ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

السبت، 11 يوليو 2020

حكايات إحسان عبدالقدوس : روزاليوسف سعيدة ببكاء أبنها



أراهن أن هذا العنوان لفت نظرك! فلا يعقل أن تكون الأم سعيدة وهي ترى أبنها يبكي!! لابد أن هناك لغز في تلك الحكاية جعلت جدتي روزاليوسف فرحانة وهي تشاهد وليدها الذي انجبته يبكي!!  وهذه الواقعة حدثت تحديدا في النصف الثاني من عام ١٩١٩، كان عمر حبيبي أبي وقتها لا يتجاوز الأشهر الستة وأمه كانت ملء السمع والبصر على المسرح مشغولة بفنها وقد أثبتت جدارتها في مجال الفن حتى أطلقوا عليها لقب "سارة برنار الشرق" أشهر ممثلة عالمية في ذلك الوقت.
وتقول جدتي في مذكراتها حدثت لخبطة في حياتي، فقد خرجت فجأة من خدمتي المرضعة التي كانت تعتني "بأبني إحسان" ، واضطررت أن أستخدم في طعامه اللبن العادي الذي يباع في الأسواق وإذا به يصاب بتلبك خطير في المعدة، ورأيته أمامي وهو يهزل ويضعف وتسكن حركته ويضعف الخيط الذي تربطه بالحياة.
وتضيف جدتي نجمة المسرح الشهيرة قائلة: وجدت نفسي أنسى المجد الذي أبحث عنه، ونسيت الفن وكل شيء في الدنيا إلا شيء واحد أنني أم وابني في خطر، وتضاءلت كل الأحلام الرائعة التي تطوف بي أمام حلم واحد وهو أن يعيش ولدي، وتبدد كل نشاطي للعمل الكثير غير عمل واحد وهو أن أعتني بهذا الإبن وابذل كل جهد في ذلك، وكان الدواء الذي وصفه لي الطبيب يقتضي مني ملازمته خمسة وثلاثين يوما لا أبعد عن فراشه يوما واحدا! ولم أشعر بالضجر أو الزهق أو ينتابني الفراغ وأنا أنسى مشاكل الحياة العامة لأحصر تفكيري في هذا الفراش الصغير. 
وتقول روزاليوسف: إكتشفت أن العناية بأبني لا تقل خطرا ولا جلالا عن أي عمل آخر أقوم به بل تأتي وظيفتي كأم في مقدمة كل أعمالي ومن يومها وبيتي يشغل من اهتمامي مكانة أساسية إلى جانب عملي وجهدي وكل متاعبي.
وتضيف قائلة: ولست أنسى أبدا يوم ما بكى أبني إحسان لأول مرة خلال رحلة مرضه الذي جعه دون حراك وجريت إلى الطبيب وأنا أستغيث: أبني يبكي! فابتسم الدكتور قائلا: أبشري إنها علامة الشفاء.
وتقول: شعرت بعدها أن أبهر أحلامي قد تحققت، وجهادي تكلل بالنجاح وامتلئت حياتي إلى آخرها، وصرت أفرح كلما بكى وأقلق إذا هدأ. 
وأخيرا أقول لحضرتك: هل تذكر قصة حبيبي الشهيرة: "إستقالة عالمة ذرة".. المرأة التي وصلت إلى أعلى المناصب العلمية ثم إستقالت من عملها لتتفرغ لرعاية أبنها المريض..هذه القصة مستمدة من تلك الواقعة التي حدثت لأبي في صغره، وربنا يرحم الجميع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق