أكثر من مرة سُئلت هذا السؤال باعتبارى منتمياً إلى جماعة الإخوان المسلمين.. أيهما أقرب إليك: هل هو المصرى القبطى أم المسلم الذى يعيش فى إندونيسيا أو فى أمريكا الجنوبية فى أقصى أطراف الأرض؟
وأجيب قائلاً: هذا السؤال فيه خبث!! وهدفه دق إسفين بين التيار الإسلامى والأقباط، وهو يدخل فى باب الجدل الذى ينهى القرآن عنه، ومع ذلك سأجيب على هذا التساؤل دون لف ولا دوران! يقول الإمام الشهيد حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين فى إحدى رسائله الشهيرة: «إذا كانت الوطنية تعنى حب الوطن، فالإخوان من أكثر المصريين وطنية». ومن هذا المنطلق أقول: كل مصرى أقرب إلى قلبى من غيره أياً كان انتماؤه، وإذا جئنا إلى الواقع تجد علاقتى بالأقباط طيبة وأفتخر بصداقتى للعديد من رموزهم والناس العاديين الذين يعتنقون المسيحية، فقد «أكلنا عيش وملح سوا» بالتعبير العامى، وعندنا هموم مشتركة، وموقفى التضامن مع مطالبهم العادلة، خاصة حرية العبادة والمساواة الكاملة بين أبناء الوطن الواحد.
وإذا انتقلنا إلى نقطة ثانية، وهى العلاقة مع المسلمين الذين يعيشون خارج مصر، تجدنى ـ مع غيرى من المنتمين للتيار الإسلامى ـ متعاطفاً جداً مع قضاياهم، وأتألم للبلاوى التى تحدث لهم، وأفرح للإنجازات التى يقومون بها، وأفتخر مثلاً بأن أكبر بلاد المسلمين فيها ديمقراطية صحيحة وحريات حقيقية وتداول للسلطة وهى إندونيسيا، التى نجحت فى أواخر القرن العشرين الميلادى فى الإطاحة بالديكتاتورية العسكرية، التى ظلت جاثمة على أنفاسها لسنوات طويلة بعد انتفاضة شعبية رائعة، أما ماليزيا ففيها تنمية حقيقية، ووضعت أقدامها على طريق التقدم الحقيقى، والفارق بين التيار الإسلامى وغيره واضح فى هذه النقطة، فهم لا يهتمون كثيراً بأحوال المسلمين، ويقتصر حبهم على مصر وحدها! أما نحن فنعطى لبلادنا الأولوية، لكننا نحلم بالوحدة العربية، وإقامة كيان إسلامى معاصر يجتمع حوله المسلمون فى كل مكان! وإذا كانت أوروبا قد نجحت فى لم شملها وأصبحت قوة كبرى فى العالم رغم الاختلاف الكبير بين شعوبها، والحروب الدامية التى ظلت مشتعلة لسنوات بينهم، فلماذا لا ينجح العرب فى أن يحذوا حذوها؟ البعض يقول لأن الخواجة متقدم عنا مليون مرة، وقد نجح فى حياته رغم كل سلبياته، أما العرب فهم يكتفون بالكلام، والخطب الحامية وتراهم ملوك البلاغة، لكن واقعهم يدل على التخلف، فهل توافق حضرتك على هذا الرأى؟ أنا شخصياً أعترض بشدة عليه، ولا أرى الأوروبى أو الأمريكى «سوبر مان»، بل أخذوا بالعوامل والأسباب التى تؤدى إلى التقدم، ونحن لم نفعل ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق