ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الثلاثاء، 23 أغسطس 2022

حكايات إحسان عبد القدوس - قصة غريبة جداً في بيت الكاتب الكبير


أخبرتك من قبل أنني عشت عمري متمردا داخل جلباب حبيبي أبي .. 

يعني أختلف عنه ، لكنني أحبه جداً جداً ، والعلاقات بيننا متميزة مع العلم أنني عشت معه في بيت واحد طيلة حياته ولم أتركه أبدا حتى بعدما تزوجت وأنجبت .

وساعد على هذه العلاقة المتميزة أن "سانو" وهو الاسم الذي اشتهر به داخل بيته وبين أصدقائه كان صادقاً مع نفسه .. فهو مثلاً يدعو إلى الحرية بكل أنواعها ، ومش معقول أبدا يعتنق هذا المبدأ ثم يحرم أولاده من حريتهم في تكوين شخصيتهم وآراؤهم المختلفة عنه.

وإليك هذه القصة التي تؤكد ذلك وهي حكاية غريبة جداً حدثت معي أنا شخصياً ، وما جرى لا يمكن أن يحدث في أي مكان آخر سوى في منزل "إحسان عبدالقدوس"  أو "سانو" .. 

وصدق أو لا تصدق صورة عدو أبي اللدود كنت أعلقها في حجرتي !! 

وأراهن أن هذا الكلام أصابك بالدوار وتسألني هل هذا معقول ؟؟ 

وكيف سمح لك أبيك بهذا ؟؟ 

ولماذا لم يمزق هذه الصورة ويعطيك علقة ساخنة ؟؟ 

ومن هو هذا العدو الذي حاربه والدك وقمت حضرتك بتعليق صورته تحديا له ؟؟ ..

وقبل أن تفهمني غلط أقول لك أنني لا يمكن أن أتحدى أغلى ما في حياتي ، فهو "على رأسي من فوق" بالتعبير العامي !! 

وكل ما في الأمر أنني كنت معجبا بهذا الزعيم جداً وأبي كان يكرهه ، لكنني في النهاية أقتنعت بوجهة نظر حبيبي "سانو" ، وقمت بتمزيق صورة هذا الشخص وكان أبي سعيداً !! 

وضمني إلى صدره في حضن كبير .

والحكاية من أولها أنني من جيل هزيمة ١٩٦٧ ، كنت مع غيري من الشباب متبرما وساخطا على كل الأوضاع التي أدت إلى تلك الكارثة ، وخرجنا في مظاهرات عام ١٩٦٨ تطالب بالتغيير ، وأدى هذا الأمر إلى فصل أبي من عمله ، وكان رئيساً لتحرير أخبار اليوم ، واستمر مفصولا لمدة تزيد عن سنة ، وقع له في هذه الفترة حادث أليم ، ثم عاد إلى عمله من جديد ، وبعدما تولى الرئيس "السادات" المسئولية بعد وفاة "ناصر" قام بتعيينه رئيساً لمجلس إدارة أخبار اليوم بالإضافة إلى منصبه كمسئول عن الجريدة الأسبوعية .. 

المهم أنه في تلك السنوات ظهر زعيم عربي جديد هو "معمر القذافي" ، وكان مختلفا في بداياته عن كل  الزعماء العرب الآخرين .. 

وأعجبت به جداً لدرجة أنني وضعت صورته داخل حجرة نومي !! 

وفي عام ١٩٧٢ حدث ما لم يتوقعه أحد !! 

كان أبي أول من هاجم "القذافي" في الصحافة المصرية كلها ، واتهمه بالديكتاتورية وأن سلوكه غير سوي !! 

وكان من الطبيعي أن يطلب مني إزالة صورة "القذافي " من حجرة نومي وإلا قام بتمزيقها ! 

لكنه لم يفعل ذلك بل قال بعد مناقشة ساخراً مني خليها في حجرتك ، لكن بلاش تضعها في الصالون !! 

ثم حدث أدهى من ذلك .. رأينا أمن الدولة تطرق باب بيتنا ، وقال الضابط المسئول : الداخلية قررت فرض حراسة مشددة على "إحسان عبدالقدوس" بعد إكتشاف مؤامرة لإغتياله دبرها "القذافي" وتم ضبط المتهم الذي أرسله بالإسكندرية وقبل وصوله إلى القاهرة !! 

وأصابتني الدهشة وتساءلت في حيرة : هل هذا معقول .. الزعيم الذي أحبه يريد أغتيال أبي ؟؟ 

لكن صورته إستمرت في حجرتي ودون إعتراض من حبيبي "سانو" الذي بدا وكأن اليأس قد أصابه من إختفاء صورة "القذافي" من منزلنا ، وأرجو أن تصدقني عندما أقول لك أن العلاقات بيننا إستمرت زي الفل كما كانت طيلة عمرنا ، لكن حماسي للزعيم بدأت تتراجع بسرعة .

وبعد حرب أكتوبر أكتشفت حقيقته .. وأن أبي كان معه حق تماماً في نظرته لهذا الحاكم ، وأنا كنت غلطان وإنخدعت به .

وأخيراً قمت بإزالة صورته .. وكانت فرحة حبيبي كبيرة ..

ودوما في كتاباته كان بعيد النظر والأيام تثبت صدق أقواله .. رحمه الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق