ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

السبت، 16 يناير 2021

شخصيات في حياتي - المستشار طارق البشري: تأثرت جدا بجدي دون أن أراه




مفاجأة: لماذا قال المدرس لطلبته: لا يشرفني أن أقوم بالتدريس لكم؟ 


المستشار "طارق البشري" من رموز قضاء مصر الشامخ ومفكر سياسي بارز يعرفه كل من له صلة بهذه المجالات. تدرج في مناصب مجلس الدولة حتى وصل إلى منصب النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، ثم تقاعد وتفرغ للبحث والتأليف العلمي والسياسي، وله كتب في غاية الأهمية منها "الحركة السياسية في مصر بين عامي 1945و1952", و"المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية", و"الديمقراطية والناصرية", و"شخصيات مصرية" بالإضافة إلى عدد من المؤلفات القانونية. 

سألته عن الشخصيات التي تركت بصمة واضحة في حياته.. جدي الشيخ "سليم البشري" الذي تولى مشيخة الأزهر مرتين، وقد تأثرت به جدا رغم أنه توفي عام 1917 يعني قبل ولادتي بستة عشر عاما. وقد ولدت في بيت العائلة بالسيدة زينب عام 1933، وهناك حارة في هذا الحي تعرف بالشيخ سليم ثم انتقلنا إلى حلمية الزيتون في بيت واسع يضم عائلته بأكملها أبي وأعمامي وعماتي وكان له أحد عشر من الأولاد والبنات وعشت هناك طفولتي كلها وحتى شبابي وكانت من اجمل ايام عمري. وجاء جدي لأول مرة شيخاً للأزهر أول القرن العشرين ثم استقال عام 1905 بسبب تدخل الخديوي في اختصاصاته، وساد الاضطراب الأزهر بعد استقالته وتولى المشيخة ثلاثة من العلماء دون جدوى، فأضطر الخديوي إلى إعادته من جديد بعد أربع سنوات عام 1909، واستمر شيخاً للأزهر حتى وفاته عام 1917.  وتأثري به جاء من أمرين.. زهده التام في الدنيا، تعلمت منه أن المال ليس مطلوباً في الدنيا ولا الشهرة ولا الحرص على الدنيا ينطبق عليه الحديث النبوي الشريف "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" ولذلك لم أفكر يوماً في كتابة مذكراتي مع أن حياتي حافلة، لأن كتابة المذكرات أشبه بالنظر في المرآة وأنا وجودي غريباً عن وجودي.. (ملحوظة أعجبتني جدا جملته الأخيرة) وأخذت من جدي أيضاً التعمق في تعاليم الدين حتى تفهمه بطريقة صحيحة شاملة ومتكاملة وصدق أو لا تصدق شيخ الأزهر جدي لم يترك إرث لأولاده ولا مليم فقد كان زاهداً تماماً.

ويضيف المستشار طارق البشري: ولا أنسى بالطبع فضل أبي رحمه الله المستشار "عبدالفتاح سليم البشري" الذي توفي عام 1951 وهو رئيس محكمة الاستئناف وقد أخذت عنه التقاليد القضائية الراهنة، واكتسبت منه خبرة كبيرة جعلتني متفوقاً على أقرانه عندما بدأت العمل بمجلس الدولة عام 1954 ولمدة أربعة وأربعين عاماً متصلة حتى إحالتي إلى المعاش عام 1998. 


  (لماذا ثار المدرس على طلبة مدرسته؟) 

وعن أساتذته في مدرسة مصر الجديدة الثانوية، يقول أتذكر بكل خير الأستاذ "محمود الخفيف" ، كان مدرسا للتاريخ الحديث، ودروسه ممتعة، وهو يتذكر يوم لا ينساه في حياته بطله مدرسه هذا، وخلاصة القصة أن طلاب مصر في العهد الملكي كانوا قوة أساسية يحسب لها ألف حساب، يحتجون ضد كل ما يرونه يتعارض مع مصلحة بلادنا، وفي يوم قرر الطلاب التظاهر، واجتمعوا في حوش المدرسة، فجاء إليهم مدرس التاريخ محمود الخفيف، وخطب فيهم طالبا منهم العدول عن احتجاجاتهم إلا أنهم رفضوا سماع كلامه، وأخيراً جاءهم ناظر المدرسة "مصطفى البدراوي" وكان صاحب هيبة لا يختلط بأحد، لكنه يعرف كل شاردة وواردة في المدرسة وطلب منهم بحزم الانصراف إلى دروسهم ، والعودة إلى الفصول فاستجابوا له، وفي اليوم التالي فوجئوا بأستاذ التاريخ يخطب فيهم بالميكروفون غاضباً، واصفا إياهم بأنهم شوية عيال جبناء لا يشرفني التدريس لكم.. لأنكم لم تستجيبوا لي عندما خاطبتكم بالحسنى، وعندما طلب منكم الناظر الانصراف خضعتم له!! يعني أنتم ما ينفعش معاكم إلا الكرباج!! 

والمفاجأة التي يذكرها صديقي المستشار في هذا الموضوع موقف ناظر المدرسة الذي طلب من الطلبة الاعتذار لمدرس التاريخ والعمل على تطييب خاطره.. هذه هي أخلاق زمان. 

وعن أساتذته في كلية الحقوق التي تخرج منها يقول هناك عدد من الأساتذة العمالقة في مختلف فروع العلم، أبرزهم الشيخ "عبدالوهاب خلاف" أستاذ الشريعة.. كان السهل الممتنع يقدم المسائل الصعبة جدا بأسلوب سهل بسيط، وعلمنا كيفية تطبيق نصوص الشريعة على الواقع المستجد في حياتنا. 


وعقب تخرجه بترتيب متفوق بدأ العمل في مجلس الدولة عام 1954 بقسم الفتوى، وانصرف كلية إلى عمله، واجتهد فيه إلى أقصى حد، لكنه كان منطوي على نفسه ولا يحب الظهور وبعيدا عن الأضواء، لكن رئيس المجلس المرحوم المستشار "حسين حامد عوض" الذي عمل تحت رئاسته في بداية حياته أكتشف مواهبه القانونية وقدراته على العمل، وقام بتشجيعه وكان لهذا الأمر أثرا كبيرا في عمله دفعه إلى مزيد من الاجتهاد. 


ويختم صديقي المستشار طارق البشري حواره بختام مسك يتمثل في شريكة عمره السيدة "عايدة محمد العزب موسى" ، وهي زميلة صحفية كانت متخصصة في الشئون الأفريقية.. يقول عنها أنها نعم الزوجة!. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق