كانت على وشك الزواج من شاب تحبه ، وفاجأة وقع ما لم تتوقعه أبدا ، كان يلهو بمسدسه فانطلقت رصاصة ومات !!
تقول القصة على لسان هذه الفتاة : "مات حبيبي كان فتى رائع ، ينبض كل ما فيه بالحياة ، ومت معه وأنا لا أزال في ريعان الشباب !!
من الذي قتله ؟
لم يقتله أحد ..
ولم يقتل نفسه ..
قتله القدر !
ما هو القدر ؟
إنه الله ..
لماذا قتلته يا ربي ؟
إنه لم يرتكب جرما يستحق عليه الإعدام ، ولم يختم حياته حتى تدعوه إلى ساعة الحساب !!
ولم تنذره قبل أن توقع عليه حكمك !!
وخرجت الفتاة إلى الشرفة في الليل ، ورفعت عيناها الدامعتين إلى السماء السوداء ..
وصرخت : يا الله .. لماذا قتلته ؟
كيف تريدني أن أؤمن بك وقد قتلتني عندما أجهزت عليه !!
لماذا قتلتني ؟؟
ثم نامت كأنه أغمي عليها !!
وجاءها في المنام حلم غريب جداً ، صعدت إلى السماء تبحث عن الله ، غاضبة حانقة ، رأت عشرات المسدسات تجري خلفها ، مسدسات لا يمسك بها أحد ، إنما لها أقدام فقط !
وانطلقت عشرات من الرصاصات ، ولم يصبها شيئ وهي تجري في فزع بالسماء باحثة عن الله لتسأله عن أسباب تدمير سعادتها !!
وفجأة رأت أمامها صفا من الملائكة ينظرون إليها شزرا ، كانوا يرتدون ثياب مصفحة أشبه بثياب الجنود في القرون الوسطى بدلاً من ثيابهم البيضاء الفضفاضة التي تخيلتهم بها ، ووقفوا قبالتها وفي أيديهم مسدسات ، إنهم يحولون بينها وبين الوصول إلى الله ..
أريد أن أذهب إليه !!
وهجمت على الملائكة وفتحت بينهم ثغرة إستطاعت النفاذ منها ، وأكملت طريقها في السماء بحثاً عن الله ، وهي تجري ولا تتعب وكأنها تطير ، وفجأة رأت أمامها شيئاً ضخماً مهيبا رائعا ، وأرتج قلبها ، وأصابها قشعريرة ، ووجدت نفسها تسجد ، إنها في حضرة الذات الإلهية.
وحاولت أن ترفع وجهها لتراه فلم تستطع ..
أنه أضخم وأكبر وأعظم من أن تصل إليها عيناها .
وصرخت : يا الله ..
وتجاوبت السماء كلها تردد صداها : الله .. الله ..
وعادت تنادي من جديد : أجبني يا الله ..
وتردد الصدى العجيب ، تسمعه في كل مكان من السماء : الله .. الله ..
ودفنت رأسها عند مقامه الجليل ، وبكت بحرارة كما لم تبك في حياتها كأنها تستغفره.
وفجأة رأت الشاب الذي أحبته كثيراً ، وكانت على وشك الإقتران به ، رأته جميلاً أجمل مما كان في الدنيا ، وجهه يشع نوراً ، والسعادة تطل من عينيه ، وكان يشير إليها وكأنه يدعوها !
ومدت ذراعها لتمسك به ، فوقعت من سريرها !!
ولم تعد ساخطة على الله ، وانتظمت من جديد في صلاتها ، لقد رأت حبيبها سعيداً في السماء ، وأقتنعت أن الله دعاه إليه لأنه يحبه .
ولكن طرأ عليها شعور لم تعرفه من قبل .. أنها تتمنى أن يحبها الله هي الأخرى فيدعوها إليه !!
إنتهت قصة حبيبي أبي التي نشرها منذ أكثر من ستين سنة ، وكان المجتمع وقتها متسامح بعيداً عن التعصب ، فلم يحتج على هذه الحكاية الفريدة من نوعها والتي تدخل في دنيا العجائب .. والتي لا يقدر على كتابتها سوى كاتب واحد إسمه "إحسان عبدالقدوس" رحمه الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق