بمناسبة عيد الأضحى أتذكر جيداً حواري مع صديق لي ، فقد سألته أين ذهب في أول أيام العيد ؟؟
أجابني: في الإمام الشافعي !!
قالها في منتهى الجد !!
كانت إجابته مفاجأة تامة ، ما الذي جعله يذهب إلى هناك ، أعلم أنه ليس له أقرباء في هذه المنطقة !!
قلت له مداعبا: هل أنت شافعي المذهب ، ولذلك ذهبت إلى مسجده لنيل بركاته ؟
أجابني وهو صارم الوجه ودون أن يستجيب لمداعبتي : أقرب الناس إلى قلبي موجودين في تلك المنطقة ، وعندما ذهبت لزيارتهم تعطلت السيارة ، وقضيت اليوم في إصلاحها.
والحقيقة أن كلامه كان عبارة عن ألغاز لم أستطع حل غموضها إلا بصعوبة ، وفهمت من كلامه أن والده وأمه مدفونين في منطقة الإمام الشافعي ..
نظرت إليه فوجدته متضايق جداً من المقلب الذي "شربه" هناك ، وزاد الطين بلة أنه لم يجد "ميكانيكي" لإصلاح السيارة نظراً لأنه يوم عيد ..
قال صاحبي : كلما تذكرت هذا الموضوع "ركبني عفريت" !!
هل هذا جزاءي يا رب أنني بار بأهلي.
قلت له في هدوء : أنت غلطان.
ثار في وجهي وكأن عقرب لدغه ، فقد هب محتجا على كلامي ، ولولا الملامة لأمسك بتلابيبي !!
قال في حدة واضحة : أنت بتقول إيه !! هل البر بالأهل غلط؟!
يا ألف خسارة عليك ! وأنت عامل نفسك متدين !!
قلت له وأنا أضبط أعصابي : خلاص أنتهينا !!
سحبت كلامي ما دام سيؤدي إلى سوء تفاهم ووجع دماغ ، وتطاول في الكلام !!
قال في إصرار : لا .. أحب أن أفهم الأساس الذي تستند إليه في وجهة نظرك المتطرفة هذه !!
قلت : لا يمكن أن نتناقش وأنت بهذه الحالة العصيبة.
وعندما وعدني أن يهدأ ويضبط أعصابه ، إنطلقت شارحاً وجهة نظري .. العيد يعني فرح وبهجة وسرور .. إسمه عيد ! فإذا تحول إلى حزن ، وبدلاً من أن تقضي العيد بين الأحياء ذهبت إلى الأموات ، فقد فقدت تلك المناسبة السعيدة معناها.
حاول أن يحتد ، فذكرته بالإتفاق القائم بيننا !!
فأمسك بأعصابه وسألني في هدوء : وماذا عن أهلي الذين ماتوا .. أبي وأمي عليهم ألف رحمة ، هل يعقل أن أنساهم في العيد ؟؟
لماذا لا أذهب إليهم وأزور مقابرهم ، وأقول لهم كل سنة وأنتم طيبين ، وبعد ذلك أنطلق في العيد كما أشاء.
قلت له: لكنك تستطيع أن تقرأ على أرواحهم الطاهرة الفاتحة وأنت في بيتك و ..
قاطعني : إذن المشكلة كلها عندك في المشوار !
قلت : بل المبدأ نفسه .. العيد إسمه عيد ، وطبيعته أن نقضيه بين الأحياء وليس مع "المرحوم" الذي نحبه .
فاجئني بالقول : هل هذا هو الوفاء الذي تعلمته في حياتك ؟؟
تجاهلت كلامه قائلاً : أنا شخصياً أتذكر أبي وأمي وكل الأحباء الراحلين وما أكثرهم ، وأدعوا لهم على الدوام في صلواتي ، وأذهب إلى المقابر لزيارة أهلي أغلى ما في حياتي في ذكرى وفاتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق