المصري اليوم, العمل الصالح.. يعنى إيه؟

مفاجأة.. لا تجد فى القرآن الكريم الإيمان وحده، بل دوماً تراه ومعه توأمه الذى يتمثل فى العمل الصالح، وجاء فى الحديث النبوى الشريف: «الإيمان ما وقر فى القلب وصدّقه العمل». ومن هنا أقول لحضرتك إوعى تصدق من يقول لك الإيمان علاقة شخصية بين الإنسان وخالقة، بل لابد أن ينعكس بالدنيا فى عمل صالح يؤكد أنك بالفعل تعرف ربنا وتؤمن به! والقرآن الكريم يقول: «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، وهذا صحيح.. مش معقول تصلى ثم تسىء إلى الناس أو تقول «أنا وبس» أو «أنا وبعدى الطوفان»! ومش معقول أيضاً ترفع شعار «الطناش» فى كل ما يتعلق بالعبادات من صلاة وصوم، وتكتفى بالعمل الصالح لأن حضرتك مشغول قوى ومش فاضى!! ولذلك تحاول «التفلسف» قائلاً: حب الله فى قلبى وهو غفور رحيم وسأدخل الجنة بأعمالى! مع أن رحمة ربنا بالدرجة الأولى مفتاح فوزك فى الحياة الآخرة بإذن الله، ومن هنا يأتى السؤال: إزاى ربنا يحب إنسان يصر على أن يكون بعيداً عنه؟.
ومن فضلك إوعى تفهم كلامى غلط، وأنه دعوة للدروشة والانقطاع للعبادة ومخاصمة الدنيا، بل الهدف التذكير فقط بالتوأم وهما شقيقان لا يفترقان «الإيمان والعمل الصالح»، وقد وردت كلمة «عمل» بصيغة المفرد فى كتاب الله تسع عشرة مرة وجاءت بصيغة الجمع «عملوا» 79 مرة، وأول ما يقابلك فى هذا المقام بالقرآن قوله تعالى: «وبشِّر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار»، ثم قوله: «والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون».. وهناك من يظن، وبعض الظن إثم، إن العمل الصالح معناه الأقبال على الله بأكثر من الفرائض المطلوبة، وهو لا يقدر على ذلك لأنه يحب ربنا ويحرص على الطاعات ولكنه ليس من الناس الواصلين الذين يرتبطون بخالقهم بعلاقة خاصة!! وهذا فهم خاطئ، وقال العلماء الثقات: العمل الصالح هو الحلال الطيب الذى يعود بالفائدة عليك وعلى كل من حولك، وعملك العادى مثلاً ينطبق عليه العمل الصالح إذا كان غرضه خدمة الناس، كأن تكون «باش مهندس» أو «دكتور ناجح»، أو صاحب عمل شريف أو فى وظيفة حكومية، إلى آخر هذه الأعمال التى لا تُعدّ ولا تُحصى، وكما أخبرتك فهى لابد أن تكون مرتبطة بالإيمان وتدل عليه.. يعنى العمل الصالح قوامه الحب من منطلقات ثلاثة: حب ربنا، وحب نفسك فتعمل على الارتقاء بها بالعمل، وحب الغير فتقدم لهم خدمات تفيدهم فى حياتهم، وهكذا تشارك فى تعمير الدنيا وتفوز فى الآخرة بإذن الله.