ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الجمعة، 6 سبتمبر 2024

حعبدالقدوس,كايات إحسان -عندما داهمت المباحث منزلنا أصابتهم خضة!!



في مثل هذه الأيام من عام ١٩٨١ .. يعني من ٤٣ سنة بالتمام والكمال داهمت الشرطة منزلنا للقبض على العبد لله كاتب هذه السطور !

وعندما اقتحموا بيتنا أصابتهم "خضة" فقد فوجئوا بما لم يتوقعوه أبدا ، واصبحوا "في نصف هدومهم" بالتعبير الشهير وغاية في الإرتباك وهم ثلاث ضباط .. كل واحد منهم ما شاء الله طول وعرض !! 


ومن حقك أن تسألني: ما الذي جرى ؟ فهو موقف إستثنائي وضابط الشرطة يقوم عادة بواجبه بقوة دون أن يسوده الإرتباك ويصبح في نصف هدومه .. فما الذي جرى عندما اقتحم البوليس بيتكم ؟؟


وأبدأ الموضوع من أوله ، فالسادات رحمه الله ألقى القبض على من تجرأ وعارضه وذلك قبل وفاته بشهر واحد وبدأت حملة الإعتقالات فجر الخامس من سبتمبر من عام ١٩٨١ شملت مختلف الإتجاهات من الأحزاب المختلفة ، وقوى اليمين و اليسار والأقباط والقوى الإسلامية.

والمؤكد أن مصر في تاريخها لم تشهد أبدا مثل هذه "التنويعة" من الإعتقالات ، وبلغ عددهم عدة آلاف ! وكنت واحد من ضمن العديد من الصحفيين والسياسيين الذين تم القبض عليهم في هذا اليوم ..


ملحوظة: على فكرة أنا من زمان قوي ثائر ومتمرد ضد كل الأوضاع الخاطئة في بلادنا.

وأول مظاهرة شاركت فيها في حياتي كانت عام ١٩٦٨ ضد الحكم الناصري احتجاجا على الهزيمة.

وكنت في سنواتي الأولى بالجامعة.


ونرجع لموضوعنا الأصلي .. وأقول إن "السادات" له إنجازات كبرى خاصة في سنواته الأولى من حكمه وعلى رأسها بالطبع حرب أكتوبر المجيدة ، لكن في أواخر حكمه تحول إلى فرعون وأصدر العديد من القرارات الخاطئة فثار عليه الرأي العام وفقد شعبيته التي كان يتمتع بها خاصة بعد معركة العبور.

وكنت من بين الثائرين عليه في كتاباتي رغم صداقته لوالدي .. واعطاني أبي رحمه الله حريتي في الكتابة ضد صديقه القديم ، وعندما يكلمه أحد في ذلك يقول : ده رأيه وهو حر فيه.

ودفعت ثمن رأيي فجر الخامس من سبتمبر عام ١٩٨١ .. ففي الواحدة والنصف فجرا فوجئ أهل المنزل برنين متواصل لا ينقطع على جرس الباب .. ودخل ضباط ثلاث يقتحمون منزلنا ، لكنهم فوجئوا بوالدي رحمه الله في سهرة بالصالون مع ضيوفه وكلهم من الشخصيات النافذة في المجتمع من أهل السياسة والوزراء السابقين والفنانيين .. واصابتهم الدهشة من هذا المنظر الذي لم يألفوه من قبل أبدا .. وساد الضباط الثلاث ارتباك شديد ، وبالتأكيد لم يتوقعوا أنني أقيم مع والدي بذات شقته في عمارة الزمالك !! وكان ظنهم أنني أقيم في هذا المكان وحدي ..

وقال رئيسهم في صوت خفيض: إحنا آسفين قوي بس إحنا عايزين الأستاذ محمد !!

وخللي بالك من كلمة أستاذ الذي أضافه إلى أسمي .. ولم يقل "محمد" حاف !!

وساد الصمت المكان قبل أن تنطلق ست الحبايب الجدعة والدتي رحمها الله لتعطيهم "وصلة" ردح لم يسمعوها من قبل أبدا .. قالت للضابط قائدهم: أتعلم الأدب .. البيوت لها حرمة .. عيب تدخلوها بهذه الطريقة ! ومن ارسلك قليل الأدب زيك !!

ولم يرد الضابط فهناك جمع محترم من الشخصيات النافذة في منزلنا وهو لا يريد أن يعمل فضيحة .

وكرر ما قاله من جديد: إحنا آسفين قوي .. بس إحنا عايزين الأستاذ محمد !! وكنت نائما وأستيقظت على الضجة ، وأخيراً جاءهم الأستاذ محمد.. اللي هو حضرتي !!


وقال الضابط وهو يستأذن والدتي: معلش يافندم .. إحنا عايزين نعمل "طلة" على حجرة الأستاذ محمد (يعني تفتيش) وهاجت وماجت سيدتي امي من جديد ، لكنني قلت للضباط أتفضلوا .. فدخلوا ولم يمكثوا فيها سوى ثوان .. وكان من الواضح أنهم لا يريدون البقاء في المنزل أكثر من ذلك بسبب سيل الشتائم التي يتلقونها من أغلى الناس !!

وخرجت معهم وكانت مفاجأة فهناك مخبرين منتشرين في كل مكان من العمارة وقوة بوليسية بالسلاح واقفة عند مدخلها .. وكأنني مجرم خطير مع انني مسالم بطبعي وراجل غلبان !!


ومن هذا الموقف تستطيع أن تكتشف شخصية أمي.. ست جدعة قوي رحمها الله فالمنزل كما تقول الحكمة الشهيرة مملكة المرأة ورجال الشرطة أقتحموا منزلها للقبض على أبنها .. وكان من الطبيعي أن يكون رد فعلها عنيفاً !

إما أبي الحبيب فقد ظل مع ضيوفه من كبار القوم صامتين لم ينطقوا بكلمة وكأنهم يشاهدون فيلم لم يسبق رأوه من قبل أبدا ، وقال لي الضابط بعد مغادرة منزلنا .. أمك دي ست صعبة قوي !!

ولم أرد وقلت في نفسي .. بل ست جدعة جداً بشهادة كل من عرف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق