ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الأحد، 29 نوفمبر 2020

حكايات إحسان عبد القدوس - ملك التعذيب يقول للسجين السياسي: تليفون لحضرتك يا افندم!!

 



هذه الواقعة فريدة من نوعها وتدخل في دنيا العجائب، ولا أراها قد حدثت من قبل ولا من بعد أبدا!! 

واراهن أن عنوان مقالي أثار دهشتك وحضرتك تتساءل: إزاي مدير سجن أشتهر بالقسوة والبطش والتعذيب يقول لسجين سياسي عنده: تليفون لحضرتك يا افندم، ويناوله سماعة الهاتف في منتهى الأدب!! كيف حدث هذا والتليفونات أساساً غير مسموح بها. 

وحتى لا أطيل حيرتك سأدخل في الموضوع مباشرة، والواقعة التي سأرويها حدثت قبل 66 سنة، يعني عام 1954م، والمكان السجن الحربي وما أدراك ما هو!! إنه الجحيم على الأرض بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى! أما أبطالها فهم "حمزة البسيوني" الذي أطلق عليه لقب ملك التعذيب وكان مديراً للسجن، وحبيبي أبي "إحسان عبدالقدوس" رحمه الله! والجدير بالذكر أنه أعتقل في هذا العام المشئوم بعد سلسلة مقالات كتبها يطالب فيها مجلس قيادة الثورة بعودة الديمقراطية إلى بلادنا، أشهرها مقال: الجمعية السرية التي تحكم مصر، وكان يقصد بها هذا المجلس، وبعدها مباشرة تم إعتقاله، ومكث وراء الشمس أشهر ثلاث من أبريل وحتى نهاية يوليو من عام 1954 في الزنزانة رقم 19 من السجن الحربي، وعقب خروجه من المعتقل كان "ناصر" حريصاً على ترضيته، فهو يعلم أن إحسان عبدالقدوس قامة كبيرة وشامخة في عالم الصحافة والأدب، ولذلك كان يكثر من دعوته إلى العشاء في بيته لإزالة جراح السجن! 


وحدثت مفاجأة كبرى بعدها بشهر إذ داهم البوليس الحربي منزل الكاتب الكبير في شارع القصر العيني بجاردن سيتي من جديد وألقى القبض عليه بتهمة التآمر ضد الثورة وللمرة الثانية يتم اقتياد حبيبي أبي إلى السجن الحربي، وما أن رآه مدير السجن حمزة البسيوني حتى انفجر فيه بسيل من الشتائم وكان ذلك في مكتبه، وفجأة رن جرس تليفون مدير السجن فرد وهو ما زال غاضباً، وما أن سمع صوت المتحدث حتى تلاشت ثورته وتكلم معه في منتهى الذوق على غير عادته وبالطبع أصيب أبي بدهشة شديدة عن هذا التحول المفاجئ الذي طرأ على مدير السجن وازدادت دهشته ومدير السجن يقول له منتهى الأدب: "تليفون لحضرتك يا افندم"، وكان قبل دقائق ينهال عليه بالالفاظ البذيئة! وفوجئ والدي أن محدثه هو جمال عبدالناصر. وقال له: معلش حصل غلطة فظيعة بالقبض عليك، وقد أمرت بالتحقيق فيها ومعاقبة المسئول عنها، وعبد الحكيم عامر بجانبي عايز يعتذر لك باسم الجيش كله! 

وبعدما انتهت المكالمة التليفونية أخذ حمزة البسيوني يردد كلمة واحدة "أنا آسف أنا آسف" وقام بتوصيله إلى خارج مكتبه حتى السيارة التي ستقله إلى منزله! 


وأسألك: هل حدثت تلك الواقعة في أي عصر من العصور.. أليست فريدة من نوعها واستثنائية بكل المقاييس؟؟ 


ملحوظة: لم يكن أبي الحبيب سعيداً عند خروجه هذه المرة من المعتقل، سأل نفسه: أنا إحسان عبدالقدوس ولذلك عرفت الدنيا كلها بخبر القبض علي فور حدوثه..ترى كم من المظلومين يذهبون وراء الشمس، ولا يدري بهم أحد؟؟ وصدق من قال: "يا ما في الحبس مظاليم"!! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق