لصديقة عمره وشريكته فى الحياة ودوماً تحمل أعباء أولادها وهمومهم حتى بعد أن تزوجوا، وكنا دوماً مطمئنين ما دامت السيدة العظيمة معنا، وعندما مرض أبى قبل رحيله عن الدنيا بسنتين، كان لأمى صبر أيوب فى محنته الصحية حتى رحل فى يناير سنة 1990م، ولم تطق فراقه، فرحلت بعده بأربع سنوات بالضبط، وفى الشهر ذاته، وهى تستعد لإحياء ذكراه، ربنا يرحمها ويرحمه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق