ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الاثنين، 20 فبراير 2023

عجائب عبد القدوس - أوضاع الصحفيين اليوم أسوأ مليون مرة من أمس !



بمناسبة إنتخابات مجلس نقابة الصحفيين وإنتخاب نقيب جديد أقول كان الله في عونه وعون جميع الفائزين ، فالمهمة صعبة قوي وأوضاع الصحفيين اليوم خاصة الجيل الجديد أسوأ مليون مرة من أمس .. أقصد قبل ثورة عام ٢٠١١ .. وجاء وباء الكورونا عام ٢٠٢٠ ليصيب الصحافة الورقية بالذات في مقتل.


وقبل شرح ما أعنيه بالتفصيل أذكر لك معلومة قد تثير دهشتك .. 

صدق أو لا تصدق قبل نصف قرن من الزمان يعني أوائل السبعينات من القرن العشرين كانت هناك صحف قومية يتجاوز توزيعها أكثر من مليون نسخة في وقت كان عدد سكان مصر أربعين مليون .. منهم عدد كبير لا يعرف القراءة والكتابة .. يعني الغالبية العظمى من المتعلمين في مصر كانت تقبل على شراء الجرائد ، و"أخبار اليوم" الصادرة يوم السبت ، و"أهرام" الجمعة نجح كل منهم في كسر حاجز المليون نسخة بالتوزيع لأول مرة في تاريخ مصر والعالم العربي ، وبل وأفريقيا بأكملها.


واليوم حدث ولا حرج عن مأساة الصحف الورقية ، وأعتقد أن مجموع توزيعها من أولها إلى آخرها لا يتجاوز مائة ألف نسخة ، وقد يكون أقل من ذلك !!

مع أن "الوفد" في بداية صدوره عام ١٩٨٤ برئاسة المرحوم "مصطفى شردي" تجاوز توزيعها نصف مليون نسخة ، وكذلك حققت "الأهالي" برئاسة "حسين عبدالرازق وصلاح عيسى" نجاحاً ساحقا ، وكانت تصدر من حزب "التجمع" ، و"الشعب" برئاسة "عادل حسين" الصادرة من حزب "العمل" لقت رواجاً واسعاً جداً ، وكلها صدرت من أربعين سنة وربنا يرحم هؤلاء العمالقة ، وأيا من هذه الصحف وحدها يزيد توزيعها عن كل الصحف الموجودة حالياً .. فما الذي جرى ؟؟


في يقيني أن هناك أسباب لا تخطئها عين لمأساة الصحافة المصرية ألخصها في نقاط محددة وبإختصار مع أن كل منها يصلح مقال وحده !!


١- في السنوات الأخيرة إكتسح الإنترنت والفيس بوك الساحة الإعلامية وهي في تطور مستمر !! وكان واضحاً أن هناك عصر جديد من الصحافة الورقية إلى الصحافة الرقمية حيث الأخبار تعرفها لحظة بلحظة ، وللأسف لم تكن الصحافة المصرية مستعدة لهذا التحول فوقعت المأساة.


٢- وفي ظروف إقتصادية صعبة وتحرير الجنيه الذي بدأ عام ٢٠١٦ إرتفع سعر الورق إرتفاعا فاحشا مما ألحق بالصحف الورقية خسائر فادحة إضطرت معه إلى تقليل عدد صفحاتها ، ورفع سعر بيع الجريدة فتراجع التوزيع أكثر وأكثر ، واستمر إرتفاع سعر الورق ، ولم يتوقف لحظة ، وجاءت حرب "روسيا وأوكرانيا" لتزيد الطين بلة ، حيث أن ورق الصحف مستورد من الخارج.


٣- وترتب على الخسائر الفادحة للصحف الورقية وقف جميع تعيينات الصحفيين الجدد ، خاصة في الصحف الحكومية ، ورأينا أجيال جديدة من الصحفيين المجتهدين يعملون بمكافآت هزلية ومستقبلهم على كف عفريت.


٤- وزملائي الصحفيين ليسوا أفضل حالاً أبدا من الصحفيين الجدد ، فالغلاء إارتفاع الأسعار جعل حياتهم صعبة جداً جداً ، وغالبيتهم يعملون في أكثر من مكان بحثاً عن لقمة العيش ، واشتدت الأزمة منذ السنة الماضية ، والصحف الحكومية  وزمان كان إسمها "صحف قومية" خاوية على عروشها الآن ، والعديد من الصحفيين يذهبون ساعات قليلة أو حتى دقائق لإثبات وجودهم ، وانتهى عصر ولاء الصحفي للصحيفة التي يعمل بها لأنه يعمل في أكثر من مكان بحثاً عن رزق شريف له ولأسرته التي يعولها.


٥- ومن أهم أسباب مأساة الصحافة المصرية إنخفاض سقف الحريات بطريقة لم تشهدها مصر من قبل ! 

فلم تستطع تطوير نفسها ولا ملاحقة عصر الصحافة الجديد ، وإختيار قيادات هذه الصحف قائم بالدرجة الأولى على الولاء قبل الكفاءة ، فهي إختيارات أمنية بالدرجة الأولى مع إحترامي الكامل لهم ، وانصرف الناس عن قراءة الصحف بعدما أصبحت طبعة واحدة ولم تعد تعبر عن الشعب وأوجاعه ومشاكله ، وممنوع نشر أي إنتقادات للأوضاع القائمة ، وعلى مواقع التواصل الإجتماعي تستطيع أن تتعرف على ما يجري أولا بأول ، وكذلك متابعة كتابك المفضلين .. فما الحاجة إلى قراءة الصحف.


٦ - وبإختصار زمان كان أفضل مليون مرة .. الصحفي العادي كان يعيش إذن في راحة ، والصحافة كان إسمها "السلطة الرابعة" ، محل إحترام من الجميع برغم المضايقات الشديدة ، وكانت وحدها في الساحة بلا منافس من فضائيات أو فيس بوك ولم تكن الصحافة الحرة ، بل كانت هناك حرية نسبية سعى جيلي إلى توسيعها بإستمرار ، وكان هناك عمالقة في مجال الصحافة تعلمنا منهم الكثير ..

ولكن ذلك لم يعد موجوداً الآن ، وألف مليون خسارة .

ولكنني لم أصاب باليأس .. مصر قادرة على التغلب على جميع مشاكلها وبلاويها بإذن الله .. 

وعندما تتغير الأوضاع في بلادي نحو الأفضل والأحسن سينعكس ذلك على الصحافة بكل تأكيد .. أليس كذلك ؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق