المستشار "عبدالغفار محمد" رئيس محكمة الاستئناف السابق عمل في مجال القضاء مدة تزيد على أربعين سنة حقق فيها العديد من القضايا الكبرى ، لكن القضية المحفورة في ذهنه والتي لا ينساها أبدا هي جريمة القتل التي وقعت في "دمنهور" عندما كان وكيلاً للنيابة ، فقد كان فيها مفاجأة مذهلة .
وتبدأ وقائع القضية عندما تم اكتشاف جثة أم وابنتها وألقي القبض على المتهم الذي أنكر الجريمة ، لكن المستشار "عبدالغفار محمد " قام بالتحقيق في القضية وإطمأن إلى أن القاتل مدان فالأدلة ثابتة عليه ، ولذا لم يتردد في المطالبة برأسه أمام المحكمة ، وفعلاً أصدر القضاء حكما بإعدامه .
وحاول المتهم الطعن في الحكم وبكافة الوسائل لكن دون جدوى.. كل محكمة تؤيد حكم ما قبلها وأصبح حكم الإعدام نهائيا والجاني مازال يصر على أنه برئ ، ويتعجب من ترتيبات القدر التي ساقت مختلف الأدلة أمام القضاء لتؤكد إدانته !!
وذهب المستشار "عبدالغفار محمد " لزيارة المتهم في السجن قبيل إعدامه بأيام قليلة .. كان يتوقع أن يجده منهارا ساخطا متبرما على قدر الله مادام قد ظلمه كما يعتقد !! .لكن فوجئ بالعكس تماماً ، كان جالساً في خشوع يتلو كتاب الله ويكثر من الصلوات تائبا مستغفرا !
وفاجأ المتهم المستشار قائلا : "آمنت بالله وعدالته وحكمته" ، تصور لقد إرتكبت جريمتي قتل وأفلت من القصاص والعقاب ، أما في هذه القضية فأنا برئ منها ، لكن شاءت الإرادة الإلهية أن تسوق إلى النيابة والقضاء مختلف الأدلة التي تؤكد إدانتي !!
يا لحكمة الله .." نعم من قتل يقتل ولو بعد حين " !!
وفعلاً تم تنفيذ حكم الإعدام في البرئ القاتل .
القصاص الرباني لن يتحول ولن ينسي مع اعتبار الزمان والمكان وقد يأتي بلا تردد علي يد رجل العدالة وإن لم يقصد الجريمة في ذاتها فذات الله باقية أبدية.
ردحذف