ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الجمعة، 1 مارس 2024

حكايات إحسان عبدالقدوس : صديقتي اليهودية !!!



والدي رحمه الله أول من لفت النظر إلى خطورة الصهيونية وقدرتها على جذب اليهود إلى إسرائيل ، كما فعلوا مع صديقته اليهودية واسمها "جلاديس" ..


بدأ حديثه عنها قائلا: أنا مدين لها بالكثير ، لقد أوحت لي بأكثر من قصة عن اليهود ، مثل كل من كانوا في حياتي وأستوحيت منهم قصصي ..

وأشعر دوماً أن هؤلاء أقرب إلى الجنود المجهولين في البناء الأدبي لكل أديب ، فالعمل الأدبي يبقى ويحمل اسم صاحبه الذي يستأثر بكل نتائجه ، وهؤلاء يبقون بعيداً مجهولين !!


ويقول "سانو" : علاقتي ب"جلاديس" نشأت أساساً بسبب هوايتي في قراءة القصص أيام شبابي المبكر ..

كنت أقرأها بالعربية والإنجليزية ، ولكنني عجزت عن قراءة روائع الأدب الفرنسي ، وهي كانت تجيد الفرنسية ، وكانت تترجم لي الكثير من القصص التي تقرأها بهذه اللغة ، وعن طريقها تعرفت على الكاتب الفرنسي"جي دي موبسان" الذي كان له تأثير كبير على أسلوبي في كتابة القصة القصيرة ..

وهذا الإهتمام الأدبي المتبادل أطال في عمر صداقتنا .. 

"جلاديس" وأنا ..

كانت هناك صداقة بين الأسرتين ، لكن طوال عمر هذه الصداقة لم أشعر أبدا أنها يهودية ..

ورغم وجود فوارق إجتماعية تفصل أسرة "جلاديس " عن بقية عائلات حي "العباسية " إلا أنني لم أضع هذه الفوارق في أي ميزان ديني ..

كانت أم "جلاديس " تزور سيدات الأسر ولكن سيدات الأسر لا يزرنها أبدا ..

وأرجعت ذلك إلى إختلاف التقاليد والفوارق الإجتماعية وليس لأنها يهودية ..

وأنعكس ذلك على العلاقة بيني وبين "جلاديس" ، وعندما كنت أذهب إليهم في بيتهم يستقبلوني كغريب .. أجلس في حجرة الإستقبال وكل أبواب الحجرات الأخرى مغلقة ، وكأن وراء كل باب سر ليس من حقي إكتشافه ..

ولذلك أنقطعت تماماً عن زيارتهم وكنت ألتقي مع "جلاديس" خارج المنزل ..

وأكتشفت بعد ذلك سر التباعد بين أسرتها وأسر بقية حي "العباسية" ليس لأنهم يهود .. بل لأن التقاليد الإجتماعية مختلفة تماماً ..

فمثلاً أم "جلاديس" خياطة ، وخالتها تعمل في أحد الملاهي وشقيقها يعمل في مجال الصياغة والذهب رغم أنه مازال طالب !!

وهذا بالطبع غريب جداً على تقاليد وأخلاق "العباسية" ..

فالشاب لا يترك منزل أسرته إلا بعدما يتخرج من الجامعة !

وعمل نساء عليه محظورات عدة في ذلك الوقت خاصة إذا عملت في مهنة لا تليق بها !!

وهكذا توصلت إلى سر التباعد ، فهي تقاليد إجتماعية وليست لأنها يهودية.


ويضيف قائلاً: وبدأت نظرتي الى صديقتي اليهودية تتغير ، ذهبت في أول رحلة لي خارج مصر إلى فلسطين المحتلة عام ١٩٤٥م كنت قد بلغت ربع قرن من عمري ، وتزوجت وانتقلت من الحي كله لكن علاقتي بها ظلت مستمرة ، ويجمعنا هواية قراءة الأدب العالمي ..

وعقب عودتي كنت حزيناً جداً على البلد الذي زرته وكتبت مقالا أحدث دويا عنوانه "فلسطين ضاعت"!!

رأيت قوة اليهود ووحدتهم وتقدمهم في مقابل تخلف العرب والخلافات فيما بينهم.


ولم أعد أتحدث مع صديقتي "جلاديس" عن الأدب العالمي بل عن فلسطين !!

رغم أنها حاولت أن تجرني بعيداً عنها بأحاديثها الحلوة .. وكان موقفها من تلك القضية غامض وغير مفهوم ..

إنها يهودية وليست "جلاديس" التي أعرفها ..

وبدأت علاقتنا بالفتور ، وتباعدت اللقاءات بيننا ثم أختفت !!

أختفت من حياتي ومن مصر كلها !!

علمت أنها هاجرت إلى إسرائيل مع أسرتها .. وتأكدت أن الصهيونية أكبر خطر على الشعوب بل وعلى اليهود أنفسهم !!

تجعلهم يكرهون غيرهم بسبب هذه السموم التي تبشرهم بأرض الميعاد .. وكلها خرافات وأوهام نجحوا في تحويلها إلى حقائق على الأرض على حساب الفلسطينيين أصحاب البلد الأصلية ..


أنني حزين على فلسطين وحزين على صديقتي اليهودية بعدما أصابها مرض سرطان الصهيونية ..!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق