هذا العنوان أظنه لفت نظرك لأننى قلته قبل أيام، وأكرره اليوم مرة أخرى، وقبل أى كلام جديد أقدم خالص العزاء للشهداء الذين سقطوا خلال الأيام الماضية، وتعال نتساءل أنا وحضرتك: من المسئول عن دمائهم؟ الإجابات ستختلف بالتأكيد، وإجابتى تتكون من أربع كلمات بالضبط: «كل القوى السياسية مسئولة»، ولذلك أنضم إلى أستاذى الجليل المرشد السابق للإخوان المسلمين محمد مهدى عاكف، الذى رفع صوته عاليًا ومحتجًّا قائلا: «كفاية بقى»! إلى متى هذه المليونيات التى أوقفت حال البلد؟ وسقط بسببها ضحايا من قتلى ومصابين، وجعلت الغالبية العظمى من الناس عندها حالة سخط وغضب على الثورة كلها بسبب تدهور الأحوال فى بلدنا، واضطراب الأمن، والمواطن البسيط تعبان جدًّا وهو يدير أحوال حياته اليومية، فالثورة لم تقدم له شيئا يذكر حتى الآن.. ولذلك فأنا مع أستاذى -حفظه الله- قائلا: كفاية بقى! وطبقت ذلك على نفسى أولاً، ولذلك كتبت على موقعى الشخصى على "فيس بوك" قائلا: "أفتخر بأننى شاركت دومًا فى الاحتجاجات ضد مبارك حتى سقط والحمد لله، وأفتخر اليوم بأننى بعيد عن التظاهرات التى تزيد من انقسام الشارع، ومليش فى الفضائيات وقاعد فى بيتنا!!".
وقد لاحظت أن التظاهرات الإسلامية تأتى غالبًا رد فعل على الاحتجاجات العلمانية، وكان هذا واضحًا جدًّا خلال الشهر الأخير بالذات، ويا جماعة خلوا بالكم قوى من الاستدراج إلى فخ معارك مصطنعة، خاصة أن بين هؤلاء العديد من العلمانيين أنصار النظام البائد وهدفهم توليع مصر؛ كراهية فى الإخوان والشريعة، ومعهم محترفو السياسة الذين لا يفكرون إلا فى مصالحهم الخاصة.. فاحترسوا يا ناس!
والجدير بالذكر أن كلمة «الشهيد» -ربنا يرحمه- مختلفة فى أيامنا هذه عن تعريفها الشرعى كما قررها علماؤنا الأجلاء! فهى بمفهوم هذه الأيام كل من قتل فى الاحتجاجات!! بالذمة ده كلام!! ولكننا نقولها لأسرة القتيل وأنصاره من باب المجاملة والأدب! بينما الشهيد الحقيقى لا بد أنتكون نيته قد اتجهت إلى لقاء ربه، فهو إنسان ترك الدنيا الفانية ويتطلع بشوق ولهفة إلى دنيا أخرى خالدة، وربنا يرحم الجميع، فهو بين يدى الله، وهو وحده الذى يحكم بين عباده، ويفرز الشهيد ويميزه عن غيره من القتلى.
ولا يعقل أن أختم مقالى قبل إدانة هؤلاء المجرمين الذين تجرأوا واقتحموا مقرات الحرية والعدالة، وأحرقوا بعضها!! وإوعى تظن أنهم ينتمون إلى الثوار أو أنهم شرفاء، فالإنسان الثائر الشريف سلوكه مختلف تمامًا، وأراهم من فئتين لا ثالث لهما.. إما أنهم ينتمون إلى أنصار الحكم البائد، وإما أنهم مدفوعون بفلوس ليرتكبوا تلك الجريمة، ومصر كلها بريئة من هذه الأشكال العفنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق