ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الأحد، 26 فبراير 2023

حكايات إحسان عبد القدوس - أحرجت والدي جدا.. ولم يغضب!!


أخبرتك بالأمس أن "أنور السادات" كان زعلان قوي من مشاركتي وشقيقي "أحمد" في تظاهرات الطلاب  .. 

واتصل بوالدي قائلاً في غضب : يا "إحسان" بلاش تكتب قصص وروح ربي أولادك !!


لكن في اليوم التالي قررنا الذهاب إلى الجامعة، ولم يمنعني أبي فهو أعتاد على إعطاء الحرية لأولاده في التصرف مع أن أي أب آخر بعد هذه المكالمة العاصفة سيكون بالتأكيد له موقف مختلف ، لكن "إحسان عبدالقدوس" نسيج وحده صادق مع نفسه، الأفكار التي يدعو إليها يطبقها في بيته أولا ! وكل ما قاله لي وأنا في طريقي إلى الجامعة .. بلاش تحرجوني قدام"السادات" !! 


لكننا في هذا اليوم أحرجناه جداً ولم يغضب منا.


كانت جامعة القاهرة في اليوم التالي لبدء الاحتجاجات في الأسبوع الأخير من شهر فبراير عام ١٩٦٨ مضربة بالكامل ، والدراسة متوقفة في جميع الكليات ، يعني "مقلوبة" بالتعبير العامي ، وعدد الطلاب الذين شاركوا في الاحتجاجات أضعاف ما كانوا عليه بالأمس .. تشكيلات من الأمن المركزي تحاصر الجامعة من كل مكان ، وكانت في بداية إنشاءها فلم تكن معروفة قبل هزيمة ١٩٦٧ .. وبدأت إشتباكات عنيفة بين الطلاب والشرطة بهدف كسر الحصار المفروض عليهم ، ونجحوا بالفعل ، وانطلقوا إلى شوارع القاهرة ، ولم تتوقف المعارك لحظة بين الجانبين خاصة عند كلية الطب والقصر العيني ، وانضم العديد من الناس إلينا ، ولأول مرة تتردد هتافات بسقوط رأس النظام "جمال عبدالناصر " ، ولم يكن هذا موجوداً بالأمس ، وصدق أو لا تصدق أستمرت الاحتجاجات ما يقرب من ثمانية ساعات بسبب ضخامة الحشود الغاضبة ، واستطاعت الشرطة بصعوبة السيطرة على الموقف قبيل المغرب .. وأتذكر جيداً في هذا اليوم أنني مشيت في هذا اليوم متظاهراً من جامعة القاهرة حتى جامعة عين شمس التي كانت قد أضربت هي الأخرى ، وخرج طلابها محتجين مشاركين في الاحتجاجات .. وعدت إلى بيتي مساءا غاية في التعب والإرهاق ، وملابسي ممزقة وبي عدة إصابات سطحية !!

ونسى حبيبي أبي غضب "السادات" ولومه ، فقط أراد أن يطمئن على سلامة أولاده بعد هذا اليوم العاصف !! 


وكان والدي رحمه الله مثله مثل معظم المصريين في ذلك الوقت متعاطفين مع احتجاجات الطلاب ، فلم يوجه أي لوم لهم ، وأقصى ما قاله "ياريت تلك المظاهرات تؤدي إلى نتيجة" !!


وصدر قرار بإغلاق جميع الجامعات المصرية خاصة وأنها لم تعد تقتصر على جامعة القاهرة ، بل أمتدت إلى جامعات أخرى ، لكن العديد من الطلاب قابلوا ذلك الأمر بالاعتصام في كلية الهندسة بجامعة القاهرة ، وكما أخبرتك من قبل هذه الاحتجاجات والاعتصامات كانت الأولى من نوعها ببلادنا منذ سنة ١٩٥٤ ، وهو العام الذي أحكم فيه "ناصر" سيطرته على السلطة ، وتصدرت مظاهرات الطلاب أخبار وكالات الأنباء ، وكانت محل إهتمام بالغ في العالم العربي وأوروبا وأمريكا ، ونجح "عبدالناصر" في إنهاء إعتصام الهندسة سلمياً بطريقة لا تخطر على بالك  ..


وفي المقال القادم أخبرك بما جرى ، وكيف حدث ذلك ، ومن فضلك انتظرني.


محمد عبدالقدوس


ملحوظة مهمة :

حدث خطأ مطبعي في المقال الماضي قبل أن يتم تصحيحه ويتمثل في أن الصورة التي ألتقطت لنا مع "السادات" رحمه الله كانت على بلاج "سيدي بشر" وليس "سيدي جابر" كما نشر ، وإذا سألتني  عن تاريخها أنها كانت في صيف عام ١٩٥٣ ، وكان والدي رحمه الله من أقرب المقربين من الصحفيين حتى ذلك الوقت إلى "ناصر" وزملائه من أعضاء مجلس قيادة الثورة وربنا يرحم الجميع .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق