ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

ملخص السيرة الذاتية – محمد عبد القدوس

محمد عبد القدوس إحسان عبد القدوس كاتب وصحفي وأحد رموز ثورة يناير عام 2011 عضو فاعل في نقابة الصحفيين – استمرت عضويته في مجلس نقابة الصحفيين ...

الخميس، 23 يناير 2014

المصري اليوم, دنيا العجايب,

أبغض الحلال إلى الله الطلاق.. إنه حديث نبوى مشهور، ومع ذلك نرى الطلاق ببلادى أمراً طبيعياً مثل الزواج! وليس بالوضع الاستثنائى، مما جعله يدخل فى دنيا العجائب، خاصة إذا عرفنا أنه من أعلى نسب الطلاق فى العالم، وتقول دراسة صدرت عن مركز المعلومات ودعم القرار التابع لمجلس الوزراء إن «أبغض الحلال ارتفع فى بلادنا بنسبة مفزعة خلال الخمسين سنة الأخيرة من 7٪ إلى 40٪ بمعدل 240 حالة طلاق فى اليوم الواحد.
الجدير بالذكر أنه فى خلال نصف القرن الأخير حدثت تطورات هائلة فى الدنيا حتى إن الإنسان وصل إلى القمر! وكان من المفترض أن يكون أكثر سعادة، لكن حدث العكس فالحياة أصبحت أكثر صعوبة وتوتراً رغم توافر كل سبل الراحة، الكراهية انتشرت، وفقد المجتمع تماسكه «بتاع زمان» وتراجع الحب، وفقدت تعاليم السماء مكانتها بين كثير من الناس! وأسأل حضرتك: لو كان الإنسان مؤمناً حقاً بربه هل كان يمكنك أن تجد تلك البلاوى التى يشكو منها مجتمعنا، على رأسها الطلاق، الذى جعل الزواج على كف عفريت؟! أم أنه مجرد تدين شكلى لا قيمة له.
وإسلامنا الجميل اعتبر الانفصال بين الزوجين كفراً بنعمة الله، لأن الزواج نعمة من نعمه، وكفران النعمة حرام كما قال الفقهاء فلا يباح إلا للضرورة، ولذلك فإن هناك أنواعاً من الطلاق ترفضها مدرسة إسلامنا الجميل مثل طلاق السكران رغم أن البعض قال إنه يقع إلا أن آخرين ينتمون إلى تلك المدرسة قالوا إنه لغو ولا عبرة له، لأنه والمجنون سواء، فكلاهما فاقد العقل ورفضوا القول بأنه يقع عقاباً له على سكره، الذى تم بإرادته.
وتلك المدرسة ترفض أيضاً تعليق الطلاق على شرط بالقول: لئن فعلت كذا فأنت طالق بعكس الفقهاء المتشددين! وكذلك إذا جعلها عليه حراماً، وجاء فى الحديث الشريف أن رجلاً جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم قائلاً: إنى جعلت امرأتى علىّ حراماً فقال: كذبت ليست عليك بحرام ثم تلا هذه الآية: «يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك»، وقال الفقهاء إنه تلزمه كفارة.
وأتوقف عند طلاق الغضبان، فالمدرسة الوسطية التى تمثل إسلامنا الجميل تقول إنه لا يقع لأن الطلاق إنهاء لحياة زوجية بدا لأطرافها استحالة استمرارها لأنها تؤدى إلى مزيد من التعاسة أما الخلافات بين الزوجين فليست سبباً كافياً للانفصال ما دام يمكن استيعابها، ولذلك قالوا إن الطلاق فى لحظة غضب عقب وقوع خناقة «حامية» لا يقع، وهناك حديث للنبى صلى الله عليه وسلم يؤكد ذلك حيث قال «لا طلاق ولا عتاق فى إغلاق» وفسر الفقهاء كلمة إغلاق بالغضب، الذى يذهب بالعقل، فهو لا يدرى ما يقول ولا ما يصدر عنه، ولذلك فكل ما يقوله لغو، وهو فى تلك الحالة التى هى أشبه بالجنون.
وإذا نظرت يا سيدى القارئ إلى الواقع تجد ما يصيبك بالدهشة والذهول، ويدخل فى دنيا العجائب فالغالبية الساحقة من حالات الطلاق تقع فى لحظات الغضب القاتلة، وقليل جداً من الحالات نراه يتم فى هدوء، وينفصل الزوجان بـ«شياكة» بعدما تبين استحالة الحياة بينهما، وهنا فقط يتحقق الغرض من الطلاق كما أراده الإسلام! ولكن للأسف تحول الطلاق من نعمة إلى نقمة بما يفعله الناس! ولاحظ حضرتك أن الكلمتين متقاربتان جداً.. «نعمة ونقمة»، لكن الفارق بينهما كبير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق