كان صاحب سطوة ونفوذ ، قوي الجسم متين البنية ، الكل يرهبه في بلدته التي تقع في مركز "طهطا".
وشب الأبناء عن الطوق وبدأوا يترددون على والدهم ، فكان يستقبلهم على مضض وكأنهم ضيوف غير مرغوب فيهم !!
وفي إحدى المرات نشبت مشاجرة بينهم وبين جدهم ـ والد والدهم ـ وأصيب الجد على أثرها بنوبة قلبية ومات !!
وقرر الأب الإنتقام ، لكن بطريقة لا تخطر على البال.
في البداية ذهب إلى قسم الشرطة وأكد للضابط المختص إنه يريد الصلح مع أولاده ثم ذهب إلى البلدة التي يعيشون فيها ، وأكد لأهلها أنه غفر لأبناءه ما فعلوه به ، وطلب من أولاده العودة معه لينزلوا من جديد ضيوفاً عنده وكأن شيئا لم يكن ، وفرح الأبناء بهذه السماحة "الأبوية" من رجل أشتهر بقسوته !
وعاد الأولاد مع أبيهم ، وأمام أهل بلدته أقام لهم ما يشبه الوليمة شارك فيها الجميع كدليل على حسن النية ، ثم ذهب إلى خارج البلدة لوداعهم ، وهناك كان قد أعد عدته وقام بذبح فلذة أكباده ـ وكانوا ثلاثة ـ وصنع ما يسمى بالجريمة المتكاملة ، فلم يترك لها أثراً ولم يشاهدها إنسان.
وأمام وكيل النيابة "محمود يونس" أتهمت الأم الأب بقتل أولاده ، قالت إن قلبها لم يكن مستريحا أبدا له عندما جاء لطلب الصلح ـ وهو المعروف بالغدر والخيانة ـ لكن أبناءها لم يلتفتوا إلى تحذيرها.
وشهد عشرات من الأهالي من بلد الأم وأيضاً من قرية الأب أنه أكرم أولاده وسعى للصلح معهم مما يستبعد معه أن يكون قد قتلهم.
وأضطر وكيل النيابة أن يفرج عن الأب ، فلم يكن هناك أي دليل يدينه ، وإن كان المحقق في قرارة نفسه يعتقد أنه القاتل فقلب الأم لا يخطئ أبدا.
ومرت الأيام ، وفي يوم لا ينساه "محمود يونس" الذي ترقى بعد ذلك حتى وصل إلى درجة مستشار لنيابات جنوب القاهرة.
يقول: أخبرني ضابط الشرطة الذي حقق في القضية أن الأب قد أصيب بشلل !!
وفقد سطوته ونفوذه ، وقد ضعف بصره حتى أصبح لا يرى شيئاً تقريباً ، وتأكد الأهالي في المنطقة بعد هذا العقاب الإلهي أنه القاتل فربك لا يظلم أحدا ، وإذا كانت الأرض قد فشلت في عقابه ، فقد إقتصت منه السماء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق