أبناء مصر يتطلعون إلى أن تكون بلادهم دولة مدنية حديثة ، لا مكان فيها لحكم ديني أو عسكري، وقبل أيام وقع في يدي منشور حكومي ينسف فكرة المنظومة المدنية تماماً ، وتكون مصر بمقتضاها دولة عسكرية من الطراز الأول!!
وهذا المنشور يهم ملايين الناس، لكن لم تجرؤ أي صحيفة على نشره لأنه يدخل في دنيا العجائب وحاجة تكسف في حق مصر، بالإضافة إلى أنه سيثير غضب الشعب، والحكومة مش ناقصة فالسخط على الأوضاع كامن في النفوس لأسباب عدة أهمها الغلاء، وعدم ترتيب الأولويات بطريقة صحيحة ووجود خطة عامة للتقشف لمواجهة الأزمة الإقتصادية فضلاً عن هذا الهدم الواسع لمقابر المسلمين في القاهرة خاصة المناطق التاريخية.
والمنشور الحكومي الذي أضع صورة له بين يديك لم يكن يخطر على بالي أبدا وخلاصته:
في ضوء توجيهات السيد رئيس الجمهورية قام مجلس الوزراء بإصدار تعليمات لمؤسسات الدولة بأن الحصول على دورة تأهيل داخل الكلية الحربية لمدة ستة أشهر شرط أساس التعيين، وأن يتم إصدار شهادة بذلك وتكون من مسوغات التعيين !!
وهذا المنشور ليس له مثيل في أي دولة في العالم!!
وينطبق على الجامعات ومختلف الوزارات مثل الخارجية والمالية والكهرباء وغيرها!!
وتصور مثلاً خريج حصل على أمتياز بإحدى الكليات وتم تعيينه معيداً فإنه لا يتسلم عمله إلا بعد أن يقدم شهادة تؤكد أنه حصل على دورة عسكرية!!
أي منطق هذا؟؟
وهل يعقل أن من يتم تعيينه في النيابة العامة يتلقى دورة في الكلية الحربية باعتبار أن جهة عمله تتبع لوزارة العدل ويعني ذلك ببساطة نسف الفصل بين السلطات وهو أحد ركائز الدولة !!
وأعجبني ما حدث بوزارة الخارجية حيث رفض إثنين حصلوا على جميع الدورات التي تؤهلهم لتمثيل مصر بالخارج ، ولكنهم رفضوا بشدة دورة الكلية العسكرية تلك!!
ورأوها أنها إهانة للخارجية وكلية الاقتصاد التي تخرجوا منها!!
و استقالوا وبدأوا في البحث عن عمل آخر بعيداً عن وظيفتهم التي كانوا يحلمون بها.
وأسأل حضرتك: واحد سيتم تعيينه مدرس وآخر دكتور بالصحة ما علاقة هؤلاء بالحربية؟؟!
وتعجبت جداً من هذا الذي يدافع عن هذا القرار قائلا: "وماله"!!
في الدورة العسكرية سيتعلم الضبط والربط وحب الوطن والجيش !!
بالذمة دة كلام؟!
أنه يعني ببساطة أن كل الذي تعلمه طيلة حياته ليس كافياً ودورة التعليم فاشلة، وأن الإنضباط والوطنية لا يعرفها الإنسان إلا في الكلية الحربية وحدها!!
منطق غريب جداً ليس له مثيل في أي دولة في العالم ، وأظن حضرتك ستقابل هذا المنشور الذي أعرضه عليك بدهشة وابتسامة ساخرة، وصدق من قال: "شر البلية ما يضحك"!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق