حوار مع حائر - أخبار اليوم,

هل الزواج مكروه في الإسلام؟ المؤكد أن الدهشة ستطرأ عليك وتصيبك بالحيرة من هذا السؤال: فالعكس من ذلك هو الصحيح تماماً وقبل مجيء الإسلام كانت عبادة ربنا تعني اعتزال الدنيا بكل ما فيها من زينة وعلي رأسها النساء والمال! وإسلامنا الجميل أحدث ثورة اجتماعية كبري، فالزواج اصبح سنة مؤكدة، ويكره ان يظل الانسان عازباً الا للضرورة ومفيش مانع ان تكون مليونيراً ومتديناً في نفس الوقت، وسبعة من المبشرين بالجنة كانوا  من كبار التجار.
ومن حقك أن تسألني بعد ذلك: ما ضرورة هذا السؤال أذا كانت تلك اجابته وقد ذكرتها لحضرتك؟ ولفت نظري أن هناك حديثا آخر مشهورا جداً «إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوي، فمن كانت هجرته إلي الله ورسوله فهجرته إلي الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلي دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلي ما هاجر إليه» ويبدو هنا وكأن هناك اختيارا بين الهجرة إلي الله ورسوله أو الذهاب إلي الدنيا والزواج بامرأة، ولذلك طرحت هذا السؤال عليك:
قال العلماء في شرح هذا اللبس: هذا الحديث قيل في مناسبة خاصة وهو يؤكد علي أهمية «النية» في كل ما نقوم به من أعمال، ولذلك يراه العلماء أنه من أهم الاحاديث النبوية.. وتفاصيل ذلك أن الصحابة الكرام كانوا يهاجرون من مكة الي المدينة التي فتحت أبوابها للاسلام، وهم يفعلون ذلك نصرة لدين الله وحتي يلحقوا برسوله صلي الله عليه وسلم الذي هاجر بالفعل الي هناك! لكن هناك صحابي «سافر» إلي المدينة لغرض آخر، فهو يحب امرأة هناك وعايز يتجوزها!! وظاهر أمره أنه مهاجر مثل غيره من المهاجرين: لكن رسول الله صلي الله عليه وسلم كشفه ورفض هذا الخلط في النية وقال حديثه المشهور. والعجيب أن هذا الصحابي عُرف بلقب مهاجر أم قيس، وهي المرأة التي وقع في غرامها بالمدينة وأراد الارتباط الشرعي بها.
وأؤكد لك أن عبارة إنما الأعمال بالنيات تخضع له جميع أعمالنا في الحياة فمثلاً الصحفي الذي يريد خدمة مجتمعه بقلمه يختلف عن هذا الذي يجعل من الصحافة مجرد وظيفة يرتزق منها أو أنه يعمل في خدمة حزب أو سلطان، أو رغبة في كسب ود فلان أو علان وكل هذا يرجع إلي نيته فهي التي تحدد هدفه، وإذا جئنا إلي موضوع العبث بقصص والدي إحسان عبد القدوس رحمه الله نجد أن ظاهرها في الحفاظ علي الاخلاق، لكن نية الناشر في الحقيقة تمثلت في الفلوس والبزنس وترويج القصص في البلدان الممنوع منها، وهذه في نيته الحقيقية، فلم يهدف بعمله وجه الله، ولذلك كان من الطبيعي أن اتصدي له بكل قوة وهذا ما حدث بالفعل.