ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الأربعاء، 3 مارس 2021

عجائب عبد القدوس - حكايتي مع صبور ودرس لمصر كلها



قد تظن حضرتك أن عنواني هذا يدخل في دنيا العجائب ومن حقك أن تسألني عن الدرس المستفاد لمصر كلها وأنا أكتب عن علاقتي مع رجل الأعمال الراحل "حسين صبور" رحمه الله، وتحذرني قائلا: أوعى يكون العنوان فرقعة صحفية بهدف جذب الإنتباه! 

وأسارع إلى نفي هذه التهمة قائلا: حضرتك سترى بنفسك أن عنواني في محله تماماً، لكن أرجوك أصبر معي قليلاً بعدما أشرح لك علاقتي برجل الأعمال الكبير عليه ألف رحمة. وقبل الخوض في الموضوع أقول أن "صبور" ترك بصماته على مصر كلها، وله إنجازات بمختلف المجالات في الفترة التي أنطلقت فيها أعماله منذ بداية السبعينات من القرن الماضي، مثل بناء المدن الجديدة، والمشاركة في إقامة الأنفاق وبناء الفنادق ومحطات الكهرباء، بل وشارك في خدمة القوات المسلحة بتقديم ما تحتاج إليه وغير ذلك من المشاريع التي أفادت بلادي أكبر فائدة. 

والظروف التي تعرفت فيها عليه تدخل في دنيا العجائب، وذلك أواخر القرن الميلادي الماضي حيث كان يستعد لخوض دورة جديدة في انتخابات نادي الصيد وكان قد فاز بفارق ملحوظ عن أقرب منافسيه في دورته الأولى لرئاسة النادي، وفي الدورة الثانية تعرض لحملة شرسة من خصومه، وانهالت الاتهامات عليه، وقامت صحيفة أسبوعية معروفة أعمل فيها بإحتضان هؤلاء الخصوم، وفتحت صفحاتها لهم، وابلغني أصدقائي وأقاربي بنادي الصيد أن كل ما يقال عن "صبور" كذب في كذب، فالرجل أحدث طفرة للنادي، وقدم خدمات واسعة للأعضاء. وحاولت أكثر من مرة وقف هذا الهجوم دون جدوى، فما كان مني إلا أن ذهبت إلى مجلة إجتماعية شهيرة كانت تصدر في ذلك الوقت وأجريت معه حوارا واسعا رد فيه على كل الاتهامات، والجدير بالذكر أنني لم أكن أعرفه من قبل، ولم أقابله قبل ذلك لكنني سمعت كثيرا عن إنجازاته في نادي الصيد من أقاربي واصدقائي هناك! وأفردت المجلة الاجتماعية حواري مع صبور على صفحاتها ووضعته عنوان على غلافها!! 

وبالطبع تضايق جدا جدا المسئولين عن الصحيفة التي أعمل بها. ولولا أنني من القيادات ولي مكانة عندهم كان الطرد سيكون مصيري! وأعجب الباش مهندس حسين صبور بما فعلته، واعتبر ما قمت به جدعنة ومرجلة ونصرة للمظلومين، فلم أسكت على الظلم الذي وقع عليه في الصحيفة التي أعمل بها. وبدأت بيننا صداقة وطيدة شملت زوجته الفاضلة وكذلك امتدت ربع قرن، وأزعم أنني كنت من أقرب المقربين إليه من أصحاب الأقلام، وكان آخر إتصال بيني وبينه قبل دخوله المستشفى بيوم، ولا أنسى كلمته وأنا أسأل عنه يوميا في مرضه، أنت راجل أصيل وابن ناس! 

والدرس المستفاد لمصر كلها أنني سألت المهندس حسين صبور سؤالاً وأعجبي إجابته.. قلت له: نادي الصيد قبل مجيئك كان صفر على الشمال، وحالياً من أفضل النوادي المصرية، فما السر في ذلك؟ أجاب بكلمتين بالضبط: العمل الجماعي، فأنا لم أدع عبقرية وأنني قادر وحدي على إنقاذ النادي، بل استعنت بكل الكفاءات هناك وأسندت لكل واحد منهم مهمة محددة، واعطيت له سلطات كاملة، فلا يرجع لي إلا للضرورة! وبهذا الإنجاز الجماعي قدمنا الكثير لنادي الصيد. 

وهذا الكلام لا تراه إلا استثناء في بلادي، فكل رئيس يتصور أن له رؤية ثاقبة في حل المشاكل وعايز من يعمل معه يكون تابعا له، ويقوم بتنفيذ تعليماته وإلا فإنه لا يصلح للعمل معه!! 

ولذلك فإن ما قاله صبور يصلح درس لمصر كلها.. أليس كذلك. 


ملحوظة: فاز المهندس حسين صبور بإكتساح في الانتخابات التي تعرض فيها لهجوم شديد. وظل رئيسا للنادي حتى أوائل القرن الحادي والعشرين، عندما أعتزل برغبته رغم إلحاح أعضاء نادي الصيد، لكنه قال: يجب أن أترك المجال للأجيال الجديدة، لأن طول مدة الرئاسة مفسدة! وقد صدق. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق