ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الجمعة، 24 يونيو 2022

عجائب عبد القدوس - موعدي مع ربنا أهم من الموعد مع جلالة الملك!


باشا بحق .. عرفته سنوات طويلة وكنت من أقرب المقربين له من أبناء مهنة الصحافة .. معرفتي به بدأت منذ بدايات حزب الوفد عام ١٩٧٨ ، ولفت نظري قدرته الهائلة على جمع شخصيات من مختلف الألوان حوله وحول الحزب الكبير ، وإزدادت علاقتي به قوة ومتانة عندما ذهبنا سويا وراء الشمس عام ١٩٨١ في حملة إعتقالات سبتمبر الشهيرة.

وبعد خروجنا من السجن كنت من الخمسة المؤسسين لجريدة الوفد عام ١٩٨٤ التي حققت نجاحاً ضخماً خاصة في بداياتها عندما كانت جريدة أسبوعية قبل أن تتحول بعد ذلك إلى صحيفة يومية.

وإختارني "فؤاد باشا سراج الدين" دون غيري من الصحفيين لأنشر له حكاياته وذكرياته في جريدة الوفد الأسبوعية رغم أنني لم أكن يوماً وفديا ولكنني كنت قريب منه جداً ، وأهدي لحضرتك هذه الحكاية وبطلها "مصطفى النحاس باشا " الزعيم الوطني العظيم ، ورئيس الوفد لمدة تزيد عن ربع قرن حتى عام ١٩٥٢ .

وهذه القصة حدثت في يناير سنة ١٩٥٠ ، وتحديداً يوم حلف حكومة الوفد الجديد لليمين بعد الإنتصار الساحق الذي حققه الحزب الكبير في الإنتخابات الحرة التي جرت في ذلك الوقت ، وكانت آخر إنتخابات قبل حركة الجيش في يوليو من نفس العام. والغريب أن الملك "فاروق" حدد الساعة الرابعة بعد الظهر موعداً لكي تحلف الوزارة الجديدة اليمين أمامه .. لأن "جلالته" كان يستيقظ من النوم متأخراً بسبب عبثه طوال الليل ، فلا يبدأ يومه إلا بعد الظهر!! 

وصلت إلى منزل زعيم الأمة "مصطفى النحاس" في الساعة الثالثة وعشرين دقيقة كما إتفقنا من قبل لنذهب سويا إلى "قصر القبة " ، وكانت المفاجأة أن "الباشا" في الحمام يتوضأ ! 

وبعد أن خرج من هناك وارتدى ملابسه رفض أن يذهب إلى الموعد المقرر قبل أن يؤدي صلاة العصر .. ونبهته إلى موعد الملك ،  فرد "النحاس باشا" بجملته الخالدة: "ميعاد ربنا أهم من موعد الملك" ..  أخشى إن خرجت من بيتي دون صلاة أن يفوتني العصر ، فإستقبال "الملك" وحلف اليمين سيأخذ وقتا كبيراً بالتأكيد ، وأنا أريد أن أبدأ مهمتي كرئيس للوزراء بالصلاة ولا يمكن تأجيلها لاي سبب.

ووصلنا إلى "قصر القبة" متأخرين عن موعدنا نصف ساعة ، وجلست الوزارة كلها في انتظار "الملك" الذي تأخر عن إستقبالنا وأيضاً وبعد أن طال الإنتظار ذهبت إلى "حسن باشا يوسف" .. وكان رئيساً للديوان الملكي بالنيابة ، وما أن رآني حتى بادرني قائلاً في عتاب : "كدة برضه يا باشا .. من أولها كدة !! تأخير نصف ساعة" ، ولم أبرر أسباب هذا التأخير بل قلت لرئيس الديوان بالنيابة : "إحنا تأخرنا نصف ساعة ، وعندما وصلنا لم نجد الملك في إستقبالنا" ، فرد قائلاً: "جلالة الملك كان جاهزاً في الساعة الرابعة لإستقبالكم ، وعندما تأخرتم عليه أراد أن يرد هذا الجميل بمثله !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق