الأحوال فى مصر هذه الأيام شديدة التدهور والانقسام، وإليك نموذج لذلك، لعل حضرتك لا تعرف أننى حاليا بعيد عن نقابة الصحفيين ولا أحضر أيًّا من اجتماعاتها، وكتبت فى صفحتى الشخصية بالموقع الإلكترونى قائلًا: نقابة الصحفيين التى أعرفها كانت دوما تتميز بوحدتها وتماسكها، ولعل هذا هو الذى حفظها أيام العهد البائد الذى قام بوضع معظم النقابات المهنية الكبرى تحت الحراسة وفرض عليها سطوته، والوضع حاليا فى نقابتنا مختلف؛ هناك صراع على أشدّه بين الناصريين وأهل اليسار من جهة والتيار الإسلامى من ناحية أخرى! وهذا الموقف هو الأول من نوعه الذى أشهده منذ أن تشرفت بعضوية مجلس نقابة الصحفيين لأول مرة منذ أكثر من ربع قرن وتحديدا سنة 1985 ولمدة سبع دورات كاملة.. وعملى فى لجنة الحرية بنقابة الصحفيين كان دوما يضم كافة الأطياف التى تعبر عن جموع الصحفيين، ولا أستطيع أبدًا قبول تلك «القسمة» و«مليش» فى الخناقات والانقسامات، ولذلك فمن الأفضل أن أظل بعيدا حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا.
وهذا القرار الذى اتخذته بالانسحاب كان تحديدا بعد اجتماع الجمعية العمومية للصحفيين قبل ثلاثة أسابيع التى لم تكتمل، وكانت فضيحة بكل المقاييس أساءت إلى أبناء المهنة جميعا بما صاحبها من مهازل أخلاقية يندى لها الجبين، وكان واضحا انقسام الصحفيين! والحمد لله أننى لم أشارك فى تلك القضية وكنت بعيدا لأننى شعرت أن تلك الجمعية لن تمر على خير! وهذا ما حدث بالفعل..
وقد يقول قائل: أنت غلطان! كان لا بد أن يكون لك موقف واضح وتنصر إخوانك الذين تنتمى إليهم ضد العلمانيين بدلًا من الهروب من المواجهة.
وأرد قائلًا: يا سيدى أنت بذلك تظلمنى، فما فعلته ليس فرارا من المعركة بل عين عقل!! لأننى لم أكن أرغب فى فريق من الانقسام وبعض من حاولوا التوسط فشلوا، وانتصرت الفوضى، وفاز من يريدون تغليب تيار عن الآخر بعد شتائم وتشابك بالأيدى، والحمد لله من جديد أننى كنت غائبا عن هذا المشهد المؤلم الذى لا يشرف نقابتنا فى شىء.. فأنا أعتبر نفسى داخل نقابة الصحفيين نقابيا مِلك لكل الصحفيين وفى خدمتهم جميعا ولست منحازا لفريق دون آخر رغم انتمائى الذى أتشرف به للإخوان المسلمين.
وهذا الانقسام الذى رأيناه نتيجة طبيعية جدا للخلاف الحاد داخل مجلس النقابة، وكلنا مذنبون ومتهمون فى تردى أحول المجلس إلى هذا الحد وعدم القدرة على جمع الشمل وكان واضحا منذ بداية أن هناك فريقا ناصريا يتربص بنقيب الصحفيين، ولكن سيادة النقيب ومع كامل الاحترام له لم ينجح فى استيعابهم، وكان حادا معهم كالسيف، والنتيجة تصاعد الأمور وكثرة الخلافات، وأكثر من مرة انتهت جلستنا بخناقة!! وضاعت مصالح الصحفيين وسط تلك الأجواء الملتهبة، وصدق الإمام العظيم الشيخ محمد عبده الذى لعن السياسة وكل مشتقاتها إذا كانت تدار بهذه الطريقة ولا حول ولا قوة إلا بالله.. وأسألك ألست معى بعد ما شرحت لك موقفى أن الابتعاد فى هذه الفترة عين العقل؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق