سؤال شاغل بالي : مفاجآت الطبيب النفسي الشهير عن أخلاق المصريين

الدكتور أحمد عكاشة دكتور محترم ومن أبرز المتخصصين في مجال الطب النفسي ليس في مصر أو العالم العربي فقط بل على مستوى العالم كله.
أجريت معه حوارا حول أخلاق المصريين فهذا الموضوع يشغل بالي كثيراً.. ويا ترى "إحنا رايحين على فين"، وليه أخلاقنا تدهورت بهذا الشكل ؟
بدأ حديثه معي بمفاجأة: نظام التعليم الجديد سيؤدي إلى إصلاح الأخلاق في بلدنا ولذلك فأنا متحمس جدا للمنظومة التعليمية الجديدة وأتمنى لها من كل قلبي النجاح.
طرأت الدهشة على وجهي واعتبرت ما قاله يدخل في دنيا العجائب وقلت له أتحدث معك عن الأخلاق وحضرتك تحدثني عن التعليم.. فما هي الصلة بينهما؟
قال بابتسامة الواثق في نفسه : عند قراءاتي لتاريخ مصر لفت نظري ما قاله إبن خلدون قديما وجمال حمدان حديثا حيث تجد وصف الشخصية المصرية بأنها تتسم بالسلبية منذ أيام الفراعنة حيث الحاكم نصف إله ، والرعايا عندهم أخلاق الطاعة والخضوع والخنوع، فإذا كان هناك نظام للتعليم حديث ومتطور، فهذا وحده سيحطم تلك "الفرعنة" وهذا الإستبداد ، ولن تقبل الأجيال الجديدة المزودة بالتعليم الحديث أن تقاد مثل القطيع!! وأضاف قائلا : لست من المتحمسين لثورة يناير وأرى البلاوي التي نتجت عنها أكثر من فوائدها! ولكن من إيجابياتها أنها خلقت وعي لدى الناس وأصبحوا أكثر إيجابية ، وليسوا مستعدين لقبول الأوضاع الخاطئة مثل زمان.. وهذا يساعد على خلق إنسان مصري جديد متعلم وعصري، وتنتهي عقلية الفراعنة التي سادت طويلا خاصة إذا سارت مصر في طريق التطور الديمقراطي الصحيح.

تدين خاطئ.

ويؤكد الدكتور أحمد عكاشة أن هزيمة عام 1967 كارثة بكل المقاييس أصابت الأخلاق في الصميم ومن بين نتائجها السيئة شعور المصريين بخيبة أمل بعدما تحطمت الكثير من الأحلام ووجدنا عزوف عن الدنيا واتجهوا إلى تدين خاطئ يختزل الحياة في طقوس العبادة، وغاب عنهم أن أهم شيء في الإسلام الجمع بين الحسنيين الدين والدنيا ودوما تجد في القرآن رباط وثيق بين "الذين آمنوا والذين عملوا الصالحات" فلا يستغني أحدهما عن الآخر مع العلم أن الأعمال الصالحة تشمل كل ما هو مفيد للمجتمع، وهذا الأمر غاب عن التدين الذي شهدناه بعد الهزيمة.

من مصائب الإنفتاح.

ويضيف الدكتور أحمد عكاشة قائلا : وزاد الطين بلة هذا الإنفتاح سداح مداح الذي أنطلق بعد حرب 1973 ، ورغم إيجابياته ، فقد حمل معه سلبيات فظيعة تمثلت في أمرين.. الأفكار المتشددة القادمة مع المصريين الذين عملوا بالسعودية وبلاد الخليج مما أدى إلى زيادة التطرف والابتعاد عن التدين الحلو الصحيح، ثم "الفهلوة" ، وهي كلمة مصرية صميمة لا توجد إلا عندنا حيث أصبح الهدف الحصول على المال بأي وسيلة ولو بالطرق الغير مشروعة أو بالفهلوة.

الاخلاق.. نقاط فوق الحروف

ويضع الدكتور النفسي الشهير والمحترم النقاط فوق الحروف في موضوع الأخلاق ويلخصه في عدة نقاط.
* الأخلاق لا تورث ولكنها تكتسب من المجتمع بما فيه من أعلام وتعليم والبيئة التي نشأ فيها.
* هناك ثلاثي يشكلون أكبر أعداء للاخلاق الصحيحة.. الجهل والفقر والتعصب.
 * إذا أردنا تفصيل الأخلاق فسنقول أنها تتشكل من سبعة عوامل.. هي المصداقية والانضباط والاتقان والالتزام وتحمل المسئولية ، وحب العمل وروح الفريق.. والمؤسسات الناجحة في مصر والعالم على أختلاف أشكالها يكون نجاحها بفضل هذه العوامل السبع ولا يغني أحدهما عن الآخر ، وإذا امعنت النظر فيها فستعلم أنه ينقصها الكثير للتقدم، والبداية الصحيحة بنظام جديد ومتطور للتعليم.