قال لي صاحبي: عندي لك سؤال شخصي جدا في ذكري وفاة والدك إحسان عبدالقدوس رحمه الله.. كيف كانت العلاقة بينكما؟قلت بابتسامة واسعة بعدما تذكرت والدي. ياسلام عليه.. النهارده تمر ٢٣ سنة علي وفاته.. انني أتذكره جيدا وكأنه مات بالأمس.. علاقتنا كانت زي الفل ومات وهو راض عني والحمد لله.قال وعلي وجهه حيرة.. ازاي الكلام ده!! أخشي أن يكون كلامك دبلوماسيا ولا يعبر عن الحقيقة.. فأنت تنتمي إلي التيار الإسلامي بينما والدك ليبرالي أصيل وكاتب قصة ممتاز نجح في التعبير عن المرأة بالذات بطريقة مدهشة!وأصحابك الإسلاميون أعلنوا أكثر من مرة عن غضبهم ورفضهم لما يكتبه بحجة أنه يخدش الحياء!! فكيف تقول بعد ذلك ان علاقتك معه كانت زي الفل؟؟قلت له في هدوء: وأكررها من جديد علاقتي به كانت ممتازة، وكنت أعيش معه في بيت واحد حتي آخر يوم من عمره.قاطعني قائلا: طيب ليه؟ وازاي وعشان إيه! أنا عايز أعرف كيف يجتمع إسلامي وليبرالي في مكان واحد وتكون علاقتهما زي الفل.. هل هذا معقول؟ ألم يحدث بينكما أي مناقشات حادة أو خلافات بسبب تضارب أفكاركما؟قلت له وقد بدأت أفقد أعصابي: ما هذا الذي تقوله؟ لم نفكر أبدا بهذه الطريقة.. إسلامي وليبرالي!! انه أبي وأنا ابنه.. هكذا كانت العلاقة بيننا.. ولأنه والدي »فهو علي رأسي من فوق« بالتعبير العامي.. وهذا ما تعلمته من إسلامنا الجميل..وأضفت قائلا لصاحبي: كان أبي واسع الأفق جدا.. يستحق عشرة علي عشرة في إيمانه بالحرية رغم أنه تعرض لمواقف حرجة بسبب الحرية التي أعطاها لأبنائه، فقد طرد من وظيفته كرئيس لتحرير هذه الجريدة »أخبار اليوم« سنة ١٩٦٨ لأنني أنا وشقيقي أحمد كنا من الطلبة الثائرين ضد حكم عبدالناصر احتجاجا علي الهزيمة، وكنت في صف القذافي حاكم ليبيا السابق بينما كان أبي أول من اكتشفه وهاجمه بضراوة سنة ١٩٧٢، والحمد لله انني اكتشفت مبكرا أن والدي معه حق تماما في موقفه وكان بعيد النظر بينما أنا المخطئ ١٠٠٪ وخلال هذه الفترة لم تتعرض العلاقة بيننا لأي خدش لأنه احترم رأيي ووجهة نظري، كان والدي مثاليا بحق في علاقته معي، وعندما انضممت إلي التيار الإسلامي كان ذلك مدعاة لمزيد من التقدير والحب والاحترام للوالدين.. وهكذا نما الحب بيننا أكثر!وفاجأت صديقي الحائر قائلا: وأيه رأيك ياصاحبي أنه كانت هناك أفكار عديدة مشتركة بيننا.صاح قائلا: غريبة دي.. ما الذي جمع كاتب المرأة مع ابنه الإخواني؟؟وإلي اللقاء الأسبوع القادم بإذن الله لأشرح لكم الأفكار المشتركة التي لا خلاف عليها بيني وبين أبي إحسان عبدالقدوس عليه مليون رحمة وليس ألفاً فقط!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق