عيد ميلاده رحمه الله كان مختلفاً عن كل ما يمكنك أن تراه ، إنه من مواليد أول يناير ، لكنه كان يحتفل بذكرى مولده في نهاية كل عام
ويقول : "علشان الدنيا كلها تحتفل معايا" ، وهذا ما كنت أراه بالفعل ، نجوم المجتمع المصري كانوا يأتون إليه قبل ذهابهم إلى سهراتهم في رأس السنة أو بعدها قائلين له كل سنة وانت طيب يا "سانو" !
ولما كنت اعيش معه كان من حسن حظي أنني تعرفت على هؤلاء المشهورين في مختلف المجالات خاصة في الفن والصحافة والسياسة والأدب ، ولذلك تراني حالياً حزين جداً على بلادي حيث يقال عن مصر أنها "ولادة" ، وأتساءل : أين هم العمالقة الذين يضاهون أيام زمان ؟
الدنيا حدثت فيها تقدم علمي هائل وثورة في مجال الإتصالات ، لكن في المقابل هناك فقر إنساني في المواهب ، وتدهور أخلاقي رهيب !! أليس كذلك ؟؟
وأعود إلى "سانو" ، وصفته عمتي السيدة "آمال" رحمها الله بطريقة دقيقة حين قالت : عنده شخصية "العباسية" ويكتب بعقلية "روزاليوسف" ، وهو تعبير صحيح جداً ، ويعني أنه جمع بين الحسنيين ..
الشخصية المحافظة والتحرر !!
وإذا رأيت حضرتك أن ما أقوله يدخل في دنيا العجائب وتساءلت : إزاي واحد يجمع بين متناقضين .. قلت لك أنه ليس هناك تناقض ، بل يجمع بينهما بالحب !!
وأشرح ما أقول أن بيئة "العباسية" التي نشأ فيها حبيبي أبي بعد الطلاق المبكر الذي حدث بين أبوه وأمه كانت بيئة محافظة يديرها جده ، وتولت تربيته "نعمات هانم" عمته ، وكانت هانم بالفعل ، وفي هذه النشأة رأى "سانو" المنزل تسوده عقلية "سي السيد" والمرأة تسمع وتطيع ، فارتبط ذلك في وجدانه وعقله الباطن !!
و"روزاليوسف" أمه كانت شخصية مختلفة تماماً ، وكان يتردد عليها بإستمرار فتأثر بها جداً ، ولما تزوج من حبيبة العمر أمي أراد أن يكون "سي السيد" في منزله ، زوجة متفرغة له ترعاه وتلبي إحتياجاته ، ولم يكن ذلك بإصدار الأوامر ، بل بالحب ، وضعها تاج فوق رأسه ! وحرصت على راحته من هذا المنطلق ، وكان يسميها "رئيسة مجلس إدارة المنزل" ، وهي المسئولة عن كل شيء فيه ، وكل ما يملكه من دخل يعطيه لها لتنفقه فيما يفيد الأسرة ويدر عليها الأموال والثمرات.
والحكمة التي تقولها : المنزل مملكة المرأة صحيح تماماً وينطبق عليها تماماً .
وفي مقالاته وقصصه كان يكتب بعقلية متحررة ، والحب هو السمة الغالبة عليه ، فهو يحب ما يفعله ، وقدم فيما يكتبه تفسير دقيق الحب بأنواعه المختلفة يسبق لها عصره ، وسر نجاحه الصحفي الكبير هو حبه لكل من يعملون معه ، فقد تولى رئاسة "روزاليوسف" لسنوات ، وأوصلها إلى القمة ، وكذلك فعل في "أخبار اليوم" ولأول مرة في تاريخ الصحافة على المستوى العربي والإفريقي والشرق الأوسط كله كسر التوزيع حاجز المليون نسخة !!
ولم تكن هذه عبقرية منه ، بل حبه لزملائه ، وكل واحد منهم بمثابة إبنه أو زميل عزيز ، يعرف كيف يخرج موهبته ويحسن إستثماره ، فلم يكن أبدا مجرد رئيس تقليدي !
وللأسف فهم البعض نظرته للحب بطريقة خاطئة ، وظنوا أنه يتحدث فقط عن العلاقة بين الرجل والمرأة !
وهذا يدخل بالطبع في دنيا العجائب ، فتلك العاطفة النبيلة شملت كل حياته .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق