عجائب عبد القدوس - ثورة لبنان: المكسب العظيم والمطلب المستحيل

شهر على انتفاضة الشعب اللبناني على النظام الطائفي الذي يحكمه، ولفت نظر الكثيرون مشاركة بنات لبنان بقوة في هذه الثورة!! وأقول لهؤلاء : وإيه يعني، بلادي سبقت الجميع، ومنذ قرن بالضبط رأينا المرأة المصرية في ثورة 1919! وفي يقيني أن النصف الحلو يجب أن يكون مشاركا بقوة في كل الأحداث الهامة لأن "حضرتها" جزء أساسي من الشعب ، فإذا أختفت ولم تظهر يبقى المجتمع ذكوري متخلف خاضع لعقلية سي السيد!
والثورة اللبنانية وقوامها من الشباب أساسا حققت مكسب عظيم يتمثل في وحدة الشعب اللبناني لأول مرة! ففي المظاهرات التي تقع لا تعرف المسيحي من المسلم، ولا السني من الشيعي ولا الماروني من الدروزي، ونشأت مجموعات على الإنترنت لتنظيم التظاهرات وتسهيل الاتصالات بين الثوار، وكل مجموعة تضم أطياف شتى من الشعب اللبناني وذلك لأول مرة وهكذا تغلبوا على الطائفية التي تحكمهم! ويدخل في دنيا العجائب أنني أرى مطلبهم في إقامة دولة مدنية وأعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة تجرى على أساسها الإنتخابات بدلا من نظام الحصص بين الطوائف القائم حاليا!! هذا المطلب يكاد يكون مستحيلا حاليا، ولبنان قائم على توازنات دقيقة بين السكان، وإجراء الإنتخابات دون مراعاة ذلك يمكن أن يؤدي إلى سيطرة وغلبة طائفة على بقية الطوائف وسيطرتها على لبنان، ولن يقبل أحد مثلا أن تسيطر الأغلبية الشيعية على هذا البلد الجميل أو يكون الغلبة للمسلمين السنة، أو الطائفة المارونية.. ولذلك يجب أن يستمر هذا التوازن، ويكون غرض الثورة ألا تحتكر السلطة في كل طائفة عائلات بعينها تملك النفوذ والثورة، بل تكون مفتوحة لكل قادر على ذلك ، وهذا المطلب هو عين العقل في الوقت الحالي.. أليس كذلك؟